] وثيقة حماس السياسية الجديدة... دولة على حدود 67 و فك الارتباط بالإخوان
الرئیسیة >>  عمومی >> تیتر یک
12 April 2017 - 14:52 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 2959

وثيقة حماس السياسية الجديدة... دولة على حدود 67 و فك الارتباط بالإخوان

يقول النائب عن "حماس" في المجلس التشريعي الفلسطيني، القيادي يحيى موسى، إنّ الإعلان عن الوثيقة الجديدة للحركة أضحى قريباً، وستُطرح مبادئ عامة واضحة، تعيد توصيف الصراع، لا سيما الصراع مع الكيان الإسرائيلي وليس مع اليهود كديانة. ويلفت موسى في تصريحات إلى أن وثيقة "حماس" الجديدة تؤكد أنها لن تقف أمام أي توافق فلسطيني داخلي لإقامة دولة فلسطينية في حدود عام 1967 شريطة عدم الاعتراف بإسرائيل، مع تمسك الحركة ببرنامجها وعدم تفريطها بأي نقطة من فلسطين التاريخية.
نشرت قناة الميادين الإخبارية الوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس، والتي تؤكد على أنّ إقامة دولة فلسطينية وكاملة السيادة عاصمتها القدس ضمن حدود الـ 67 هي صيغة توافقية وطنية مشتركة، وترفض الاعتراف بإسرائيل، وأكدت حماس في مجمل وثيقتها أن وعد بلفور باطل وقيام إسرائيل باطل أيضاً من أساسه،  وبحسب الميادين فأكدت أن هذه الوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس الفلسطينية، سيتم إعلانها خلال الأيام المقبلة.
وتشمل الوثيقة 11 فصلاً و41 بنداً تفصيلاً، منها إقامة دولة فلسطينية وكاملة السيادة عاصمتها القدس ضمن حدود الـ 67 هي صيغة توافقية وطنية مشتركة، مؤكدة أنّ هذا الأمر لا يعني الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي.
وأضافت الحركة في وثيقتها السياسية "لا تنازل عن أي جزء من أرض فلسطين مهما طال الاحتلال ونرفض أي بديل عن تحريرها كلّها".
وعن مدينة القدس، قالت الوثيقة "القدس عاصمة فلسطين وحقّ ثابت لا تنازل عنه ولا تفريط بأي جزء منها".
وتقول الحركة إن جميع الاتفاقات والمبادرات ومشاريع التسوية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، مؤكدة أنّ تحرير فلسطين واجب الشعب الفلسطيني وواجب الأمّتين العربية والإسلامية.
وتابعت الوثيقة "مقاومة الاحتلال حق مشروع والمقاومة المسلّحة تُعدّ خياراً استراتيجيّاً"، مشددة على الحق في تطوير وسائل المقاومة".
وتطالب حماس بوثيقتها بعودة اللاجئين والنازحين إلى المناطق التي احتُلَّت منذ عام 1948، ورأت أنّ هذه العودة حق غير قابل للتصرّف من قبل أي جهة كانت، فلسطينية أو عربية أو دولية".
ولفتت الحركة إلى أنّ كل إجراءات الاحتلال في القدس من تهويد واستيطان وتزوير للحقائق باطلة، مشيرة إلى أنها تفرّق بين اليهودية وبين الاحتلال ومشروعه، وتابعت "صراعنا هو مع هذا المشروع وليس مع اليهود".
وجاء في الوثيقة أنّ حماس هي حركة تحرُّر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية هدفها تحرير فلسطين.
واعتبرت الوثيقة السياسية لحماس أنّ تشريد الشعب الفلسطيني وإقامة الاحتلال الإسرائيلي، لا يلغيان حقه في كامل أرضه، وأنّ فلسطين ستبقى نموذجاً للتعايش والتسامح والإبداع.
وبشأن قضية الإرهاب، جاء في الوثيقة "نؤمن بأنّ الإسلام ضد جميع أشكال التطرّف والتعصّب الديني والعرقي والطائفي".
نظرة تاريخية
نُشر ميثاق حماس في 18 أغسطس/آب 1988، أي بعد تأسيس الحركة بثمانية شهور فقط، وهي في ذروة انغماسها في الانتفاضة التي انبثقت الحركة داخلها، وفي أجواء الانتفاضة، والسياقات الدعوية والإخوانية التي تولدت منها الحركة، ودون سابق تجربة سياسية، ومن داخل الأرض المحتلة، كُتب الميثاق.
 انطبع الميثاق تلقائيا بسمات الإخوان الفلسطينيين في الداخل، منعكسا عن مجالات اشتغالهم الدعوي، وعن تجربتهم السياسية المحدودة، وكاشفا إما عن فقر نظري بأدبيات الحركة الوطنية الفلسطينية، أو عن رغبة لحوحة في التمايز، إذ لم يُبد استفادة واضحة مما أنتجته الحركة الوطنية في هذا المجال، بما في ذلك الميثاقان القومي والوطني.
وفضلا عن فرقاء الساحة الفلسطينية، ورغم ما قيل عن ظروف ولادته، تعرض الميثاق حينها للنقد من قيادات حماس الخارجية، والتي يبدو أنها لم تكن قد تبلورت بعد بشكل كاف على نحو يتيح لها المساهمة في صياغة الميثاق، ونقل صياغاته من السرد المغرق في التنظير الإيديولوجي ذي الطابع الدعوي السجالي إلى مواد سياسية وقانونية دقيقة.
فعليا تجاوزت حماس الميثاق سريعا، لغة، ومضمونا في بعض جوانبه، فبينما رفض الميثاق الانضمام لمنظمة التحرير، قاصرا أسبابه على اعتبارات إيديولوجية صرفة (علمانية المنظمة ومطالبته بتبني الإسلام منهج حياة)؛ تحالفت حماس عام 1993 مع عدد من الفصائل الفلسطينية، منها فصائل ماركسية، فيما عرف بتحالف القوى الفلسطينية الرافضة لأوسلو، أو تحالف الفصائل العشرة.
ومنذ العام 1990 تراجع الموقف الإيديولوجي من المنظمة نسبيا، كما في مذكرة حماس التي أرسلتها في ذلك العام إلى الشيخ عبد الحميد السائح، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني في حينه.
ثم لم تعد المسألة الإيديولوجية في العلاقة مع المنظمة حاضرة، بل انتهت تماما، كما في إعلان القاهرة في العام 2005، وما تلاه وصولا إلى اللحظة الراهنة، لحظة الوثيقة التي تتناول موضوع المنظمة سياسيا وإداريا وتمثيليا لا إيديولوجيا، بما يجعل مادة المنظمة في الميثاق منعدمة من الناحية الإجرائية والسياسية.
بعد ذلك أصدرت الحركة جملة من الوثائق أكثر تسييسا، وتضيف مادة نظرية جديدة تتجاوز بها الميثاق فعليا، كما في المذكرة التعريفية التي أصدرتها الحركة في العام 1993، بالإضافة لعدد كبير من الوثائق تخللت نشاطها السياسي، وتضمنت مواقف سياسية مستجدة، ولاسيما منذ فوزها بانتخابات المجلس التشريعي عام 2006 فصاعدا.
الوثيقة الجديدة
لم تقترب الحركة من الميثاق، بالرغم من إشكالات أثارها الميثاق في وجهها، مثل اعتماده لغة تهاجم اليهود، هي من وجه ما تتماهى مع اللغة الفلسطينية الشعبية، وحتى العربية والإسلامية، السائدة، لكنها تفتقر إلى الحس السياسي، وسهل ذلك اتهامها بمعاداة السامية رغم أن الحركة كفت عن استخدام تلك اللغة، وجنحت للتعبير عن عدوها بوصفه "الكيان الصهيوني"، وأكدت مرارا على أن صراعها مع المشروع الصهيوني لا يتعلق بديانة اليهود، وهو ما عالجته حماس بالتفصيل في وثيقتها الجديدة حين تناولها المشروع الصهيوني.
ورغم الكثير من النقاش الذي دار تاريخيا في أوساط حماس، فقد امتنعت عن إعادة صياغة الميثاق، ربما، في بعض الأسباب، خشية من مقارنة ذلك بما فعلته منظمة التحرير عام 1996 بالميثاق الوطني الفلسطيني عندما شطبت منه الثوابت الأساسية للشعب الفلسطيني.
تقدم الحركة اليوم -ربما استشعارا للحاجة- وثيقة جديدة، ليست بديلا للميثاق، وإنما إضافة تتضمن تركيزا سياسيا، لا يقطع مع ثوابتها المعروفة، ولكنه يعيد صياغتها بلغة أكثر ضبطا ودقة، ويحررها في الوقت نفسه من مشكلات الميثاق، إن مشكلات الصياغة، أو مشكلات بعض المضامين.
تعرف الحركة نفسها في الوثيقة، بأنها "حركة تحرر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية"، وهي بهذا تجمع ما بين وظيفتها الراهنة، أي مقاومة الاحتلال بما هي عملية دفع للعدوان، ووظيفتها الدائمة بما هي حركة تحرر، وهذا يقتضي أن يكون للحركة برنامج اجتماعي بالإضافة لبرنامجها السياسي، كما أنها تدفع بذلك الفصل المتعسف بين الوطنية والمرجعية الإسلامية.
وبينما تحدد الحركة أهدافها في ميثاقها بـ "منازلة الباطل وقهره ودحره، ليسود الحق، وتعود الأوطان، وينطلق من فوق مساجدها الأذان معلنا قيام دولة الإسلام"، فإنها في وثيقتها الجديدة تحصر هدفها بـ "تحرير فلسطين، ومواجهة المشروع الصهيوني"، دون أن تقطع مع مرجعيتها الإسلامية التي أكدت عليها في مواضع متعددة من وثيقتها، غير أن هذه المرجعية لا تحضر حاجزا إيديولوجيا في مرحلة التحرير كما كانت عليه في الميثاق.
حين الحديث عن المرجعية، وعلى خلاف الميثاق الذي ذكر الإخوان ست مرات وأكد أن حماس جناح من أجنحتهم، يغيب عن الوثيقة ذكر الإخوان، دون النص على فك الارتباط بهم، وهذا وإن كان يبدو منسجما مع الظروف الراهنة التي حملت عددا من التنظيمات الإخوانية على الإعلان عن فك ارتباطها بالجماعة، إلا أنه يأتي امتدادا لخطاب حماس السياسي المقدم لما هو خارجها، الذي يمتنع عادة عن الإشارة لطبيعتها إن كانت جماعة إخوانية في فلسطين، أم لا.
وعلى خلاف الميثاق أيضا، تستفيد الوثيقة استفادة واضحة، من الميثاقين القومي (1964) والوطني (1968)، كما في تعريف فلسطين، وتعريف الشعب الفلسطيني، وعدها منعدما كلا من تصريح بلفور وصك الانتداب وقرار التقسيم.
وتزيد الوثيقة في بعض ما استفادته من الميثاقين، التأكيد والتحديد، فبينما يتحدث الميثاقان القومي والوطني عن فلسطين "بحدودها التي كانت قائمة في عهد الانتداب البريطاني"، تحدد وثيقة حماس حدودها بدقة، وبينما يتحدث الميثاق الوطني عن الشخصية الفلسطينية بأنها صفة أصلية لازمة لا تزول وأن الاحتلال الصهيوني وتشتيت الشعب الفلسطيني لا يفقدانه شخصيته وانتماءه الفلسطيني، تضيف الوثيقة إلى ذلك، أن حصول الفلسطيني على جنسية أخرى لا تفقده هويته، وهكذا.
يلاحظ في الوثيقة تأكيد حماس الشديد على ثوابتها، وهو الأمر السائد في مجمل الوثيقة، والمتكرر في معظم بنودها بصيغ متعددة صريحة وقاطعة، وفي كل الموضوعات، مثل أرض فلسطين، وشعب فلسطين، والقدس، والمسجد الأقصى، واللاجئين وحق العودة، والموقف من الاحتلال والتسوية السلمية، والمقاومة والتحرير، وغير ذلك.
لقد أكدت الوثيقة مثلا أنه "لا اعتراف بشرعية الكيان الصهيوني، وإن كل ما طرأ على أرض فلسطين من احتلال أو استيطان أو تهويد أو تغيير للمعالم أو تزوير للحقائق باطل"، وأنه "لا تنازل عن أي جزء من أرض فلسطين"، وأن حماس ترفض "أي بديل عن تحرير فلسطين تحريرا كاملا"، وتعتمد حماس في الوثيقة وصف عدوها بالكيان الصهيوني، وإذا ذكرت "إسرائيل"، جعلتها بين مزدوجين.
هل من تحول جوهري؟
صحيح أن الوثيقة إضافة وليست تعديلا للميثاق، ويمكن احتسابها من جملة أدبيات حماس التي تضمنت مواقف سياسية غير منصوص عليها في الميثاق، وهي كثيرة، إلا أن تسميتها بـ "وثيقة المبادئ والسياسات العامة"، كما هو عليه الحال في مسودتها على الأقل، والتمهيد الذي تنتهجه حماس للإعلان عنها، والشكل الذي سيكون عليه الإعلان، يجعل لمضامينها أهمية خاصة، عما يمكن أن تكون عليه في أدبيات أخرى للحركة.
من ذلك فكرة الحل المرحلي، أي إقامة دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة وعاصمتها القدس على خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967، وهي الفكرة التي منحت هذه الوثيقة معنى استثنائيا، أثار اللغط حولها قبل نشرها، وأوحى بتغير جوهري في فكر حماس السياسي.
فعليا تأسست حماس بعدما قطعت منظمة التحرير بقيادة فتح شوطا طويلا، تحولت فيه عن التحرير الكامل بالكفاح المسلح طريقا وحيدا لذلك، إلى "إقامة سلطة الشعب الوطنية المستقلة المقاتلة على كل جزء من الأرض الفلسطينية التي يتم تحريرها" "بكافة الوسائل وعلى رأسها الكفاح المسلح" في البرنامج المرحلي عام 1974، إلى الاعتراف الضمني بـ "إسرائيل" في العام 1988، وذلك بعدما تراجع المشروع الوطني عن التحرير إلى إقامة الدولة.
كانت حماس تعبيرا عن حالة تاريخية تتصدى لانحدار المشروع الوطني، دون أن تقطع تماما مع المعطيات التي كانت قد استقرت حين تأسيسها، ودفعت نحوها فتح، فأدخلت إلى خطابها فكرة الحل المرحلي مبكرا مقرونا بالهدنة وغير مقرون بها، ومقرونا بإقامة الدولة وغير مقرون بها، منذ النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، كما في مبادرة رسمية من مكتبها السياسي عام 1994.
بصرف النظر عن الأسباب التي دعتها من موقعها حركة رافضة لانحدار الحركة الوطنية؛ للتعاطي الإيجابي مع هذه الفكرة، أو لتقديمها في صيغة المبادرة، سواء كانت لدفع العدمية عن نفسها، أو حينها اقتناعا منها بإمكانية تحويل الفكرة إلى برنامج سياسي، أو لتعبيد الطريق أمام حركتها السياسية وعلاقاتها الإقليمية والدولية، فإنها كانت عموما إجراء سياسيا لا مبدأ سياسيا.
حتى عندما قبلت الحركة من بعد فوزها بانتخابات المجلس التشريعي عام 2006، النص على إقامة الدولة المستقلة كاملة السيادة على جميع الأراضي المحتلة عام 1967 في وثيقة الوفاق الوطني، فإنها كانت تتخذ قرارا سياسيا منشؤه التدافع الداخلي مع فتح، ولا تكرس مبدأ سياسيا، وهذا بصرف النظر عن جدوى أو مخاطر طرح حركة تحرر وطني مبادرة في ظل الاختلال الفاضح في موازين القوى، وبعد النتيجة البائسة التي قاد إليها هذا المسار من قبل.
أما الآن فإن الحركة تجعلها مبدأ سياسيا، حتى لو كان بصيغة شديدة الحذر وفي قلب مادة تؤكد على رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني والتنازل عن أي جزء من فلسطين، وعلى نحو أقرب إلى التعبير عن الموقف من فكرة مطروحة منه إلى المبادرة، وحتى لو أكدت الحركة في بعض المواد على أن الدولة هي ثمرة التحرير.
وإذا كانت الحركة تفعل ذلك دعاية سياسية في المحافل الإقليمية والدولية، أو لأن هذه الأطروحة باتت جزءا من خطابها السياسي، فإنها تفعل ذلك بعدما صارت هذه الأطروحة من الماضي ومنعدمة الإمكان وبإعلان أصحابها، فضلا عن الخشية من أن يقود تكريسها مبدأ سياسيا الحركة إلى ذات مسارات فتح.
وعلى أي حال؛ هذه الوثيقة ليست بالضرورة "برنامج النقاط العشر" الخاص بحماس الذي يمهد لها استنساخ تجربة فتح، إذ أدخلت الحركة إلى خطابها منذ وقت مبكر مفردات هذه الوثيقة التي تتقاطع مع برنامج النقاط العشر، كالحل المرحلي، وجعل المقاومة المسلحة جزءا من أساليب ووسائل مقاومة الاحتلال.
إعادة توصيف الصراع 
يقول النائب عن "حماس" في المجلس التشريعي الفلسطيني، القيادي يحيى موسى، إنّ الإعلان عن الوثيقة الجديدة للحركة أضحى قريباً، وستُطرح مبادئ عامة واضحة، تعيد توصيف الصراع، لا سيما الصراع مع الكيان الإسرائيلي وليس مع اليهود كديانة. ويلفت موسى في تصريحات إلى أن وثيقة "حماس" الجديدة تؤكد أنها لن تقف أمام أي توافق فلسطيني داخلي لإقامة دولة فلسطينية في حدود عام 1967 شريطة عدم الاعتراف بإسرائيل، مع تمسك الحركة ببرنامجها وعدم تفريطها بأي نقطة من فلسطين التاريخية.
ويشير موسى إلى أنّ الوثيقة التي من المرجح الإعلان عنها خلال أيام، فيها نوع من المقاربة للمفاهيم الدولية والإنسانية المرتبطة بالحقوق العامة والحريات والمرأة وغيرها، وتؤكد على الدور الفلسطيني لـ"حماس". وعن الاتهامات التي وُجّهت لحركته بشأن التخلي عن برنامجها، يشدد موسى على أن رؤية الحركة تؤكد أنها لن تقف أمام أي توافق فلسطيني مرحلي لإقامة دولة فلسطينية، من دون اعتماد خيار التفاوض وحل التسوية كحل نهائي، كما تفعل حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية.
ويشير النائب عن "حماس" إلى أنّ حركته ستحتفظ في ورقتها الجديدة بحقها في خيار المقاومة من أجل تحرير فلسطين مع التأكيد على احترام قرارات المجموع الوطني الفلسطيني وعدم الوقوف أمامها، وتعزز من التأكيد على أن "حماس" حركة تحرر وطني ذات هوية إسلامية. ويلفت إلى أن الحركة لم تكن يوماً تابعة لجماعة "الإخوان المسلمين" أو جزءاً من تنظيم دولي، وإنما تعزز في ورقتها أنها جزء من حركة التحرر الوطني الفلسطيني ذات هوية إسلامية وسطية بحتة فقط، وتدير قراراتها عبر توافق داخل الأطر القيادية للحركة.
وعن انعكاسات الوثيقة الجديدة لـ"حماس" على تعامل الأنظمة العربية والدولية، يؤكد موسى أن الأنظمة الحالية محكومة بالنظرة الأميركية فقط، ولا تُمثّل الحالة العربية حالياً أي رافعة للقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى أنّ تعويل الحركة الأساسي منصب على الشعب الفلسطيني.
في السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي، إبراهيم المدهون، إنّ وثيقة "حماس" السياسية أضحت جاهزة بعد اكتمال المشاورات والاعتماد من قبل الهيئات الشورية والقيادية للحركة خلال الفترة الماضية، وبانتظار الإعلان رسمياً عنها من قبل مشعل. ويوضح المدهون لـ"العربي الجديد" أن الوثيقة الجديدة للحركة لا تتعامل مع فلسطين على أنها أرض وقف إسلامي، وتعزز الدور الوطني العام إذ جرى صياغتها بشكل سياسي بحت بعيداً عن الأيديولوجيات، وتفرد مساحة لدور المسيحيين والمرأة في القضية الفلسطينية.
ويضيف أن الوثيقة تتضمن موافقة الحركة على إقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من يونيو/حزيران لعام 1967 من دون الاعتراف بإسرائيل، فضلاً عن التأكيد على أن الصراع مع المحتل الإسرائيلي وليس اليهود كما تضمن الميثاق الأول للحركة الذي صدر عند تأسيسها. ويلفت إلى أنها تتضمن تأكيداً على أن حركة "حماس" حركة تحرر وطني من دون الإشارة لأي تبعية لجماعة "الإخوان المسلمين"، فضلاً عن العمل داخل الساحة الفلسطينية فقط، وهو ما قد يساهم في رفع الحرج عن الأطراف الدولية الراغبة في التعامل معها.
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي أن الوثيقة جرت صياغتها بطريقة ذكية جداً تتلاءم والواقع الحالي للحركة وبعد تجربة طويلة لـ"حماس" التي قاربت على عامها الثلاثين، وهو ما يؤهل الحركة لإدارة المشروع الفلسطيني التحرري ويعزز من دورها في المنطقة. ويشير المدهون إلى أن الوثيقة أوضح من الميثاق الذي صدر عن الحركة عند تأسيسها عام 1987 ويتعامل بطريقة سياسية واضحة بعيداً عن العواطف، وتركز على دور الفلسطيني الوطني بعيداً عن دينه وهو ما سيعزز مكانة "حماس" بشكل عام.
وينبه إلى أن الوثيقة الجديدة المرجح الإعلان عنها خلال أيام بشكل رسمي، لن تغيّر من الواقع شيئاً لكنها ستعزز دور "حماس" داخلياً أكثر من دورها الخارجي، بالإضافة إلى أنها تجيب عن تساؤلات عديدة كانت تُوجّه لها، وتعالج اتهامات وُجّهت للحركة في أكثر من مرة من أطراف مختلفة.
من جهته، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة، عدنان أبو عامر، إنّ "حماس" ربما تدرك أنّ إصدار وثيقتها السياسيّة، يتزامن مع إغلاق العديد من أبواب العواصم الإقليميّة والدوليّة بوجهها مثل مصر والأردن، ومعرفة الحركة متأخّرة لصعوبة فرض أيديولوجيتها على هذه العواصم. ويوضح أبو عامر لـ"العربي الجديد"، أنّ إصدار "حماس" لوثيقتها يأتي في إطار مراجعة الحركة لمواقفها وسياساتها، بعد مرور ثلاثين عاماً على تأسيسها عام 1987، مما يتطلب منها اتخاذ مواقف جديدة تختلف عما أعلنته منذ تلك المرحلة.
فك الارتباط بالإخوان
تتناول الوثيقة الجديدة مستقبل الحركة، وتمت صياغتها بطريقة مرنة لتفادى أخطاء الماضى مع جيرانها الإقليميين والدوليين والمحليين، والبعد عن الاعتبارات الدينية لكسر عزلتها الدولية، والتعامل مع الملفات الشائكة فى ظل ما تشهده المنطقة من متغيرات، خاصة فى ملف ارتباط «حماس» الفكرى بجماعة الإخوان، بعد التطور الملحوظ فى العلاقة مع مصر مؤخرا، مما يؤكد الأنباء بأن القاهرة طلبت من الحركة فك الارتباط التنظيمى بالإخوان، رغم نفى قادة الحركة وجود هذا الارتباط من الأساس.
وقال علاء الرفاتى، القيادى فى «حماس»، وزير الاقتصاد فى الحكومة المقالة، إن فك العلاقة مع الإخوان المسلمين تنظيميًّا وفكريًّا أمر سابق الحديث عنه، مؤكدًا أن الوثيقة الجديدة ستحمل أفكاراً تبلور فكرها السياسى الوطنى الجديد. وأضاف لـ«المصرى اليوم» أن الوثيقة ستضمن لائحة داخلية تتحدث عن حقوق وواجبات الأعضاء فى الحركة، مؤكدًا أن المبادئ لن تتغير.
وألمح عضو المكتب السياسى لحركة «حماس»، أحمد الكرد، إلى أن هناك أوامر عليا بالمكتب السياسى لـ«حماس»، تحت قيادة يحيى السنوار، تلزمهم الصمت حيال الحديث عن المبادئ الجديدة، ولكنه أكد لـ«المصرى اليوم» أن الوثيقة تؤكد أن «حماس» حركة تحرر وطنى فلسطينى ذات قرار مستقل، موضحا أن الاعتراف بحدود 1967 مؤقت مع عدم الاعتراف بإسرائيل، لافتًا إلى أن الوثيقة ستتم إعادة صياغتها فقط على أساس ما كانت عليه قديمًا.
وأوضح المحلل السياسى فى قطاع غزة، الباحث المتخصص فى شؤون الحركات الإسلامية، إبراهيم إبراش، أن الميثاق الجديد للحركة لم يخرج رسميًا حتى الآن، متوقعًا أن تحمل الأفكار الأساسية للوثيقة الجديدة اعتبارات متعددة ستدفع «حماس» لتبين مواقفها واستراتيجيتها الجديدة. وأكد «إبراش» أنه ليس هناك حتى الآن طرح بديل للميثاق، موضحًا أنه فى مرحلة من المراحل كان هناك اعتقاد بأن حركة «حماس» فى حالة صعود باعتبارها جزءا من الإخوان المسلمين، ومع بداية الربيع العربى كان هناك رهان لدى الحركة بأن مشروعها سيحقق مكتسبات فى تلك المرحلة، لكنها شهدت الكثير من التقلبات حول العديد من القضايا، فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية أو التركيز على شعار المقاومة.
ولفت إلى أن ما جرى فى مصر بعد انتهاء حكم الرئيس المعزول محمد مرسى ومجيء الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالإضافة إلى توتر علاقات «حماس» مع أكثر من دولة، خاصة سوريا ولبنان وإيران ومصر، جعل الحركة تشعر بأن هناك حالة من التخبط وعدم وضوح الرؤية، وأنه فى ظل هذه المتغيرات يجب على الحركة وضع النقاط فوق الحروف، مشددًا على أنه من هنا جاءت فكرة أن تعيد الحركة صياغة مبادئ ميثاقها بحيث تأخذ بعين الاعتبار هذه المتغيرات فى الحالة الفلسطينية أو الحالة العربية والدولية، خاصة مع مجىء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وموقفه الواضح من الإخوان المسلمين.
وأكد المحلل السياسى أن «حماس» لن تعلن رسميًا إلغاء الميثاق القديم، ولكنها ستتخذ مجموعة من الخطوات والسياسات التى تعتبر تجاوزا للميثاق القديم، مثلما فعلت منظمة التحرير الفلسطينية سابقًا، ففى الفترة الأخيرة، بدا واضحا أن المصالحة الفلسطينية وتوحيد غزة والضفة أصبحا صعب التحقيق، وبالتالى بات استمرار هيمنة «حماس» على قطاع غزة يخدم عدة أطراف، وأهمها إسرائيل.
وعن إسرائيل، أوضح «إبراش» أن هناك عدم اعتراف بالدولة العبرية من الأساس، موضحا أن هناك بديلا بالتوصل إلى هدنة وعدم إطلاق صواريخ على إسرائيل، موضحا أن تل أبيب لا يعنيها عدم اعتراف «حماس» بها ولكن ما يعنيها هو أمنها. وأكد المحلل السياسى الفلسطينى، خالد صافى، أن الوثيقة الجديدة عبارة عن إعادة صياغة التصريحات الإعلامية لقادة «حماس» منذ نهاية تسعينيات القرن الماضى، موضحا أن منذ عهد مؤسس الحركة الراحل، الشيخ أحمد ياسين، كانت هناك مراجعة لكثير من بنود الميثاق، مثل موقف الهدنة مع إسرائيل، وطرح إمكانية إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 دون الاعتراف بإسرائيل، وهذا تحدث عنه أحمد ياسين، إلا أن الوثيقة الجديدة تشتمل على صياغة جديدة وهى الهدنة. وأضاف لـ«المصرى اليوم» أن هناك تعديلات تخالف بنود الميثاق، مستدلا بتصريحات «مشعل» خلال زيارته لغزة عام 2012، عندما قال إنه لا مانع لدى «حماس» من قبول دولة على حدود 67، ولكن مع فرض هدنة.
وعن البنود المثارة فى الوثيقة، خاصة العلاقة مع الإخوان التى تعتبر جوهر الأزمة بين «حماس» والقاهرة، أكد «صافى» أن «حماس» أعلنت فى تصريحات قيادتها عامى 2015 و2016، أن «حماس» ليس لديها علاقة تنظيمية بالإخوان، ولكن هناك التقاءً فكرياً مع الجماعة. ولفت إلى أنه رغم مساندة «حماس» إعلاميا للإخوان، لكن الحقيقة أن «حماس» استيقظت مؤخرا، وأكدت أنه ليس هناك ارتباط تنظيمى بالإخوان، رغم أن ميثاق الحركة الذى وضع عام 1988 أكد أن «حماس» هى الجناح السياسى للإخوان فى فلسطين، ولكن فى الوثيقة الجديدة سيتم التأكيد على أن الحركة فلسطينية وطنية مع إعلاء الهوية الوطنية على حساب الأفكار الدينية والإسلامية السياسية، وستقترب الحركة أكثر من الهوية الوطنية باعتبارها حركة مناضلة ضد الاحتلال، وستضمن الحديث عن مقاومة الاحتلال وليس اليهود، وستتجنب «حماس» الحديث عن الاعتبارات الدينية فى الوثيقة، كما سيتم التأكيد على مقاومة «حماس» للاحتلال فى الضفة مقابل هدنة. ولفتت المصادر إلى أن الوثيقة تحمل أفكاراً جديدة تتماشى مع المتغيرات فى المنطقة، وتقدم لغة أكثر مرونة فى مواقف «حماس» بشأن عدة قضايا.

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@