] اتفاقية تيران وصنافير.. من التنازل المصري الي الخطط الصهيونية
الرئیسیة >>  عمومی >> تیتر یک
19 June 2017 - 16:13 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 3415

اتفاقية تيران وصنافير.. من التنازل المصري الي الخطط الصهيونية

نقل السيادة على مضيق تيران للسعودية يخرجها من القبضة المصرية لتصبح ممرًا دوليًا مسموح للجميع أن يستخدمه بالشكل الذي يريد ضمن المسموح به في القانون البحري واستخدام الممرات الملاحية العالمية التي لا تقع تحت السيطرة الكاملة لدولة بعينها، وهنا برزت بعض التخوفات عن تهديد الأمن القومي المصري.
بعد ماراثون دام ما يقرب من 413 يومًا - منذ توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية في 8 من أبريل 2015 - داخل أروقة المحاكم وساحات القضاء ما بين الشد والجذب عن مصير جزيرتي تيران وصنافير، وهل هما سعوديتان فعلًا كما تقول الحكومة المصرية وأذرعها الإعلامية والموالون لها من الخبراء والقانونيين، أم مصريتان كما يقول المعارضون من المصريين، ها هو الستار يسدل على هذا الجدل عقب إقرار البرلمان المصري بالموافقة على الاتفاقية أمس الأربعاء ومن ثم باتت الجزيرتان سعوديتين.
تنازل مصر عن سيادتها على الجزيرتين بما فيهما مضيق تيران كان صدمة للشعب المصري الذي ما كان يدور بمخيلته أن يتنازل حاكم ذو خلفية عسكرية عن جزء من تراب الوطن عامة فضلاً عن منطقة طالما امتزجت رمالها بدماء الجنود المصريين، إلا أنه وفي المقابل جاء هدية على طبق من ذهب لدولة "الكيان الصهيوني" إذ أعاد لها حلمها من جديد في بناء مشروعها القومي الذي طالما سعت لأجل تحقيقه.
نقل السيادة على مضيق تيران للسعودية يخرجها من القبضة المصرية لتصبح ممرًا دوليًا مسموح للجميع أن يستخدمه بالشكل الذي يريد ضمن المسموح به في القانون البحري واستخدام الممرات الملاحية العالمية التي لا تقع تحت السيطرة الكاملة لدولة بعينها، وهنا برزت بعض التخوفات عن تهديد الأمن القومي المصري.
قناة بن جوريون.. قناة السويس الإسرائيلية
احتفلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بانتقال السيادة على جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، بعد خيانة قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي بتمرير الاتفاقية التي من خلالها تنازل عن الجزيرتين، حيث أكدت الصحيفة أنه بتحقيق هذا الإنجاز، يمكن لإسرائيل الآن إطلاق مشروع القرن لديها، بتوصيل ميناء "إيلات" الذي يحتله الكان الصهيوني، على البحر الأحمر مع ميناء أشدود على البحر الأبيض المتوسط، وحفر قناة بن جوريون التي تنافس قناة السويس.
وقالت الصحيفة بتقريرها المنشور صباح اليوم الجمعة، إن القناة الجديدة من المرجح أن تعزز العلاقات مع الصين، موضحة أنه قد سميت قناة السويس المحتملة لإسرائيل.
وأضافت الصحيفة أن حفر قناة من ميناء إيلات إلى أشدود، ستسمح للسفن الحاوية بالعبور من وإلى الصين ودول شرق آسيا، موضحة أنها ستكون أكثر فعالية من حيث التكلفة من خط السكك الحديدية، الذي يحتاج فعليا على الأقل مسارين فقط لنقل البضائع ومسارين إضافيين لنقل الركاب. وستكون القناة بعمق 50 مترًا، أي زيادة عن قناة السويس 10 أمتار، وستستطيع سفينة بطول 300 متر وعرض 110 أمتار، وهي أكبر قياس السفن في العالم من العبور في القناة التي ستبنيها دولة الاحتلال الإسرائيلي.
أما مدة البناء فستكون 3 سنوات وسيعمل في المشروع 150 ألف عامل، يأتون من كوريا ومن دول آسيوية، ومن دول عربية للعمل في هذه القناة ، وستكلف القناة اسرائيل حوالى 14 مليار دولار، وتعتقد اسرائيل ان مدخولها سيكون 4 مليارات في السنة وما فوق. هذا اضافة الى ان اسرائيل سيصبح لها اكبر شريان يجمع البحر المتوسط مع البحر الاحمر.
وستحاول إسرائيل إقامة مدن على طول القناة تشبه المدن القديمة والبيوت القديمة على مسافة ضخمة حول القناة، لأن إيلات باتجاه المتوسط هي شبه صحراء. واذا نفذت إسرائيل هذا المشروع سينخفض مدخول مصر من 6 مليارات إلى 4 مليارات دولار، حيث ستنال إسرائيل 4 مليارات وأكثر، ومن ثم قررت إسرائيل التخلي عن مصر حتى لو ألغت مصر كامب ديفيد، خاصة أن إسرائيل واثقة أنه إذا قررت مصر إلغاء كامب ديفيد فلن تستطيع استعادة سيناء، لأن القوة العسكرية الإسرائيلية قادرة على ضرب الجيش المصري في حال تجاوزه قناة السويس.
كما ستسعى إسرائيل إلى إقناع الأردن بجرّ مياه من هذه القناة إلى البحر الميت، الذي تتناقص مياهه سنوياً، فإذا وافق الأردن فإن أنابيب ضخمة ستصبّ من قناة بن غوريون إلى البحر الميّت، مقابل أن تقدم للأردن تسهيلات لإقامة فنادق ومنتجعات أردنية على البحر الميّت، وتشرك الأردن في سياحة إسرائيلية-أردنية مشتركة في منطقة البحر الميّت، وتساعد الأردن في إرسال سيّاح الى منطقة بترا، لأن الاقتصاد الأردني المصاب بتناقص سلبي، وهو بأمسّ الحاجة الى دعم مالي.
أما على صعيد أمن القناة، فستضع إسرائيل أجهزة تجسس في عمق القناة، وستضع في قلب القناة أجهزة مراقبة، كذلك ستقيم أكبر حاجز يكشف الأسلحة ويصوّر بطريقة الأشعة اللايزر كل السفينة التي تقطع القناة ذهابًا أو إيابًا. فيما قناة السويس لا تحوي على ذلك.
وستتفق إسرائيل مع 3 مصارف أمريكية لإقراضها الـ14 مليار بفائدة 1% على أن تردّها على مدى 30 سنة، وهكذا تكون إسرائيل قد بنت القناة من قروض أمريكية بفائدة بسيطة بينما هي تستفيد بقيمة 4 مليارات وأكثر في السنة.
يبدو أن حلم "دولة الاحتلال" في توسيع نفوذها الإقليمي والدولي عبر مشروعها القومي الذي سعت لتحقيقه منذ عام 1948 والذي بموجبه ستكون نقطة التقاء وربط بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، قد اقترب من الخروج للنور بعد جهود مضنية دامت عقودًا طويلة من أجل هذه اللحظة التاريخية الفارقة في مسيرة "الكيان الصهيوني".
صفارات الإنذار التي أطلقها البعض عقب الموافقة على الاتفاقية بشأن تهديدها للأمن القومي المصري والعربي كونها تتجاوز مسألة النزاع ما بين القاهرة والرياض، وتمهيد الطريق أمام "إسرائيل" لتنفيذ حلمها التوسعي، دفعنا لطرح هذا السؤال في محاولة للفهم: ما علاقة اتفاقية تيران وصنافير بالمشروع "الإسرائيلي" المزعوم؟
كيف تعمل هذه القناة؟
حسب التقارير الواردة فإن هذا المشروع يعمل في اتجاهين متوازيين:
الاتجاه الأول.. نقل المحتويات والبضائع عبر السفن البحرية، حيث يتم تفريغ حمولة السفن القادمة من آسيا وإفريقيا عبر البحر الأحمر في ميناء إيلات، ثم يتم شحنها في حاويات نقل كبيرة إلى خط السكة الحديد المزمع إقامته، ثم ينقل القطار تلك الحمولة من إيلات في الجنوب إلى ميناء أشدود في الشمال على البحر المتوسط، ومنها إلى دور أوروبا.
الاتجاه الثاني.. نقل الركاب عبر خط السكك الحديدية، فكما ذكرنا سابقًا فإن الخط المزمع سيربط بعض المدن "الإسرائيلية" ببعضها البعض ومن ثم من الممكن استخدامه كوسيلة مواصلات تربط جنوب "دولة الاحتلال" بشمالها، وفي إحصائية أولية يقدر عدد مستخدمي المشروع حال تدشينه 3.5 مليون راكب.
ما أوجه استفادة تل أبيب من هذا المشروع؟
هناك العديد من المكاسب التي تسعى "إسرائيل" لتحقيقها من وراء هذا المشروع، لكنها تتمحور في ثلاثة أبعاد:
الأول: التنمية الداخلية.. حيث تحقق دولة الاحتلال من خلال هذا المشروع بعض النقاط التنموية في داخلها بصفة عامة، كأن يتم تعمير المنطقة الجنوبية الملاصقة لميناء إيلات خاصة أنها تعاني من فقر سكاني، ومن الممكن أن تتحول إلى منطقة جذب سياحية هائلة حال تنفيذ هذا المشروع.
كذلك سيتم ربط الشمال "الإسرائيلي" بالجنوب، مما يعني سهولة عملية حركة البضائع من وإلى الميناءين، إيلات وأشدود، وهو ما يمكن من إنشاء منطقة صناعية في الجنوب يتم تغذيتها بالموارد الأساسية التي يمكن نقلها من الشمال، إضافة إلى يسر عملية نقل الغاز المكتشف حديثًا من سواحل المتوسط إلى الأحمر.
    هذا المشروع يضع تل أبيب تحت مجهر الاهتمام العالمي لما يمثله من قيمة محورية ونقلة كبيرة في الربط بين القارات الثلاثة في نفس الوقت، آسيا أوروبا وإفريقيا.
الثاني: تقوية علاقاتها الدولية.. من الفوائد الناجمة عن هذا المشروع  الشراكات التي من الممكن إبرامها مع بعض الدول الكبرى كالصين والهند، خاصة أن بكين الممول الرئيسي لهذا المشروع، إذ تعتبره فرصتها نحو التوغل أوروبيًا وإفريقيًا.
كما أن هذا المشروع يضع تل أبيب تحت مجهر الاهتمام العالمي لما يمثله من قيمة محورية ونقلة كبيرة في الربط بين القارات الثلاثة في نفس الوقت، آسيا وأوروبا وإفريقيا.
الثالث: البُعد العسكري.. هذا المشروع يفتح الطريق أمام "الكيان الصهيوني" لمرونة حركة نقل قواته العسكرية من الشمال إلى الجنوب والعكس، كذلك إمكانية بناء نقاط عسكرية تؤمن حدوده من الناحيتين، وهو ما كان يمثل عقبة في السابق نظرًا لعدم وجود شبكة مواصلات قادرة على تيسير عملية النقل.
هل بات الأمن القومي المصري مهددًا؟
بحسب مجريات الأحداث فإن تمرير اتفاقية ترسيم الحدود والتنازل عن الجزيرتين لصالح السعودية وما يستتبعها من تخويل تل أبيب بمزيد من المرونة في استخدام مضيق تيران، يضع الأمن القومي المصري في مأزق من زاويتين:
الأولى: تهديد الاقتصاد المصري عبر التأثير على أكبر مواردها الاقتصادية من العملات الأجنبية، حيث تصل الإيرادات المحققة لقناة السويس شهريًا ما يقارب 423.9 مليون دولار بحسب تصريحات الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، ومن ثم فإنه في حالة بناء قناة إسرائيلية موازية فإن تأثيرها سيكون كارثيًا على قناة السويس، خاصة أن المنظومة الاقتصادية المصرية قابعة في غرفة الإنعاش منذ عدة سنوات ولا تتحمل صدمة جديدة ربما تدخلها في غيبوبة أشبه بالموت الفعلي.
معروف أن نسبة ما يمرّ من قناة السويس تتراوح بين 8 إلى 12% من إجمالي حجم التجارة العالميَّة، وتغطي هذه النسبة ما نسبته 52% تقريبًا من حجم البضائع المتداولة في العالم، إلا أن هذه الأرقام ربما تتغير مع مشارف 2020 على أقصى تقدير حين تنتهي تل أبيب من مشروع إنشاء قناة موازية خاصة بعد إزالة العقبة الرئيسية التي حالت دون تنفيذه كما ذكرنا في موضع سابق، ورغم تأكيدات البعض عدم تأثر القناة المصرية بهذا المشروع إلا أن آخرين يرون عكس ذلك.
    التنازل عن الجزيرتين لصالح السعودية وما يستتبعها من تخويل تل أبيب بمزيد من المرونة في استخدام مضيق تيران، يضع الأمن القومي المصري في مأزق
الثاني: تهديد الأمن المصري من خلال إمكانية إنشاء "دولة الاحتلال" أو غيرها من القوى الدولية الأخرى كالولايات المتحدة قواعد عسكرية لها في هذه المنطقة - تيران وصنافير - خاصة في ظل العلاقات والتنسيق القوي بين واشنطن والرياض وهو ما قد يدفع الأخيرة إلى عدم الممانعة في إنشاء مثل هذه القواعد، علمًا بأن هناك أنباء تتردد عن مساعٍ لنقل قاعدة العديد الأمريكية في قطر لدولة أخرى دون أن تسمى هذه الدولة حتى الآن.

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@