] الاعتداء الأمريكي على سوريا.. الاسباب و الانعکاسات و التداعیات
الرئیسیة >>  عمومی >> تیتر یک
08 April 2017 - 16:13 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 2933

الاعتداء الأمريكي على سوريا.. الاسباب و الانعکاسات و التداعیات

الإدارة الأمريكية كعادتها بحثت مرارًا عن مزاعم واهية لحشر أنفها في الأراضي السورية، وقد نجحت في هذا على مدار الست سنوات من عمر الأزمة السورية، لكن ظل التدخل الأمريكي في سوريا على استحياء لعدم وجود ما يبرره سوى محاربة داعش أو تأمين المدنيين السوريين، وهي المزاعم التي لم ترتقي لأن تكون قوية وتبرر تدخل عسكري واضح وقوي، حتى جاءت واقعة “خان شيخون” لتجد فيها واشنطن ضالتها، فتستبق الأحداث والتحقيقات وتشن هجومًا كارثيًا مدمرًا على الأراضي السورية، حيث انطلقت المقاتلات الأمريكية عند الساعة 3.42 فجر اليوم الجمعه، لتشن هجومًا سافرًا على قاعدة الشعيرات العسكرية في مدينة حمص وسط سوريا، وتُطلق 59 صاروخًا من طراز توماهوك من مدمرتين للبحرية الأمريكية، لتُسقط 5 قتلي و7 جرحى في الحصيلة الأولية للعدوان الأمريكي.
شنت الولايات المتحدة الأمريكية یوم الجمعه  هجومًا عدوانيًا على سوريا من خلال بوارجها المتواجدة في البحر المتوسط، وأشارت المعلومات أن الهجوم تم بواسطة إطلاق عشرات الصواريخ من طراز توما هوك على المنطقة الوسطى في سوريا، وتحديدًا على قاعدة عسكرية تابعة للجيش السوري في حمص وهي مطار الشعيرات. وقال البنتاجون "أن 59 صاروخًا استهدفت طائرات ومخازن ومواد لوجستية وذخيرة وأنظمة دفاع جوي”.
الاستهداف الأمريكي لأنظمة الدفاع الجوية السورية لا يملك فصله عن الرغبات الصهيونية، فوزير الحرب الصهيوني، أفيجدور ليبرمان، كان قد قال قبل أيام وبلهجة وقحة "سندمر الدفاعات الجوية السورية إذا كررت استهداف طائرات إسرائيل التي تخترق المجال الجوي السوري”.
في البداية لا يختلف شكل العدوان الأمريكي على سوريا عنه في العراق، فالغزو الأمريكي للعراق 2003 تم تحت أكذوبة أن بغداد تمتلك أسلحة دمار شامل وهي الذريعة التي اتخذتها بريطانيا أيضًا لتبرر مشاركتها الحرب مع واشنطن، العدوان وقتها Hزهق أرواح ملايين العراقيين، وشرد الملايين، وولد الآلاف من الأطفال العراقيين المشوهين جراء استعمال قوات العدوان الاميركي البريطاني في سلاح اليورانيوم المنضد ضد أبناء الشعب العراقي، وقد ترأس حملة الافتراءات الرئيس الأميركي، جورج بوش الابن، وظاهره فيها رئيس وزراء بريطانيا وقتذاك توني بلير، وبعد 13 سنة من العدوان الأمريكي البريطاني كشف تقرير بريطاني تحت اسم "تشيلكوت” نُشر العام الماضي، بأن لا أسلحة دمار شامل امتلكها الرئيس العراقي، صدام حسين، وحتى بعد الحقائق التي نشرها هذا التقرير لم توجه أي مساءلة قانونية لبلير.
الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، لا يختلف عن سلفه الجمهوري بوش، فترامب شن عدوانه على سوريا تحت حجة استخدام النظام السوري للسلاح الكيمياوي في منطقة خان شيخون من دون أن ينتظر التحقيقات الأممية والدولية والتي من المفترض أن تحدد الجهة المسؤولة عن هذا الهجوم الشنيع.
من الواضح أن الآلية العسكرية التي استخدمتها واشنطن لشن عدوانها على سوريا تعطي بعد الدلالات على أن الضربة ذات طابع استعراضي وقد لا تتطور إلى حرب انتشار، فالضربة تمت من البحر ولم تنفذ من خلال طائرات أمريكية هي متواجدة بالفعل على الأراضي السورية وفي قواعد عسكرية أمريكية موجودة في دير الزور والحسكة والرقة، وهو الأمر الذي قد يعطي مؤشرات بأن ترامب لا يريد توسيع عدوانه على سوريا، ولا يريد أن يصطدم بالدفاعات الجوية السورية والروسية، فاحتمال إسقاط أي طائرة أمريكية قد يعقد المشهد العسكري وهو ما لا يريده ترامب على ما يبدو.
كما أن استهدف حمص هو مؤشر أخر على أن ترامب لا ينوي التصعيد مع حكومة الأسد المتواجدة في دمشق.
العملية العسكرية الأمريكية تمت من خلال البحر، وبالتالي هناك رسائل أمريكية موجهة لموسكو ودمشق أن لا إنزال عسكري أمريكي بري في مناطق سيطرة النظام، الأمر الذي قد يقصر هذا العدوان على هذه الضربة المحدودة المرتبطة بنقاط معينة.
فشل السياسة الأمريكية في سوريا
في بداية استلام ترامب للحكم تعرض لموجات شديدة من الاحتجاجات، كونه لا يملك أي خبرة سياسية وعسكرية تأهله لاعتلاء أعلى منصب في الولايات المتحدة، ويبدو ان ترامب أراد أن يثبت للأمريكيين أنه ليس القائد الضعيف والذي أتى من خارج السياق من خلال هذا العدوان.
العدوان الأمريكي على سوريا له مقدمات، هذه المقدمات بدأت في آستانة 2، فتركيا والمجموعات المسلحة ذهبت إلى آستانة 1 نتيجة خسارتهم الحرب في حلب، بعدها وصل ترامب إلى سدة الحكم، وبدأ بتجميع أوراق الملف السوري، عند الوصول إلى آستانة 2 رأينا تركيا والمجموعات السورية المسلحة التي تدعمها، لم يحضروا الاجتماعات في إعلان مباشر لموت الهدنة، هذا الأمر كان مقدمة لما حصل بعد ذلك، حيث بدأت عملية عسكرية للفصائل المسلحة في درعا وفشلت هذه العملية، بعدها قامت المعارضة السورية بعملية عسكرية في جوبر وفشلت هذه العملية في تحقيق أي انجاز، بالتوازي مع هذه العمليات حصلت العملية الإرهابية في شمال حماة وفشلت أيضًا في تحقيق أي انجاز، ويبدو أنه لو كانت نجحت إحدى هذه العمليات لما اضطر الأمريكي لدخول إلى المعركة بشكل مباشر وتغير سياسته من الوكيل إلى الأصيل، فالمؤسسات الأمريكية عندما فشلت قواتها ومجموعاتها الإرهابية وأدواتها الإقليمية والدولية في تحقيق إنجاز عسكري كانت تخطط لتدخلات عسكرية في سوريا من خلال الرقة ودير الزور وقد لا يبتعد عدوان اليوم عن هذا المخطط.
ما هو الهدف الرئيسي من العدوان؟
إذا كان هدف الضربة الأمريكية في سوريا تغيير النظام السوري، فهذا لن يتحقق من ضربات صاروخية من عرض البحر مهما كانت قوتها، وإذا كان الهدف هو إعطاء إنذار للحكومة السورية بعدم استعمال السلاح الكيماوي، فإنه هذا الإنذار محدود، لأن هناك مؤشرات قوية تشير إلى أن النظام السوري ونظرًا لتقدماته الميدانية على الأرض السورية ليس بحاجة لاستخدام مثل هذه الأسلحة.
إن ما حصل اليوم يثبت أن المراهنين على تغير في السياسة الأمريكية تجاه الأزمة السورية، هم مراهنين على السراب، فالسياسية الأمريكية لا يصنعها الرؤساء أن المؤسسات الأمريكية، كما أن هناك لوبيات أخرى تؤثر في القرار الأمريكي والصهيونية هي أحد أهم هذه المؤثرات، حتى اللوبي السعودي الذي بدأ يتشكل بقوة في واشنطن له دور كبير في الضغط على واشنطن لتبني سياسة عسكرية ضد دمشق، خاصة بعد اجتماع ولي ولي العهد، محمد بن سلمان، منذ عدة أيام مع ترامب، وبكل تأكيد فإن ترامب يريد حلب البقرة السعودية حتى يجفف ضرعها والحصول على ما تبقى من أموال، وللحصول على هذه الأموال يجب أن يكون هناك ثمن شكلي يدفعه ترامب كضربة ترامب اليوم لسوريا، وفي المقلب الأوروبي واشنطن تريد أن تهيمن على القرار الأوروبي وهذا واضح من خلال تصريحات تجاه الدول الأوروبية وحلف الناتو، ولتثبت الولايات المتحدة أنها جديرة بالقيادة يجب أن يكون هناك عمل عسكري كالذي حصل اليوم على سوريا.
السيناريو العراقي يتكرر
سيناريوهات متكررة ومزاعم وهمية ومواقف لاتزال متخاذلة لم تتغير على مر العصور والعهود وتبدل الرؤساء والملوك، فالمسرحية الأمريكية التي تم تمثيلها في العراق منذ ما يقرب 14 عام، وأدت إلى دمار الدولة وإضعاف مؤسساتها بمزاعم وجود أسلحة دمار شامل، يتم الأن تأليفها من جديد وتوزيع الأدوار فيها بإخراج أمريكي أيضًا، لكن هذه المرة بمزاعم الأسلحة الكيميائية، فما أشبه الليلة بالبارحة.
الحملة الإعلامية والسياسية الغربية والأوربية التي تم شنها على النظام السوري عقب وقوع حادث مدينة "خان شيخون”، تذكرنا تمامًا بالحملة التي تم شنها على النظام العراقي قبل الغزو العراقي عام 2003، فالسيناريو الأمريكي الذي خططت له الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأسبق، جورج بوش، للتدخل في العراق وإسقاط، صدام حسين، بذريعة وجود أسلحة دمار شامل، هو نفسه الذي تم خلال الأيام الماضية في سوريا، ولاكتشاف تطابق السيناريوهين الأمريكيين يجب أولًا تفنيد مزاعم أمريكا لغزو العراق.
كانت المبررات الأمريكية حينها تنصب في أن النظام العراقي يملك أسلحة دمار شامل، تشكل خطرًا على الشعب الأمريكي ثم على الشعوب المجاورة للعراق، كما أن الرئيس "صدام حسين” يملك علاقات مع تنظيم القاعدة ومنظمات إرهابية، وهي المزاعم التي انطلقت على أساسها قوات الائتلاف بقيادة أمريكا ومساندة بريطانيا، وقد أطلقت عليه اسم "ائتلاف الراغبين”، وقد تسببت هذه الحرب في أكبر خسائر بشرية في المدنيين في تاريخ العراق وتاريخ الجيش الأمريكي منذ عدة عقود، وأنتهت الحرب رسميا في 15 ديسمبر عام 2011 بإنزال العلم الأمريكي في بغداد وخروج أخر جندي أمريكي من العراق.
 فيما بعد أثبتت التقارير والتحقيقات أن المزاعم التي أطلقتها أمريكا لتبرير حربها على العراق، ما هي إلا مزاعم واهية أثبتت عدم صحتها نهائيًا، فبعد سقوط بغداد قام الرئيس الأمريكي حينها بإرسال فريق تفتيش برئاسة "ديفيد كي” الذي كتب تقريرًا سلمه إلى "بوش” في أكتوبر عام 2003،ونص التقرير على أن فريق التفتيش لم يعثر على أي أثر لأسلحة دمار شامل عراقية، وأضاف في استجواب أمام مجلس الشيوخ الأمريكي: "بتصوري نحن جعلنا الوضع في العراق، أخطر مما كان عليه قبل الحرب”، ليخرج بعد ذلك رئيس الوزراء البريطاني ويعتذر عن دخول حرب "بمعلومات استخباراتية غير دقيقه”، في محاولة لمحو سطور الدم التي سطرها في تاريخ بريطانيا.
وسط التحقيقات والاجتماعات والمؤتمرات وتبادل الاتهامات وتضارب التصريحات بشأن مجزرة بلدة خان شيخون باستخدام الأسلحة الكيميائية، وفي الوقت الذي لم تكاد تخرج فيه نتائج تحقيقات نزيهة، بل لم يتم التأكد من مصدر هذه الأسلحة الكيميائية، ومع نفي النظام السوري قطعيًا استخدام هذه الأسلحة أو وجود مخزون كيميائي لديه، وتأكيد روسيا على أن هذه الغازات ناتجة عن انفجار مخزن للأسلحة الكيماوية تابع لجبهة النصرة في خان شيخون، وتأكيد منظمة الحظر الكيمياوي صحة البيانات السورية، حول إدخال الإرهابيين مواد كيماوية إلى سوريا من العراق، وتأكيد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والوكالات المتخصصة في الأمم المتحدة على حقيقة تدمير القوات المسلحة السورية لجميع مخزوناتها من الأسلحة الكيميائية، خرج الرئيس الأمريكي منفردًا ليقطع الطريق على كل هذه التصريحات والتأكيدات، ويستبق التحقيقات ليعلن أن قواعد النظام السوري هي التي شنت الهجوم الكيمائي على منطقة خان شيخون السورية، دون تقديم أي دلائل أو تفنيد لهذه المزاعم.
الإدارة الأمريكية كعادتها بحثت مرارًا عن مزاعم واهية لحشر أنفها في الأراضي السورية، وقد نجحت في هذا على مدار الست سنوات من عمر الأزمة السورية، لكن ظل التدخل الأمريكي في سوريا على استحياء لعدم وجود ما يبرره سوى محاربة داعش أو تأمين المدنيين السوريين، وهي المزاعم التي لم ترتقي لأن تكون قوية وتبرر تدخل عسكري واضح وقوي، حتى جاءت واقعة "خان شيخون” لتجد فيها واشنطن ضالتها، فتستبق الأحداث والتحقيقات وتشن هجومًا كارثيًا مدمرًا على الأراضي السورية، حيث انطلقت المقاتلات الأمريكية عند الساعة 3.42 فجر اليوم الجمعه، لتشن هجومًا سافرًا على قاعدة الشعيرات العسكرية في مدينة حمص وسط سوريا، وتُطلق 59 صاروخًا من طراز توماهوك من مدمرتين للبحرية الأمريكية، لتُسقط 5 قتلي و7 جرحى في الحصيلة الأولية للعدوان الأمريكي.
العدوان الأمريكي، بعيدًا عن أنه يبعث برسائل خاطئة للمجموعات الإرهابية تجعلها تتمادى في استخدام السلاح الكيماوي مستقبلًا كلما تعرضت لخسائر كبيرة في ميدان المعركة، فإنه أيضًا يُدخل الأزمة السورية في مرحلة مواجهات جديدة قد تتدخل بموجبها روسيا وإيران على خط المواجهة مع أمريكا، الأمر الذي قد يُصعد الحرب مستقبليًا، إلى جانب ذلك فإنه يثبت مجددًا أن "أمريكا جورج بوش” لا تخلف كثيرًا عن "أمريكا أوباما أو ترامب”، فالسياسة الأمريكية على مختلف العهود والرؤساء أثبتت تناقضها الشديد وريائها، فالرئيس "ترامب” حينما كان مرشحًا للرئاسة أكد أنه لا يسعى إلى مزيد من المغامرات الخارجية، وانتقد مرارًا سياسة سلفة "أوباما” المتورطة في ليبيا واليمن وسوريا والعراق، وشدد على أنه سيركز على "أمريكا أولًا”، قائلًا: "نحن نريد ان ننكفئ على الداخل ولا نريد مغامرات ولا نسعى إلى إسقاط حكومات، ولا نريد ان نزج بجيوشنا بحروب خارجية لا جدوى منها”، لكن الأحاديث شيئًا والأفعال شيئًا أخر، فبمجرد دخول "ترامب” إلى البيت الأبيض سارع إلى زيادة ميزانية القوات العسكرية إلى 500 مليار دولار، وانغمس بشكل أكبر في الحرب على اليمن لتليها سوريا.
ردود الفعل عربية وإسلامية
اختارت بعض الدول العربية والإسلامية الدخول مع إسرائيل في خندق المباركة، فعقب خروج المقاتلات الأمريكية لتنفيذ عدوانها على سوريا، انطلق التهليل الصهيوني مرحبًا بالخطوة الأمريكية، حيث عانت إسرائيل كثيرًا من تقدمات الجيش السوري الأخيرة بمساندة القوات الروسية ودعم من القوات الإيرانية في مواجهة الجماعات الإرهابية المسلحة هناك، فالاحتلال الصهيوني الذي حاول مرارًا تغيير قواعد اللعبة على الأرض وقلب ميزان القوى العسكرية لصالح الجماعات المسلحة المدعومة منه والتي كانت تتلقى الدعم المالي واللوجستي والعلاج على أراضيه، وجد ضالته في الضربات الأمريكية التي نفذها صديقة الوفي "دونالد ترامب”، حيث أشادت إسرائيل بالغارات فيما أكد الجيش الإسرائيلي إنه تم إعلامه مسبقًا بقرار الغارات، وأبدى دعمه لقرار شنها.
من جانبه قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو: بالأقوال وبالأفعال بعث الرئيس ترامب رسالة قوية وواضحة مفادها أن استخدام الأسلحة الكيميائية وترويجها لا يحتملان، وأضاف أن إسرائيل تدعم قرار الرئيس ترامب دعمًا كاملًا، وتأمل أن هذه الرسالة الحازمة حيال الممارسات الفظيعة التي قام بها نظام الأسد، ستدوي ليس فقط في دمشق بل في طهران وبيونغيانغ وفي أماكن أخرى أيضًا، فيما قال الرئيس الإسرائيلي، رؤوبين ريفلين، إنه في مواجهة الاستخدام الرهيب للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين الأبرياء، فإن الخطوات العسكرية الواضحة والحازمة للإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس ترامب تشكل استجابة ملائمة لهذه الوحشية التي لا يمكن تصورها.
على غرار الترحيب والإشادة الصهيونية، جاء التأييد السعودي ليكون الأول عربيًا الداعم للغزو الأمريكية لسوريا، حيث ووصف مسؤولًا في وزارة الخارجية السعودية، قرار ترامب بالـ”شجاع”، موضحًا أن القصف جاء ردًا على جرائم هذا النظام تجاه شعبه في ظل تقاعس المجتمع الدولي عن إيقافه عند حده.
لم يختلف الموقف التركي كثيرًا عن حلفاءه من الصهاينة وأل سعود، حيث خرج الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي سبق أن حث نظيره الأمريكي على التحرك ضد سوريا، قبل ساعات من انطلاق المقاتلات الأمريكية قائلًا: "لقد قال ترامب إنه من المستحيل غض النظر عن الأفعال المقيتة لنظام الأسد، أشكرك، لكن لا تكتفي بالأقوال لا بد من أفعال”، ليرحب بالضربات الأمريكية، حيث قال نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورتولموش، إن بلاده تنظر بإيجابية للضربات الصاروخية الأمريكية، وإن المجتمع الدولي يجب أن يبقى على موقفه ضد وحشية الحكومة السورية.
في الوقت الذي جاهرت فيه السعودية وتركيا بالدعم والترحيب للضربات الأمريكية على سوريا، فضلت العديد من الدول العربية والإسلامية الصمت المطبق، ربما في انتظار الخروج بنتائج هذه الضربات لتعلن عن ترحيبها أو إدانتها كلًا حسب مصالحة السياسية، وربما لأنها أضعف من أنها تتخذ موقف قد يتضارب مع مصالحها، لكن المؤكد والواضح أن الدول العربية والإسلامية باتت عاجزة عن التوحد حول موقف أو رد فعل تخرج به للدولة المُعتديه، بل وصل عجزها إلى عدم القدرة على الخروج بإدانة ولو لفظيه خوفًا من سخط الحليفة الأمريكية.
تداعيات العدوان
لم يتضح بعد الموقف الروسي من العدوان الأمريكي على سوريا، ولا حتى الموقف الصيني، خاصة أن ترامب سيلتقي اليوم بالرئيس الصيني، شي جين بينغ، وفي ظل تأجيل مجلس الأمن للتصويت على قرار يخص الهجوم الكيماوي على خان شيخون، يتعين على واشنطن الانتظار قليلًا حتى ترى تداعيات الضربة، التي قد تكون من أهم نتائجها توسيع الشرخ بين واشنطن وموسكو حول حلول الأزمة السورية، وهو الأمر الذي لا يسعى إليه ترامب منذ توليه الحكم.
وفي حال لم تضبط واشنطن إيقاعها في سوريا، فهي ستكون بذلك كمن يلعب بالنار، فالمسألة معقدة في سوريا، وواشنطن حاليًا تخوض عدة جبهات ضد داعش في العراق وسوريا ولها مشاركاتها العدوانية على اليمن، وهي ليست مستعدة لطرف جديد قد يفتح معها جبهة أخرى، كالجيش السوري وحلفائه الروس والإيرانيين وحتى حزب الله، فالأمور قد تتطور بطريقة دراماتيكية لما هو أبعد من تل أبيب، كما أن أي تورط أمريكي في المستنقع السوري سيخالف سياستها التي انتهجتها مؤخرًا والقاضية بمنع مشاركة جنود أمريكيين في أي معركة من معارك الشرق الأوسط.
ويرى مراقبون أن من أخطر تداعيات هذه العدوان الهمجي على سوريا، هو أن الفصائل الإرهابية في سوريا قد تستغل الذريعة الكيميائية لتكرار مثل هذه الضربات، خاصة ان الائتلاف السوري المعارض والذي من المفترض انه يحمل الجنسية السورية قد رحب بالعدوان الأمريكي على سوريا ودعا إلى استمرارها.
أكد دبلوماسيون وعسكريون أن الضربة الأمريكية التي أطلقت على قاعدة عسكرية داخل الأراضي السورية صباح اليوم لصالح التنظيمات الإرهابية بما فيهم تنظيم داعش الإرهابي، مؤكدين أنها استبقت التحقيقات الدولية واعتبرت قرارات مجلس الأمن لا قيمة لها، بمخالفة للقوانين الدولية.
واعتبرها دبلوماسي أنها سياسة أمريكية لفرض أمر واقع، وأكد خبير عسكري أنها بلطجة سياسة، وعلى الدول العربية كافة ومن بينها مصر مواجهتها بحزم؛ لأنها تمثل خطوة أولى لمزيد من التدخل في الشرق الأوسط، قائلًا: «إذ أطلق سراح يد الولايات المتحدة للتدخل في الشرق الأوسط فستسير المنطقة خرابًا أكثر من ما هي علية الآن».
وتمثل العدوان الأمريكي بحسب البنتاجون في إطلاق «70 صاروخًا موجهًا عالي الدقة» على أهداف في سوريا، وكانت الضربة الأمريكية بصواريخ «توماهوك» عابرة للقارات على القاعدة الجوية السورية في حمص.
من جانبه قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية المصریة: الضربة الأمريكية على سوريا تمثل اختراقًا للمعايير الدولية كافة، وغير مبررة بالمرة لاسيما أنها تأتي في وقت أصبح الجيش السوري فيه على مقربة من إنهاء الوجود الإرهابي.
وأضاف رخا: بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فهي محدودة وليست مستمرة ولها أهداف عدة، الأول إحداث نوع من التوازن الدولي، حيث تستهدف واشنطن من تلك الضربة أن يكون لها وجود قوي على الساحة، متمثل في تواجد قوات أمريكية على الأرض، لاسيما أن القوات الروسية وغيرها موجودة بكثافة بدون توازن، مؤكدًا أن موسكو في الفترة الأخيرة كانت متصدرة المشهد السوري بالوجود العسكري.
واضاف أن الهدف الثاني هو إرضاء حلفائها في المنطقة، والتي تحاول أن تعيد إليهم الثقة بها، لاسيما أن التصريحات الأمريكية الأخيرة التي تحدثت عن أن مصير الأسد بيد الشعب السوري أغضبت السعوديين كثيرًا، مؤكدًا أن الهدف الثالث هو إحداث توازن للمعارضة السورية على الأرض، ومن ثم في المفاوضات التي من المقرر إجراؤها في جنيف، مؤكدًا أن الأمر لم يؤثر بشكل أو بآخر على وضع المعارضة السورية العسكري، لاسيما أنها مهترئة وضعيفة وتحتاج إلى أكثر من ذلك.
وأكد أن الضربة الأمريكية غير مبررة بكل الأشكال، فهي استخدمت مسألة الغاز للقيام بأمر عسكري مستبقة كل التحقيقات، مؤكدًا أن الأمريكان فرضوا سياسة الأمر الواقع وإحداث نوع من المفاجئة والصدمة، مؤكدًا أن هذه الضربة ستطول عمر العمر ومجال النزاع، فبلا شك أنها لا تصب في صالح الشعب السوري .
من جانبه يقول اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري المصري: هذه الضربة تمثل إهانة واسعة للعرب، مؤكدًا أن أي تدخل خارجي على دولة عربية، فلابد أن ينظر على أنها حرب ضد الدول العربية بأكملها وهو ما لا نراه الآن، مؤكدًا أن سوريا كانت من أقوى الدول العربية وتعتبر الإقليم الشمالي لمصر، مطالبًا القاهرة بإصدار بيان واضح لإدانة هذا الجرم الذي يعتبر مخالفًا للمواثيق الدولية كافة.
وأضاف درويش أن الضربة تعتبر بلطجة سياسية، ففي الوقت الذي طالبت فيه روسيا باجتماع عاجل في مجلس الأمن لمناقشة الهجوم الكيماوي على سوريا والتحقق من المسؤول عن هذا الهجوم، سارعت واشنطن دون أي توافق وأطلقت صواريخها على قاعدة سوريا، مؤكدًا أن الدول العربية التي دعمت هذه الضربة لابد من أن أخذ موقف ضدها، لاسيما أن الضربة مستهجنة وستزيد الوضع سوءًا في الملف السوري.
وأكد أن النظام السوري كان قد اقترب من إنهاء الأزمة والقضاء على الجماعات الإرهابية كافة، بما فيها داعش والنصرة، لكن الضربة الأمريكية جاءت في صالحهما، حيث سيكون لهم بريق أمل لاستمرار صمودهما في مواجهة الجيش العربي السوري.

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@