رمز الخبر: 3075
تأريخ النشر:24 April 2017 - 16:23
الإرهاب صناعة أميركية... بأدوات وساحة عربية
عندما نعود الى تاريخ الحرب السوفيتية في افغانستان نجد حقيقة الحرب التي تكمن اسبابها في تعارض المصالح بين الدول الكبرى و مدى تنافسها وتسابقها في الاستحواذ و السيطرة على افغانستان لتحقيق غايات اخرى في استراتيجيات تلك البلدان الكبرى المتصارعة والمتنافسة على استعمار افغانستان ليس فحسب بل بلدان العالم الثالث بشكل مباشر او غير مباشر،
فقد بدأت روسيا في 25 ديسمبر 1979م بارسال قواتها ( الجيش الاربعين) إلى افغانستان بحجة المساعدة، ولكنها في الواقع لاسباب جيوسياسية وعسكرية بحثة تهدف الى صد أي هجوم عدواني من قبل الصين على اراضيها، بالاضافة الى منع امريكا من نصب منظومات راداراتهم في جنوب افغانستان التي تهدف الى رصد تحركات واختبار الصواريخ السوفيتيه في حقول التدريب في المناطق الجنوبية من الاتحاد السوفيتي حيث جرى اختبار الصواريخ السوفيتيه، ومثل هذه الرادارات بامكانها ان تفشل الاستراتيجية الدفاعية في جنوب الاتحاد السوفيتي انذاك تماما.

لقد كان الهدف السوفيتي الظاهري من دخول افغانستان هو دعم الحكومة الأفغانية الصديقة لها، بالاضافة الى معاناة الاتحاد السوفيتي من هجمات الثوار المعارضين لها، والذين حصلوا على دعم من بعص الدول المناوئة للاتحاد السوفييتي من ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية، السعودية، باكستان والصين.

ونتيجة لتلك العوامل المذكورة فقد بدأت الحرب الباردة بين امريكا و روسيا في افغانستان حيث عمدت امريكا الى مساعدة المجاهدين الافغان لمحاربة القوات الروسية المتواجدة في افغانستان، وذلك عندما بحث "مدير وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية وليم كيسي مع مدير الاستخبارات الباكستانية الجنرال افكار في شهر اغسطس 1982م عملية امداد المجاهدين بشحنات الاسلحة، واقتراح ثلاثة طرق للامداد وشراء الاسلحة من السوق الدولية باموال سعودية ونقلها عن طريق الجو إلى اسلام اباد بمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية، ونقل السلاح بالطائرات من الصين وايصال الذخاير والاسلحة إلى ميناء كراتشي بواسطة السفن المصرية والاسرائيلية والانجولية، ومن هناك تقوم الاستخبارات الباكستانية بنقل الاسلحة إلى المناطق الحدودية مع افغانستان.

كما ايضا اقترح وليم كيسي تركيز الجهود على مناطق افغانستان الشمالية المتخمة بقوات الاتحاد السوفيني. ووعد وليم كيسي بتنظيم توريدات من الاسلحة الثقيلة والصواريخ المحمولة على الكتف المضادة للطايرات، بالاضافة الى تقديم معطيات اقمار التجسس الامريكية وبعد عودة وليم كيسي إلى امريكا التقاء الرئيس الامريكي انذاك روناد ريجن ومستشار الامن القومي بيل كلاك ولم يكتف كيسي باقتراح زيادة كمية السلاح المخصصة للمجاهدين، بل اقترح بنقل العمليات العسكرية إلى اراضي جمهورية اسياء الوسطى السوفيتية وقد استحسن الرئيس ريجن هذه الفكرة خير استحسان وما أن توفى زعيم الاتحاد السوفيني يوري اندروبف حتى توجه وليم كيسي في جولة مكوكية سرية إلى زيارة 13 بلد من البلدان المتحالفة مع امريكا في محاولة اقناع قاداتها بضرورة نقل النزاع الافغاني إلى اراضي الاتحاد السوفيتي وبموجب مخطط كيسي كان لشمال افغانستان أن تتحول إلى منصة اطلاق العمليات التخريبية في جمهوريات اسياء الوسطى وضرب الاتحاد السوفيتي من الداخل” كما ذكر نورات تير-غريغوريانس – رئيس اركان القوات السوفيتية في افغانستان (1981-1983) اثناء مقابلته في القناة الروسية  ار تي العربية ((RT Arabic برنامج رحلة في الذاكرة.

فالسبب الرئيس في دخول القوات السوفيتية الى افغانستان يرجع في حقيقته الى تأزم العلاقات بين الصين وروسيا. وذلك عندما طالبت الصين روسيا بالاراضي الممتدة من الاورال وحتى الشرق الاقصى مدعية ان هذه الاراضي من ممتلكاتها، ونتيجة لذلك تجمعت القوات الصينية على الحدود الصينية مع روسيا، وبالمقابل ادى ذلك الى نشر القوات الروسية على الحدود مع الصين وهذا كان عاملاً اساسيا في ادخال القوات السوفيتيه كخطوة وقائية ودفاعية لصد أي عدوان على روسيا من الصين.

ولان الجناح اليساري مع الصين كان غير محمي ومكشوف، والذي يسمى بتركستان الشرقية حيث تمر الحدود السوفيتية مع افغانستان، ادى ذلك الى دخول القوات السوفيتية الى افغانستان لافشال التخطيطات العسكرية الصينية اثناء الحرب الباردة. بالاضافة الى ان الامريكان حاولوا دائما الدخول الى افغانستان لنصب منظومات راداراتهم هناك بهدف رصد تحركات واختبار الصواريخ السوفيتيه في حقول التدريب في المناطق الجنوبية في الاتحاد السوفيتي سابقاً حيث جرى اختبار الصواريخ السوفيتيه ومثل هذه الرادارات كان بامكانها ان تفشل الاستراتيجية الدفاعية في الجنوب تماما.

و بعد أن زرع الاتحاد السوفيتي حكماً شيوعياً في افغانستان، خاض حرباً استنزافية مريرة دامت عشر سنوات تكبد خلالها 15 ألف قتيل، بالاضافة الى الخسائر السياسية والاقتصادية، والتي اثرت سلبيا على الأصعدة الاجتماعية والمعنوية داخل الاتحاد السوفيتي، أدت إلي تفككه بعد ذلك، وسقوط الشيوعية فى معقلها على أرضه، والقضاء على الامبراطورية السوفيتية – ثاني قوة عظمى فى العالم آنذاك، حيث لم يدم عمرها أكثر من سبعين عاماً.

بعدها اصبحت امريكا هي القوة التي لا منافس لها تتحكم بالعالم، وفقا ومصالحها وبعد ان انتهت مهمة الجماعات الجهادية في محاربة الاتحاد السوفيتي في افغانستان والتي كانت امريكا تمدها بالاسلحة وتجند الشباب العرب من اليمن والعراق والسعودية وسوريا وليبيا ومصر وغيرها وارسالهم الى افغانستان لمساعدة المجاهدين الافغان في محاربة الغزو السوفيتي انذاك.

بعد سقوط الامبراطورية السوفيتية وتفككها بدأت امريكا تبحث عن سبب رئيس لخوض الحرب مع الجماعات الاسلامية في افغانستان واحتلال افغانستان بحجة محاربة الارهاب، وكانت احداث 11 سبتمبر 2001م في الهجوم إلارهابي على مركز التجارة العالمي في الولايات المتحدة ذريعة اتخذتها امريكا في احتلالها افغانستان لصلة تلك الجماعات بتلك الاحداث كما اندعت الولايات المتحدة ومن خلال التحقيقات لاشخاص تم اعتقالهم بشبهة انتمائهم لتلك الجماعات، تلك الحقيقة كانت مجهولة ومعدة مسبقا، ولا اريد ان اطيل في هذه الاحداث لانها معروفة ولا تخفاء على احد حقيقتها.

ما اريد توضيحه هو انه تم تفريخ جماعات في بعض البلدان العربية منها العراق واليمن ونقل الكثير من الجماعات من بلدان عربية وغير عربية الى اليمن والعراق وحالياً ليبيا وبتلك الحجة امريكا تحارب القاعدة في اليمن وكذلك في العراق ولا أحد ينكر تواجد تلك الجماعات بسبب تعمدها في ارتكاب عمليات القتل ضد الابرياء واحيانا اخرى تلجأ الى نهب البنوك.
السؤال الذي يدور في راسي هل امريكا تحارب القاعدة في اليمن من اجل مصلحة اليمن أم العالم أم تبحث عن مصالحها في اليمن؟
فلو حسبنا، كم قتلت الطائرات الامريكية في اليمن من المواطنين الابرياء سنجدهم أكثر بكثير من ماقتلتهم من جماعات القاعدة بطائراتها أو بصواريخها التي قصفت بها مؤخرا في جبال مودية في محافظة ابين؟

الاجواء الجوية في اليمن مفتوحة للطائرات الامريكية بدون طيار من زمن حكم الرئيس السابق صالح ولايزال ساري المفعول، بل والبحرية تقصف بصواريخهها اهدافا مجهولة. لا د يعرف ماذا يجري في موضوع القاعدة في اليمن؟

اصبحت القاعدة مثل احجار الشطرنج التي تتحرك بأيادي محلية كبيرة ومسؤلة ومعروفة، و اخرى امريكية. فقد اصبحت تلك الجماعات تحقق استراتيجيات امريكية بقصدا أوبدون قصد أو بعلم أو بدون بعلم، لان تلك الجماعات مهمتها تنفيذية لما يسند اليها من الاعمال الاجرامية، والتخريبية لكي تحقق المصالح الامريكية في محاربتهم ومطاردتهم.

من خلال التاريخ الامريكي منذ السبعينات حتى الان، هل ممكن ان نطلق على امريكا بانها دولة ارهابية، نظرا لاستهدافها المواطن البريء واحياناً قرى مثل ما حدث في قرية المعجلة في مديرية المحفد محافظة ابين عندما قصفت بوارج امريكية تلك القرية في 17 ديسمبر2009م، والتي راح ضحيتها 41 من السكان المدنيين بينهم 14 من النساء و21 طفلاً، فصواريخ امريكا تستهدف المواطن أكثر من استهدافها لحلفاء الماضي، والتي هي  شجعتهم ودعمتهم من ثروات عربية، وحالياً تحاربهم  في ساحات عربية.

بالتاكيد، الصواريخ الامريكية محسوبة بالدولار على اليمن اجلاً، أم عاجلاً ستدفع، والمواطن الذي يستهدف بطريقة الخطأ أو بغيرها كما يتم تبريره، يعتبر رخيص في نظر الامريكان ولا يساوي شيئا امام صاروخ من صواريخها التي تقصف بها من البحرية من على شواطيء محافظة ابين، أو من طايراتها بدون طيار.

المصدر: رأي اليو