] أزمة الرواتب.. من الخلاف حماس وفتح الى الإستغلال الإسرائيلي
الرئیسیة >>  عمومی >> تیتر یک
22 April 2017 - 11:40 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 3050

أزمة الرواتب.. من الخلاف حماس وفتح الى الإستغلال الإسرائيلي

حالة من الصدمات والتساؤلات العديدة طرأت لدى المواطنين في قطاع غزة على إثر خصم السلطة الفلسطينية لثلث رواتب جميع الموظفين المنتفعين منها، سواء المدني أو العسكري في قطاع غزة، إذ قامت السلطة الفلسطينية بقرار رئيسها محمود عباس باقتطاع 30% من رواتب الموظفين دون إبداء أي أسباب، ما اعتبره العديد خطوة للتخلي عن قطاع غزة والانفصال التام عنها، فيما رأى آخرون أن أطرافا أخرى كمحمد دحلان سوف تستغل هذا الوضع القائم وتحتوي هؤلاء الموظفين الذين خرجوا للشوارع وأعلنوا اعتصامات واضرابات احتجاجاًعلى الخصم الذي طالهم، كذلك قدمت كتل فتحاوية وأقاليم في مختلف أنحاء القطاع استقالتها، وطلبت كتل أخرى اعفائها من مهامها تمهيدا للاستقالة.

بعد خصم 30% من رواتب الموظفين التابعين للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة؛ نشبت خلافات حادة واتهامات بين طرفي الانقسام الفلسطيني حركتي فتح وحماس، فالأولى تدعي حرصها على إنهاء الانقسام بإجراءاتها التي تمس بقوت المواطن، والأخيرة مازالت متعنتة بقراراتها الفردية في قطاع غزة، فيما ردت فتح بأن استمرار حماس في سياستها التي تجر إلى انفصال القطاع، سيؤدي إلى تنفيذ إجراءات غير متوقعة معها.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جمال محيسن، إن وفدا من حركة فتح سيتوجه قريبا لقطاع غزة ستكون مهمته إيصال رسالة لحركة حماس مفادها أنه إن لم تتراجع عن خطواتها الأخيرة والمتمثلة في تشكيل لجنة إدارية لقطاع غزة، فإن هناك خطوات ستقوم بها السلطة لن تكون متوقعة.
وأضاف محيسن أن الوفد سيلخص واقع القطاع، مشددا على أهمية التراجع عن الانفصال، خاصة بعدما شكلت حماس لجنة إدارية لقطاع غزة، حيث وصف هذا الأمر بخطة للانفصال أصبحت قيد التنفيذ.
وشدد محيسن على أن وفد فتح سيطالب حركة حماس بتسليم حكومة الوفاق التي تم الاتفاق عليها قطاع غزة بشكل فعلي، مهددا: وإلا ستكون هناك خطوات سياسية من القيادة لن تتوقعها حماس.
وكانت صحف فلسطينية محلية كشفت مؤخرا عن نية السلطة الفلسطينية إيقاف مساعدات الشؤون الاجتماعية عن 630 أسرة في قطاع غزة من العائلات الفقيرة التي تعيش على مساعدات الشؤون الاجتماعية.
وذكر محللون في الساحة الفلسطينية أن المرحلة القادمة سيكون عنوانها "سلّم تسلم” ضمن إجراءات سيقوم بها الرئيس محمود عباس ضد حركة حماس في قطاع غزة بعرضه خطة خارطة طريق على الحركة لقبولها وليس للتفاوض عليها، وفي حال رفضت الحركة هذه الخطة فإن إجراءات مشددة سيقوم بها عباس للضغط على حركة حماس، وأهم هذه الإجراءات تتمثل في أزمة حادة في الكهرباء، ووقف مستحقات التنضيمات والأسرى والشهداء، وإحالة الجميع للتقاعد ضمن خطة مدروسة، وإغلاق المعابر، ووقف تمويل الوزارات كالصحة والتعليم وغيرهما، إضافة لموقف عربي موحد مدعوم أمريكيا وإسرائيليا للسيطرة على القطاع بالقوة بحسب ما صرح نشطاء ومحللون على وسائل التواصل الاجتماعي.
شلل في حركة الأسواق 
إحدى الأيام التي يبتهج فيها الباعة والتجار وأصحاب المحالات التجارية في قطاع غزة، هي الأيام الأولى من تقاضي موظفي السلطة الفلسطينية رواتبهم في القطاع، عندها تزداد حركة التجارة والبيع والشراء، وتعج الأسواق بالزبائن، هكذا يروي أحد الباعة في أكثر أماكن قطاع غزة اكتظاظا بالمشترين، الحاج أبو رأفت عويص، موضحا أن التغيرات التي طرأت على الناس بعد خصم 30% من رواتبهم كبيرة.
يقول عويص إننا كتجار ننتظر أيام صرف الرواتب، في هذا الوقت من كل شهر، يأتي الموظفين للأسواق ويشترون سلعا وملابسا في كل شهر، إذ لا بد من توفير احتياجات كل بيت عند استلام الرواتب، لكن هذه المرة محتلفة، فحالة من الحزن تعم الناس، ونسبة المشترين قليلة جدا تكاد لا تذكر مقارنة بالشهور السابقة، مؤكدا أن التجار أكبر المتضررين من خصم الرواتب، حيث شُلت حركة السوق، إضافة لتراكمات للديون على بعض الزبائن.
وكان التجار والباعة ينتظرون رواتب الموظفين أكثر من الموظفين أنفسهم، حتى تنشط السوق من حالة الركود التي تصيبه، والجدير بالذكر، أن قطاع غزة بالكامل يكون بحالة مجمدة قبيل صرف الرواتب، إلى أن يتم صرفها، فتعود الحيوية في جميع الأجواء التجارية وحركة الأفراد والتنقل أيضا.

يقول التاجر أحمد عليوة لـ”البديل” إن قرار الخصم أثر بشكل سلبي على التجار وعلى القوة الشرائية في الأسواق، موضحا أن التجار سيتعرضون لخسائر فادحة بجانب التي يتعرضون لها نتتيجة الضرائب والتبعيات الأخرى، مشيرا إلى أن خصم الرواتب كان ضربة قاضية للحركة التجارية، حيث سيؤدي هذا الأمر لتكديس البضائع حتى يضطر لبيعها بسعر منخفض بدلا من أن تتلف في مخازنه.
وضم أبو موسى، صاحب سوبر ماركت بمدينة غزة، صوته للتجار قائلا: إن قرار الخصم لم يضر الموظفين وحدهم، معللا أنه على موعد مع سداد عدد كبير من زبائنه لديونهم الشهرية، وبهذا ينتعش عمله قليلا، إلا أنه أكد أن عددا كبيرا من الموظفين لم يسددوا ديونهم، وبهذا يتراكم العبء عليه.
الموظف (م.ح)، عبر عن استيائه الشديد من الخصومات التي طالت راتبه الذي يبلغ 2000 شيكل، وتم خصم 800 شيكل منه، حيث يؤكد دفعه إيجار بيته بمبلغ 800 شيكل، إضافة لقسط بنكي من قرض كان اقترضه بقيمة 500 شيكل، ما يجعله في أزمة حقيقية، إذ عليه أن يوفر مأكلا ومشربا لعائلته المكونة من 5 أفراد طيلة الشهر.
قرارات الخصم التي طالت موظفي قطاع غزة وحدهم من بين كوادر السلطة الفلسطينية، جاء تبريرها على لسان المتحدث الرسمي لحكومة الوفاق الوطني يوسف المحمود، بأنها خصومات طالت العلاوات فقط، ولم تمس الراتب الأساسي للموظفين، وذلك بسبب أزمة مالية تمر بها فلسطين، كذلك تم ربطها بتبعيات الانقسام وآثاره، لكنها مهما يكن تبريرها، خلقت نوعا جديدا من الرفض داخل قطاع غزة، حيث الاعتصامات والاحتجاجات الهائلة مستمرة منذ أيام في شوارع ساحات القطاع.
غضب موظفي السلطة 
حالة من الصدمات والتساؤلات العديدة طرأت لدى المواطنين في قطاع غزة على إثر خصم السلطة الفلسطينية لثلث رواتب جميع الموظفين المنتفعين منها، سواء المدني أو العسكري في قطاع غزة، إذ قامت السلطة الفلسطينية بقرار رئيسها محمود عباس باقتطاع 30% من رواتب الموظفين دون إبداء أي أسباب، ما اعتبره العديد خطوة للتخلي عن قطاع غزة والانفصال التام عنها، فيما رأى آخرون أن أطرافا أخرى كمحمد دحلان سوف تستغل هذا الوضع القائم وتحتوي هؤلاء الموظفين الذين خرجوا للشوارع وأعلنوا اعتصامات واضرابات احتجاجاًعلى الخصم الذي طالهم، كذلك قدمت كتل فتحاوية وأقاليم في مختلف أنحاء القطاع استقالتها، وطلبت كتل أخرى اعفائها من مهامها تمهيدا للاستقالة.
هذا الأمر ورغم أثره السلبي البالغ، خلق نوعا من التكاتف الاجتماعي في قطاع غزة، حيث موظفو رام الله الذين يتقاضون راتبهم كاملا منذ الانقسام، وبدأت خصومات في رواتبهم حديثا، لم يشعر بهم أحد أكثر من موظفي حكومة قطاع غزة، الذين يحصلون على سلف مالية من رواتبهم الأساسية منذ بداية الانقسام، حتى وصل الأمر أن ينادوا أخوانهم وأصدقائهم ويعدونهم بتقاسم الرغيف معا إن ضاقت عليهم الدنيا.
لكن الضرر الأكبر لحق بالموظفين الذين كانوا قد حصلوا على قروض من البنوك بضمانة رواتبهم المستمرة من السلطة الفلسطينية، فغالبيتهم من فئة الشباب الذين بدؤوا حياتهم بهذه الطريقة، ويقتطع البنك شهريا جزءا كبيرا من رواتبهم، ولكن بعد خصم السلطة 30% من رواتبهم، أصبحت الآن محصلة رواتبهم الذين يحصلون عليها لا تتجاوز 50 دولار ومعظمهم لديهم عائلات.
وفي تصريحات لا تمت للواقع بأي صلة، قال روحي فتوح، عضو اللجنة المركزية بحركة فتح، إن الرئيس عباس يتابع ملف الموظفين عن كثب، إذ يعتبر عباس جميع الموظفين أبنائه ولا يميز بين موظفين غزة والضفة الغربية، رغم أن الخصم طال موظفي قطاع غزة وحدهم.
وأكد فتوح أن الرئيس سيعقد اجتماعا السبت المقبل بأعضاء اللجنة المركزية لمتابعة الأمر، مطالبا من يستغل أوضاع الموظفين، بعدم الاصطياد في الماء العكر، واصفا هذا الملف بالداخلي.
وعلى صعيد آخر، وصف مواقبون أن هذا الأمر يصب المزيد من الزيت على نيران الانقسام المستمر، إذ خرج محمد دحلان بتصريحات حاول من خلالها توظيف الأزمة لصالحه، حيث نشر على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: بعيدا عن كل القواعد و القيم الأخلاقية يرتكب محمود عباس و زمرته جريمة كبرى مستهدفا لقمة عيش أهلنا في قطاع غزة بخصم ما يوازي 30% من رواتب موظفي السلطة ، دون وجه حق أو أي مسوغات قانونية و بمبررات سخيفة وواهية.
وقال مراقبون، إن دحلان سيحاول ضم هذه الأعداد لصالحه في حربه ضد الرئيس عباس، أما على الصعيد الشعبي فالغضب طال الجميع، واستنكر الموظفون هذا الخصم، وخرجوا في اعتصامات مهددين بإضرابات لا تنتهي في حال استمر الخصم، حاملين لافتات مختلفة، أهمها أن الرواتب حق أبنائهم وعائلاتهم، ولا يجوز حرمانهم منهم، ولا يعتبر منة عليهم من أحد.
وفي ظل الجهود التي يسعى لها الفلسطينيون لإنهاء الانقسام وإعادة الوحدة للصف الفلسطيني، تأتي قرارات كهذه لتعزز الانقسام، وتزيد من معاناة الموظفين الذين يواجهون الويلات في قطاع غزة، ولا نصير لهم حتى حكوماتهم.
عباس يتحدث عن إنهاء الانقسام.. وحماس ترد: المصالحة تحتاج إرادة
بعدما تم الإعلان عن خطوات تصعيدية وغير متوقعة من حركة فتح للضغط على حركة حماس لإلزامها بالمصالحة كما ادعت حركة فتح بعد الاجتماع الأخير للجنة المركزية، يحاول طرفي الإنقسم الفلسطيني لم أوراقهما للوصول لحل مُرضٍ لتجنب غضب الشعب على ما يبدو، لكن المؤشرات والساحة الفلسطينية السياسية فقدت الأمل منذ زمن بعيد بأن يتفق الطرفان نتيجة للخلافات المتكررة بينها.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أثناء جولته في البحرين، إنه سيتم اتخاذ إجراءات غير مسبوقة من شأنها أن تنهي الانقسام، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني يعيش وضعا خطيرا وصعبا هذه الفترة، ويحتاج لخطوات حاسمة.
وأضاف أن سلطته بصدد تنفيذ هذه الخطوات، معللا أنه بعد 10 سنوات من الانقسام، فإن أهالي قطاع غزة لهم حق علينا بأن يتم تقديم كل الدعم لهم.
من جانبها؛ ردت حركة حماس على ما صرح به الرئيس عباس، حيث قال نائب رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق، إن المصالحة لا تحتاج لحوارات إضافية، وأن نجاحها يتمثل بتطبيق ما تم الاتفاق عليه مع حركة فتح في الاتفاقيات السابقة، إضافة لقيام الحكومة بالتزاماتها تجاه القطاع مع إنهاء أشكال التمييز  ضد غزة، والتي كانت آخر أشكاله خصومات من رواتب الموظفين بقطاع غزة فقط، مشيرا إلى أن لغة التهديد التي يصرح بها قادة فتح، لن تجدِ نفعا.
وأَضاف أبو مرزوق أن حركة فتح تعرف عنوان المصالحة، لكن تصريحات قادتها تعد تحريضية، وحماس تريد إنهاء الانقسام بتطبيق ما تم الاتفاق عليه، وتمكين الحكومة بالتزاماتها في القطاع، مشيرا إلى أن وفد حركة فتح يجب أن يبحث عدة موضوعات خلال زيارته في غزة، والأزمات التي تحتاج التباحث والتشاور كثيرة، كالكهرباء والرواتب والمياه والضرائب والمعابر والأمن، مضيفا أنه يخشى أن تكون زيارة وفد حركة فتح هروبا للأمام بعدما اكتشفت الخطأ الذي ارتكبته بخصوص الرواتب.
وعن اللجنة الإدارية التي طالب عباس بحلِّها والتي أعلنت حماس مؤخرا عن تشكيلها، قال أبو مرزوق إن السلطة تقول بأن حماس تدير قطاع غزة منذ استلامها للحكم، متسائلا ما الجديد في الأمر؟ هل هو الإعلان عن لجنة تدير غزة فقط؟
وكانت حماس شكلت هذه اللجنة بناءً على عدم التزام حكومة رام الله بمسؤولياتها تجاه قطاع غزة، وتحل إذا ما عادت الحكومة للقيام بواجباتها، حيث قال أبو مرزوق إن حكومة رام الله تعلم بوجود لجنة إدارية قديمة ولكن الجديد أنه تم استبدالها واستبدال رئيسها.
وقال القيادي بحماس صلاح البردويل، إنه تم إبلاغ الفصائل الفلسطينية مسبقا بأن اللجنة الإدارية في غزة مؤقتة لحين وجود حكومة بديلة تتولى مهام القطاع.
وقال في تصريحات مقتضبة، إن حركته تقبل الحوار مع الرئيس عباس ولكنها لا تقبل التهديد والابتزاز، مؤكدا أن أزمة الرواتب والكهرباء تعتبرهما الحركة عمليات سياسية وليست مالية.
الاستغلال الإسرائيلي
تتعدد مظاهر توظيف إسرائيل لاحتدام وتيرة الصراع بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، خاصة بعد سلسلة الإجراءات التي أقدم عليها رئيس السلطة محمود عباس، ضد قطاع غزة مؤخرا، وردود الحركة عليها.
وتحاول إسرائيل بشكل واضح استغلال هذا الصراع لتحسين مكانتها في المواجهة مع طرفيه. فقد مثل انفجار هذه الأزمة قبل توجه عباس لواشنطن الشهر المقبل من أجل لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فرصة ذهبية لإسرائيل، لتقليص فرص إحداث تحول جدي في موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من الصراع، بطريقة قد تدفعها لاتخاذ مواقف تفضي إلى توتر العلاقة مع ساكن البيت الأبيض الجديد، بعكس ما تراهن.
وتخشى نخب اليمين الحاكم في تل أبيب أن يترجم ترامب إعلاناته المتكررة بشأن حرصه الشديد على حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر "صفقة القرن"، التي يروج لها، إلى تحركات سياسية تضطر معها تل أبيب لتأكيد تشبثها بمواقفها الأيديولوجية التي لا يمكن على أساسها إحراز أي تقدم على صعيد التسوية، بغض النظر عن طابعها، سواء كان ثنائيا أو إقليميا. 
وقد سارعت محافل التقدير الاستراتيجي المرتبطة بدوائر صنع القرار في تل أبيب إلى توظيف الصراع المحتدم بين طرفي الانقسام الفلسطيني، من أجل الطعن في شرعية تمثيل عباس للشعب الفلسطيني، والزعم بأنه لا يمكن لإسرائيل أن تتوصل لتسوية مع قيادة لا تمثل الشعب الفلسطيني.
ويحاجج "مركز يروشليم لدراسات المجتمع والدولة"، الذي يترأس مجلس إدارته دوري غولد، وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلي السابق، والمقرب من دوائر صنع القرار في تل أبيب، بأنّ الصراع بين غزة والضفة يدلل على أن السلطة الفلسطينية "تخضع عملياً لقيادتين سياسيتين"، وبالتالي ليس بإمكان أحدهما اتخاذ قرارات تلزم الأخرى".
وفي تقدير موقف نشره اليوم وأعده يوني بن مناحيم، المدير السابق لسلطة البث في إسرائيل، يشير المركز إلى أن السلطة الفلسطينية تعي أن قدرتها على إقناع المجتمع الدولي بتمثيلها للشعب الفلسطيني تتوقف على نجاحها في استعادة قطاع غزة، مما دفعها لاتخاذ الإجراءات الأخيرة ضد القطاع في مسعى لإجبار "حماس" على التخلي عن السيطرة عليه، ومنها سلسلة الخطوات الأخيرة، وعلى رأسها تقليص رواتب الموظفين بنسبة 30%.
ولا يتوقف الاستغلال الإسرائيلي للصراع القائم بين حماس وفتح من أجل إضعاف عباس والتشكيك في مكانته التمثيلية عند هذا الحد، بل إن نخب اليمين الحاكم معنية أن يمثل الصراع المحتدم حاليا بين حركتي فتح وحماس دليلا على تهاوي الوحدة السياسية لمناطق نفوذ السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد سبق لممثلي اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو أن جاهروا بتأييد كل خطوة تهدف إلى تكريس القطيعة السياسية بين الضفة الغربية وقطاع غزة. فقد عزا المعلق السياسي في القناة الإسرائيلية العاشرة، رفيف دروكير، تحمس كل من وزير الاستخبارات الليكودي يسرائيل كاتس ووزير الاستيطان أوري أرئيل، أحد قادة حزب "البيت اليهودي" الديني المتطرف، لفكرة تدشين ميناء عائم في غزة إلى رغبتهما في الإبقاء على القطيعة بين الضفة والقطاع.
لكن إسرائيل التي تدرك أن تفاقم الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة في أعقاب الإجراءات الأخيرة لعباس قد يفضي إلى اندلاع مواجهة جديدة مع حماس، سارعت إلى قطع الطريق على الحركة ومنعها من تحميلها المسؤولية عن هذا المآل. وقد وجدت إسرائيل في السجال المحتدم بين السلطة وحماس فرصة للتدليل على أنها لا تتحمل المسؤولية عن الوضع القائم في غزة.
وحرص الجنرال بولي مردخاي، منسق شؤون الأراضي المحتلة في إسرائيل، إلى نزع مسوغات اندلاع أية مواجهة عسكرية جديدة مع تل أبيب، من خلال تحميل كل من "حماس" وعباس المسؤولية عن تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة. ويهدف الجهد الدعائي الذي يقوم به مردخاي، إلى تحميل حركة حماس المسؤولية عن ردود الفعل العسكرية، التي تهدد بها تل أبيب، في حال قادت الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في القطاع إلى حرب جديدة. 
لكن محاولة تل أبيب توظيف الصراع المحتدم بين "حماس" والسلطة لم تمنعها من مواصلة التعاون مع حكومة رام الله في مواجهة تحديات مشتركة. ويكشف "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة" في ورقة أخرى صدرت عنه اليوم، النقاب عن وجود تنسيق مباشر بين إسرائيل والسلطة لاحتواء تداعيات إضراب الأسرى الفلسطينيين. وحسب الورقة، فإن ما يثير قلق كل من تل أبيب وحكومة رام الله هو أن يمثل الإضراب "كرة ثلج متدحرجة تقود إلى انفجار الأوضاع الأمنية واندلاع انتفاضة ثالثة".

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@