] ما هو مستقبل التطبیع العربي – الصهيوني في إدارة ترامب؟
الرئیسیة >>  عمومی >> تیتر یک
11 January 2017 - 15:17 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 2443

ما هو مستقبل التطبیع العربي – الصهيوني في إدارة ترامب؟

ومع قلة الخيارات المتوافرة للسعودية سيبقى هناك خيار آخر لا تمانع فيه السعودية من حيث المبدأ وهو إسرائيل، خاصة أن هناك تمهيدًا مسبقًا من الرياض بنقل علاقاتها مع الكيان الصهيوني من مرحلة السرية إلى العلن، عبر دبلوماسييها كأنور عشقي، وتركي الفيصل، اللذين حرصا على ظهورهما في صور وهما يصافحان الدبلوماسيين الصهاينة بين الحين والآخر، وبما أن الكيان الصهيوني هو القائم بأعمال أمريكا في المنطقة
يلخص الموقف الأخير، الذي حدث في أروقة مجلس الأمن ديسمبر الماضي، والذي تراجعت فيه الدول العربية ممثلة في مصر عن مشروع قرار يدين المستوطنات الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، فيما تبنته دول أجنبية كنيوزيلاندا والسنغال، حالة التقارب العربي مع العدو الصهيوني، والذي مهدت له إرهاصات كثيرة على مدار الأعوام الأخيرة خاصة 2016. وتكمن أهمية التركيز على هذا العام في أنه يشكل ركيزة أساسية للعام المقبل، في ضوء وصول الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب حليف إسرائيل الوثيق، إلى البيت الأبيض، في الوقت الذي تسعى فيه كل الدول العربية لرأب الصدع في علاقاتها مع واشنطن، خاصة دول الخليج.
التطبیع في العام الماضي
فلسطين المحتلة
خطوات السلطة الفلسطينية والمتمثلة في رئيسها، محمود عباس، لا تبشر بتبني أي فكر مقاوم، وتسير في النهج التطبيعي مع العدو الإسرائيلي، فبعد المؤتمر السابع الذي عقدته مؤخرًا حركة فتح، ظل أبو مازن ممتنعًا عن مبدأ المقاومة المسلحة ضد العدو الإسرائيلي، وتبني سبل سياسية لا تجدي نفعًا مع الكيان الصهيوني، فأبو مازن اكتفى باللجوء لمنظمة الأمم المتحدة كسبيل لحل الصراع. ويجدر الإشارة هنا إلى أن هناك تحركات في الاتجاه الخطأ من حركات المقاومة كحماس، تبنت فيها خلال الأشهر الماضية رغبة في الانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية التي تعترف بإسرائيل كدولة، وهو الأمر الذي لا يبشر بالخير، في ظل الحديث عن مصالحة سياسية تجمع بين فتح وحماس المختلفتين أيديولوجيًّا من حيث طبيعة التعامل مع الاحتلال.
الكيان الصهيوني بعد قرار الأمم المتحدة الأخير ضد المستوطنات الإسرائيلية أعلن قطع علاقته الدبلوماسية مع السلطة الفلسطينية، وأبقى على الشق الأمني، وهو الأمر الذي يثبت تواطؤ السلطة الحالية مع إسرائيل، وبرز التعاون بينهما من خلال عدة مواقف توزعت على مدار هذه السنة تتعلق بالتنسيق الأمني بينهما في تقويض هجمات السكاكين الشعبية، والسيطرة الأمنية الإسرائيلية على مناطق خاضعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. ولا يبدو أن السنة المقبلة قد تحمل تغيرًا في سلوك السلطة الفلسطينية تجاه تل أبيب بعد طرح ورقة محمد دحلان من قبل الرباعية العربية كبديل رئاسي لأبو مازن، والمعروف عن دحلان علاقته الوطيدة مع وزير الحرب الإسرائيلي، أفيغادور ليبرمان.
مصر
الدولة العربية التي كان لها الأثر السلبي على جميع الدول العربية والإفريقية، في تحويل دفة الصراع مع العدو الإسرائيلي من الخيارات العسكرية إلى تبني سياسات دبلوماسية كالتطبيع والسلام، منذ عهد الرئيس السابق محمد أنور السادات إلى يومنا هذا.
هذا العام تحركت مصر تحت عنوان عريض وضعه الرئيس عبد الفتاح السيسي وهو "السلام الدافئ” مع الكيان الصهيوني، وبالتالي لم يختلف حال أداء مصر في التقارب مع تل أبيب بداية من هذه السنة وحتى نهايتها، فلم تخلُ بدايات 2016 من إشارات حول تنسيق أمني وعسكري في سيناء فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، كما اعتمدت إسرائيل سفير مصر الجديد لديها حازم خيرت في فبراير الماضي، بعده بشهرين وافقت تل أبيب على تعيين دافيد جوبرين سفيرًا جديدًا لإسرائيل في مصر، تلته مجموعة من التقاربات، تمثلت في حضور رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو ورئيس الكيان الإسرائيلي ريفلين ريبلين، حفلًا في يوليو الماضي أقامته السفارة المصرية في تل أبيب بمناسبة مرور 64 عامًا على ثورة 23 يوليو، وفي ذات الشهر كان السفير المصري لدى إسرائيل قد شارك في مؤتمر هرتسيليا السياسي الأمني في إسرائيل.
الدبلوماسية المصرية شهدت تحركات كثيرة على صعيد التقارب مع الكيان، حيث اجتمع وزير الخارجية، سامح شكري، في شهر يونيو الماضي، مع نتنياهو في القدس المحتلة، وقبلها كان شكري قد التقى مع وزير الطاقة الإسرائيلي في واشنطن مارس الماضي، ولا ننسى أيضًا مشاركة شكري في عزاء شيمون بيريز في سبتمبر.
قبل أسبوع بحث شكري مع وفد اللجنة الأمريكية اليهودية رؤية مصر لدفع عملية السلام في مصر، وبحسب القناة العاشرة الإسرائيلية، فإن وفدًا من لجنة القيادات والزعامات اليهودية بالولايات المتحدة التقى فبراير الماضي بالرئيس السيسي، والذي تحدث بشكل إيجابي عن التزامه باستمرار المصالح المشتركة بين القاهرة وتل أبيب، بحسب مشاركين في اللقاء.
الأردن
هذا العام شهدت العلاقات الأردنية مع الكيان الصهيوني تطورًا ملحوظًا، تنوع في العديد من المجالات، كان أبرزها الطاقة والمياه، حيث وقعت شركة الكهرباء الأردنية في سبتمبر اتفاقية لاستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل مع شركة "نوبل إنيرجي” الأمريكية المطورة لحوض شرق البحر المتوسط مقابل عشرة مليارات دولار، وفي نوفمبر كان هناك اتفاق أردني إسرائيلي لتنفيذ مشروع ناقل البحرين المهدد لقناة السويس في حال تطويره مستقبلًا إلى ممر ملاحي، وفي ذات الشهر أعلنت الأردن أن كوادر الدفاع المدني الأردني شاركت في إخماد الحرائق التي اندلعت في أماكن مختلفة من الكيان الصهيوني، بناء على طلب رسمي تلقته الحكومة الأردنية من حكومة الاحتلال.
وبحسب صحيفة معاريف العبرية، فإن إسرائيل ثمنت هذا العام علاقاتها الأمنية مع الأردن في العديد من المجالات، أهمها تبادل المعلومات الأمنية والمصالح المشتركة في الحرب ضد الجماعات المسلحة، والتدريبات الثنائية بين سلاحي الجو في البلدين.
السعودية
تكمن خطورة عام 2016 في أنه نقل العلاقة بين السعودية والكيان الصهيوني من السرية إلى العلن، حيث بدأت بمصافحة بين الأمير السعودي تركي الفيصل ووزير الحرب الإسرائيلي، موشيه يعلون، في مؤتمر الأمن الذي عقد في ميونيخ، كما قام اللواء السعودي المتقاعد أنور عشقي بعدة زيارات للكيان الصهيوني، لا يخلو الحديث فيها عن الرغبة في التطبيع، وقالت صحيفة هآرتس العبرية إن عشقي حضر إلى إسرائيل مصطحبًا معه بعثة أكاديمية ورجال أعمال سعوديين، والتقوا خلال الزيارة الحميمة بمجموعة من أعضاء الكنيست، بهدف "تشجيع الخطاب في إسرائيل حول مبادرة السلام العربية”، وتمت الزيارة في شهر يوليو الماضي، وتحدث فيها الجنرال السعودي عشقي أثناء اجتماعه بأعضاء الكنيست عن علاقاته بمدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية غولد، وقال إن غولد ألف كتابًا ضد السعودية قبل نحو عشر سنوات اسماه "مملكة الشر”، وتابع عشقي أن غولد اعتذر في أحد اللقاءات بين الاثنين عما كتب ضد السعودية، وأقر بأنه أخطأ في جزء مما كتب، وأكد أنه معني بتوثيق العلاقات والاتصالات بين السعودية وإسرائيل.
ويرى مراقبون أن اللغط الذي حصل هذا العام حول انتقال جزيرتي تيران وصنافير من السيادة المصرية إلى السعودية يسير في اتجاه التقارب العلني بين الرياض وتل أبيب، فالمملكة ستكون طرفًا في معاهدة السلام "كامب ديفيد” مع الكيان الصهيوني، في حال انتقال سيادة الجزر لها.
الجدير بالذكر أن مؤسس اللوبي السعودي في واشنطن، سلمان الأنصاري، دعا إلى التحالف مع إسرائيل.
الإمارات
بدأت العلاقات الإماراتية الإسرائيلية ترتسم بعد افتتاح ممثلية إسرائيلية ترقى لقنصلية في العاصمة الإماراتية أبو ظبي العام الماضي، بعدها اتخذت الإمارات الممثلية الإسرائيلية كذريعة لأي وفد إسرائيلي يزورها، حيث قالت وسائل إعلام إسرائيلية في شهر ديسمبر الماضي إن وفدًا تابعًا لمكتب "مراقب الدولة الإسرائيلية” وممثل "شكاوى الجمهور” برئاسة إيلي مارزل مدير عام المكتب شارك للمرة الأولى في مؤتمر أقيم في العاصمة أبو ظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي مطلع عام الماضي ذكر موقع القناة الثانية الإسرائيلية أن وزير الطاقة الإسرائيلي "يوفال شتاينس” أنهي زيارته السرية لدولة الإمارات العربية، التي تناولت المصالح المشتركة بين الطرفين.
الجدير بالذكر أن شهر أغسطس الماضي شهد انطلاق مناورات عسكرية مشتركة واسعة النطاق بين إسرائيل والإمارات وباكستان على الأراضي الأمريكية.
البحرين
قد لا تختلف تحركات البحرين الممثلة في العائلة الملكية عن تحركات السعودية التي تدعم النخبة الحاكمة ضد الاحتجاجات السلمية الشعبية فيها، وفي شهر مارس الماضي كشف موقع صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن أن ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة أكد أن «إسرائيل قادرة على الدفاع ليس عن نفسها فحسب، بل عن أصوات الاعتدال والدول العربية المعتدلة في المنطقة». ولفتت الصحيفة الى أن ملك البحرين شدد أيضًا أمام رئيس مؤسسة التفاهم العرقي في نيويورك، الحاخام اليهودي مارك شناير، على أن «توازن القوى في الشرق الاوسط بين معتدلين ومتطرفين يستند إلى إسرائيل».
السودان
شهدت السودان هذا العام مجموعة من التقاربات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وفي الوقت الذي تعتبر فيه تل أبيب طهران عدوها الأول، فإن الخرطوم قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وتقاربت مع المملكة السعودية، وقبل قرابة 8 أشهر أدلى وزير الخارجية السوداني بتصريحات قال فيها إن بلاده تدرس مسألة تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وجاء حديثه إثر أنباء أوردتها وكالة السودان للأنباء "سونا”، وهي الوكالة الحكومية الرسمية، حول أن مسألة التطبيع مع إسرائيل موضوعة ضمن جدول أعمال لجنة العلاقات الخارجية لمؤتمر الحوار الوطني السوداني، وجاء في خبر "سونا” أن أغلبية أعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمؤتمر الحوار الوطني يوافقون على إقامة علاقات "مشروطة” مع إسرائيل، وقتها قال وزير الدولة للدفاع الإسرائيلي بن داهان، ردًّا على تصريحات وزير الخارجية السوداني، إن الكيان الصهيوني يرغب في إقامة علاقات مع السودان، وقال إن إسرائيل لا تختلف عن الغرب والاتحاد الأوروبي الذى يقيم علاقة مع السودان، مؤكدًا أن بلاده يمكن أن تقدم الكثير للسودان في العديد من المجالات، وحثت إسرائيل في شهر سبتمبر الماضي الولايات المتحدة الأمريكية على تحسين علاقتها مع السودان، خصوصًا بعد تقارب الأخيرة مع السعودية وقطع علاقاتها مع إيران والتصريحات بشأن الاستعداد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
الصومال
قالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل” إن اجتماعًا سريًّا جمع بين نتنياهو وحسن شيخ محمود رئيس الصومال في تل أبيب، وأشارت إلى أنه تم رفض تحديد مكان وزمان الاجتماع أو تقديم تفاصيل إضافية عدا أن الاجتماع قد تم بالفعل.
ادارة ترامب و التطبیع
بعدما فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بمنصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، يجب تسليط الضوء على انعكاسات هذا الفوز على الساحة العربية، وخاصة الخليجية منها، بعدما رفع ترامب سوط الوعيد والتهديد بوجهها.
العلاقات الأمريكية الخليجية
على الرغم من النعوت القميئة التي وصف بها ترامب الدول الخليجية وخاصة السعودية، فإن قادة الدول الخليجية الست (السعودية وقطر والكويت والإمارات والبحرين وسلطنة عمان)، هنؤوا الرئيس الأمريكي الجديد.
الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، الذي كان لبلاده نصيب الأسد من انتقادات الرئيس الجمهوري، أشاد في برقيته لترامب بالعلاقات التاريخية الوثيقة بين البلدين الصديقين، التي يتطلع الجميع إلى تطويرها وتعزيزها في المجالات كافة، لما فيه خير ومصلحة البلدين، وبعد إرسال التهاني الخليجية للرئيس الأمريكي الجديد، يبقى علينا الانتظار، خاصة أن وراء الأكمة ما وراءها.
وتتمتع الدول الخليج بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية بعمرٍ يناهز السبعين عامًا، معظم هذه العلاقات مبنية على اتفاقات سرية بين هذه الدول وأمريكا، تتعهد فيها أمريكا بحماية الأنظمة الخليجية، مقابل استحواذ واشنطن على استثمارات النفط الخليجي في الداخل الأمريكي، فمن حيث المبدأ أمريكا صاحبة التوجهات الليبرالية لا يجمعها توافق أيديولوجي مع الممالك الخليجية، التي تتصف حكوماتها بالاستبداد وحرمان الديمقراطية، وسوء معاملتها الواضح للنساء، وتبنيها للفكر المتطرف المبني على تكفير الآخر، وبالتالي توءمة واشنطن نفسها مع هذه الدول مستحيلة من الناحية النظرية؛ فلا توجد قيم مشتركة تجمع بين أنظمة هذه الدول، لكن من الناحية العملية تحاول الولايات المتحدة استثمار الجوانب السلبية في الشخصية الخليجية لتوظيفها في خدمة مصالحها، فالشخصية العربية والخليجية تعاني من عقدة النقص أمام النسر الأمريكي، وهو الشيء الذي تعرفه أمريكا جيدًا، فعلى الرغم من أن علاقات دول مجلس التعاون والولايات المتحدة سجلت توترًا ملحوظًا في فترة الرئيس الحالي باراك أوباما بسبب توقيع بلاده على الاتفاق النووي مع طهران التي تتهمها دول الخليج بمحاولة زعزعة استقرار المنطقة، كما عبرت دول الخليج في مناسبات عديدة عن خيبة أملها في أوباما، خصوصًا فيما يتعلق بتسيير ملفات المنطقة وعلى رأسها الأزمة السورية التي تراجعت أمريكا إلى القواعد الخلفية أمام تقدم موسكو وحلفائها في المنطقة، إلا أن كل حالات الغضب الخليجي قابلها أوباما بعدم اكتراث، بل عمد إلى التصعيد مع السعودية من خلال قانون جاستا، وكما هو متوقع من السعودية لزمت الصمت عن هذا القانون، ولم تنفذ تهديدها بسحب استثماراتها من أمريكا.
ترامب ودول الخليج
تشير تصريحات ترامب ضد السعودية إلى أن ما لم تستطع دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، أخذه من الرئاسي الديمقراطي الحالي، لن تستطيع أن تأخذه في عهد الرئيس الجمهوري المقبل، فترامب كان قد وصف السعودية بالبقرة التي متى جف حليبها سيتم ذبحها، وإذا كانت المصلحة في وقت أوباما تقتضي بأن يستفيد من الحركات الجهادية التي تربيها السعودية، لخدمة مصالح أمريكا في توسعها في بلدان عربية كسوريا والعراق واليمن، فإن مصالح أمريكا في عهد ترامب قد تختلف حول هذه النقطة، فالرئيس الجمهوري يدرك جيدًا أن أحد العوامل التي أوصلته للبيت الأبيض هي الأفكار اليمنية التي تتبنى نهجًا متطرفًا ضد الحركات الإسلامية المتشددة، فضلًا عن أن هجرة المسلمين لأمريكا كانت نتاجًا طبيعيًّا لدعم الدول الغربية لهذه الحركات المتشددة ضد الجيوش العربية، الأمر الذي فرض الهجرة على سكان المناطق الداخلة في الصراع الملتهب بين الطرفين، ما انعكس بالسلب على المجتمع الأمريكي. وبالعودة إلى كلام ترامب عندما كان مرشحًا فقد قال للسعودية "لا تعتقدوا أن مجموعات الوهابية التي خلقتموها في بلدان العالم، وطلبتم منها نشر الظلام والوحشية وذبح الإنسان وتدمير الحياة، ستقف إلى جانبكم وتحميكم، فهؤلاء لا مكان لهم من الأرض إلا في حضنكم وتحت ظل حكمكم؛ لهذا سيأتون إليكم من كل مكان، وسينقلبون عليكم، ويومها يقومون بأكلكم”، وهو الأمر الذي يشير إلى أن ترامب يسعى للقضاء على المجموعات التي تروج لها السعودية في المنطقة؛ ما سيؤدي إلى صدام مباشر بين السياسة الأمريكية والسعودية. وما سيزيد من صعوبة العلاقة بين الرياض وواشنطن مسألة تدهور أسعار النفط والذي يُدخِل المملكة في حالة تقشف واقتراض للديون غير مسبوقة في تاريخ المملكة، وهى السابقة التي لا يفضلها ترامب، فبهذا الوضع وحسب منظور ترامب، فالسعودية دخلت مرحلة نضوب حليبها، وهو الأمر الذي قد يدفع ترامب لمزيد من التلويح بسكين الذبح.
تقارب دول الخليج مع إسرائيل
الوضع الاقتصادي المذري لدول الخليج وخاصة السعودية سيدفعها إلى البحث عن حلول ومنافذ أخرى للتقارب مع الولايات المتحدة، والبحث عن بدلائل عربية قد يكون صعبًا في هذا التوقيت، فمصر والتي من الممكن أن تكون همزة وصل بين الرياض وواشنطن توترت علاقة السعودية بها على خلفية أجندة مصر السياسية تجاه سوريا، والتي على ما يبدو تلقى ترحيبًا من ترامب، الذي يعطي الأولوية في سوريا هو الآخر لمحاربة داعش على حساب النظام السوري.
وبالنسبة لتركيا كبديل شرق أوسطي للسعودية، فمن غير الواضح حتى الآن طبيعة العلاقة التي ستجمع أنقرة مع ترامب، خاصة أن ترامب وعد بتمرير قرار اعتبار جماعة الإخوان المسلمين إرهابية، وهي الجماعة التي تتبناها تركيا بالدعمين المالي والسياسي.
ومع قلة الخيارات المتوافرة للسعودية سيبقى هناك خيار آخر لا تمانع فيه السعودية من حيث المبدأ وهو إسرائيل، خاصة أن هناك تمهيدًا مسبقًا من الرياض بنقل علاقاتها مع الكيان الصهيوني من مرحلة السرية إلى العلن، عبر دبلوماسييها كأنور عشقي، وتركي الفيصل، اللذين حرصا على ظهورهما في صور وهما يصافحان الدبلوماسيين الصهاينة بين الحين والآخر، وبما أن الكيان الصهيوني هو القائم بأعمال أمريكا في المنطقة، فإن السعودية ستعتبره حلقة الوصل المناسبة لحمايتها من تلويح ترامب بذبحها، ولكن على السعودية قبل كل شيء أن تمتلك الأموال اللازمة، أو أن تكون قادرة على تقديم أي تنازل ممكن؛ لعقد مزيد من الصفقات مع إسرائيل والولايات المتحدة، فإسرائيل لن تقدم الخدمات المجانية لدول الخليج، وترامب لن يضحي بعلاقته مع روسيا والصين في سبيل إرضاء المملكة.

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@