] «الربيع العربي» يتحول إلى نكتة تُضحك السيسي!
أفریقیا >>  أفریقیا >> مطالب ستون وسط
04 March 2017 - 10:56 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 2829

«الربيع العربي» يتحول إلى نكتة تُضحك السيسي!

ثلاثة مشاهد، في بحر يومين، تتكامل لتقدم الصورة الحقيقية لما يحدث في مصر الآن، فالبلاد تعيش في كنف الثورة المضادة، ليثبت لكل من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد أن عبد الفتاح السيسي هو زعيم هذه الثورة بلا منازع!.
موقع البصیرة / سليم عزوز
المشهد الأول

حدث المشهد الاول في صباح يوم الأربعاء الماضي، عندما ضحك السيسي بهستيريا وانفتح فمه على مصراعيه، حتى بان ضرس العقل ، ليذكرنا ببعض مقدمات البرامج الصباحية بالقنوات التلفزيونية، وقد استقر في وجدانهن أن البرنامج الصباحي ما هو إلا فم «مفشوخ» من الضحك، فتناقش سيادتها الكوارث وهى تضحك، فات هذه المذيعة أو تلك أن الضحك ليس دائما تعبيراً عن السعادة وإشاعتها، وإنما قد يصبح تعبيراً عن البلاهة العقلية!.

كانت المناسبة التي ضحك فيها السيسي عندما وصله سؤال من القاعة، بينما هو جالس على المنصة، وهي من المرات النادرة له، فهو يجلس دائماً في القاعة، ربما لدواع أمنية، وربما لأنه يتشاءم من اسم «المنصة»، فالسادات اغتيل في «المنصة»، وحتى وإن كان وجه الشبه بين «منصته» و»منصة السادات» في الاسم فقط، فمنصة السادات اسما وليست صفة، فلم تكن مكاناً مرتفعاً، فالشاهد أنه كان في ذات المستوى مع الذين حضروا العرض العسكري!.

السؤال الذي وصل للسيسي فضحك بهستيريا كان عن الربيع العربي، وكان لسان حاله وهو في الوضع «ضاحكا»: هل لا يزال هناك ربيع عربي؟ لقد انتهى هذا الربيع بفضلي في مصر، وفضل خليفة حفتر في ليبيا!.

ضحك السيسي ساخراً من الربيع العربي، فتجاوب معه من في القاعة وضحكوا وكأنهم في عرض لمسرحية «سك على بناتك». وسأل السيسي عن من وجه إليه هذا السؤال؟ وعلى «الجزيرة مباشر» راعى الدكتور أيمن نور أن الفتى اختفى، فلم يعلن عن نفسه في هذه الأجواء المعادية للربيع العربي!.

يخفي في نفسه ما الله مبديه، فقد انتهت مرحلة التلفيق عن الجيش الذي حمى الثورة، وهي المرحلة التي صدرت فيها جريدة «الأخبار»، وبالخط العريض تؤكد أن شهادة اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات العامة في قضية مقتل المتظاهرين أدانت مبارك، وهي شهادة تقرر أن تكون سرية، ولم يكن فيها حرف مما نشر بهدف إدخال الغش والتدليس على الثوار، ولم تر المحكمة في هذا النشر مخالفة لقرارها بسرية الشهادة وبمخالفة الحقيقة، ولم ير عمر سليمان أن شهادته جرى تحريفها، ولم تحتج سلطة الحكم ممثلة في المجلس العسكري لأن في هذا مجافاة للواقع، فقد بدا أن هناك تحالفا بين كافة الأطراف، على نشر هذه الأكاذيب، وقد كنت أطلق على الأخبار في هذه المرحلة، وكان يرأس تحريرها صديق العسكر «ياسر رزق» إنها النشرة الخاصة بالمجلس العسكري!.

اللعب الآن صار على المكشوف، ومصطلح «الربيع العربي» يثير الضحك بشكل هستيري وكأنه نكتة!

المشهد الثاني

كان هذا المشهد في مساء يوم الأربعاء أيضا، حيث استضافة قناة «DMC» وزير المالية الهارب «يوسف بطرس غالي»، وقد نقل عن الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء السابق اتهامه له في اجتماع للحكومة بالعمل ضد المصالح العليا للبلاد، وفي أول تشكيل وزاري أقيل الجنزوري وبقي «بطرس غالي»، وإذا كانت مصر في السنوات الأخيرة من عهد مبارك قد عرفت ثلاثة أنواع من الوزراء، فهؤلاء الوزراء من اختيار الهانم، يقصدون «سوزان مبارك»، وهؤلاء من اختيار «جمال»، والأقلية من اختيار الأب، فإن «يوسف بطرس غالي» كان عليه إجماع في العائلة، فقد كان ينادي مبارك بـ «أونكل»!.

ولهذا فعندما قامت الثورة، هرب وزير المالية إلى لندن، وللتذكير فهو حفيد لبطرس غالي، رجل الاحتلال الانكليزي في مصر، والذي اغتاله الشاب «إبراهيم الورداني» في سنة 1910، وعندما سئل في التحقيقات عن أسباب إقدامه على ذلك؟ قال إنه قتله لأنه خائن للوطن وليس نادماً على ذلك.

لقد اتهم الحفيد في العديد من قضايا الفساد، وبلغت مجموع الأحكام التي صدرت غيابيا بسجنه 65 عاماً، لكنه عاد الآن ليستقبل استقبال الفاتحين، في القناة التلفزيونية التي يديرها السيسي والمعروفة بقناة «المخابرات»!.

وعلى ذكر قناة «DMC»، فهي محطة تلفزيونية ترسخ «قاعدة وجودية»، هي أنه ليس بالمال وحده ينجح الإعلام، فميزانية برنامج واحد في هذه القناة تكفي لإنشاء قناة ناجحة، حيث يتم الإنفاق عليها من المال السري للسلطة في مصر، وقد نشر أن ميزانية برنامج فاشل تقدمه المغنية شيرين هو 50 مليون جنيها، والديكورات الخاصة بكل برنامج تؤكد أن ميزانيتها ضخمة للغاية، وقد سخرت إمكانيات التلفزيون الرسمي لها، لكن دون نجاح يُذكر، ولم يحدث أن عثرت على أحد سواء في العالم الافتراضي أو العالم الواقعي قال إنه شاهد القناة، أو أنه أعجبه برنامج، أو أغضبته حلقة، والأخبار التي تنشر في وسائل الإعلام عنها، هى من باب الدعاية لها، ولإثارة الاهتمام بها، ويبدو أن الإدارة تقف خلفها بهدف الترويج لها.

فإذ فجأة ينشر أن خلافاً نشب بين الفنانة «أنغام» والمطربة «شيرين»، على أجر الاستضافة في برنامجها على «DMC»، والسبب أن الفنانة اكتشفت أنها حصلت على «40» ألف جنيه، في حين أن فنانة أخرى حصلت على «50» ألف جنيه، وبعد ذلك ينشر في نفس المواقع نفياً من قبل «أنغام» لخبر الخلاف، وإن كان «مصدر مقرب» من «شيرين عبد الوهاب»، قد أكد أن الأزمة بين «أنغام» و»شيرين» ليست بسبب البرنامج، لافتا (أي المصدر المقرب من شيرين) إلى أنه منذ فترة طويلة والطرفان لم يتحدثا عن تلك الأزمة في أي وسيلة إعلامية أو بين أصدقائهما، وقررا عدم فتح الخلاف مع أي شخص آخر حتى لا يتفاقم الأمر. لا تغادر أخي المسلم حتى تقول سبحان الله!.
لا يعرف المرء ما إذا كانت «أنغام» قد حلت ضيفة على «شيرين»؟ أما أنها دعت فرفضت لعدم تقديرها، وهل الخلاف على الأجر كان بعد الاستضافة أم قبلها؟ وإذا كانت «أنغام» ظهرت في برنامج «شيرين» فهل حدث هذا مع وجود الأزمة، التي لم يتحدثا عنها في أي وسيلة إعلامية أو بين أصدقائهما منذ فترة طويلة، فهل تم النشر عن الأزمة قبل هذه الفترة الطويلة من التعتيم؟ الله أعلم!
فهي أخبار مجهلة، تنقل عن مصادر مقربة، ومصادر عليمة، ومصادر مطلعة، وكأن المحرر كاتب الخبر لا يستطيع التواصل مع «أنغام» و»شيرين»، وكأنه يتعامل مع شخصيات مخابراتية.

وعموما ما دام الخبر يخص من يعملون في قناة تلفزيونية يطلق عليها «قناة المخابرات»، فيصبح من الطبيعي تجهيل مصادر الأخبار، وقبل الانقلاب العسكري فإن صحافة الثورة المضادة أشبعتنا أخبارا مفبركة منسوبة إلى «مصدر رفض ذكر اسمه»، وغالباً يُكتب «مصدر عسكري» رفض ذكر اسمه أيضاً، وهذا المصدر العسكري الذي رفض ذكر اسمه صرح بأن القيادي الاخواني خيرت الشاطر باع منطقة مثلث ماسبيرو لقطر، على أن يكون التسليم في سنة 2016، وأن هذا المصدر العسكري صرح بأن الرئيس محمد مرسي تنازل عن «حلايب وشلاتين» للسودان عندما التقى الرئيس عمر البشير في الخرطوم.. وهكذا!.

ما علينا، فمن الواضح أنه بعد فشل الدعاية المباشرة للقناة في جذب المشاهدين إليها رغم ضخامة هذه الدعاية يتم اللجوء إلى الأخبار المثيرة، على نحو كاشف عن الأزمة التي تعيشها القناة التي تقع تحت الإشراف المباشر لعبد الفتاح السيسي، وفي النهاية كان قرار تجرع السم بالاستعانة بإبراهيم عيسى بعد إجبار صاحب قناة «القاهرة والناس» على الاستغناء عن خدماته، ولأن عيسى تحول إلى نقد بعض الأوضاع القائمة، وعلى العموم فإبراهيم عيسى سريع استيعاب الدروس، يفشل في دور الثوري، فيذهب للمحكمة ليشهد لصالح مبارك، وينتقد السلطة فيرى عينها الحمراء، فيعود للهجوم على الصحابة!.

وقد يكون مفيداً هذه المرة في جذب الانتباه إلى القناة تعيسة الحظ، ومقطوعة النسب ومجهولة التمويل، وكما استولت السلطة على «حزب المصريين الأحرار» من مؤسسه وموله «نجيب ساويرس»، فهي قادرة على أن تنتزع منه «حضانة « إبراهيم عيسى، لينقذ ما يمكن إنقاذه من فشل محقق في هذه القناة، التي اعتبرت نفسها حصلت على سبق صحافي باستضافة يوسف بطرس غالي، فلم يذكر أحد أنه شاهد الحلقة رغم الدعاية المكثفة لها، وقد نسيت مشاهدتها وقرأت عنها على أحد المواقع، وكيف أن «غالي» أشاد بالسيسي الذي يقتحم المشاكل «بصدره».

عندئذ أدركت حجم الأزمة التي يعانيها عبد الفتاح السيسي فيكون اللجوء لجمع شهادات من فاقدي الثقة والاعتبار، فلا يجدون ما يقولونه لتجميل الواقع المرير إلا بتصوير السيسي بأنه «فتوة الحارة».

المشهد الثالث

لقد كان المشهد الثالث في صباح اليوم التالي، للمشهدين السابقين، ففي يوم الخميس كانت محكمة النقض تصدر حكمها ببراءة مبارك من قضية قتل المتظاهرين، لتصبح القضية الوحيدة التي أدين فيها مبارك هي قضية القصور الرئاسية التي صدر فيها حكم الإدانة، ليمثل مانعاً لجمال مبارك من الترشح للانتخابات الرئاسية، وحتى يأمن السيسي جانبه.

لقد قالها القاضي من قبل: عودوا إلى مقاعدكم، فاته أنهم عادوا بالفعل في صورة عبد الفتاح السيسي، فبحكمه قد عادت دولة مبارك كاملة العدد، حيث يضيع دم الثوار هدراً، ويسخر السيسي من الربيع العربي، ويظهر يوسف بطرس غالي في قناة «المخابرات». أرزاق!

المصدر: القدس العربي

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@