] ما هو المستقبل إضراب الأسرى الفلسطينيين
الرئیسیة >>  عمومی >> تیتر یک
01 May 2017 - 14:07 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 3107

ما هو المستقبل إضراب الأسرى الفلسطينيين

إذاً، الظروف الذاتية لنجاح الإضراب مؤاتية، والظروف الموضوعية والتي تنتظر دعماً حقيقياً من الشارع، بالتزامن مع الإحراج الذي تواجهه القيادة السياسية والذي يجعلها تتحمل مسؤولياتها تجاه مطالب الأسرى العادلة، كلها تشير إلى نجاح باهر للإضراب.
تعتبر قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي معلما أساسيا من معالم القضية الفلسطينية، وعنواناً بارزاً في مسيرة كفاح الشعب الفلسطيني؛ إذ للأسير الفلسطيني منزلة كبيرة في وجدان شعبه لما يمثله من قيمة معنوية ونضالية، كما غدا نموذجاً يُحتذى في الصمود والبطولة ومقاومة المحتل.
هذا عن مكانة الأسرى الفلسطينيين في وعي شعبهم ولدى الكثيرين من أمتهم. أما دولة الاحتلال، فرغم أنها تعتبرهم مجرد أفراد منحرفين، فإنها لا تسعى لإعادة تأهيلهم، بل تعتبر سجنها إياهم انتقاما يستحقونه. وهذا ناتج عن نظرة عنصرية لا ترى في الفلسطينيين سوى مخربين، بل إنهم مخربون لا يستحقون الحياة أو إعادة التأهيل.
من هنا فلن يكون مستغربا أن نرى دولة الاحتلال تشدّد إجراءاتها التعسفية بحقهم، وتقسو في تعاملها معهم، وتحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، وتخترع كل ما هو كفيل بإهانتهم وإذلالهم وكسر إرادتهم.
فلقد قُمع الأسرى طويلا ومرات لا تحصى، وعانوا أشكالا متعددة من الإذلال والإهانة، وظلت السجون الإسرائيلية دوماً -ومنذ لحظة إنشائها- وسائل عقابية قاهرة لأجساد الأسرى الفلسطينيين ونفوسهم.
إن كل هذه المحاولات الإسرائيلية إنما تهدف لصهر الوعي وغرس مفاهيم جديد في أعماق الفلسطينيين، تقضي بعدم جدوى المقاومة. ولعل الأخطر، هي تلك المحاولات التي تهدف للإساءة إلى المكانة القانونية للأسرى الفلسطينيين وتجريم كفاحهم، وتقديمهم للعالم على أنهم "إرهابيون"، في إطار السعي لتجريم كفاح الشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة.
مطالب المضربين
لقد أدرك الأسرى خطورة الأهداف الإسرائيلية بعدما تذوقوا مرارة الأوضاع وقسوة الإجراءات على أجسادهم، والتي لم يعد بالإمكان التعايش معها، وتحمل قسوة الواقع، أو الصمت والصبر أمام ما يُمارس ضدهم.
لهذا فقد لجأ الأسرى في 17 أبريل/نيسان الجاري إلى الخيار الأخير بالإعلان عن بدء الإضراب المفتوح عن الطعام، وذلك بعد استنفاد الخيارات الأخرى، في ظل تقاعس المجتمع الدولي وعجز مؤسساته الحقوقية والإنسانية عن إلزام دولة الاحتلال باحترام الاتفاقيات والمواثيق الدولية في تعاملها مع الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجونها ومعتقلاتها.
لم يكن الإضراب عن الطعام يوماً هو الخيار الأول أمام الأسرى، كما لم يكن هو الخيار المفضل لديهم، وليس هو الأسهل والأقل ألماً ووجعاً، وإنما هو الخيار الأخير وغير المفضل، وهو الأشد إيلاماً والأكثر وجعاً، فهم لا يهوون تجويع أنفسهم ولا يرغبون في إيذاء أجسادهم، كما لا يرغبون في أن يسقط منهم شهداء في السجون.
لكنهم يلجؤون لهذا الخيار مضطرين ورغما عنهم، تجسيداً لثقافة المقاومة في انتزاع الحقوق المسلوبة وصوناً لكرامتهم المهانة، ودفاعاً عن مكانتهم ومشروعية مقاومتهم للمحتل.
لقد قيل منذ القدم إن الجوع كافر، لكن هناك مِن الفلسطينيين مَن جعلوا من الجوع ثائراً خلف قضبان سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وبناءً على ذلك فلقد خاض الأسرى منذ عام 1967 عشرات الإضرابات عن الطعام، وكان سجن عسقلان شهد في يوليو/تموز عام 1970 أول إضراب جماعي ومنظم يخوضه الأسرى، واستشهد خلاله الأسير عبد القادر أبو الفحم الذي يُعتبر أول شهداء الإضرابات عن الطعام.
وقد أحدث هذا الإضراب وهذه الشهادة تأثيراً كبيراً على واقع الحركة الأسيرة فيما بعد، وشكّل حافزاً للأسرى للاستمرار على ذات النهج، فتوالت الإضرابات بعد ذلك في إطار الصراع الدائرة رحاه في ساحات السجون كافة، وقدم خلالها الأسرى تضحيات جساماً وسقط من بينهم شهداء: راسم حلاوة وعلي الجعفري وإسحق مراغة وحسين عبيدات.
ان الإضراب عن الطعام الذي بدأه الآن نحو 1500 أسير فلسطيني هو امتداد لخطوات نضالية سابقة ويجسد ذات الثقافة، ولا يختلف في دوافعه عما سبقه من إضرابات كثيرة حتى وإن تعددت المطالب، فالمضمون واحد: صون الكرامة ورفض الإهانة، وانتزاع الحقوق وتحسين الشروط الحياتية، والدفاع عن الوجود والهوية وتعزيز المكانة القانونية للأسرى ومشروعية نضالهم.
وعلاوة على ذلك؛ يحاول الأسرى بإضراباتهم تحريك المياه الراكدة وإثارة قضيتهم وإعادتها إلى الواجهة من جديد، وتسليط الضوء على معاناتهم ولفت الأنظار إلى ما تشكله قضيتهم في خضم الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي.
لقد تقدم الأسرى بجملة من المطالب، وهي في حقيقة الأمر حقوق كفلها لهم القانون الدولي، وجزء منها كان موجودا من قبل بعدما انتزع بالإضرابات، ولكن إدارة السجون عادت فصادرتها، وجزء آخر يرى الأسرى أنه بات من الضروري النضال لانتزاعه، بدءا بإنهاء سياسة العزل الانفرادي والاعتقال الإداري والإهمال الطبي، ووقف الإجراءات المهينة والمذلة بحق الأسرى الذكور والإناث.
ومرورا بتحسين شروط الزيارات العائلية، وتوفير هاتف عمومي لغرض التواصل الإنساني مع الأهل، والسماح بإدخال الأطفال واحتضانهم والتصوير معهم أثناء الزيارة، وإدخال الكتب والصحف والملابس، والسماح بمشاهدة بعض القنوات الفلسطينية والعربية لكسر العزلة المفروضة عليهم، وإنشاء مرافق انتظار ملائمة للأهل تحفظ لهم كرامتهم خلال انتظارهم على بوابات السجون.
وليس انتهاء بالمطالبة بتوفير العلاج المناسب والأدوية اللازمة للأسرى المرضى وهم كُثر، وتأمين معاملة إنسانية وأماكن لائقة للأسرى أثناء تنقلاتهم، وإعادة التعليم عبر السماح بتقديم الثانوية العامة (التوجيهي) والالتحاق بالجامعة العبرية المفتوحة.
مشاركة ناقصة
لقد أعلنت كافة الفصائل دعمها للإضراب، وتشارك فيه بتفاوت على شكل مجموعات وأفراد ورموز، وهي خطوة -رغم عدم شموليتها- كان الأسرى في أمس الحاجة إليها بعدما افتقدوها سنوات طوال.
إلا أن الغالبية العظمى من الأسرى المضربين اليوم ينتمون إلى "حركة فتح" التي تشكّل ما يزيد على 50% من إجمالي الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وكان من أعلن انطلاق الإضراب وقائمة المطالب هو القائد في "فتح" والنائب في المجلس التشريعي الفلسطيني مروان البرغوثي، الذي يتمتع بحضور قوي وشعبية جارفة.
ورُبّ سائل يتساءل عن أسباب اقتصار المشاركة في الإضراب الحالي على هذا العدد الذي يصل إلى 1500 أسير فقط من بين نحو 6500 أسير، وكذلك عدم مشاركة كافة عناصر وقيادات "فتح" في السجون الذين يتجاوز عددهم 3500 أسير، رغم أن "فتح" هي من تقود الإضراب وهي القوة الأساسية المحركة له.
لكن الحقيقة المرة التي يجب أن يدركها الجميع هي أن الأوضاع الداخلية في حركة "فتح" ليست متماسكة -بالقدر الذي كانت عليه في الماضي- بسبب عوامل كثيرة. ثم إن الحركة الأسيرة بمكوناتها المختلفة، لم تعد قوية كما كانت عليه قبل "اتفاق أوسلو" الذي أرخى بظلاله السلبية على تماسكها.
كذلك لم تعد الحركة الأسيرة موحدة كما كان حالها قبل "الانقسام" الفلسطيني/الفلسطيني الذي امتدت آثاره لتمزق وحدتهم. وهذا تجلى بشكل واضح في الإضرابات الفردية التي عكست فشل الجماعة في اتخاذ قرارات موحدة. وما زال الأسرى يبحثون عن آليات تُعيد للحركة الأسيرة تماسكها ووحدتها، كما كانت عليه في سبعينيات وثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن الماضي.
فالإضرابات الشاملة والمفتوحة عن الطعام لا تستطيع أن تقوم بمنأى عن ثقافة جماعية، هي العنصر الرئيسي في حسم المعركة. وبموجب ذلك، فإن كل أسير يشعر بأن قوته لا تستمد أحقيتها وتحققها إلا من خلال الجماعة. ولئن كان كل أسير قويا بذاته فإن قوته تزداد وتكبر برفدها بقوة الأسرى الآخرين الذين يشاركونه نفس الهدف وذات الوسيلة. هذا هو قانون الإضراب وتلك هي معادلته الناجحة.
لقد بدأ الأسرى إضرابهم بخطوة موحدة -بغض النظر عن أعداد المشاركين وفي أي السجون والمعتقلات يقبعون- وهم يتطلعون إلى أن يؤسس هذا الإضراب لمرحلة جديدة يُعاد فيها الاعتبار لهيبة الحركة الأسيرة وتماسكها، ولثقافة الجماعة والقرار الموحد في مواجهة صلف وجبروت السجان وعنجهيته.
ومن المتوقع أن تتسع دائرة الإضراب ويزداد عدد المشاركين فيه خلال الأيام القليلة القادمة بانضمام أسرى جدد. كما من المتوقع -إذا استمر وطال الإضراب- أن تدخل "حركة حماس" بقرار رسمي وبثقل كبير، وهذا سيمنح الإضراب قوة جديدة، وسيعطي الفعاليات المساندة خارج السجون زخما إضافيا نوعيا. وأظن أن "حماس" تتجه نحو ذلك.
مخاوف مشروعة
وبإصرار شديد يواصل الأسرى إضرابهم المفتوح عن الطعام رغم الظروف الصعبة التي يمرون بها، وحجم التحديات الكبيرة التي يتعرضون لها، وقسوة الإجراءات التي تُقترف بحقهم، في ظل استمرار حالة الحراك الخارجي وحملات الدعم التي واكبت الإضراب منذ يومه الأول، والاصطفاف الرسمي والشعبي المساند، ووقوف حركة "فتح" بمكوناتها المختلفة دعماً لهم.
لكن ثمة مخاوف مشروعة لدى الكثيرين ولعل أبرزها:
- عدم قدرة حركة "فتح" على تجاوز ما يعوق مشاركة كافة قياداتها وعناصرها في كافة السجون. وعدم دفع الفصائل الأخرى بثقلها في الإضراب، وبقاء حركة "حماس" خارج المشاركة.
- كثير من الأزمات تعصف بالساحة الفلسطينية هذه الأيام، وربما لن يكون آخرها الخصم من رواتب موظفي السلطة الفلسطينية وأزمة الكهرباء وغيرها، فضلا عن الأزمات السابقة الناتجة عن "الانقسام" وتداعياته. وهناك خشية من تأثير كل ذلك على حجم المشاركات المحلية إذا استمر الإضراب وطالت مدته.
- نتألم للظروف القاسية التي يمر بها بعض الدول العربية والنكبات التي أصابتها بعضها، وانشغال جامعة الدول العربية بقضايا الأمة، ونراعي ثقل الهموم التي تثقل كاهل المواطن العربي، ونقدر الأنشطة والفعاليات التي أقيمت في الساحة العربية، لكن ثمة خشية من أن يبقى هذا الفعل ضعيفا وباهتا.
- لقد بدأ الإعلام العربي قويا في حضوره وتغطيته لقضية الأسرى المضربين، والخشية من تراجع هذا الاهتمام لصالح انشغاله بما يدور في المحيط العربي، والذي هو -في نظر كثيرين- أهم من قضية الأسرى.
- إسرائيل تراهن على الوقت وإطالة مدة الإضراب والضغط أكثر على المضربين بكل وسائل الضغط الممكنة لإنهاء إضرابهم أو تفكيك عناصره، قبل سفر الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، دون تلبية مطالبهم أو تحقيق شيء جوهري يُذكر لهم. 
سلاح الإضراب لانتزاع الحقوق
وبدأ الأسرى الفلسطينيون باستخدام اسم معركة 'الأمعاء الخاوية'، في ثمانينات القرن الماضي، إلا أنه أُعيد استخدامه مُجددًا خلال الفترة الأخيرة. 
وتعتبر سياسة الإضراب عن الطعام، السلاح الوحيد الذي يلجأُ إليه الأسرى داخل السجون، بعد استنفاد كافة أشكال الحوارات مع إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية.
وبحسب المتحدث الرسمي باسم جمعية 'واعد للأسرى والمحررين'، عبد الله قنديل، فإن 'هذه الخطوة شبه الوحيدة أمام الأسرى، للدفاع عن أنفسهم، واسترداد أدنى حقوقهم، وإجبار السجان على الاستجابة لمطالبهم'، معتبراً أنها 'الأخطر والأقسى التي يلجأ إليها الأسرى لما يترتب عليها من مخاطر جسيمة على حياتهم'.
من جانب آخر، فإن إدارة سجون الاحتلال تتجه لتغذية المعتقلين المضربين عن الطعام 'قسرياً'، في محاولة منها لفك إضرابهم عن الطعام.
وتسببت سياسة التغذية القسرية للمعتقلين داخل السجون، بوفاة 5 منهم أثناء محاولة سجانيهم بإجبارهم على 'التغذية'، بحسب قنديل.
وأضاف أن 'سياسة التغذية القسرية تُعرض حياة الأسرى للخطر الشديد، كما إنه فيها انتهاك للحقوق الآدمية'.
وفي إطار 'التغذية القسرية'، يُقيّد أفراد إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية أيدي وأرجل الأسرى المضربين عن الطعام، ومن ثم يُدخلون أنبوباً موصول بـ'محلول تغذية' إلى أجسادهم عن طريق 'الأنف'، وفق قنديل.
ويقول مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، في تقرير له نشره على موقعه الرسمي، إن الإضراب عن الطعام رغم خطورته على صحة المعتقل إلا أنه يعتبر 'أكثر الأساليب النضالية وأهمها، من حيث الفعالية والتأثير على السلطات الإسرائيلية لتحقيق مطالبهم، كما أنها تبقى معركة إرادة وتصميم'.
وبحسب المركز، فقد توفي 5 معتقلين جراء الإضراب عن الطعام، وهم عبد القادر أبو الفحم، وراسم حلاوة، وعلي الجعفري، ومحمود فريتخ، وحسين عبيدات.
ويذكر المركز أشهر وأبرز الإضرابات التي خاضها أسرى فلسطينيون داخل سجون الاحتلال الإسرائيلية، والتي استمرت لأيام طويلة على النحو التالي:
- إضراب سجن الرملة ومعتقل 'كفار يونا' في شباط/ فبراير 1969، استمر 11 يومًا، وطالب الأسرى خلاله بتحسين كميات الطعام، وإدخال 'القرطاسية'، ورفض مناداة السجّان بكلمة (سيدي)، لكنّه انتهى بالقمع وتعريض المعتقلين للإهانة.
- إضراب المعتقلات الفلسطينيات في سجن 'نيفي تريتسا'، نيسان/ أبريل 1970، استمر لمدة 9 أيام.
- إضراب في سجن عسقلان، بتاريخ 11 كانون الأول/ ديسمبر 1976، استمر لمدة 45 يومًا.
- إضراب في سجن عسقلان، بتاريخ 24 شباط/ فبراير 1977، استمر لمدة 20 يوماً، واعتبره حقوقيون امتداداً للإضراب السابق.
- إضراب في سجن نفحة، بتاريخ 14 تموز/ يوليو 1980، استمر لمدة 33 يوماً، احتجاجاً على ظروف الحياة 'القاسية' التي عايشها الأسرى آنذاك.
- إضراب في سجن جنيد، في أيلول/ سبتمبر 1984، استمر لمدة 13 يوماً.
- إضراب في سجن جنيد، بتاريخ 25 آذار/ مارس 1987، واستمر لمدة 20 يوماً.
- إضراب سجن نفحة بتاريخ 23 حزيران/ يونيو من عام 1991، لمدة 17 يوماً.
- إضراب في غالبية السجون المركزية، بتاريخ 25 أيلول/ سبتمبر 1992، استمر 18 يومًا، واعتبر هذا الإضراب من أنجح الإضرابات التي خاضها الأسرى الفلسطينيون من أجل الحصول على حقوقهم.
- إضراب في معظم السجون، بتاريخ 18 حزيران/ يونيو 1995، استمر لمدة 18 يوماً، تحت شعار (إطلاق سراح جميع الأسرى والأسيرات دون استثناء).
- إضراب في سجن عسقلان، عام 1996، استمر 18 يومًا.
- إضراب في غالبية السجون، بتاريخ 2 أيار/ مايو 2000، استمر لمدة 30 يوماً، احتجاجاً على سياسة العزل الانفرادي.
- إضراب الأسيرات في سجن 'نيفي تريتسا'، بتاريخ 26 حزيران/ يونيو ،2001، لمدة 8 أيام متواصلة، احتجاجاً على أوضاعهن السيئة داخل السجن.
- إضراب في معظم السجون، بتاريخ 15 آب/ أغسطس 2004، لمدة 17 يوماً.
- إضراب خاضه أسرى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بتاريخ تشرين الأول/ أكتوبر 2011، استمر 21 يوماً.
- إضراب الأسيرين ثائر حلاحلة، وبلال ذياب، بتاريخ 28 شباط/ فبراير 2012، لمدة 76 يوماً.
- إضراب في غالبية السجون، بتاريخ 17 نيسان/ أبريل 2012، استمر 28 يوماً، وتم تعليقه عقب توقيع اتفاق عرف آنذاك باسم 'الكرامة'، بين قيادة 'الحركة الأسيرة'، وإدارة السجون الإسرائيلية، بوساطة مصرية.
- إضراب حوالي 120 معتقلاً فلسطينياً إدارياً، بتاريخ 24 نيسان/ أبريل 2014، احتجاجاً على استمرار اعتقالهم الإداري دون تهمة أو محاكمة.
- إضراب خاضه أسرى حركة 'الجهاد الإسلامي'، بتاريخ 9 كانون الأول/ ديسمبر 2014، استمر لـ10 أيام، احتجاجاً على سياسة العزل الانفرادي.
- إضراب الأسير خضر عدنان، بتاريخ 5 أيار/ مايو 2015 لمدة 66 يومًا، احتجاجاً على سياسة الاعتقال الإداري.
- إضراب الأسير بلال كايد، بتاريخ 13 حزيران/ يونيو 2016، لمدة 71 يوماً، رفضا لاعتقاله الإداري بدون محاكمة.
- إضراب الأسير الصحافي محمد القيق، بتاريخ تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، واستمر لمدة 94 يوماً، احتجاجاً على اعتقاله إدارياً.
فرص النجاح واحتمالات الفشل
خاضت الحركة الفلسطينية الأسيرة قبل هذا الإضراب 266 إضراباً جماعياً عن الطعام، أولها إضراب سجن نابلس عام 1968 لثلاثة أيام، مروراً بإضرابات عديدة فشل معظمها، وانتهى بقمع الأسرى وإلى المزيد من الانتهاكات بحقهم.
فيما تكلل بعضها بالنجاح الكبير، وبعضها بالنجاح الجزئي، وصولاً إلى إضراب الأسرى الإداريين عام 2014، والذي استمر 63 يوماً، وبرغم أهمية تراكم التجربة النضالية للحركة الأسيرة في إنجاح الإضراب الجماعي عن الطعام، إلا أن الأمر لم يكن دائماً حتمياً، فقد نجح إضراب جنيد 1984، فيما قُمع إضراب جنيد 1987. هناك جملة من الظروف الذاتية المتعلقة بالمعتقلين وظروف اعتقالهم، والظروف الموضوعية المتعلقة بالظرف السياسي والأمني والشعبي، تلعب دوراً بارزاً في نجاح الإضراب وتحقيق مطالب الأسرى، أو إخفاقه. من هنا برزت أهمية دراسة الظروف الذاتية والموضوعية في التنبؤ بمخرجات الإضراب الحالي، وفرص نجاحه، وبالتالي المساهمة الفاعلة في تعزيزها، واحتمالات فشله، وبالتالي المساهمة الفاعلة في الالتفاف عليها، ومحاصرتها، فلماذا نجح بعض الإضرابات؟ ولماذا فشل معظمها؟ وكيف يمكن العمل الجماعي على إنجاح هذا الإضراب وتجنب إفشاله؟
عند دراسة تجارب الحركة الأسيرة مع الإضراب الجماعي، سيلاحظ أن ثمة ظروفاً ذاتية بالغة الأهمية ساهمت في نجاح بعض الإضرابات، وهي ذاتها حينما تضعضعت كانت سبباً في إفشال معظم الإضرابات، وأهم هذه الظروف هي طبيعة القيادة التي تتولى إدارة الإضراب. فإن قرار الإضراب عن الطعام قرار صعب، يلجأ إليه المعتقلون حينما يستنفذون كل الطرق الأخرى لتحسين ظروف اعتقالهم، وهو قرار قاس نفسياً على المعتقلين ويحتاج إلى تهيئة، ودعم نفسي مستمر، وثقة بالذات الجمعية للمعتقلين، ومعنويات عالية. وهذا كله لا يتحقق من دون وجود قيادة صلبة ومحل ثقة، خصوصاً في ظل ما تلجأ إليه إدارة السجن من ممارسات وانتهاكات قاسية لحقوق الأسرى، على هيئة عقوبات للمضربين منهم، والتنقلات الدائمة في صفوفهم، وعزل القيادات، لإضعاف عزيمتهم، وتشتيت موقفهم. فقدرة قيادة الإضراب على التفاوض الصلب، وقدرتها على الحفاظ على مستوى عالٍ من الصمود النفسي عند الأسرى المضربين، له أثر كبير في حسم الإضراب لصالحهم. فعند مقارنة إضراب الرملة وإضراب كفار يونا، اللذين بدأا يوم 18 شباط 1968، وكانت لهما المطالب نفسها، مع اختلاف في قيادة الإضراب في السجنين، نجد أن إضراب الرملة انتهى بقمع الأسرى وإهانتهم، والتنكيل بهم، برغم أنه استمر 11 يوماً. في حين نجح إضراب كفار يونا نجاحاً جزئياً تمثل بإدخال القرطاسية، وإلغاء عبارة «حاضر سيدي» من قاموس المعتقلات الصهيونية، برغم أنه استمر تسعة أيام. وعند البحث عن أسباب ذلك، نجد أن نجاح الإدارة في اختراق قيادة الإضراب من خلال القمع وإضعاف إرادتها أثناء التفاوض له أثر بالغ في كسر إرادة المضربين، فالمسألة في النهاية مسألة إرادة وإيحاء، فعندما تعتقد إدارة السجن أنه باستطاعتها إضعاف الأسرى، سيكون صمودها أشد وأشرس من صمودها عندما تعتقد أنها لن تجد إلى إرادتهم سبيلاً. وإذا تأملنا التجارب الناجحة للحركة الأسيرة، نجد أن أهم الإضرابات التي تكللت بنجاح كبير، هما إضراب نفحة 1980، وإضراب جنيد 1984، علماً بأن مطالب الأسرى كانت دائماً متشابهة، وتدور حول تحسين ظروف اعتقالهم. فنجاح الإضراب أو فشله لم يكونا مرتبطَين بسقف مطالب الأسرى، بقدر ارتباطهما بقدرة الأسرى على تنظيم صفوفهم وخوض غمار معركتهم.
تُعتبر القيادة الحكيمة سبباً رئيساً لنجاح الإضرابات إذ لعب الإعداد المتقن، والتهيئة العميقة للإضراب والتي استمرت إلى ما يقارب العام دوراً بارزاً في توعية الأسرى، وشحن إرادتهم، كما ساهمت القيادة الموحدة والصلبة في تفاوضها مع إدارة السجن، وعدم السماح للإدارة باختراق صفوف المعتقلين في لعبة العصا والجزرة، في تقوية موقف المعتقلين وحسم معركتهم، كما لعب التخطيط دوراً بارزاً في إنجاح إضراب جنيد 1984، والذي يعتبر الإضراب الأهم والأنجح في تاريخ الحركة الأسيرة. فقد احتاطت قيادة الإضراب ولجأت إلى خدع إدارة السجن في التنكر للوعود بعد وقف الإضراب، وظلت قيادة الإضراب تلوح باستئناف الإضراب في أي مرحلة لا تلتزم بها إدارة السجن بوعودها، الأمر الذي ضمن لهم تحقيق مطالبهم.
أما الظروف الموضوعية التي ساهمت في نجاح الإضرابات، فقد تمثلت بحسن إدارة المعركة الإعلامية، إذ يعمد الاحتلال إلى تصوير المعتقلين على أنهم إرهابيون متمردون، يريدون مواصلة إرهابهم من داخل المعتقلات، لينتزع بذلك مبررات لقمعهم، وإضعاف موقفهم، كما يلجأ إلى شهادات زور من مؤسسات حقوقية حول أوضاع السجون، وإلى إضعاف المعتقلين من خلال تعزيز إحساسهم بأنهم متروكون، وبأن الشارع لا يهتم لقضيتهم. فبقدر ما تحسن الحركة الأسيرة ومن يدعمها مخاطبة الإعلام، بقدر ما تقطع الطريق على إفشال إضرابها، وتعزز فرص نجاحه، بالإضافة إلى تفاعل الشارع والأهالي مع إضراب الأسرى، بقدر ما يتحرك الشارع في دعم إضراب الأسرى، ويكون قادراً على إيصال تفاعله معهم إليهم، بقدر ما يعزز صمودهم، ويساهم في تشكيل ضغط من الرأي العام الصهيوني على إدارة السجون لحل الأزمة، والتسريع في فك الإضراب.
وبرزت أخيراً عوامل موضوعية أخرى، تمثلت في طول الإضرابات الفردية عن الطعام، الأمر الذي يتطلب من الأسرى الصمود لفترات طويلة في إضراباتهم الجماعية توازي أيام صمود الإضرابات الفردية، وكذلك برز عامل التوقيت كعامل حاسم في إدارة الإضراب، كما حدث في إضراب 2014، إذ شكل اقتراب شهر رمضان وغياب خطة واضحة لإدارة الإضراب خلال الشهر الفضيل عامل ضغط موضوعياً على الأسرى، استغلته إدارة السجون لكسر أطول إضراب جماعي، كما إن طبيعة المعركة تؤثر بشكل بالغ في طريقة التعامل الصحيحة مع الإضراب، فمثلاً درجت العادة أن تكون المفاوضات مطلبية بين الأسرى وإدارة السجون. لكن في إضراب 2014، لجأ الاحتلال إلى منح المعركة صبغة سياسية، فتدخل بنيامين نتنياهو شخصياً من خلال تصريحاته، بالإيعاز إلى إدارة السجون بعدم الرضوخ لمطالب الأسرى، وتزامن ذلك مع تراجع في الموقف السياسي الفلسطيني، إذ سجل أول تحرك سياسي للرئيس الفلسطيني بعد 49 يوماً من إضراب 2014! ناهيك عن حملة الاعتداءات التي شنتها الأجهزة الأمنية الفلسطينية آنذاك بحق المتضامنين مع الأسرى وذويهم.
في ضوء هذه القراءة لأسباب النجاح والفشل، ما هي فرص نجاح الإضراب الحالي؟
برغم ما يعرفه القاصي والداني عن طموح قائد الإضراب الحالي مروان البرغوثي، في الوصول إلى منصب الرئاسة، موقناً أن هذا سيكون سبباً لإطلاق سراحه، على غرار ما حدث مع مانديلا، وعلنية الجهود الحثيثة لتقديم مروان البرغوثي كقائد أوحد يصلح لخلافة عباس، وقيادة غمار المرحلة المقبلة. وبرغم إعلانه أكثر من مرة، وهو المعتقل على خلفية أعمال مقاومة مسلحة، أنه يعتقد أن هذا النوع من المقاومة لم يعد مفيداً، وتواصل المطالبة المصرية بإطلاق سراحه، والجهود المبذولة لطرح اسمه لنيل جائزة نوبل للسلام، والتأكيد الدحلاني على أن البرغوثي هو القائد الوحيد الذي يحظى بتأييد غالبية الفلسطينيين. وبالرغم من كل التحليلات الموضوعية والعميقة، شكّلت الخيبة التي تعرض لها مروان البرغوثي جراء إقصاء عباس له في مؤتمر فتح السابع، حافزاً شخصياً له للعمل على تعزيز دوره القيادي في الأسر، وخوض غمار معركة «الأمعاء الخاوية»، إلا أن الموضوعية تحتم الاعتراف بأن البرغوثي ولكل الأسباب السابقة، يعتبر قيادة قوية وحكيمة ستقود هذا الإضراب إلى النجاح المبهر! فالتقاء مصلحة الأسرى مع مصلحة البرغوثي الأسير، يشكل لُحمة نوعية، ومتانة في الموقف. فحرص القيادة المستميت على النجاح، يشكل أكبر عامل لتوثيق الثقة، ناهيك عن الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها البرغوثي في صفوف الأسرى، وذكائه المشهود، وحكمته المعروفة.
ظهر حُسن إدارة البرغوثي بالإعلان المسبق عن الإضراب، المحضر له جيداً، وقد تجلى حسن الإعداد بعدد الأسرى المنخرطين في الإضراب منذ يومه الأول، كما أنه أحسن استخدام الآلة الإعلامية مستغلاً ثقله الإعلامي عالمياً ومحلياً، ولأنه من قلب «فتح» فقد باشر الرئيس دعواته لتلبية مطالب الأسرى العادلة من اليوم الأول، ولاتساع شعبيته في صفوف الأجهزة الأمنية، فإن احتمالات مغامرة المستوى السياسي بمطالبة الأمن قمع الفعاليات التضامنية مع الأسرى ضئيلة.
يظهر من كتاب إعلان الإضراب الذي أصدره البرغوثي مدى إدراكه لطبيعة المعركة، واستعداده لإضراب طويل، من إشارته إلى بدء أخذ المقويات بعد اليوم الخامس عشر، الأمر الذي يشير إلى وجود خطة مسبقة لديه لمواصلة الإضراب في شهر رمضان، الأمر الذي من المتوقع أن يساهم في تأجيج الشارع الفلسطيني، وسحب الوضع الأمني العام في الضفة إلى دائرة الضغط الكبير على الاحتلال، وهذا سيؤدي إلى نجاح باهر للإضراب .
إذاً، الظروف الذاتية لنجاح الإضراب مؤاتية، والظروف الموضوعية والتي تنتظر دعماً حقيقياً من الشارع، بالتزامن مع الإحراج الذي تواجهه القيادة السياسية والذي يجعلها تتحمل مسؤولياتها تجاه مطالب الأسرى العادلة، كلها تشير إلى نجاح باهر للإضراب.

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@