] سوريا ضمن خيارين
الرئیسیة >>  عمومی >> المواضیع الاخیرة
15 April 2017 - 15:18 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 2972

سوريا ضمن خيارين

لا شك في أن هُناك مجموعة من المحُددات الحاكمة للسياسة السورية داخلياً وخارجياً، ورغم أهمية الموقع الجغرافي في تشكيل سياساتها الخارجية وتحالفاتها. بقيت المتُغيرات الإقليمية والدولية منذ عام 2000 تلعب الدور الأكبر في توجهات السياسة السورية. والتي غالباً ما تُوصف بأنها سياسة الغموض البناء وبأنها تُدار بعقل بارد سواء في تحالفاتها أو خصوماتها.
موقع البصیرة / حبيب شحادة
وتحالف سوريا مع إيران فرضته متُغيرات إقليمية ودولية عديدة منها العداء بين سوريا وعراق صدام سابقاً، ومتغير انسحاب مصر من القضية الفلسطينية بعد اتفاقية كامب ديفيد 1979، وكذلك متُغير المصالح التي تجمع سوريا بإيران في لبنان والمنطقة. أما علاقات سوريا بروسيا فهي تاريخية منذ أيام الاتحاد السوفياتي وتعززت بوصول الرئيس بوتين إلى السلطة في بداية الألفية الثانية.

بدخول سوريا في ازمة الربيع العربي دخلت إيران على خط الآزمة وهي طرف أساسي عبر محور المقاومة والممانعة ( إيران – سوريا- حزب الله) بينما الروسي حليف وليس طرف في محور المقاومة والممانعة. وفي حين دعمت إيران سوريا استشاريا واقتصادياً وعسكريا منذ بداية الصراع. اقتصر الدعم الروسي على الدعم السياسي عبر مجلس الآمن الذي شهد أول فيتو روسي لصالح سوريا عام 2011 حتى تاريخ 30/9/ 2015 تاريخ دخولها العسكري المباشر في الحرب السورية والذي غيٌر موازين القوى على الأرض لصالح بقاء سوريا دولة متماسكة.

مؤخراً كثر الحديث عن خلافات بدأت تظهر ضمن محور ( سوريا- ايران- روسيا) ذلك نتيجة لاختلاف المصالح وربما الأولويات بين الروسي والإيراني سياسياً وعسكرياً. هنا وإن كان ثمّة خلاف حقيقي فهو خلاف في التكتيك وليس في الاستراتيجية. كون التنسيق بينهم عالي المستوى حكماً. ومن ثم من قال بأن هناك تطابق في الروئ بين حليفيٌ سوريا( روسيا وايران) أو بين سوريا وحليفيها حول مجريات الأحدث وتطوراتها الميدانية وتناقضات هذه التطورات.

لكن يبقى التطور الأخير أي العدوان الأمريكي على مطار الشعيرات(6/4/2017) مُتغير خطير وهام في مسرح الأحداث السورية وانعكاساتها إقليمياً ودولياً. وربما يضع سوريا بين خيارين أو سينار يوهين:

السيناريو الأول: سيناريو المواجهة: ينطلق من احتمالية عالية في أن يتكرر العدوان الأمريكي على مواقع للجيش السوري  على اعتبار أن متخذ القرار الأمريكي غير عقلاني. و أن قصف مطار الشعيرات هو مقدمة لقصف مواقع سورية أخرى وفقاً لتصريح البيت الأبيض بأن استخدام القوة العسكرية في سوريا هو جزء يسير مما يعتزم الرئيس ترامب القيام به. بالتالي احتمالية الرد الروسي متوقعة بدرجة عالية وخصوصاً بعد بيان غرفة عمليات حلفاء سوريا والتي صرّحت بأنها سترد بقوة على أي عدوان وأي تجاوز للخطوط الحمر من قبل أي كان، وأن أمريكا تعلم قدرتنا على الرد جيداً. بالتالي حسب هذا السيناريو ستحصل المواجهة العسكرية على الساحة السورية وربما تتطور الأحداث إقليمياً ودولياً بامتدادها إلى أوكرانيا. وذلك تبعاً لحجم رد فعل الحلفاء على الفعل الأمريكي ( القصف). لكن ماذا لو أن أمريكا قصفت مواقع للجيش السوري عبر "اسرائيل"( بالوكالة) وهو متوقع أكثر من قيام أمريكا بنفسها بالقصف. هنا هل سيدخل بيان الحلفاء موضع التنفيذ؟

السيناريو الثاني: سيناريو الصفقة ( التسوية): ينطلق من شعار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمريكا أولاً، ومحاربة النفوذ الإيراني في المنطقة. هنا نضع قصف مطار الشعيرات في سياق إعادة خلط الأوراق في المنطقة لإعادة إنتاج تسوية بالشروط الأمريكية. بمعنى آخر ربما يقايض الأمريكي الروسي على تقاسم النفوذ في سورية مقابل إخراج إيران منها. أي اللعب على التناقضات بين حلفاء سوريا، وخصوصاً أن روسيا مُستعدة للتفاوض وربما المقايضة بما يضمن بقاء نفوذها في منطقة الشرق الأوسط عبر سوريا. لتجنب المواجهة من جهة والعقوبات الغربية من جهة ثانية.

ويمنع جرها نحو المواجهة، ولو أرادت روسيا المواجهة لألغت زيارة  تيلرسون. فأمريكا ما زالت القوة رقم واحد في العالم ومازالت تهيمن على العالم في وقت ما زالت روسيا غير قادرة على فرض نفسها كقطب موازي للأمريكي. أي أنها ما زالت قوة عظمى ولكنها أقل من قطب دولي بمواجهة القطب الأمريكي.

أخيراً يمكن القول بأن سورية وعُبر تاريخها الحديث كانت و ما زالت مسرح للمُتغيرات الإقليمية والدولية في منطقة الشرق الأوسط، لكنًها لم تكن مُهددة بكيانها كما هي عليه الآن نتيجة صُعوبة الخيارات التي وضعتها بها مُتغيرات الإقليم وتشابكاته.

المصدر: شام تايمز

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@