] الوحدة بين المسلمين والمسيحيين هي رمز قوة مصر
أفریقیا >>  أفریقیا >> مطالب ستون وسط
15 April 2017 - 15:25 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 2974

الوحدة بين المسلمين والمسيحيين هي رمز قوة مصر

لا يمكن فصل المشهد المصري عن المشهدين العراقي والسوري، فالجهة التي تقف وراء الدمار الذي يضرب المشهدين العراقي والسوري، هي نفسها التي تضرب المشهد المصري، وان هدف هذه الجهة في المشاهد الثلاثة هو واحد، تقسيم هذه الدول وتشتيت شعوبها.
الاداة المنفذة لعملية التدمير التي تحصل بنسب متفاوتة في العراق وسوريا ومصر، هي المجاميع التكفيرية وعلى راسها "داعش” ، التي تعمل لمصلحة المشروع الصهيوامريكي لتمزيق منطقة الشرق الاوسط وتقسيم بلدانها، وخاصة العراق وسوريا ومصر، وزرع الفتن الطائفية والقومية بين شعوبها.

قد يسأل سائل: لماذا التركيز على العراق وسوريا ومصر من بين جميع الدول العربية في منطقة الشرق الاوسط ؟، جواب هذا السؤال يكمن في "حُلم” كان يراود اول رئيس وزراء للكيان الصهيوني وهو ديفيد بن غوريون، الذين تحاول "داعش” تحقيقه اليوم، فبن غوريون قال يوما : ان "عظمة إسرائيل ليست في قنبلتها الذرية ولا ترسانتها المسلحة، بل تكمن في انهيار ثلاث دول هي العراق وسوريا ومصر، وتحويلها الى دويلات متناحرة على اسس عرقية وطائفية، وان نجاحنا لا يعتمد على ذكائنا بقدر ما يعتمد على جهل الطرف الاخر”.

بعض جوانب حلم بن غوريون في العراق وسوريا كاد ان يتحقق لولا المقاومة البطولية للجيش والشعب في العراق وسوريا، والتي افشلت هذا الحلم رغم كل المآسي والكوارث التي حلت بالعراق وسوريا، الامر الذي يفسر كل هذه الضغوط التي تمارس على هذين البلدين بذرائع مختلفة واخرها ذريعة استخدام السلاح الكيميائي في سوريا، والتي مهدت للعدوان الامريكي الذي كان هدفه الاول رفع معنويات "داعش” والجماعات التكفيرية الاخرى التي تعرضت لهزائم مذلة امام الجيش السوري وحلفائه.

اما مصر فقد تأخر موعد تنفيذ المخطط الصهيوامريكي فيها قياسا بالعراق وسوريا، حيث بدأت الجماعات التكفيرية بالظهور في سيناء ومن ثم في القاهرة والاسكندرية ومناطق اخرى، بمسميات متعددة، الى ان اختارت اسم "داعش” في النهاية، وبدا مسلسل التدمير يطال مصر، كما طال من قبل العراق وسوريا.

لما كانت الجماعات التكفيرية بمختلف عناوينها وتصانيفها، تعتاش على الفتنة، كوسيلة لتحقيق هدفها في ضرب وامن واستقرار البلدان المستهدفة، لذلك كانت طبيعة الفتنة في العراق وسوريا "طائفية وعرقية” ، لسهولة اقناع البسطاء والسذج والجهلة والمتعصبين بالانخراط في اتون هذه الفتنة، بسبب وجود سنة وشيعة وعلويين ومسيحيين وايزديين وصابئة وعرب واتراك وتركمان وطوائف وقوميات اخرى الى جانب منابر ومشايخ متخصصين في النفخ في نار الفتن الطائفية والعرقية.

في مصر اختلف المشهد عن المشهدين العراقي والسوري، بسبب التركيبة السكانية من الناحيتين القومية والطائفية، لذلك اختلف اسلوب "داعش” في استهداف مصر عن اسلوبه الذي استخدمه في استهداف العراق وسوريا، فقد وجدت "داعش” في المسيحيين المصريين اقصر الطرق لاشعال الفتنة في مصر، وايصال الاوضاع فيها الى ما وصل اليه العراق وسوريا بهدف تحقيق حلم بن غوريون، لذلك جعلت "داعش” من استهداف المسيحيين المصريين استراتيجة لها، فجندت العديد من الانتحاريين اصحاب العقول الفارغة، ليفجروا انفسهم بالمسيحيين داخل كنائسهم، كما حصل في التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا كنيستين يوم الاحد من الاسبوع الماضي في محافظتي الغربية والإسكندرية وأوقعا 45 قتيلا و 126 جريحا.

على الفور أعلنت "داعش” مسؤوليتها عن التفجيرين، وكررت تهديدات أطلقتها نهاية العام الماضي ضد المسيحيين عندما أعلنت أن انتحاريا تابعا لها فجر نفسه في الكنيسة البطرسية الملحقة بالكاتدرائية المرقسية بالقاهرة وقتل 29 أغلبهم نساء وأصاب عشرات آخرين.

من الواضح ان "داعش” ليس لديها اي استراتيجية تسعى من خلالها لتحقيق اهداف على الارض، فدورها ينحصر في خلق الفتن والازمات في البلدان التي تستهدفها من اجعل اشغال الجيوش فيها ومن ثم اضعافها، وصولا الى تقسيم تلك البلدان وتمزيق شعوبها، والا ليس هناك من مسلم في منطقة الشرق الاوسط يمكن ان ينظر الى مواطنه المسيحي كما ينظر اليه "الدواعش”، فالمسيحيون يعيشون في مصر وغيرها منذ الفي عام، ويعيشون بسلام ووئام منذ ما يقارب الف وخمسمائة عام مع المسلمين، ولم يتعرض اي حاكم حكم مصر على طوال تاريخها، للمسيحيين او كنائسهم، وهؤلاء الحكام ومنهم من كانوا اكثر الناس معرفة بالاسلام، فهل "الدواعش” الذين ظهروا بقوة المخابرات الامريكية والاسرائيلية، اكثر معرفة بالاسلام من اولئك الحكام، ليفتوا بقتلهم او تفجير كنائسهم؟، من المؤكد ان هؤلاء "الدواعش” ليسوا مسلمين، بل انهم عملاء للصهيونية العالمية، يعملون على تحقيق حلم بن غوريون وباقي زعماء  الصهيونية.

لم اجد بين الحكايات التي تروي عمق العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في بلدان الشرق الاوسط وخاصة في العراق وسوريا ومصر، من هي افضل من حكاية تلك الصورة النادرة والمؤثرة التي انتشرت منذ فترة على مواقع التواصل الاجتماعي لشابين الأول مسلم ضرير والثاني مسيحي قزم كسيح، وتبين أنها التقطت في دمشق عام 1889 ، وجسدت افضل تجسيد الترابط الاجتماعي بين ابناء الوطن الواحد دون أي حسابات عنصرية أو مذهبية.

تقول قصة الصورة ان القزم المسيحي يدعى "سمير”، كان يعتمد على المسلم الضرير "محمد” في تنقلاته فكان يحمله على ظهره دائما عبر شوارع المدينة، فيما كان الضرير أيضا يعتمد على القزم لإرشاده على الطريق وتحذيره من العوائق، حيث أن القزم المشلول يرى والضرير لديه قدرة على المشي.

تعاونا الاثنان معاً ليكملا احدهما الاخر في هذه الحياة القاسية، وكانت علاقة الصداقة بينهما قوية لحد كبير، حيث أن كلاهما كان يتيما وكانا أيضا يعيشان في منزل واحد ويعملان في نفس المكان.

كان الرجل القزم يعمل "حكواتيًا” في أحد المقاهي الدمشقية، فيما كان الرجل الأعمى بائع البليلة أمام المقهى، ويقال أنه حين توفى الرجل القزم، حزن الرجل الأعمى حزنًا شديدًا، وتوفي بعده بأسبوع واحد من شدة حزنه عليه.

هذه الصورة وقصتها المعبرة تؤكدان على عمق العلاقة الروحية بين المسلمين والمسيحيين في الشرق بشكل عام، وجذور هذه العلاقة تعود الى اكثر من الف عام، ولا يمكن ان تمس بها مجموعة من التكفيريين الجهلة والمتعصبين، الذين يخدمون المخطط الصهيوامريكي، فهذه العلاقة ستبقى متينة ومحصنة من التكفيريين، بفضل الزعامات الروحية في مصر، وفي مقدمة هذه الزعامات الازهر الشريف والكنيسة القبطية، وبفضل وعي وذكاء الشعب المصري المعروف باعتداله ووسطيته، ليس بين مسلميه فقط بل بين مسيحييه ايضا، فلولا هذا الاعتدال والوسطية ما كان للمصرين ان يبنوا حضارتهم التي تمتد الى الاف السنين في بطن التاريخ، فالعبقرية المصرية تعود بجذورها الى اعتدال ووسطية الانسان المصري، ومن اهم نتائج هذا الاعتدال والوسطية هي الوحدة، وبهذه الوحدة انتصرت مصر على كل التحديات والتهديدات التي واجهتها طوال تاريخها، والمصريون اليوم هم بأمس الحاجة الى هذه الوحدة، بعد ان تبين لهم وبشكل واضح وشفاف، ان هناك من يستهدف هذه الوحدة التي تعتبر رمز قوتهم وديمومتهم.

المصدر : شفقنا

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@