] زيارة ترامب إلى الرياض.. والأهداف السعودية والأمريكية
الرئیسیة >>  عمومی >> تیتر یک
09 May 2017 - 10:56 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 3150

زيارة ترامب إلى الرياض.. والأهداف السعودية والأمريكية

يسعى ترامب خلال زيارته إلى وضع حجر الأساس العملي للجانب غير المعلن من “صفقة القرن” التي لا تشمل فقط حلا “نهائيا” للصراع العربي الصهيوني، كما تقول الإدارات المصرية والسعودية والأردنية المشاركة فيها، إنما تشمل أيضاً تكتلاً عربياً مواجهاً لإيران ومعادياً لمصالحها في مقابل دعمه للمصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة، مع محاولة القضاء على أو الخصم من أي قوى أو أنظمة مقاومة للاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية واللبنانية والجولان السوري.

في إطار مشروع سياسي أمريكي مختلف عما سبق (إدارة أوباما)، يتوجه الرئيس دونالد ترامب، إلى السعودية بعد أيام من لقاء تليفزيوني لمحمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، تم بثه بالنقل حصريا عن القناة الأولى الرسمية للمملكة بناءً على تعليماته، قال فيه "سوف نعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران”، مشيراً إلى الصراع الإقليمي الجاري في المنطقة العربية والشرق الأوسط.
وتأتي زيارة ترامب بعد نحو شهرين من لقاء جمعه بمحمد بن سلمان في البيت الأبيض، وتم الإعلان فيه عن استثمارات سعودية في أمريكا خلال السنوات الأربع المقبلة، تبلغ قيمتها أكثر من 200 مليار دولار، سيتجه أغلبها إلى البنية التحتية الأمريكية وسيكفل "خلق مليون وظيفة مباشرة وملايين الوظائف غير المباشرة في الولايات المتحدة”، وفق ما جاء في بيان البيت الأبيض وقتها، فضلاً عن تأكيد الطرفين على أهمية ما سموه "مواجهة إيران”، الاتجاه الذي تم التأكيد عليه أمريكيا خلال الشهرين الماضيين وانعكس واقعاً على الأرض بإنزال الولايات المتحدة ونشر قوات لها لأول مرة في قطاعات من البادية السورية (شرق ووسط سوريا)، وتحركات عسكرية أمريكية محمومة للسيطرة على الحدود السورية العراقية ترافقت مع تحركات أردنية مساعِدة، فضلاً عن إرسال قوات نوعية خاصة أمريكية إلى شمال العراق.
 لماذا اختار ترامب السعودية؟
 أكد مساعدون للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن جولته الخارجية الأولى هي "استعراض رمزي للعزم" أمام حلفاء أمريكا المقربين، الذين تأمل إدارة ترامب في أن يجددوا جهودهم لمواجهة التطرف والتعصب حول العالم.
بينما أكد أشخاص مطلعون على التخطيط للجولة، التي تبدأ بالمملكة العربية السعودية وإسرائيل والفاتيكان ثم بروكسل وصقلية للمشاركة في اجتماعات حلف شمال الأطلسي (الناتو) وقمة مجموعة الدول الصناعية السبع أواخر مايو/ أيار الجاري، أنها تهدف إلى الإعلان عن "عهد جديد" في السياسة الخارجية الأمريكية.
وقال مصدر مسؤول شارك في التخطيط للمحطة الأولى من جولة ترامب، وهي المملكة العربية السعودية، إن هذه الزيارة جرى معدة بشكل محدد لدحض الانطباعات عن أن ترامب معاد للمسلمين، وذلك بعد بعض الأفعال التي أثارت العالم الإسلامي مثل المرسوم التنفيذي بحظر دخول مواطنين من بعض الدول الإسلامية للولايات المتحدة، ودعوته خلال الحملة الانتخابية إلى منع دخول المسلمين.
وأضاف المصدر، في تصريحات لـCNN: " لقد اعتقدنا أن ذلك مهم جدا لأنه من الواضح أن الناس حاولوا رسم صورة بطريقة ما عن الرئيس ترامب، بينما أعتقد أن ما يريد فعله هو حل نفس المشكلة التي يريد الكثير من قادة العالم الإسلامي حلها".
وقالت مصادر مطلعة إن ترامب يأمل خلال جولته الأولى أن يعبر عن ثقته في حلفاء أمريكا التقليديين، إذ تدعي إدارة ترامب أن إدارة سلفه باراك أوباما تجاهلتهم، في إشارة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وتجنب زيارة إسرائيل خلال رحلته الأولى للمنطقة عام 2009.
وقال مصدر مسؤول رفيع المستوى في إدارة ترامب، لـCNN، إن "كل المحادثات التي أجريناها مع كل القادة حول العالم أظهرت أن هناك الكثير من الإحباط من طريقة إدارة الأمور في السابق، وأعتقد أن الرئيس الحالي يتحرك بالمنطق السليم والمنهج العملي لإنجاز الأمور".
و حول مغزى زيارة ترامب للسعودية هناک مقال رأي لفريدا غيتس، كاتبة في الشؤون العالمية لمجلة The Miami Herald and World Politicsالتی تقول فیه: يستعد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أخيراً لمغادرة الدولة، واختياره لمحطات جولته القادمة يكشف الكثير عما يحرك هذه الرئاسة. سيزور ترامب المملكة العربية السعودية وإسرائيل والفاتيكان، قبل أن يذهب إلى اجتماعات حلف الشمال الأطلسي (الناتو) وقمة مجموعة الدول الصناعية السبع.
سفر الرئيس الأمريكي مهم دائماً. كما أنه محفوف بالمخاطر السياسية وربما يُسبب مشاكل. قبل كل شيء، فإن رمزية السفر مؤثرة. ولا تحمل أي رحلة رمزية أكثر تأثيراً من أول جولة خارجية في رئاسة جديدة. ومع أخذ ذلك في عين الاعتبار، قام البيت الأبيض بالتركيز على رمزية هذه الجولة العالمية الانتقائية، مع الاهتمام الدقيق برفاهة ترامب العاطفية والسياسية، والتأكد من أن الجولة ستشمل قدراً لا يستهان به من الأعمال الجدية.
ترامب ليس من محبي السفر إلى الخارج. في الواقع، قال إنه يفضل دائماً النوم في سريره الخاص. وفي حين أنه يقوم برحلات متكررة إلى منتجع "Mar-a-Lago" الخاص به في فلوريدا، فقد تجنب تماماً مغادرة البلاد حتى الآن. لكن البقاء في الولايات المتحدة ليس خياراً.
وبحلول هذا الوقت في إدارته، كان الرئيس السابق باراك أوباما قد زار بالفعل تسعة بلدان. وعلى النقيض من ذلك، أرسل ترامب كبار مساعديه حول العالم لعقد اجتماعات رئيسية حول الأزمات العالمية العاجلة.
بالنسبة للرجل الذي يستمتع بشكل واضح بالتفاعل مع معجبيه، فإن الذهاب إلى الشرق الأوسط يشبه إلى حد ما تنظيمه لحملة في ولاية جمهورية. فإذا كان هناك جزء من العالم حيث رُحّب بانتخاب ترامب بالتفاؤل - وليس هناك الكثير من هذه المناطق – فهو بالضبط الجزء من العالم الذي انتُقدت فيه سياسة أوباما الخارجية بشدة.
لن يُرحب بترامب في العاصمة السعودية بحشود ترتدي قبعات عليها شعار "سنجعل أمريكا عظيمة مجدداً!"، ولكم من المؤكد أنه سيُستقبل بدفء صادق. وينطبق الشيء ذاته في إسرائيل، حيث سعد الكثيرون للغاية، بمن فيهم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بانتهاء رئاسة أوباما.
الزيارة إلى الفاتيكان لها رمزية ذكية في هذه الجولة العالمية الانتقائية. تمثل إسرائيل والفاتيكان والسعودية مراكز الديانات التوحيدية الثلاثة. وأود أن أغامر بتخمين أن ذلك كان فكرة المستشار الاستراتيجي الرئاسي، ستيف بانون. إنه الرجل الذي تضع وجهة نظره أمريكا في إطار يهودي-مسيحي محدد.
خلال سفراتي إلى الخليج الفارسي وجدت أملاً منتشراً على نطاق واسع بأن ترامب سيكون رئيساً جيداً، وأنه سيلغي بعض سياسات أوباما التي اعتُرض عليها بشدة. وكان ذلك صحيحاً بشكل خاص فيما يتعلق بإيران، الدولة التي يرى الكثيرون أنها قوة معادية خطيرة.
قد يبدو من غير البديهي أن الرئيس الأمريكي الذي حاول منع الناس من عدة دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة، ويرى الكثيرون أنه يكره الإسلام، وجد أقوى دعم له خارج دولته تحديداً في مسقط رأس الإسلام. ولكن هذا هو الحال في الواقع. إذ يسعد القادة العرب برؤية نهاية حملة أميركا لتحسين العلاقات مع إيران، ولا يهمهم أن واشنطن قررت التوقف عن إثارة ضجة بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية.
محطات الجولة في إسرائيل والمملكة العربية السعودية ستغذي شهية ترامب للشعور بالقبول والاستحسان. لكنها ستفعل أكثر من ذلك. إذ ستُسعد مؤيديه في أمريكا وستقويه في سعيه لتحقيق انتصار تاريخي عبر التوسط للتوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وحقيقة أن ترامب سيزور إسرائيل في رحلته الأولى يحمل قيمة رمزية. إذ واجه الإسرائيليون والعديد من أنصار الدولة اليهودية في الولايات المتحدة مشكلة في مسامحة أوباما على عدم زيارته لإسرائيل خلال ولايته الأولى. إذ كان أوباما على بعد مسافة قصيرة من إسرائيل، عندما زار تركيا ومصر والسعودية المجاورة في الأشهر الأولى من إدارته، لكنه لم يذهب إلى إسرائيل. عندما زارها أخيراً في عام 2013، كانت الزيارة ناجحة بشكل كبير، وكسبت له الكثير من الرضا.
ويحاول ترامب بالفعل الحصول على الرضا، الذي يمثل العملة الصعبة التي يمكن استخدامها في سعيه للتوصل إلى اتفاق سلام. الرئيس الأمريكي الذي قال مؤخراً إن إيجاد حل للنزاع العربي-الإسرائيلي "بصراحة ليس صعباً كما اعتقد الناس على مر السنين"، سيواجه صحوة فظيعة. إذ حاول الكثير ممن فهموا المشكلة بشكل أفضل بكثير من هذا الرئيس الواثق من نفسه بشكل مفرط، وفشلوا على مدى عقود عديدة.
إن آفاق توصل ترامب إلى اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا تزال قاتمة كما كانت لأسلافه. ومع ذلك، هناك بعض الفرص للمصالحة الإقليمية التدريجية. إذ تتشاطر إسرائيل ودول الخليج نفس المنظور حول إيران، وهناك عدد من التغيرات الأخرى في المنطقة تخلق إمكانيات مثيرة للاهتمام.
من المرجح ألا تعزز زيارة الفاتيكان غرور الرئيس. إذ في حين أنه من غير المرجح أن يواجه ترامب احتجاجات كبيرة في إسرائيل، وأُكد له تماماً بأنه لن يواجه أي احتجاجات في السعودية، يُرجّح احتشاد محتجّين في روما. وبينما لا يُرجح أن ينتقد المسؤولون السعوديون والإسرائيليون الرئيس الأمريكي، إلا أنه من المؤكد أن يكرر البابا فرنسيس انتقاداته لترامب.
وكان البابا قد انتقد خطط ترامب وحث الرئيس على الالتزام بتعهد الولايات المتحدة بالنهوض بكرامة الإنسان وحريته في جميع أنحاء العالم، وهو الأمر الذي قررت إدارة ترامب تقليصه في سياستها الخارجية.
وبالإضافة إلى جولته في العواصم اليهودية المسيحية، خط سير ترامب يتضمن محطة لم يخترها الموظفون في البيت الأبيض. إذ سيتوجه إلى بروكسل لحضور قمة الناتو وصقلية لحضور قمة مجموعة الدول الصناعية السبع. سيواجه هناك حلفاء أمريكا التقليديين، الذين وجدوا الكثير مما قال ترامب مربكاً ومثيراً للقلق. وستكون تلك المحطة فرصة للرئيس لطمأنة الحلفاء بأنه لا يزال بإمكانهم الاعتماد على أمريكا.
وهناك أيضاً، ستتاح للرئيس فرصة لإحراز تقدم سياسي ودبلوماسي. إذ أن نظرائه في تلك القمم سيتوقون إلى سماع كلمات مطمئنة من رئيس الولايات المتحدة، مثل القادة في السعودية وإسرائيل. ولكنهم سيكونون أكثر تشككاً بكثير من الجماهير المختارة في الشرق الأوسط.
أبرز الملفات على الطاولة الأمريكية السعودية
مبيعات الأسلحة
العلاقة بين البلدين تنشأ في أحد أركانها الرئيسية على السلاح والنفط؛ إذ تُعَد المملكة المستورد الأكبر للأسلحة الأمريكية على مستوى العالم، ولأعوام طويلة وقع بند التسلح في مقدمة المصروفات السنوية السعودية، واحتلت المملكة في العام قبل الماضي المركز الأول على مستوى العالم في واردات الأسلحة، وتنفق نحو 13% من ناتجها المحلي الإجمالي على شراء الأسلحة الأمريكية تحديداً، وأعلنت أواخر العام الماضي بخصوص ميزانية العام الحالي، أن ميزانية التسليح والأنشطة العسكرية ستصل في 2017 إلى 50 مليار دولار، ما سيضعها في المركز الثالث أو الرابع في الإنفاق العسكري على مستوى العالم.
شهد ملف التسليح الأمريكي للسعودية اضطراباً في الأشهر الأخيرة سيتم تجاوزه كاملاً خلال الزيارة، وتم البدء فعلا عقب زيارة بن سلمان إلى البيت الأبيض وتحقيقه مالياً لتصريح ترامب الشهير بخصوص وجوب تحمل المملكة جزءاً من الفاتورة المالية لجهود أمريكا في مكافحة الإرهاب، ونجحت التدفقات المالية السعودية إلى إدارة ترامب في إسقاط الإيقاف النسبي الذي وضعته إدارة أوباما على تسليح المملكة؛ إذ أشارت تقارير في الثلث الأول من أبريل، بعد زيارة بن سلمان بحوالي شهر، إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية غيّرت مسار التخفيض الذي تم إقراره في ديسمبر من العام الماضي عن طريق إدارة أوباما، ورفعت التعليق على بيع أسلحة وذخائر دقيقة التوجيه إلى السعودية، وقبل شهر، قال أعضاء بالكونجرس لوكالة رويترز، إن إدارة ترامب على وشك إرسال إخطار رسمي لهم بشأن صفقة أسلحة وذخائر للسعودية ستتبعه مراجعة رسمية من الكونجرس لمدة 30 يوما، وفي إطار الإعداد للزيارة المرتقبة، قال وزير الخارجية السعودي في الرابع من مايو الجاري، إن إدارة ترامب اتخذت خطوات لإحراز تقدم في صفقة بيع قنابل موجهة، كانت إدارة أوباما علقتها بسبب مخاوف من تسببها في سقوط قتلى مدنيين، فضلاً عما كشفته الوكالة نقلاً عن مصادر مطلعة داخل الإدارة بإبرام عقود بيع أسلحة للسعودية بعشرات مليارات الدولارات، بعضها جاهزة وبعضها الآخر قيد الإعداد، وستشمل ذخيرة بأكثر من مليار دولار من إنتاج شركة "رايثيون”، وتشمل رؤوسا حربية من طراز "بنتريتور” وقنابل موجهة بالليزر من طراز "بيفواي”.
إيران
خلال أشهر مضت ووفقاً للعديد من التحركات السياسية والدبلوماسية، عملت الإدارة الأمريكية على إقامة تكتل "عربي سنّي” مضاد لإيران وحزب الله والدولة السورية؛ يضم مصر والأردن والسعودية والإمارات، بالإضافة إلى الكيان الصهيوني، وفي السياق ذاته، جاء الحضور العسكري الأمريكي الجديد على الأراضي السورية تحت دعوى "محاربة داعش”، ليكفل لأمريكا السيطرة على قطاع جغرافي يفصل ما بين العراق ومن خلفها إيران وبين الساحل السوري على البحر المتوسط، ويترافق مع ضغط سياسي أمريكي لإخلاء كامل للنفوذ الإيراني من سوريا.
من جانبها، حسمت المملكة خياراتها بالتصعيد نحو إيران بالتصريح بالغ العدوانية والأول من نوعه لابن سلمان بخصوص معركة داخل إيران، رغم الاتجاه العام مؤخراً في أزمة الحرب السورية إلى الحل السياسي، تُوجَ بانفراجة في مباحثات أستانة؛ تمثلت في إقامة مناطق آمنة ووقف التصعيد بين الجماعات الإرهابية المدعومة تركياً وأمريكياً وبين الجيش السوري وحلفائه.
وبزيارة ترامب للسعودية، تحاول أمريكا التوغل في محاصرة إيران ونفوذها، خاصةً بعد تعمُق دورها في الحرب السورية كونها طرفا ضامنا لإعلان وقف التصعيد في أستانة، كما يعلم الأمريكيون جيداً القلق السعودي البالغ من تجربة الحشد الشعبي العراقي، التي حققت نجاحاً فائقاً شاركت فيه جميع أطياف ومذاهب الشعب العراقي في محاربة داعش والقضاء على وجودها في العراق، لا يستطيع السعوديون تصور نجاح كهذا إلا باعتباره نجاحاً "إيرانياً” كفيلاً بتهديد وإسقاط مشروعهم الممتد منذ سنوات في العراق، والذي شمل غطاءً سياسياً وإنفاق ملايين الدولارات لدعم القوى التكفيرية والسنّية المتطرفة، حتى استولى الإرهابيون على قطاعات من الأراضي العراقية وعملوا على إثارة النعرات الطائفية.
يسعى ترامب خلال زيارته إلى وضع حجر الأساس العملي للجانب غير المعلن من "صفقة القرن” التي لا تشمل فقط حلا "نهائيا” للصراع العربي الصهيوني، كما تقول الإدارات المصرية والسعودية والأردنية المشاركة فيها، إنما تشمل أيضاً تكتلاً عربياً مواجهاً لإيران ومعادياً لمصالحها في مقابل دعمه للمصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة، مع محاولة القضاء على أو الخصم من أي قوى أو أنظمة مقاومة للاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية واللبنانية والجولان السوري.
القضية الفلسطينية
منذ كان مرشحاً رئاسياً، تلقف ترامب بعض الدعوات الرسمية العربية المتكررة لإقامة "دولة” فلسطينية كحل للقضية، وفي مقدمتها ما يُطلق عليه "مبادرة السلام العربية” أي "مبادرة الملك عبد الله” السعودية الصادرة عام 2002، التي تتضمن إنشاء دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967، مع إعلان تم منذ سنوات للرئيس المصري الحالي عن تأييده لنفس التوجه، التقت الدعوات مع تصور إدارة ترامب لحل القضية الفلسطينية، تصور تبلوّر بعد انتخاب ترامب، ويتم الترويج له منذ فترة بـ”إقامة تهدئة طويلة الأمد بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني”، وأعقبه عزف فتحاوي فلسطيني على ذات النغمة ردده محمود عباس، الرئيس الفلسطيني في زيارته إلى واشنطن مطلع الشهر الجاري، التي أعقبت مباحثاته مع الملك الأردني والرئيس المصري، وشهدت تعبيراً من رئيس السلطة الفلسطينية عن الاستعداد التام للتفاوض ملقياً الكرة في ملعب ترامب، الذي ألمح بدوره خلال الزيارة بالنيّة في دعم اقتصادي للسلطة الفلسطينية من خلال فتح استثمارات دولية.
يسعى ترامب من خلال "صفقة القرن” في صيغتها الأوضح، إلى رعاية المبادرة السعودية باعتبارها الخيار الذي يحظي بموافقة "رسمية” عربية من أغلب الأنظمة العربية، ويبدي نحوه النظامان المصري والأردني حماساً كبيراً، والتحقت به حماس من حيث المبدأ بإعلانها منذ أيام في وثيقة مبادئها الأساسية والعامة عن قبولها بدولة فلسطينية على حدود عام 1967، فالمبادرة قدمت إطاراً على قدر من الاكتمال لتحقيق هدف ترامب نحو "سلام طويل الأمد”، ومن هنا سيعمل الرئيس الأمريكي على أخذ المزيد من الدعم السعودي لمشروع تهدئة شاملة وطويلة الأمد في فلسطين المحتلة، وسيشمل ذلك بطبيعة الحال وضع حزمة إغراءات للطرفين الصهيوني والفلسطيني، سيكون في مقدمتها تطبيعاً سعودياً شاملاً ومعلناً مع الكيان الصهيوني، كما تنص المبادرة السعودية، واستثمارات مشتركة بين الطرفين بناءً على هذا التطبيع، فضلا عن دعم مالي وسياسي سعودي مرتقب للسلطة الفلسطينية ولمشروع الدولة الناشئة.
وفي السياق، جاءت المؤشرات حول "عدم ممانعة” ترامب لإقامة دولة فلسطينية بشرط واحد هو موافقة الطرفين أي الكيان الصهيوني والطرف الفلسطيني، الذي قد يعتبر الآن – بعد وثيقة حماس – أن دولة فلسطينية على حدود 1967 هو أرضية وطنية تجمع فريقيّ السلطة فتح وحماس ويمكن العمل عليها، لكن ستبقى إشكالية الاستيطان والتوسع فيه أمام ترامب، إذ يرفض الكيان الصهيوني هذا المبدأ في حين تنص عليه مبادرة "السلام” السعودية التي رُفضت صهيونياً وقت طرحها منذ 15 عاماً.
الأزمة السورية 
"تعكس الدور المحوري للمملكة في العالمين العربي والإسلامي".. هكذا وصف وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى بلاده المزمع بدءها في الـ23 من مايو الجاري.
وأعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنه سيقوم بأول زيارة خارجية له، يبدأها بزيارة السعودية، ثم يزور إسرائيل ثم الفاتيكان، فيما أفاد مسؤولون في البيت الأبيض أن جولة ترمب تبدأ من الرياض وتهدف للتصدي لإيران وداعش.
تفاصيل الزيارة، لم يعلن عنها بالكامل، لكن الرئيس الأمريكي أكد أنه سيبدأ وضع أساس جديد لمحاربة الإرهاب خلال زيارته للسعودية، قائلًا: "سنرسي من السعودية دعائم تحالف جديد ضد التطرف والإرهاب والعنف"، مضيفًا: "سنعقد قمة تاريخية في السعودية بحضور قادة من مختلف أنحاء العالم الإسلامي".
وبحسب خبراء ودبلوماسيون، فإن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية، والتي اختصها لتكون وجهته في أول جولة خارجية له، لها عدة دلالات، قال السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن زيارة ترامب لها عدة أهداف من بينها إظهار أن الرئيس ترامب لا يعادي الإسلام، وإنما يعادي المتطرفين والإرهابيين، ونفي ما تردد عن أن السعودية قد تكون من الدول التي تغض الطرف عن الإرهاب، وهو حديث دار في وقت سابق من قبل وسائل إعلام أمريكية. "ضمان مساعدة السعودية الجادة في مكافحة الإرهاب والمتطرفين"، أحد أهم الدلالات التي تحدث عنها رخا، في حديثه لـ"الوطن"، مضيفًا أن الإدارة الأمريكية تنظر إلى دول الخليج باعتبارها غنية بالنفط، وتستطيع أن تساهم بسخاء في مكافحة الإرهاب، بدلًا من أن تتحمل الإدارة الأمريكية العبئ وحدها كاملة. القضيتين السورية واليمنية، ستكونان حاضران بقوة في الاجتماعات الثنائية بين الزعيمين الأمريكي والسعودي، بحسب رخا، والذي أكد أن قرارات قد تتخذ لدعم الحلول السلمية، في كلًا من سوريا واليمن.
من ناحيته، اعتبر الدكتور سعيد اللاوندي، أستاذ العلاقات الدولية، أن اختيار ترامب للسعودية كمحطة للانطلاق في أولى زيارته الخارجية "أمر طبيعي"، فإدارة ترامب تعتبر السعودية المكان المناسب في الشرق الأوسط، ومرجعية أغلب الشعوب الإسلامية، بينما كان أوباما يعتبر أن الأردن هي المكان الأنسب في الشرق الأوسط. وأضاف اللاوندي، في تصريحات أن العلاقات السعودية الأمريكية، أقوى بكثير مما هي في العلن، ونقاط الاتفاق بين البلدين أكثر بكثير من نقاط الاختلاف، مبديًا عدم تفاؤله من نتائج الزيارة على قضايا الشرق الأوسط، خاصة القضيتين السورية واليمنية. "لا نندهش عندما يزور ترامب السعودية، اعتقد سيكون لها تاثيرات سيئة".
النظرة الإسرائیلیة للأهداف السعودية والأمريكية
أكدت كاتبة إسرائيلية، أن السعودية وخلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لها، تسعى للتأثير على طريقة تعامله مع إيران، في حين يحاول ترامب أن يدفع السعودية نحو الصفقة التي يجري الإعداد لها على نار متوسطة مع "إسرائيل” والسلطة الفلسطينية.

واعتبرت سمدار بيري، الكاتبة الإسرائيلية بصحيفة "يديعوت أحرنوت” العبرية، أن اجتياز المواطن السعودي، سالم العنزي، بـ”سلام” الإجراءات الرسمية لتسمية مولودته الجديدة باسم "إيفانكا” على اسم نجلة الرئيس ترامب، وما أحدثته من ضجة في الصحف الأمريكية، هو "مؤشر على الثورة بين الرياض والبيت الأبيض”، على الرغم من قائمة الـ50 اسما الممنوعة في السعودية، والتي صدرت قبل ثلاثة أعوام تقريبا.
وأشارت بيري، وهي كاتبة مختصة في الشؤون العربية في مقال لها، إلى تأثر مجموعة من كبار المتحدثين في الرياض، بحقيقة أن المحطة الأولى في زيارة العمل الأولى لترامب خارج الولايات المتحدة تقررت أن تكون في السعودية، في حين وعلى عجل تسعى الرياض لإبرام صفقة سلاح كبرى لعشرات مليارات الدولارات مع البيت الأبيض.
ورأت أن صفقة السلاح "جيدة للاقتصاد الأمريكي، وتخدم الشهية السعودية للسلاح الحديث، وأصبع في عين طهران اليقظة، في الوقت الذي لم يكشف ترامب فيه عن ما يفكر به في الاتفاق النووي مع إيران، في حين يظهر سلوكه مع الرياض والإسرائيليين، الكثير”.
وحول ما يطلقون عليه بالعربية "صفقة”، يعمل ترامب "الذي قدم من عالم الصفقات، كمجنون في عقد الصفقات على حساب السياسة المتعبة في المفاوضات”، مؤكدة أن "الصفقات التي يأتي بها ترامب إلى الرياض تنطوي على رسائل سياسية، مع الانتباه إلى أن السعودية بدأت تنقض على المكان التاريخي لمصر في قيادة العالم العربي”.
وأوضحت بيري، أن هناك "انسجاما بين ترامب والسعودية في التعامل مع داعش، كما أن ترامب لن يعرقل التخلص من بشار الأسد، في الوقت الذي تجلس فيه المعارضة السورية مع المستشارين الأمريكيين وتحاول إقناعهم بوجود بدائل عن الأسد”، معتبرة أن "المظلة الأمريكية السعودية يمكنها أن تؤدي، في اللحظة المناسبة إلى تبادل للقيادة هادئ في دمشق”.
ونوهت، إلى أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، "ينخرط في جدول أعمال زيارة ترامب للسعودية، كما نفض وزير الخارجية السعودي الغبار الذي تراكم على مبادرة السلام السعودية العربية، بصفتها الحل المثالي”، موضحة أن "ترامب بدأ يطبخ في لقائه مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، آخر الأحداث والإضافات”.
وأضافت: "سيستغل مستشارو ترامب الأجواء الاحتفالية في الرياض لإدخال التعديلات، في الوقت الذي يحوم فيه ظل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فوق طاولة العمل”، وفق تعبيرها.
ولفتت الكاتبة الإسرائيلية، إلى "سعي الدولة المضيفة (السعودية)، إلى محاولة التأثير على ترامب في كيفية التعامل مع الاتفاق النووي مع إيران دون إلغائه، مع عدم منح إيران فرصة إحداث اختراق اقتصادي، والعمل على تهدئة رجال الأعمال الأمريكيين كي لا يركضوا نحو طهران. وفي الجانب الآخر؛ سيعمل ترامب على ربطهم بصفقة الحل التي تطبخ على نار متوسطة مع رام الله وإسرائيل”.
وفي نهاية مقالها، قالت بيري: "مع الوليدة السعودية إيفانكا، وقبلها الوليد المصري مناحيم بيغن، الذي ولد يوم التوقيع على اتفاق السلام مع مصر، علينا أن لا ننسى ماذا كان مصير وليد السلام الأردني اسحق رابين، الذي تعرضت عائلته للتهديدات والإهانات وتركت بيتها وانتقلت الى السكن في إيلات”.

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@