] السعودية و انتشار التطرف في إندونيسيا
الرئیسیة >>  عمومی >> تیتر یک
22 May 2017 - 16:18 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 3185

السعودية و انتشار التطرف في إندونيسيا

أثارت تسريبات أخبار تفيد بأن السعودية على وشك تقديم مليار دولار لبنجلاديش، بغرض بناء المساجد، انتقادات المثقفين الغربيين، حيث يرون أن القيادة السعودية تسعى في الآونة الأخيرة لنشر الوهابية في البلاد.
وصل العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز في الأول من مارس إلى إندونيسيا، في زيارة استغرقت تسعة أيام، وتم الترحيب به بحرارة، ليس فقط كونه حاكم واحدة من أغنى دول العالم، بل كونه حاكمًا لأقدس مدينتين في الإسلام، مكة المكرمة والمدينة المنورة.
ظهر سلمان وكأنه يقضي عطلة بدلًا من الشروع في زيارة رسمية للدولة، حيث قضى الحاكم البالغ من العمر 81 عامًا ستة أيام في منتجع في بالي، ولكن كان هناك بعض الأعمال الجادة لحضورها، حيث تم الإعلان عن محاولة لتعزيز "التفاعل الاجتماعي” بين السعودية وإندونسيا، وأعلن سلمان عن حزمة مساعدات بقيمة مليار دولار، ورحلات غير محدودة بين البلدين، وتخصيص 50 ألف مكان إضافي سنويًّا للحجاج الإندونسيين.
يبدو أن الهدف الحقيقي من الرحلة هو تعزيز الوهابية، تلك التعاليم الدينية المتطرفة في أكبر دولة مسلمة في العالم (إندونسيا)، والتي أشاد بها الغرب على أنها مثال للمجتمع الإسلامي المعتدل.
ويصف الصحفي كريتيكا فاراجور المقيم في جاكرتا، الذي يكتب في مجلة ذي أتلانتك، في اليوم الثاني من زيارة الملك، الجهود السعودية في إندونيسيا بقوله: منذ عام 1980 خصصت المملكة العربية السعودية ملايين الدولارات لتصدير علامتها الإسلامية الصارمة والسلفية إلى إندونيسيا المتسامحة تاريخيًّا ومتنوعة، وقامت ببناء أكثر من 150 مسجدًا في جاكرتا، والعديد من معاهد اللغة العربية، وزودت أكثر من 100 مدرسة داخلية بكتب ومدرسين، وجلبت الواعظين، وصرفت آلاف المنح الدراسية للدراسات العليا في السعودية.
وقد أثر هذا النفوذ السعودي على إندونيسيا، حيث إن90٪ من سكانها البالغ عددهم 250 مليون نسمة من المسلمين، وعلى الرغم من دستورها التعددي الذي يقول: تضمن الدولة لكل مواطن حرية الدين والعبادة وفقًا لدينه ومعتقده، إلا أن إندونيسيا التي أعلنت استقلالها في عام 1945، تزايد بها التعصب تجاه المسيحيين والهندوس وغيرهم.
قبل محاولات المملكة العربية السعودية لنشر السلفية في العالم الإسلامي، لم يكن لدى إندونيسيا منظمات إرهابية مثل حماس إندونيسيا، وأسكار جهاد، وحزب التحرير، وجبهة المدافعين الإسلاميين، والجماعة الإسلامية، على سبيل المثال لا الحصر.
واليوم تنتشر هذه الجماعات، التي تلتزم بشكل صارم بالشريعة الإسلامية، والنظام القانوني الملزم في السعودية، والذي تروج له في المؤسسات التعليمية، متشابهة في ذلك مع تنظيم القاعدة وداعش، فهم ينكرون حقوق المرأة، ويؤمنون بالقتل بالرجم للزنا وبتر اليد للصوص، وقتل المثليين والمسلمين "المرتدين”.
وكان آخر مثال على الطريقة التي اجتاح بها هذا التطرف إندونيسيا، بعد ثلاثة أسابيع فقط من اختتام العاهل السعودي لرحلته، في 31 مارس، خروج ما لا يقل عن 15 ألف متظاهر متشدد إلى شوارع جاكرتا بعد صلاة الجمعة، داعين الى حبس حاكم العاصمة، وهو مسيحي، بتهمة إهانة القرآن.
تراجعت هذه النسبة مقارنة مع الحشود التي بلغت حوالي 200 ألف في كل مظاهرة، والتي اجتاحت المدينة جاكرتا في نوفمبر الماضي، وديسمبر وفبراير.
كانت الحشود تطالب بسجن بسوكي تيخاجا بورناما (المعروف باسم أشوك)، لإخباره مجموعة من الصيادين بأنه يتم الكذب عليهم بشأن وجود تعاليم في القرآن تمنع حكمهم من قبل غير المسلم باعتباره كافرًا، وبالتالي هو يفهم رفض انتخاب البعض له.
في حالة إدانة أشوك، سيتم سجنه خمس سنوات، ولكن من المحزن أن يتم سجنه ليس لفكرة السجن، ولكن لفكرة إرضاء ومجاملة "سلمان”؛ نظرًا لهداياه الفخمة للبلاد.
الدعم السعودي لنشر الوهابية 
أثارت تسريبات أخبار تفيد بأن السعودية على وشك تقديم مليار دولار لبنجلاديش، بغرض بناء المساجد، انتقادات المثقفين الغربيين، حيث يرون أن القيادة السعودية تسعى في الآونة الأخيرة لنشر الوهابية في البلاد.
ومع انتشار أخبار الدعاية للوهابية، تراجع السعوديون عن التزامهم، حيث ظهر ذلك في البيان الذي أصدره وزير الثقافة السعودي الدكتور، عواد العوض، في محاولة للسيطرة على أكبر قدر من الضرر، موضحًا أن التمويل لبناء ما لا يقل عن 560 مسجدًا جاء بناء على طلب رسمي من حكومة بنجلاديش.
وبعيدًا عن هذه التوضيحات، يبدو أن السعودية كانت على وشك التبرع بالمال سعيًا وراء خطتها الرامية لتعزيز الوهابية في بنجلاديش.
السؤال الآن: لماذا بنجلاديش؟ الجواب بسيط، لأنها إحدى الدول المكافحة للأصولية الإسلامية، وقد تحولت بالفعل إلى دولة علمانية، للتخلص من السلبية والعقلية المتطرفة وسط صعود التنظيمات الإرهابية مثل داعش.
وفي هذا السياق يؤكد دانييل بايبس، رئيس في منتدى الشرق الأوسط، أن السعودية تشارك في استراتيجية طويلة الأجل؛ لتحويل ثقافة العالم وتعزيز الوهابية.
يذكر أن بنجلاديش في الماضي كانت أرضًا خصبة للوهابية السعودية، حيث كان يوافق رئيسها السابق السيد إرشاد على كافة أشكال التبرع من السعوديين الذين شكلوا أيضًا سياسة الحكومة البنجلاديشية، مما مهد الطريق للتدخلات المستقبلية والأسلمة.
ساهم الدعم السعودي في التخلص من رئيسة الوزراء خالدة ضياء، لتحل محلها حكومة ذات توجهات إسلامية أصولية، وواصل هؤلاء الوزراء، وهم ماتيور رحمان نظامي وعلي أحسن مجاهد، تقديم الولاء للسعودية.
وشهدت فترة رئاستهم انتشار المساجد والمدارس الوهابية، مما أعطى دفعة إضافية لنمو الأصولية وتعزيز العلاقات مع المملكة.
ومع قدوم حكومة جديدة، فإن الخطط السعودية تهدف إلى تقديم المساعدات المالية لبناء المساجد الوهابية، والتي تشكل تهديدًا للسلام والمحبة.
يمارس السعوديون التجاوزات ضد الحوثيين في اليمن، كما يحاولون استفزاز إيران، خاصة بعد الموافقة على برنامجها النووي من قبل الدول الكبرى، وكل ما تسعى إليه السعودية هو سيطرة الوهابية على الدول الإسلامية لمواجهة طهران.
تعاني الأقليات البنجلاديشية بالفعل من الاعتداءات من قبل المتشددين المسلمين، وهم يخشون من أي مساعدات مالية سعودية لبناء المزيد من المساجد والمنابر الوهابية التي تعرضهم للخطر.
ومع تسريب أخبار المساعدات المالية السعودية لبنجلاديش، يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لأول زيارة خارجية له، والتي تشمل عدة بلدان، من بينها السعودية، وكونه قائدًا عالميًّا عليه كبح جماح حليفته الرياض؛ لمنع خططها الخاصة بتصدير الوهابية المتطرفة في شكل تمويلات مالية كبيرة لبنجلاديش ودول جنوب شرق آسيا، لتعزيز الراديكالية، مما يحرض على الإرهاب وانتشاره في نهاية المطاف.
كما يجب على القوى العلمانية في بنجلاديش وآسيا أن تستخدم صوت الحكمة والأصوات الصحيحة لوقف أي خطط سعودية لتمويل انتشار الوهابية، والتي تضر ببيئة السلام في العالم.
الوهابية في إندونيسيا.. أذرعها وأهدافها 
منذ عام 1980، استخدمت السعودية أداة التعليم لنشر نسختها السلفية الوهابية للإسلام بهدوء في إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية في العالم. السلاحين الرئيسيين في هذا الجهد هما معهد العلوم الإسلامية والعربية (LIPIA) والمنح الدراسية للتعليم العالي في السعودية.
آثار القوة الناعمة السعودية على المواطنين الإندونيسيين بدأت تصبح واضحة. الإندونيسيون خريجو التعليم الممول سعوديا هم الآن بارزون في العديد من مجالات الحياة العامة الإندونيسية، ويشغلون مناصب في حزب العدالة والرفاهية الإندونيسي – وهو حزب إسلامي يمثل تيار الإخوان المسلمين في إندونيسيا – وفي مجلس الوزراء. وبعضهم أصبحوا أيضا دعاة ومدرسين دينيين ينشرون الفكر الوهابي في جميع أنحاء اندونيسيا.
رابط الدبلوماسية التعليمية السعودية في إندونيسيا هو مكتب "الملحق الديني” التابع لسفارتها في جاكرتا. هذا المكتب يقدم منحا دراسية للطلاب للدراسة في السعودية بدعوى تعزيز العلاقات الثقافية.
"الملحق الديني السعودي هو أهم منصب في جاكرتا.. إنه المدخل لجميع الجهود السعودية للتأثير على الثقافة الإندونيسية”، يقول أبشار عبد الله الذي يدير حاليا "شبكة الإسلام الليبرالي (جيل)”، وهي منظمة تم إنشائها عام 2001 لمواجهة النفوذ المتزايد للتطرف في اندونيسيا.
يدفع مكتب الملحق الديني رواتب الدعاة السلفيين البارزين ويوفر معلمي اللغة العربية للمدارس في مختلف أنحاء اندونيسيا، وفقا لدين وحيد، خبير في السلفية الاندونيسية بجامعة شريف هداية الله الإسلامية الحكومية في جاكرتا.
أحد الأسباب التي تجعل الحكومة الاندونيسية من غير المرجح أن تعرقل هذا المد الثقافي السعودي هو حصتها السنوية للحج الغير مستقرة، وفقا للباحث الإندونيسي دادي درمادي.
يقول الرمادي لإذاعة صوت أمريكا: "لقد تم منحنا فقط 10 الآلاف تصريح حج إضافية هذا العام، وهو الرقم الذي لا يزال قطرة في دلو بالنظر إلى عدد سكان اندونيسيا البالغ 203 مليون مسلم”، مضيفا "أعتقد أن اندونيسيا ستتردد في استعداء السعودية حتى لا تخاطر بتخفيض فوري في هذه الحصة”.
هدايت نور وحيد، عضو في مجلس النواب الاندونيسي والقيادي في الجناح اليميني لحزب العدالة والرفاهية، هو واحد من السياسيين الوطنيين البارزين الذين مروا عبر الجامعات السعودية. حصل نور وحيد من خلال سلسلة من المنح الدراسية على درجة الماجستير والدكتوراه في العقيدة وتاريخ الفكر الإسلامي في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة.
قال نور وحيد لصوت أمريكا "غالبية النصوص الإسلامية باللغة العربية، وهذا هو السبب إنني رغبت في الدراسة في السعودية”، موضحا أنه لم يتعرض إلى تعاليم متطرفة أو "معادية للمجتمع” في المدينة المنورة، "نحن تعلمنا فقط كيف نكون مسلمين صالحين”.
على الجانب الآخر، يرى الباحث دين وحيد أن كثير من الطلاب يعتقدون أن السعودية تمثل الإسلام الحقيقي لمجرد أنها المكان الذي نشأ فيه الإسلام.
وفي الاتجاه ذاته، قال أبشارعبد الله "بعد الدراسة وجدت هذه النسخة الإسلامية متزمتة جدا في جوهرها”، مشيرا أنه بدأ في قراءة مختلف التفسيرات الإسلامية الأخرى من تلقاء نفسه، بما في ذلك الصوفية والشيعة.
على الرغم أن الدعاة الاندونيسيين الدارسين في السعودية قد يتسببون في تحول تدريجي نحو اليمين المتشدد في الهوية الوطنية، إلا أن مصدر قلق أكثر إلحاحا هو عما إذا كانت تعاليم السلفية تشجع على الإرهاب أو التطرف.
يقول دين وحيد "بشكل عام السلفية على المستوى الرسمي هي الاستكانة أو عدم الانخراط في السياسة من أجل الحفاظ على عرش الملوك السعوديين في وطنهم، ومع ذلك، عندما تهاجر هذه العقيدة إلى جنوب شرق آسيا، كل الرهانات مفتوحة”.
ويوضح الباحث دين وحيد أن النقطة الأساسية هي أنه بعد جميع الموارد السعودية التي توجه نحو الطلبة الإندونيسيين، فإنه يبقى أن نرى كيف بالضبط ستتطور الإيديولوجية السلفية في محيطها الجديد بجنوب شرق آسيا. وقال "هناك ثلاث نكهات للفكر الوهابي: نكهة استكانة ونكهة سياسية وأخرى جهادية. ونحن لا نعرف بالضبط ماذا سيبدو الأمر في إندونيسيا. كل ما نعرفه هو أن هذا الفكر موجود هنا، وينمو”.

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@