رمز الخبر: 2908
تأريخ النشر:12 March 2017 - 12:05
أحلام أردوغان في سوريا تتحول الى كوابيس
كان واضحا منذ البداية ان الهدف الأول والأخير من دخول تركيا عسكريا الى سوريا، هو ضرب الأكراد وإقامة منطقة عازلة لتكون بداية لتقسيم سوريا، وان كل ما قيل عن استهداف “داعش” من قبل تركيا، لم يكن الا ذرّاً للرماد في العيون.
الدخول المباشر لتركيا الى شمال سوريا ترافق مع هزائم "داعش” على يد المقاتلين الأكراد لاسيما بعد تحرير بلدة كوباني "عين العرب”، والذي كان لتركيا موقفا سلبيا للغاية خلال معركة تحريرها.

تطورات الأيام الأخيرة في شمال سوريا نزلت كالصاعقة على القيادة التركية، بعد ان اختارت امريكا وحدات حماية الشعب الكردية للمشاركة في معركة طرد "داعش” من مدينة الرقة معقلها في سوريا، بدلا من تركيا وحلفائها.

مازاد من حالة الإحباط لدى القيادة التركية، ارسال امريكا بعض جنودها الى مدينة منبج، في رسالة واضحة لاردوغان بعدم الإقتراب من منبج التي اعتبرها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في الأسبوع الماضي، بأنها ستكون الهدف التالي للجيش التركي وحلفائه بعد مدينة الباب، هذا بالإضافة الى تسليم مجلس منبج العسكري القرى الواقعة على الخط الأمامي غربي المدينة الى الحكومة السورية، وهو اجراء احبط محاولات تركيا للتقدم نحو منبج ايضا.

من الواضح ان تسليم القرى الواقعة الى الغرب من منبج الى الحكومة السورية، يحمل اكثر من رسالة، منها ان هناك تنسيقا بين روسيا وامريكا في هذا الشأن، وان اكراد سوريا لا يضعون تركيا وحكومتهم في سلة واحدة وان تطورات الأحداث ستجعلهم يقتربون من الحكومة السورية اكثر فاكثر وخاصة في موقفها من التدخل التركي، وان تركيا تخطىء اذا ما اعتقدت ان بإمكانها ان تكون اللاعب الأوحد والمدلل في الساحة السورية لمجرد انها حليفة امريكا.

في البداية اعتبر المسؤولون الأتراك ان ما يجري في شمال سوريا وخاصة عملية تحرير الرقة بمساعدة الأكراد سيكون له تداعيات على العلاقات التركية الأمريكية، الا ان رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم اكتفى مؤخرا بالإعراب عن الأسف فقط، لأن بعض حلفاء تركيا، ويعني امريكا، اختاروا وحدات حماية الشعب الكردية شريكا في المعركة ضد "داعش” بدلا من تركيا.

من الصعب على الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي كان يحلم حتى الأمس القريب بالتوغل في سوريا حتى حلب لضمها الى امبراطوريته التي يريد بناءها على أجزاء من دول الجوار، ان يرى الحكومة السورية تفرض نفسها طرفا رئيسيا في الحرب لإستعادة المناطق الشمالية لسوريا بعد أن توغلت في مساحة كبيرة من الأراضي التي تسيطر عليها "داعش”، وحالت بذلك دون مزيد من التقدم التركي من المنطقة العازلة التي كونتها أنقرة في سوريا قرب حدودها.

قد يرى البعض ان هناك تضخيما للأطماع التركية في بلدان المنطقة، ولكن التورط التركي العسكري الواسع في سوريا والعراق لا يمكن تبريره الا بوجود اطماع تركية في هذين البلدين وفي بلدان المنطقة بشكل عام، فالذرائع السابقة التي كانت تتذرع بها تركيا لتبرير تدخلها في سوريا والعراق مثل "حقوق الانسان” و"مساعدة الثورة والثوار” و"الدفاع عن اهل السنة” و..، فقدت بريقها امام الاصرار التركي على ايجاد مواقع قدم لها في العراق وسوريا مهما كلف الأمر.

بالرغم من انه لا حاجة لتقديم دليل على اطماع تركيا في المنطقة من شدة وضوح السياسة التركية في هذا الشان، الا انه من الضروري الإشارة الى الفيديو الذي انتشر مؤخراً على مواقع التواصل الإجتماعي حيث يظهر مستشار الرئيس التركي "يغيتبولوت" يتحدث فيه عن خطة أنقرة لضم جمهورية أذربيجان، وشمال العراق إلى تركيا، ويقول: إن تركيا ستتوسع، وأن شمال العراق سيشهد خلال السنة أو السنتين القادمتين إقامة إستفتاء، وسيتم إتخاذ قرار بالإنضمام إلى تركيا.

وأضاف مستشار الرئيس التركي في هذا الفيديو: أن تقارب جمهورية أذربيجان تجاه تركيا سيكتمل، لافتاً إلى أنه كان قد حضر قبل 4 سنوات في مؤتمر دولي، حيث قام منظمو المؤتمر حينها برسم خارطة لتركيا وقد أحاطت بها البحار من جهاتها الأربع، قائلاً: قلت تركيا يحيط بها البحر من جهاتها الثلاث فقط، فرد أحد الحضور وقال: بحر قزوين سيكون لتركيا أيضاً.

وصاح "يغيتبولوت" بأعلى صوته مؤكداً: حدود تركيا ستصل إلى بحر قزوين، وحظي كلام يغيتبولوت، كما ظهر في الفيديو، بتأييد من قبل من كانوا يحضرون الكلمة حيث كانوا يصفقون تصفيقاً ممتداً للتعبير عن التأييد لهذه التصريحات.

هذه الأهداف التي كان يروج لها رجال اردوغان يوما، اصبحت اليوم من الماضي، بعد ان تمكن الجيش السوري من تحرير المناطق المهمة شمال سوريا والتي كان اردوغان يحلم بدخولها، وبعد ان احكمت قوات سوريا الديمقراطية التى تضم مقاتلين اكرادا وعربا، قبضتها على الرقة معقل "داعش” في سوريا، اثر نجاحها بقطع الطريق السريع بين الرقة ودير الزور، دون اي تدخل للجيش التركي وحلفائه.

يبدو ان احلام اردوغان في "اعادة امجاد” الدولة العثمانية على "انقاض” سوريا والعراق وبعض دول المنطقة، لم ولن تتحقق على ارض الواقع فحسب، بل ستتحول الى كوابيس تقض مضاجع اردوغان وتنغص عليه حياته.
المصدر: شفقنا