رمز الخبر: 2910
تأريخ النشر:12 March 2017 - 12:11
مرحلة عمليات الرقّة..
دخل الميدان السوري مرحلة جديدة ترتبط بمرحلة ما بعد انتصار حلب الذي كنا نتوقع مع انجازه حصول متغيرات جيوسياسية كبيرة وهو ما يحصل فعلاً بنتيجة العمليات الحاصلة في ريف حلب الشرقي حيث استطاع الجيش السوري تحرير أكثر من ألف كلم مربع وان يثبت جبهة صدّ بعمق كبير في مواجهة أي تقدم محتمل لقوات درع الفرات والقوات التركية وهذا يعني قطع الطريق من مناطق سيطرة الجيش السوري نحو الجنوب بالنسبة للقوات التركية.
أمر آخر تحقق في البعد الجغرافي وهو انتشار قوات حرس الحدود السورية في الخط الفاصل بين قوات سوريا الديمقراطية والقوات التركية بنتيجة تفاهمات مع "مجلس منبج العسكري" برعاية روسية حيث تأكد مشاركة قوات رمزية روسية إلى جانب حرس الحدود السوري وهو بمثابة خط احمر مضافاً له خط احمر آخر بسبب مشاركة قوات أميركية إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية ما يعني أن تركيا الآن باتت اقل الرابحين، إن لم نقل اكبر الخاسرين بما يتعلق بطموحاتها المرتبطة بمشروع المناطق الآمنة.

في الجانب الميداني إن سيطرة الجيش العربي السوري على بلدة الخفسة ومحطة ضخ المياه وسيطرته اليوم على مطار كشيش ( الجرّاح ) أدّت إلى قطع الطريق نحو بلدة دير حافر آخر اكبر معاقل تنظيم " داعش " الإرهابي في الريف الشرقي لحلب حيث من المؤكد أن التنظيم سيعمد على سحب قواته منها لعدم وقوعها في الطوق ما يعني أن الأيام وربما الساعات القليلة ستكون حاسمة لجهة تقدم وحدات الجيش السوري نحو منطقة مسكنة التي تعتبر مفتاح مدينتي الطبقة والرقة ما يعني دخول العمليات مرحلة معارك الرقة بشكل مباشر والتي قد تكون معارك سريعة بما يرتبط بالسيطرة على مشارف مدينة الطبقة ومطارها وهذا يعني أن ثلاثة مطارات ستدخل العمليات بشكل مباشر وهي مطار كويرس ومطار كشيش ومطار الطبقة ما يعني تأمين قدرات الدعم الناري القريب بواسطة الطوافات الهجومية لمواكبة عمل القوات في العمليات القادمة .

في الشكل بات واضحاً ان عمليات الجيش العربي السوري ستكون مترابطة فيما بينها على جبهات الإندفاع من مسكنة باتجاه الطبقة بالتوازي مع اندفاع القوات من خناصر نحو مسكنة، واندفاعه محتملة من اثريا باتجاه السخنة شرق تدمر بالتوازي مع اندفاعه مؤكدة من تدمر نحو السخنة وهي اندفاعات ستواكبها عملية توسيع لجوانب تقدم القوات على خطوط الجبهات المتحركة الحالية وهي كلها الآن خطوط تقدم جبهي ستزيد الضغط على تنظيم "داعش" وتؤدي إلى انجازات اكبر .

على المستوى السياسي سيكون لهذه الإنجازات الميدانية تأثير كبير على مواقف الأطراف المعادية لسوريا وخصوصاً تركيا التي ستجد نفسها مرة أخرى مضطرة للإستدارة أكثر نحو روسيا بعد الموقف الأميركي المساند للقوات الكردية والذي يشكل إزعاجاً كبيراً للأتراك وستتم ترجمته في مزيد من التنازلات التركية ستتضح صورتها في لقاء آستانة القادم حيث يتوقع مرونة تركية اكبر في المواقف وتنازلات جدية تسمح للتركي بالحصول على دور مقبول في المرحلة القادمة .

المشكلة الآن هي في وجود قوات أميركية بصورة غير شرعية إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية تهدف إلى استثمار نتائج الميدان والاستحواذ على الانتصارات في مواجهة تنظيم إرهابي شكلت أميركا احد داعميه الرئيسيين، وهو أمر في غاية التعقيد، هدف أميركا الأساسي منه هو محاولة تثبيت (كانتون كردي) ولو بحدوده الضيقة لاستخدامه في الضغط والمفاوضات .

المرحلة القادمة ستكون المرحلة الأكثر تعقيداً في مشهد الميدان السوري وسيترتب عليها الكثير من الجهد والمرونة والحذر حيث يوجد ميدان تتواجد فيه اغلب أطراف الصراع الإقليمية والدولية والنتائج مرتبطة بما يستطيع كل فريق تحقيقه على المستوى الميداني.

المصدر: شام تايمز