] معركة عباس ودحلان... و القضية الفلسطينية
الرئیسیة >>  عمومی >> تیتر یک
07 March 2017 - 10:59 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 2860

معركة عباس ودحلان... و القضية الفلسطينية

اشتعل الصراع مجددا داخل أقطاب حركة فتح الفلسطينية، خاصة بين الرئيس محمود عباس أبو مازن، وغريمه محمد دحلان القيادي المفصول من الحركة، وبينما نظم الأخير مؤتمرا شبابيا بالقاهرة دعا إليه العديد من مؤيديه تحت عنوان «شباب فلسطين يرسم خارطة المستقبل»، رد عليه الأول بتواصل التضييق على الفتحاويين المحسوبين على تيار دحلان، داخل الأراضي الفلسطينية، حيث تشن الأجهزة الأمنية منذ أيام حملة اعتقالات في صفوف أبناء الحركة الذين شاركوا في المؤتمر الشبابي بالقاهرة.
في الفترة الأخيرة، تدور خلافات مستمرة بين عباس ودحلان، لم تقتصر على السجال الكلامي وتراشق الاتهامات بين القيادات المؤيدة لكل منهما، بل انتقلت بقوة لساحات العمل الميداني ومواقع التواصل، فيما شهدت عدة مناسبات عراكا بين أنصارهما.
وبينما يعمل دحلان في الفترة الأخيرة على توسيع قاعدته الشعبية داخل الحركة بتحركات عدة لسحب بساط الحكم من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يعمل الأخيرعلى تحجيم دور دحلان على الساحة الفلسطينية في إطار الصراع على الزعامة بين الرجلين.
وقال أعضاء في حركة فتح إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية بدأت منذ أيام حملة اعتقالات في صفوف أبناء الحركة الذين شاركوا في مؤتمر شبابي فلسطيني نظمه القيادي المفصول محمد دحلان في القاهرة، وصرح دمتري دلياني، العضو في حركة فتح لوكالة رويترز الإخبارية، أنه حتى الآن وصل عدد المعتقلين إلى 9، وهناك آخرون تم استدعاؤهم من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية على خلفية مشاركتهم في المؤتمر الذي عقد في العاصمة المصرية، وأضاف دلياني، وهو أحد المشاركين في المؤتمر ويقيم في القدس، أن تهديدات تصله عبر الهاتف بسبب مشاركته في اللقاء، فيما اعترف مصدر أمني فلسطيني بوجود هذه الاعتقالات.
ونظم القيادي المفصول من فتح محمد دحلان في 15 فبراير ملتقى تحت عنوان "شباب فلسطين يرسم خارطة المستقبل”، في العاصمة المصرية القاهرة، وبحضور أكثر من 500 شاب ينتمي إلى الحركة، حيث تم تدارس أوضاع الشباب داخل الأراضي الفلسطينية، وكيفية مشاركتهم في صنع القرار، في محاولة لاستقطاب شباب الحركة لدحلان في المرحلة المقبلة.
ويقول أحد أنصار دحلان إنه كان هناك العديد من الرسائل التي أرادت جبهة دحلان أن ترسلها خلال هذا المؤتمر، أولها، التأكيد على وجود تيار إصلاحي داخل حركة فتح، معتبرًا عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر، الذي قدم من قطاع غزة إبراهيم عرفات، إن هذا المؤتمر خطوة أولى وتأسيسيّة لما هو قادم لاستقطاب الجميع داخل الحركة من خلال مؤتمرات فئويّة للمرأة والعمّال، مؤكدًا: «أننا الآن في صدد ترتيب الأهداف والاستراتيجيّات والرؤى لهذه المؤتمرات».
ويعمل الرئيس الفلسطيني محمود عباس على تحجيم دور دحلان على الساحة، ورغم محاولات الرباعية العربية (مصر والأردن والسعودية والإمارات) حل الأزمة بينهما والضغط على عباس لإجراء مصالحة بينه وبين دحلان العام الماضي، إلا أن أبومازن رفضها وتمسك بوصف معارضينه بأنهم انفصاليون ويريدون تشويه صورة الحركة.
أسباب الخلافات 
ويعود خلاف أبو مازن ودحلان لسنوات رغم متانة العلاقة السابقة بينهما لفترة طويلة، وقررت مركزية فتح التي يتزعمها عباس في يونيو 2011 فصل دحلان من عضويتها وتحويله إلى النائب العام بتهمة "الفساد المالي وقضايا قتل”، وجاء قرار الفصل بعد تشكيل لجنة من أعضاء اللجنة المركزية للتحقيق مع دحلان فيما يخص قضايا جنائية ومالية منسوبة إليه، الأمر الذي أطلق على إثرة دحلان تصريحات تضمنت هجومًا غير مسبوق ضد عباس وأبنائه.
هذا وكشفت مصادر مطلعة النقاب عن السبب الحقيقي وراء الخلاف الذي بدأت هوته تتصاعد في الآونة الأخيرة بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد دحلان. وأوضحت هذه المصادر لـ"أخبار فلسطين" أن دحلان كان يخطط لانقلاب أبيض على عباس، مبينةً أن أعضاءً في اللجنة المركزية لـ"فتح" قد تحالفوا معه لتحقيق هذا الهدف الذي تكشفت خيوطه لأبي مازن بعد أن قطع فيه شوطٌ كبير. وقالت المصادر ذاتها:"إن من أبرز من تحالفوا مع دحلان لتنفيذ مخطط الإطاحة بعباس هم عضوا اللجنة المركزية لـ"فتح" ناصر القدوة وتوفيق الطيراوي". ولفتت المصادر عينها النظر إلى أن دحلان وجه رسائل لواشنطن و"تل أبيب" أشار فيها إلى أن عباس أصبح شخصاً ضعيفاً، وأن بإمكانه (دحلان) خلافة رئيس السلطة والاستمرار بعملية التسوية بل واتخاذ قرارات شجاعة تتعلق بمستقبل العملية السياسية والمفاوضات.
وبحسب المصادر فإن الرسائل التي بعث بها دحلان إلى واشنطن وتل أبيب أشارت إلى أن من بين الأسباب التي دفعت عباس إلى التراجع والتردد في المفاوضات هو خشيته من الضغط الشعبي والإعلامي من قبل قوى المعارضة الفلسطينية التي بدأ عباس يحسب لها حساباً.
وتحدثت المصادر عن إجراء دحلان اجتماعات مع عددٍ من قادة الأجهزة الأمنية في الضفة المحتلة – من المحسوبين عليه- حيث بدأ يتحرك معهم على أساس أن تكون جاهزةً في اللحظة المطلوبة للتمرد على أبو مازن وحكومة فياض وتلتزم بأوامره شخصياً.
ولم يكتف عباس بما سبق بل قام بتقليص حجم الحماية والحراسات الأمنية حول محمد دحلان، بالإضافة لتوجيهه تعليمات لوزارة الداخلية بإصدار قرار يتم بموجبه إغلاق مكتب فضائية "فلسطين الغد" برام الله التي أسسها محمد دحلان.
كما بدأ عباس سلسلة تنقلات داخل قيادات الأجهزة الأمنية جرى بموجبها نقل وإقالة عدد من ضباط الأجهزة الأمنية المحسوبين على دحلان.
الدور المصری 
قال يوني بن مناحيم, الخبير الإسرائيلي في الشئون العربية, إن مصر ترتبط بعلاقات وثيقة مع القيادي المفصول من حركة فتح الفلسطينية محمد دحلان، وتعتبره مفيدا لمصالحها الأمنية, ولذا دخلت بقوة على خط الصراع بينه وبين الرئيس محمود عباس, حسب زعمه.
وأضاف بن مناحيم, الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان” في مقال له بموقع "المعهد الأورشليمي” العبري في مطلع مارس, أن مصر تحاول الضغط على عباس وإجباره على الرحيل من خلال اتخاذ جملة خطوات لزعزعة استقرار سلطته وفرض دحلان عليه, على حد ادعائه.
وتابع "يجب عدم الاستهانة بالدور الذي تلعبه مصر في هذا الصدد, لأن القاهرة تقرأ جيدا الصورة الصعبة, التي يحياها عباس، لا سيما عقب وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض, الذي أعلن تأييدا غير محدود لإسرائيل, والتقى رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض, بينما لم تتم دعوة عباس للقاء الرئيس الأمريكي حتى الآن".
وخلص بن مناحيم إلى القول :”إن دحلان يسعى بقوة لتنصيب نفسه رئيسا قادما للسلطة الفلسطينية, ويلقى دعما قويا من مصر وعدد من الدول العربية والغربية, التي أصبحت تتعامل مع عباس على أنه حصان خاسر".
وكانت صحيفة "هآرتس” الإسرائيلية، قالت أيضا إن العلاقات بين مصر والسلطة الفلسطينية تشهد توترا غير مسبوق, بسبب القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان, الذي تدعمه القاهرة بقوة, حسب زعمها.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 28 فبراير, أن منع أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب من دخول مصر, هو أحدث دليل على هذا التوتر, إلا أن الأزمة بينهما تجلت بوضوح أواخر العام الماضي.
وتابعت ” في ديسمبر الماضي, سحبت مصر فجأة مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدين الاستيطان, وهو ما أثار حينها الدهشة في رام الله ".
وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل أيام من واقعة ترحيل الرجوب من مطار القاهرة الدولي, نظم دحلان مؤتمرا بالقاهرة لمؤيديه, حسب ادعائها.
وخلصت "هآرتس” إلى القول :”إن رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس التصالح مع محمد دحلان, هو سبب الأزمة المتفاقمة بين مصر والسلطة الفلسطينية".
وكان الخبير الإسرائيلي في الشئون العربية يوني بن مناحيم, قال أيضا في مقال له بموقع "المعهد الأورشليمي” العبري في 28 فبراير, إن مصر وجهت ضربة قاسية للسلطة الفلسطينية, تمثلت في منع الرجل الثالث في حركة فتح وأمين سر لجنتها المركزية جبريل الرجوب من دخول أراضيها.
وتابع "ترحيل الرجوب من مطار القاهرة الدولي هو تعبير واضح عن غضب النظام المصري من عباس, ورسالة قوية له مفادها أن الدعم المصري لدحلان ما زال على حاله".
وأشار بن مناحيم إلى أن هناك سببا آخر لغضب القاهرة من الرجوب تحديدا, وهو أنه أعلن أكثر من مرة معارضته لمبادرة رباعية من قبل مصر والأردن والسعودية والإمارات لإجراء مصالحة فتحاوية داخلية وإعادة دحلان لصفوف الحركة, على حد ادعائه.
واستطرد ” الرجوب معروف عنه عدائه الشديد لدحلان, كما أنه يرى في نفسه وريثا محتملا لعباس".
وخلص الخبير الإسرائيلي إلى القول :” إن أوساط السلطة الفلسطينية تتهم دحلان بالتحضير لانقلاب ضد عباس, بدعم من مصر والإمارات", حسب زعمه.
وكانت السلطات المصرية منعت مساء الأحد 26 فبراير أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح” الفلسطينية جبريل الرجوب، من دخول الأراضي المصرية عبر مطار القاهرة الدولي.
تحرك عربي
موقع فلسطيني كشف في الأيام القليلة الماضية النقاب عن تحرك مصري أردني سعودي إماراتي تجاه حل القضايا العالقة في الداخل الفلسطيني خاصة داخل حركة فتح، ونقل الموقع عن مصدر عربي رفيع المستوى أن اجتماعات مكثفة عقدت في الآونة الأخيرة للدول صاحبة خارطة الطريق وهي مصر، الأردن، الإمارات، والمملكة العربية السعودية، مؤكدة أن عقد الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في الثامن من أكتوبر المقبل ستسبقها مصالحة فتحاوية داخلية تجمع اللجنة المركزية للحركة مع العضو المفصول منها محمد دحلان، مشيرا لموافقة الأخير على اتمام المصالحة المذكورة دون عودته إلى عضوية اللجنة، مع توقعات بعودة عضويته في فتح، ويشير الموقع في تسريباته إلى أن كل من تضرر من العلاقات المتوترة بين عباس ودحلان منذ خمسة أعوام ستتم إعادته إلى حركة فتح، وكل من تم تصنيفه من المتجنحين أو تم قطع راتبه ستتم إعادته.
هذه التسريبات حللتها تقارير فلسطينية أخرى بأنها تدخل في إطار ضغوط عربية على الرئيس الفلسطيني لإجراء مصالحة مع دحلان، تقضي بعودته إلى حركة فتح ومشاركته في السياسية الفلسطينية المستقبلية للسلطة، وهو الأمر الذي أغضب عباس كثيرًا بالرغم من أنه لم يصدر تعليقًا صريحًا بهذا الشأن وخرجت اللجنة المركزية للحركة ببيان ترحب فيه بالتلاحم الفتحاوي على مستوى القاعدة، ولحقه بيان مصري أردني مشترك على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي، وملك الأردن الملك عبدالله، يرحبان فيه ببيان المركزية المذكور وبالمصالحة الفتحاوية الداخلية.
ولكن ما أظهر الغضب الرئاسي الفلسطيني بشكل واسع تجاه الإجراءات المصرية العربية الأخيرة والمتعلقة بالمصالحة هو خطاب أبو مازن الساخن والذي حذر  فيه من أسماهم "المستهينون باستقلالية القرار الفلسطيني” من مغبة التدخل في القرار الفلسطيني، والتلاعب بحق تقرير المصير، وقال "على كل من له خيوط من هنا وهناك الأفضل له أن يقطعها، وإذا لم يقطعها نحن سنقطعها، فلا أحد يملي علينا موقفا.. لنتكلم كفلسطينيين وكفى الامتدادات من هنا وهناك”.
وتابع "علاقتنا مع الجميع يجب أن تكون طيبة وجيدة لكن لا أحد يملي علينا موقفا أو رأيا، نحن أصحاب القرار ونحن الذين نقرر ونحن الذين ننفذ ولا يوجد لأحد سلطة علينا”، الرئيس عباس لم يذكر العواصم، وإذا كانت عربية أم غير عربية، لكنه بدا غاضبا ما يدل على أن هناك أزمة حقيقية، وأن جهات تحاول الضغط عليه في أمر هو يرفضه، لكن تزامن خطابه ولغته الغاضبة مع الإعلان عن تشكيل رباعية عربية واجتماعها فعلا قبل أيام مع عدد من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، كان واضحًا أنها جاءت على خلفية  إثارة فكرة إعادة طرح موضوع عضو المجلس التشريعي محمد دحلان، وقبول اللجنة المركزية دراسة طلبات بعض المفصولين من الحركة في السنوات الماضية وهو ما أشارت له بعض الصحف الفلسطينية وفي المقدمة منها صحيفة "القدس العربية” التي أكدت في أحد التقارير لها أن هناك ضغوطا عربية تقودها مصر والأردن والسعودية والإمارات لإعادة دحلان ولا استجابة من الرئيس عباس وفتح.
أبو مازن، وبعيدًا عن خلافاته الجديدة مع القيادة العربية بشأن مشاركة دحلان ومستقبل حركة فتح، بدا واضحًا في الفترة الأخيرة أنه يتجاهل التغيير، فبعد إقالة أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، كان واضحًا أنه يرفض تعيين نائب له، الأمر الذي يأتـي عكس رغبة الكثيرين من الفلسطينين والعرب، خاصة وعمره يتعدى الثمانين عامًا، وهو أمر يتضح في خطابه الأخير الذي يشير بوضوح فيه إلى أن هناك إملاءات عليه من الخارج وهو يرفضها.
لا اختلاف على الفكرة العامة بين القيادة العربية والسلطة الفلسطينية برئاسة عباس أبو مازن حول تحريك كافة الجهود لبدء مفاوضات سلام مباشرة بين السلطة الفلسطية والكيان الصهيوني وفقًا لأي مبادرات إذا كانت عربية أو فرنسية أو أمريكية أو روسية، ولكن الخلافات هنا ظهرت عندما تعلق الأمر بوضع داخلي في حركة فتح، حيث لاحظ أبو مازن أن هذه المفاوضات ستسبقتها محاولات لفرض مصالحة هو يراها بعيدة كل البعد عن طموحاته المستقبلية حتى إذا كانت بنصيحة عربية، فالحديث عن خلافات بين عباس ودحلان لا يدور حول صراع شخصي إنما أزمة عميقة بين الرجل المفصول وجميع القيادات بحركة فتح، كما يقول عباس في أحد تصريحاته السابقة.
من جهة‌ أخری أثارت صحف خلیجیة تخوف أبو مازن وأعطته مؤشرا بأن هناك رغبة عربية في إبعاده عن المشهد الفلسطيني في المرحلة المقبلة، فعندما تكتب صحيفة "الخليج أون لاين” العربية، تقريرا عنوانه "دحلان يعود لـ”فتح” في خطوة أولى.. والرئاسة خطوة ثانية” وأن الأمر يتعدى كونه مصالحة بين الفرقاء، فإن هذا الأمر يمثل صدمة لعباس، وهو ما ظهر في خطابه الأخير وتصريحاته الغاضبة.
من ناحية أخرى، فالتحليلات الإسرائئلية المتابعة لهذا الخلاف الفلسطيني العربي كانت مؤيدة لنفس الإطار المتخوف منه عباس، وقال المحلل الإسرائيلي للشؤون العربية يوني بن مناحيم، في مقال على موقع "نيوز1” العبري، إن مصر والأردن والسعودية والإمارات يواصلون الضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس للتصالح مع غريمه محمد دحلان، القيادي المفصول من حركة فتح، وإنه على الرغم من أن هناك تبريرا رسميا لتلك الضغوط وهو تحقيق الوحدة في صفوف فتح لإحباط إمكانية فوز حركة حماس في الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في 8 أكتوبر، لكن الحقيقة تتجاوز هذه المسألة، فتلك الدول معنية بأن تؤدي المصالحة إلى إحلال دحلان كخليفة لعباس في منصب الرئاسة، لاسيما وسط توقعات بمغادرة الأخير الساحة السياسية في القريب.
الخاسر الأكبر
وحول تأثيرات هذا الخلاف على القضية الفلسطينية بشكل عام، قال أستاذ العلوم السياسية عبد الستار قاسم: "القضية الفلسطينية هي المتضرر الأكبر بالفعل، وقد أساء الرجلان للنضال الفلسطيني من أجل مصالحهما الشخصية".
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية عمر جعارة، فلفت إلى تأثير سلبي للخلاف على القضية الفلسطينية بشكل عام، وقال: "لقد رأيت الرئيس الأمريكي باراك أوباما حين استقبل عباس قبل أيام بأمريكا، استقبله عابس الوجه، وهذا بالتأكيد وراءه ما وراءه".
وفصّل قائلا: "أمريكا تريد من عباس أن يعترف أن الأرض الفلسطينية ملك لليهود، ولم نجد من قبل مفاوضات خطيرة بهذه الخطورة، لكن الخلاف مع دحلان أضعف عباس، حين وقف أمام أوباما، كان دحلان وكأنه حاضرا، وأمريكا وكل نظام في الدنيا يمتلك خلايا نائمة وبدائل، ولسان حالها يا بتمشِّي يا بتمشِي".
وبدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة في تصريحات لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام": إنّ "هذا الصراع الواضح على السلطة بين الطرفين بات مكشوفًا وواضحًا، وهذا سيلعب دورًا سلبيًا على القضية الفلسطينية وسيسهم في تصفيتها".
موقف حماس
وبنظر أبو شمالة، فإن حماس في وضع حرج إزاء ما يحدث من انقسامات في صفوف فتح، فهي غير قادرة على وضع يدها بيد دحلان، وغير قادرة على الالتقاء بعباس.
لكنه قال: "لا يفترض على حماس أن تصافح أيا من الطرفين في ظل هذا الانقسام بينهما، فهي تحتاج إلى طرف فلسطيني قوي لتحقق المصالحة الفلسطينية".
أما حماس، فقد أكد نائب رئيس مكتبها السياسي موسى أبو مرزوق، أن الخلاف الفتحاوي الداخلي يضر بالقضية الفلسطينية، مشددا على أن حركته تنأى بنفسها عن تلك الخلافات، واصفا إياها بالمهاترات.
وقال أبو مرزوق في تصريح له على صفحته على "فيسبوك" قبل أيام: "حماس تنأى بنفسها عن هذه المهاترات وإن كانت حماس قاسم مشترك في نقد كلا الطرفين لها، رغم أن كلا الطرفين يؤكدان اليوم من خلال حديثهما مقولات حماس عنهما في استهداف قادتها والمؤامرة التي أدت إلى الانقسام".
إسرائيل تستفيد
ويبدو أن الكيان الصهيوني يحاول بكل ما أوتي من قوة الدخول على الخط والاستفادة من هذا الخلاف. حيث ذكرت صحيفة معاريف الصهيونية مؤخرا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أوفد مستشاره الخاص للشؤون السياسية المحامي يتسحاق مولخو للقاء دحلان في الإمارات. وبحسب الصحيفة، فإن عدة لقاءات ربما أجراها مولخو مع دحلان في الإمارات، وذلك في إطار تقديرات لدى القيادة الصهيونية بأن الرئيس الفلسطيني لن يكون "قادرا" على توقيع اتفاق حل نهائي مع الكيان. وذكرت الصحيفة أن القيادة الصهيونية تعتقد بأن دحلان يصلح شريكا للسلام معها، مشيرة إلى أنه سبق له أن أبرق إلى الإدارة الأميركية يبلغها بأنه قادر على تحقيق السلام.
وبينما تشتعل الحرب الإعلامية والميدانية بين الرجلين، يبقى الشعب الفلسطيني مترقبًا لما قد تكشف عنه الأيام القادمة، فيما يعتقد أنه سيشكل على أي الأحوال إساءة إلى سمعة القضية الفلسطينية في العالم.

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@