] ترامب وإيران.. تجربة المجرَّب
أمریکا >>  أمریکا >> مطالب ستون وسط
11 February 2017 - 16:01 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 2668

ترامب وإيران.. تجربة المجرَّب

يتأهب العالم، وشرقه الأوسط على وجه التحديد، على مدار الساعة منذ تسلل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض الأميركي تحت غطاء غبار كثيف من الشعارات الديماغوجية والشعبوية، ويكاد الرأي العام العالمي المأخوذ بظاهرة الرئيس الغريب الأطوار والخارق لكل موروثات "استبلشمنت" السياسة الأميركية، يتأرجح يميناً ويساراً على وقع تغريدة يطلقها صباحاً أو مساءً أو في لحظة تخلٍ وانفعال أو إرتجال.
موقع البصیرة / علي الحاج يوسف
وعلى عكس جوهر خطابه الإنتخابي الداخلي العنصري القائم على الإنكفاء والإنعزال، بدا ترامب في أسابيعه الأولى في البيت الأبيض مشتتاً في تصويب أولوياته، يرمي خبط عشواء، ليفتح على نفسه غير جبهة خارجية دفعة واحدة، فأعلن عن جدار للعزل ضد المكسيك، واستعجل قرار منع مواطني سبع دول إسلامية من السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية، لكنه كان أكثر إلحاحاً وإمعاناً في التركيز على إيران.

ارتدّت تخرصات ترامب رجع صدى لم يبارح حدود البيت الأبيض، فالمكسيك أظهرت عناداً ورفضاً لفرض خوّة الجدار الفاصل عليها، والقضاء الأميركي ومعه وزارة الخارجية التابعة مباشرة لفريق عمل الرئيس فرملا اندفاعته ضد رعايا الدول السبع، أما الصراخ ضد إيران بصوت مرتفع فلا زال يتردد فحيحاً يترقب العالم والإقليم مآله ومنتهاه.

وقد تكون تهويلات ترامب غير مفاجئة، فهو لم يغادر مرحلة الخطاب الإنتخابي إلى جدية مسؤولية رئيس أعتى بلد في العالم، وهو يعكس مزاج شريحة واسعة من الأميركيين اجتاح وعيها بشعبويته ويمينيته المفرطة وعزّز تعليب وتنميط عقلها ضد الإسلام، وهو أيضاً، وإن توهم البعض أنه غير ذلك، أسير إلتزامات رسمية أميركية ثابتة بأولوية تنفيذ رغبات "إسرائيل" التي كانت وما زالت تؤكد في تصريحات مسؤوليها ودراساتها الاستراتيجية أن إيران وحزب الله كانا وما زالا الخطر الأعمق والأبعد على الكيان الإسرائيلي واستمرارية وجوده.

لكن، هل أُعدم من سبق ترامب من رؤساء أميركيين، جمهوريين وديمقراطيين، طيلة ثلاثة عقود ونيف، وسيلة في محاولة إحتواء ومحاصرة ومحاربة إيران الإسلامية، ولم يستخدموها؟، من الحرب المباشرة عبر صدام حسين وحرب السنوات الثمان، إلى الحصار والعقوبات المتعاقبة وشتى صنوف الحروب الصلبة والناعمة وإثارة الجوار ضدها، ومحاولة الإطاحة بنظامها الإسلامي من الداخل لا سيما في العام 2009، ولتحقيق الغاية جرى في حينه استخدام منصة "توتير". التي ينشط ترامب اليوم في التعبير عن أفعاله وانفعالاته عبرها.

فالخيار العسكري بقي حاضراً على طاولة جورج بوش الابن، "ولم يزل على الوتد حتى أكله العث"، وأوباما السلف الذي لم تُقدّر إيران لطفه، على ما قال ترامب، طالما لوح بالعصا قبل الجزرة، واضطر بدفع من الشركاء في "الخمس زائد واحد" لتوقيع الاتفاق النووي الذي كرّس إيران عضواً شرعياً مستوفياً للشروط في نادي الدول النووية.

كأن ترامب يجرّب المجرّب، أو هو لم يقرأ تجارب من سلف في ذروة التغوّل بعد هجمات الحادي عشر من أيلول، ويعود بالإدارة الأميركية إلى سيرتها الأولى في البناء على قوة غابرة وتنمّرٍ ذهب أدراج الرياح منذ عصفت رياح عاصفة الصحراء بجيش الولايات المتحدة وأجبرته على الإنسحاب من العراق في العام 2011 حتى دون الحصول على إتفاق يمنح الحصانة لمن بقي من جنود.

وربما يستمر الرئيس الأميركي الجديد في مواصلة حربه عبر العالم الإفتراضي والتغريد دون حسيب أو رقيب، لكن بين الإفتراض والواقع.. واقع لا بد أن يدركه ترامب قريباً، فلا إلغاء الإتفاقية النووية المقرّة في مجلس الأمن طوع بنانه في ظل اعتراض أوروبي وروسي، ولا تهديد إيران بالنار "لأنها تلعب بالنار" سيخيف الإيرانيين الذين خبروا الأميركيين وحفظوهم عن ظهر قلب، وأتقنوا فن الرد عليهم.

ورب سائل، في زحمة التحليلات والأوهام والتمنيات، ما سرُ الصمت المريب من الخليج (الفارسي) إلى ردهات البيت الأبيض، بعد الصاروخ اليمني العابر لحدود الإشتباك اليمني- السعودي؟، فالصاروخ - الرسالة وصل إلى الرياض عملياً وإلى ما أبعد منها فعلياً. وإذا كان في إدارة ترامب من لبيب فمن الإشارة يفهم.

المصدر: العهد


mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@