] بعد مقتل جنودها في سوريا.. هل ستنتقم تركيا من الجیش السوری و ماذا بعد ؟
أوروبا >>  أوروبا >> تیتر یک سرویس السیاسه
27 November 2016 - 12:13 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 2187

بعد مقتل جنودها في سوريا.. هل ستنتقم تركيا من الجیش السوری و ماذا بعد ؟

شهدت الساحة الساحة السورية فی الاسبوع الماضی تطورًا دراماتيكيًّا، تمثل في أول احتكاك مباشر بين الجيش العربي السوري والجيش التركي في ظل احتمالية أن طائرات الجيش السوري هي من نفذت عملية الاستهداف للجنود الأتراك، المشهد الذي أفضى عن مقتل ثلاثة جنود أتراك في مدينة الباب السورية، وهي المدنية التي كان الجيش السوري والروسي قد حذر أنقرة من الدخول إليها باعتبارها خطا أحمر.
أعلنت هيئة رئاسة الأركان التركية، الخميس، عن مقتل 3 جنود أتراك وإصابة 10 آخرين بجروح، من قواتها المشاركة في عملية درع الفرات، في منطقة الباب شمالي سوريا، لافتة إلى أن المعطيات تشير إلى أن طائرات النظام السوري هي من نفذت الهجوم.
وأجرى رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم اتصالات هاتفية مع كل من وزير الدفاع فكري إيشيك، ورئيس هيئة الأركان خلوصي أكار، للاطمئنان على صحة الجنود المصابين، والاطلاع على تفاصيل الهجوم والتطورات الأخيرة ضمن إطار عملية درع الفرات.
من جهة أخرى توعد يلدريم بأن بلاده سترد على الهجوم، وقال أيضًا "إنه من الواضح أن بعض الناس غير راضين عن هذه المعركة التي تخوضها تركيا ضد داعش، بالتأكيد سيكون هناك انتقام من هذا الهجوم”.
معوقات الرد
بداية تركيا تعلم جيدًا أن استخدامها لعبارة "حق الرد” مبالغ فيها، فحق الرد يكون عندما تتعرض دولة آمنة لهجوم مباغت على أراضيها من دولة معتدية، وبالتالي يحق للدولة المعتدى عليها الرد على هذا الهجوم، أما بالنسبة لما جرى في منطقة الباب فإن الأتراك هم من اعتدوا على الأراضي السورية، وفي كثير من المقابلات الرسمية لمسؤولين في الحكومة السورية اعتبروا التواجد التركي على الأرض السورية "احتلالًا” وبالتالي من حق دمشق التصدي له، كما أن الجيش السوري حذر أنقرة أكثر من مرة بأن الباب خط أحمر على تركيا عدم تجاوزه، ودائمًا ما كانت تركيا تتجاهل هذه التحذيرات، ومن هنا نستطيع أن نقول إن أنقرة لا تملك غطاء قانونيا لرسم قواعد اشتباك مع الجيش السوري تتذرع بها أمام الرأي العام العالمي والمحلي.
تركيا لا تستطيع غض البصر عن أن أي هجوم لها على الجيش السوري قد يسبب حالة من الارتباك الإقليمي والعالمي، فالتلاعب في موازين القوى في الساحة السورية غير مسموح به على الأقل في الوقت الراهن في ظل وجود توافق شبه عالمي على ضرورة القضاء على داعش، والجيش السوري سيكون إحدى الأذرع المنوط بها مهمة التخلص من التنظيمات الإرهابية المتشددة في المنطقة في المستقبل القريب، وهو الأمر الذي انعكس في تصريحات رئيس الولايات المتحدة الجديد، دونالد ترامب، وفي تصريحات الكثير من مرشحي الرئاسة في الدول الأوروبية كفرنسا، بإعطاء الأولوية لمحاربة داعش بدلًا من محاربة النظام في سوريا.
وفي حال تقرير أردوغان الرد على مقتل جنوده عليه أن يضع في الحسبان الموقف الروسي من هذا الرد، لاعتبارين، الأول أن غالبية القرارات العسكرية السورية تتم بالتنسيق مع الروس، ما يعني أنه في الحال الرد قد يتصادم الجيش التركي مع الجيش الروسي، وهو الأمر الذي لا يحبذه أردوغان، خاصةً أنه وفقًا لمصادر إعلامية روسية فإن موسكو حذرت تركيا مرارا من عواقب التقدم نحو الباب، لكن يبدو أن «السلطان» يراوغ في سياسته مع الروس ويحلم باحتلال أكبر مساحة ممكنة من الأراضي السورية ليصبح المحاور الرئيسي في أي تسوية مقبلة.
الاعتبار الثاني أن أردوغان كان قد قتل في العام الماضي جنديين روسيين في حادثة إسقاط القاذفة الروسية الشهيرة، وقتها اكتفى بوتين بقبول الاعتذار التركي ولم يقم برد عسكري للاقتصاص من قتلة جنوده في تركيا، وبالتالي اقتصاص تركيا لجنودها قد يوقع بوتين في الحرج أمام الرأي العام الروسي، الأمر الذي من شأنه أن يفاقم الوضع بين أنقرة وموسكو.
أنقرة تعلم جيدًا بأن تحركاتها في سوريا مضبوطة الإيقاع من قبل روسيا، فمنظومتا الدفاع الجوي "إس 300″ و”إس 400” على أهبة الاستعداد، جميع هذه الأمور قد تحجم الرد التركي، بالإضافة إلى أن أردوغان بدأ يوقن أن تركيا أصبحت دولة منبوذة أوروبيا، ففی الایام الاخیرة أوصى البرلمان الأوروبي بتجميد مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وبالتالي لا يستطيع أردوغان المغامرة بخسارة علاقته بروسيا بعد تدهور العلاقة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.
كما أن السلطان التركي الذي بدأ فعلًا في تطبيق سياسة تصفير مشاكله في معظم الملفات الخلافية مع الدول المجاورة تمهيدًا لإحداث نقلة نوعية تمكنه من تحويل نظام الحكم في تركيا من برلماني لرئاسي، وهو الأمر الذي أبدى أردوغان حرصه الشديد عليه وبأدق تفاصيله من خلال إرسال طائرات لمساعدة الكيان الصهيوني "عدو الأمس” بإطفاء الحرائق التي طالته، قد لا يغامر بتعريض سياسة التصفير الجديدة لنكسة في حال المواجهة مع الجيش السوري الذي لا يلقى دعما روسيا فقط، بل وإيرانيا أيضا، ومؤخرا ظهرت دعوات رسمية من دول مهمة في المنطقة كمصر لضرورة دعم الجيش السوري صراحة، خاصة أن مصر لها موقف مُعادٍ لتركيا في تدخلاتها في الدول العربية، وهو ما أظهرته القاهرة عندما تدخلت تركيا في شمال العراق.
ما هی سیناریوهات الهجوم؟
اللافت طبعاً أنّ الهجوم ضد الجنود الأتراك جاء في توقيته الزمني:
- بعد مرور ساعات فقط على زيارة قام بها رئيس هيئة الأركان التركية، خلوصي أكار، إلى ضريح «سليمان شاه»، جدّ مؤسس الدولة العثمانية، في قرية أشمة، داخل الأراضي السورية.
- وبالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لإسقاط المقاتلة الروسية داخل الأجواء التركية.
- كما ترافق مع اجتماع سياسي كانت تعدّ له أنقرة بين الروس ومجموعات من المعارضة السورية التابعة للائتلاف الوطني المعارض.
- وقبل أسبوع من زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الروسي لافروف الى تركيا بدعوة من نظيره التركي شاووش أوغلو في إطار التنسيق وتحسين العلاقات بين البلدين.
- وخلال تعهّد يقدمه رئيس الأركان التركي خلوصي اكار للروس أنّ رصاصة تركية واحدة لم تُطلق ضد القوات السورية التابعة للنظام في حلب وأنه جاهز للاستقالة إذا ما ثبت العكس.
تحليلاتٌ تركية لا تلقى رواجاً وتاييداً في صفوف القيادات السياسية التركية تتساءل عن احتمال تنفيذ العملية بقرار ثلاثي مصري إيراني بالتنسيق مع النظام في سوريا، وهي تبني في استنتاجها هذا على أساس أنّه:
طالما أنّ القاهرة المعروف توتر علاقاتها مع أنقرة كرّرت موقفها في ضرورة الحفاظ على الجيش السوري ووحدته وقوته، وحيث إنّ الإعلام الإيراني أو المحسوب عليه عربياً لا يتوقف عن الإشارة الى التنسيق المصري مع النظام السوري والى إرسال ضباط مصريين للمشاركة في المعارك الى جانب بشار الاسد.
وطالما أنّ طهران تشعر بمخاطر التفاهم التركي الروسي في أكثر من ملف أمني وسياسي سوري، قد يكون على حساب مصالحها ونفوذها وتمدّدها هناك، فلمَ لا يتقدّم هذا الطرح كاحتمال أوّل في تحديد خلفيات الجهة الفاعلة؟
لكنّ اللامنطقي هو أن يقدِم النظام في سوريا على مغامرة من هذا النوع رغماً عن الروس أو دون معرفتهم وموافقتهم، حتى ولو كان القرار إيرانيّاً مصريّاً لأنه يعرف أنّ الثمن سيكون باهظاً.
القيادة المصرية أيضاً لن تدخل في تفاهم من هذا النوع يخدم إيران وحدها، ويوتر العلاقات المصرية الخليجية وتحديداً العلاقات المصرية السعودية التي تحاول رصد التحرّك المصري في سوريا لتحديد موقفها الجديد على ضوء التقارير الاستخبارية التي ستتسلّمها.
سيناريو آخر ضعيف يشير الى احتمال أن يكون النظام في سوريا تحرّك بمفرده في مخاطرة من هذا النوع تفتح الباب على وسعه قبل معركة «الباب» أمام مواجهة عسكرية مباشرة مع الأتراك. لمَ يقدِم النظام على خطوة انتحارية بافتعال صدام مسلّح مع تركيا وهو يعرف أنّها معادلة خاسرة على جميع الأصعدة؟
أقلام إيرانية تنذر منذ أيام بمفاجأة محتملة من هذا النوع من خلال حديثها الدائم عن «فخّ مُحْكم»، وعن ثمن باهظ ستدفعه تركيا في سوريا، وأنّ الثمن الوحيد الذي يمكّن تركيا الخروج من المستنقع السوري هو تفاهم أكبر مع روسيا، لكنّ المشكلة تبقى أنّ إيران تقدّم الآن هذه الخدمة للجانبين الروسي والتركي عندما تكشف موسكو المعني الأول باستهداف الجنود الأتراك، طالما أنّها هي صاحبة الكلمة الأخيرة في حلب وأجوائها وحيث ستساعد أنقرة حتماً على تحديد ما جرى وكانت المقدمة إعلامها أنّ طائرة يملكها النظام السوري من طراز «الباتريوس»، هي التي نفّذت العملية انطلاقاً من مطار حلب العسكري ثمّ عادت أدراجها.
الكثير من السيناريوهات والاحتمالات تلتقي عند تقاطع أنّ المستفيد الأوّل والأقوى من الهجوم على القوات التركية هو إيران وسياستها السورية التي تبحث عن أسباب تقود الى المواجهة العسكرية المباشرة مع تركيا بعدما أفشلت أنقرة مشاريعها وحساباتها في حلب وشمال العراق، وخطة ربط الحشد الشعبي بحزب الله بين الرقة والموصل عبر السيطرة على تل عفر.
إيران وكما تقول تقارير الاستخبارات التركية زادت من دعمها المكشوف للقوات الكردية التابعة لصالح مسلم في شمال سوريا، وتنسّق معها لفتح ممرّ يقرّبها من مدينة الباب وهي تموّل وتحرك القوات الكردية التابعة لحزب العمال الكردستاني في سنجار باتجاه الضغط على التقارب بين أربيل وأنقرة، وربما هذا هو ما دفع نجيرفان البرزاني القيام بزيارته المفاجئة العاجلة لأنقرة قبل يومين للتنسيق في الرد على التصعيد الإيراني.
الملفت هنا هو ما قاله رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، بعد ساعات على الهجوم حول أنّ من الواضح أنّ بعضهم غير راض عن هذه المعركة التي تخوضها تركيا ضد داعش. الإجابة الحقيقية هي ليست البحث عن المتضرّر من الدخول العسكري التركي المباشر في هذه العمليات، بل ما الذي يحول دونه التدخل التركي ويمنع تنفيذه في سوريا والعراق.
وربما عندها نصل الى الإجابة حول المستفيد الأوّل من تحريك هجومٍ استفزازيٍّ من هذا النوع يدفع تركيا للدخول في حرب مباشرة مع النظام السوري تقلب الحسابات والمعادلات راساً على عقب، وتفتح الطريق المسدود أمام إيران في هذه الآونة.
هل الشريك المتضرّر الآخر هو واشنطن التي رجّحت الصمت حتى الآن ولم تعقّب على الهجوم حتى لا نقول إنّها لم تعلن عن وقوفها الى جانب الشريك والحليف التركي في العملية التي استهدفته داخل الأراضي السورية. أم إنّ الإدارة الأميركية كانت تعارض التوغل التركي في شمال سوريا ونحن لم نكن نعرف ذلك؟
معركة الباب لن تكون سهلة على الجميع ودون حسم المعركة هناك بكلّ توازناتها وحساباتها المحلّية والإقليمية والدولية لن يتقدّم احد نحو الرقة. المواجهة على جبهتي سوريا والعراق لن تكون بعد الآن أيضاً مع تنظيم الدولة وحده بل في اتجاه تصفية حسابات ورسم خرائط وتحديد مواقع ونفوذ لما بعد داعش، وهذه هي المواجهة الحقيقية
ماذا سيحدث بعد الانتقام تركيا من سوريا ؟ 
تطرقت صحيفة "كوميرسانت" الروسية إلى مقتل ثلاثة جنود أتراك وإصابة آخرين في سوريا بغارة للطيران السوري على ضواحي مدينة الباب؛ مشيرة إلى أن الرد التركي قد يجر روسيا إلى الصراع و جاء في مقال الصحيفة:
أعلنت قيادة القوات المسلحة التركية عن مقتل ثلاثة جنود أتراك وجرح عشرة آخرين في سوريا في غارة للطيران الحربي السوري على ضواحي مدينة الباب. وهذه هي المرة الأولى التي تتهم فيها أنقرة القوات السورية بمقتل عسكرييها، منذ دخول قواتها الأراضي السورية قبل ثلاثة أشهر في عملية "درع الفرات". وقد تم إجلاء القتلى والجرحى من منطقة العمليات الحربية.
ويحذر الخبراء من إن رد تركيا على هذه الحادثة، إذا حدث، سيؤدي إلى توتر جديد في العلاقات بين تركيا وروسيا، التي تدعم دمشق وتملك في سوريا منظومات دفاع جوي صاروخية.
ويُذكر أن عملية "درع الفرات" كانت قد انطلقت في 24 أغسطس/آب الماضي، حيث فرضت القوات التركية سيطرتها على مدينة جرابلس خلال هذه الفترة، وتتقدم في الاتجاه الجنوبي–الغربي. وبحسب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تهدف تركيا إلى تطهير منطقة مساحتها خمسة آلاف كيلومتر مربع من مسلحي "داعش" وإنشاء "منطقة آمنة" لإسكان النازحين. وتخطط تركيا لضم مدينة الباب، التي يسيطر "داعش" عليها حاليا، إلى هذه "المنطقة الآمنة"، حيث تقدم دباباتها وطائراتها الحربية الدعم اللازم إلى مسلحي "الجيش السوري الحر"، الذي يهاجمها.
وتفيد الإحصاءات الرسمية بأن القوات التركية فقدت منذ بداية عملية "درع الفرات" 15 عسكريا، سقطت غالبيتهم في مواجهات مع مسلحي "داعش"، وقتل عسكري آخر في مواجهة مع الأكراد.
يقول مدير مركز "روسيا-الشرق– الغرب" فلاديمير سوتنيكوف إن "ما حدث في شمال سوريا خطير جدا حتى لروسيا. فالرئيس أردوغان سياسي مغرور وفظ، وغالبا ما تغلب العاطفة على تصرفاته. فإذا ما رأى أن الحادث لم يكن طارئا أو عن طريق الخطأ، بل مقصودا من جانب القيادة العسكرية السورية، فقد يعدُّه تحديا شخصيا له، وعندها يجب عليه الرد".
وأضاف: "إذا قام أردوغان بالرد مستخدما الطيران الحربي، فإنه يهدد بجر تركيا إلى صراع مع روسيا التي تسيطر على الأجواء السورية". لأن منظومات "إس–300" و"إس–400" الصاروخية المنصوبة في سوريا تستطيع إسقاط أي طائرة تهاجم مواقع القوات السورية الحكومية.
وبصورة عامة، بحسب قول سوتنيكوف، إن ردا مثل هذا لا تعرف عواقبه، وليس في مصلحة أنقرة أو موسكو. لذلك يرى أن من المنطقي خلال الساعات المقبلة "إجراء مشاورات بين السياسيين والعسكريين والاتفاق على الخطوات التي تحفظ ماء الوجه وفي الوقت نفسه تخفف من التوتر".
وأشار خبراء آخرون لـ "كوميرسانت"، إلى أن الأنباء عن إغارة الطائرات السورية على المواقع التركية ذاعت بالذات يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني، أي في الذكرى السنوية الأولى لإسقاط قاذفة القنابل الروسية "سوخوي–24" في الأجواء السورية ومقتل قائدها أوليغ بيشكوف. لهذا فإنهم لا يستبعدون أن تكون هذه الحادثة استفزازا مقصودا، هدفه جر روسيا وتركيا إلى صراع جديد، ولا سيما أن إغارة الطيران السوري على مواقع القوات التركية ليس منطقيا؛ لأنها على الرغم من وجودها داخل الحدود السورية، فإنها تتجنب المواجهات مع قوات الحكومة السورية، وتقصر عملياتها على محاربة "داعش" والكرد.
موقع البصیرة
mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@