] استفتاء كردستان.. التشجيع الصهيوني و الرد العراقي
الرئیسیة >>  عمومی >> تیتر یک
26 September 2017 - 09:40 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 4172

استفتاء كردستان.. التشجيع الصهيوني و الرد العراقي

يعقد إقليم كردستان العراق استفتاءً حول انفصاله اليوم، في ظل رفض الحكومة المركزية ببغداد والمجتمع الدولي لعقد هذا الاستفتاء، فضلا عن أنه طالبت الولايات المتحدة حكومة الإقليم بتأجيل التصويت، كما قدم القادة الغربيين في الأسبوع الماضي، مقترحات بديلة للاستفتاء، من بينها تأجيله والدخول في مفاوضات مع بغداد، ولكن أربيل رفضت هذا الاقتراح، وقررت الاستمرار في التجهيز للاستفتاء،‌ و ينقسم الأكراد أنفسهم حول دعم الاستفتاء داخل إقليم كردستان العراق، مما خلق شروخا عميقة في الصف الكردي، حيث أن الداعم الرئيسي لهذا الاستفتاء هو مسعود بارازاني رئيس الإقليم وحزبه كردستان الديمقراطي، الذي يحظى بدعم كبير في مدينتي أربيل ودهوك، أما في مدينة السلمانية يعارض الأكراد الانفصال عن العراق، بينما ينقسم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني حيال الاستفتاء فجزء يؤيده وآخر يرفضه.
اسرائيل و تشجيع إقامة دولة كردستان
"حليف الأحلام لإسرائيل"، هذا هو الوصف الذي أطلقه معلق الشؤون العسكرية في صحيفة معاريف الإسرائيلية ألون بن دافيد بمقال نشر في 30/6/2015 ليختصر العلاقة الضاربة في التاريخ بين تل أبيب والكيان الكردي الذي يسعى للتحول لدولة بعد الاستفتاء المقرر في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، ولم يكن إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الأربعاء تأييد بلاده لإقامة دولة كردستان غريبا أو جديدا، فموقفه هذا تكرار لمواقف إسرائيلية تاريخية، منها موقف تبناه هو عام 2014،‌ وكان نتنياهو قد حث الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز في يونيو/حزيران من ذلك العام على العمل لاستغلال علاقاته بالرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لتغيير موقف الإدارة الأميركية من استقلال كردستان.
وكشفت صحيفة هآرتس الصادرة في 29/6/2014 أن وزير الخارجية الإسرائيلي السابق أفيغدور ليبرمان اتصل مع نظيره الأميركي جون كيري، وحثه على تغيير موقف بلاده من استقلال كردستان، على اعتبار أن العراق مقسم عمليا.
حلف الأقليات
والاهتمام الإسرائيلي بإقليم كردستان وتحوله لدولة تخترق الدول الأربع -الأعداء لإسرائيل بتفاوت بين حجم هذه العداوة- العراق وإيران وتركيا وسوريا ليس جديدا، بل يعود لستينيات القرن الماضي عندما تبنى رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ديفيد بن غوريون نظرية ما سماه "الطوق الثالث" أو "تحالف الأقليات" في المنطقة الذي كان يستهدف بشكل رئيسي اليهود والأكراد.
تتعدد الأسباب التي يسردها سياسيون ومحللون، عوضا عما تكشفه حقائق التاريخ بين إسرائيل والأكراد تاريخيا، وهو ما يفسر أن تل أبيب تكاد تكون الدولة الوحيدة في العالم التي تعلن تأييدها قيام الدولة الكردية.
لعل السبب الأهم حسب المنطق الإسرائيلي أن دولة كردية في شمال العراق ستكون نواة لدولة كردية أكبر يمكن أن تضم لها لاحقا مناطق الوجود الكردي في شمال وشمال شرق سوريا، وشرق تركيا وغرب وشمال غرب إيران.
وستمكن هذه الدولة الكردية إسرائيل من اصطياد عدة عصافير بحجر واحد، حيث تفترض إسرائيل أن مثل هذه الدولة ستواصل نهج إقليم كردستان التاريخي في التحالف مع إسرائيل، بحيث إن هذه الدولة يمكن أن ترتبط بشراكة استراتيجية مع تل أبيب، تقلص من عزلتها، وتزيد من هامش المناورة أمامها في التأثير على المشهد الإقليمي.
في الوقت نفسه، سيحول الإعلان عن مثل هذه الدولة دون إحياء خطر تشكل "الجبهة الشرقية"، والمتمثل في إمكانية تعرض إسرائيل لغزو من الناحية الشرقية، حيث إن إعلان الدولة الكردية يعني عمليا إعلانا رسميا عن تقسيم العراق وبإقرار دولي.
محاصرة تركيا وإيران
ولعل واحدا من أهم الأسباب التي تدفع النخب الأمنية الإسرائيلية للمجاهرة بحماسها لفكرة إقامة دولة كردية هو تقديرها أن مثل هذه الدولة ستسهم في محاصرة كل من تركيا وإيران اللتين تناصبهما إسرائيل العداء.
وقد سبق للجنرال عوزي ديان رئيس مجلس الأمن القومي وقائد شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي الأسبق، أن تحدث عن دور الدولة الكردية المهم في محاصرة أنقرة وطهران، على اعتبار أن مثل هذا الدور يقلص من قدرة هاتين الدولتين للتفرغ للاهتمام بالصراع مع إسرائيل مستقبلا. 
وكانت وسائل إعلام أجنبية تحدثت مرات عدة عن أن إسرائيل اتخذت من إقليم كردستان منطلقا لعمليات نفذتها ضد منشآت نووية إيرانية، وهو كشف يتوافق مع العلاقات العسكرية والأمنية بين تل أبيب وأربيل الضاربة في القدم.
نتنياهو أعلن أكثر من مرة تأييده لقيام دولة كردية وحث الإدارة الأميركية على تغيير موقفها بهذا الشأن (غيتي إيميجز)
النفط لإسرائيل
سبب آخر لتطلع إسرائيل لدولة كردية هو ما كشفته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية في أغسطس/آب 2015 أن 75% من واردات إسرائيل من النفط تصل إليها من كردستان العراق، وهو ما يكشف عن حجم التعاون بين إسرائيل والإقليم الذي تتطلع تل أبيب لأن تكون دولة تتمتع بعلاقات ربما تكون الأقوى معها في المنطقة في حال قيامها.
ولا يقتصر الدعم الإسرائيلي لإقليم كردستان على شراء النفط، بل يتعداه إلى تعاون اقتصادي كبير، فقد كشفت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر بتاريخ 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 النقاب عن أن شركات إسرائيلية تستحوذ على الكثير من الاستثمارات داخل كردستان، ولا سيما في مجال الطاقة والإنشاءات والاتصالات والاستشارات الأمنية.
وتذكر الصحيفة أن جميع الشركات الإسرائيلية العاملة في الإقليم يديرها جنرالات احتياط خدموا في الجيش والاستخبارات، على رأسهم الجنرال داني ياتوم، الرئيس الأسبق لجهاز "الموساد".
الرد العراقي
أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -الداعمة لقيام دولة كردية في شمال العراق- ردود فعل غاضبة بين القوى السياسية العراقية، واعتبرها البعض البداية لتحقيق مشروع "بلفور" الداعي للدولة الصهيونية من النيل إلى الفرات.
ويرى مسؤول الملف الكردي بالتحالف الوطني عبد الله الزيدي أن الموقف الإسرائيلي الأخير "يضعف القضية الكردية، ويثير حفيظة الناس والمجتمع ككل" واستغرب صمت الإقليم إزاء هذه التصريحات، معتبرا أن ذلك "يؤشر لمنحى جديد لقضية الأكراد في سعيهم للاستفتاء والانفصال عن بغداد".
وفيما يخص الفيديوهات التي تبين تأييد الأكراد لـ إسرائيل، قال "إن الإقليم مطالب بتوضيح ما يتم تداوله عبر الإعلام وشبكات التواصل من مشاركة شخصيات إسرائيلية في عدد من النشاطات الكردية" لافتا إلى أن هذه التصرفات من شأنها زعزعة الصف العراقي وخلق نزاعات تمتد على المستوى الشعبي والجماهيري".
 ولم يستغرب النائب عن ائتلاف دولة القانون جاسم محمد جعفر تصريحات نتنياهو، واعتبرها "تتويجاً للعلاقات الوثيقة بين الأكراد وإسرائيل التي تعود إلى أربعينيات القرن الماضي، أسسها الملا مصطفى البارزاني مؤسس الحزب الديمقراطي الكردستاني وقيادات من حزبه"،  وأضاف جعفر أن "بناء دولة كردية محاذية لـ تركيا وسوريا ستكون شبيهة بإسرائيل، وبالتالي فإن الأخيرة ستدعم نجاح هذا الأمر من أجل الضغط أمنيا وعسكريا على تلك الدول فضلا عن إيران التي تعتبرها عدوها الأول بعد العراق، واليهود يطمحون إلى قيام دولتهم المزعومة وفق مشروع بلفور من الفرات إلى النيل".
 من جهته، أكد النائب عن حزب الدعوة علي العلاق سعي إسرائيل إلى توسيع دائرة نفوذها بالمنطقة "من خلال علاقاتها مع بعض الدول العربية وإقليم كردستان، لافتا إلى أن الدولة الصهيونية تسعى إلى تقسيم الأمة العربية والإسلامية من خلال دعمها لأي جهد انفصالي أو إثارة النزاعات عبر العمليات الإرهابية".
واعتبر العلاق الاستفتاء "خطوة سيستغلها اليهود من أجل الهيمنة على المنطقة وإضعافها" مستغرباً "تفاعل الأكراد مع الدعوات الإسرائيلية الداعمة لمشروع التجزئة والتقسيم".
وحول تداعيات الاستفتاء المرتقب على العراق والمنطقة، قال "الأمر لا يخلو من الخطورة، لكن بالمقابل فإن العراق سيقف ضد توجهات التقسيم، ولن نرضخ لمطالب الانفصال التي تشجع على خلخلة مكونات المجتمع العراقي".
 أما النائب عن ائتلاف الوطنية حامد المطلك، فقال إن التدخل الإسرائيلي في الشأن العراقي فعل سلبي تجاه العرب والأمة الإسلامية "ولا نقبل التصريحات الأخيرة التي من شأنها أن تزعزع الثقة بين الدول وبين الشعب العراقي الرافض لسياسة اليهود ضد الشعب الفلسطيني وكل التوجهات التي تؤثر على أمن واستقرار البلاد".
على الجانب الآخر، قال النائب عن التحالف الكردستاني عادل نوري "بالرغم من موقفنا الرافض لاغتصاب الكيان الصهيوني لجزء من الأراضي الإسلامية، إلا أننا لا نجد من يناصر قضيتنا إلا اليهود فقط، والأكراد تعرضوا خلال المائة العام السابقة لأبشع المجازر على يد المسلمين من العرب والفرس فضلا عن الأتراك".
لكنه استدرك قائلا "إن الأمر يدمي القلب عندما تجد المناصرة من اليهود ولا تجدها من إخوتك المسلمين في الحصول على حقك الطبيعي قيام الدولة الكردية".
 ويرى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري أن التصريحات الإسرائيلية المؤيدة للاستفتاء والانفصال سترتد سلبا على رئيس الإقليم مسعود البارزاني.
وأضاف "إن طبيعة الكرد الإسلاميين لن تتقبل فكرة التعاون مع اليهود، الأمر الذي سيؤثر على قضية الاستفتاء الذي تؤيده إسرائيل" كما رجح تدخل إيران عسكرياً "إذا ما تشكلت الدولة الكردية، باعتبار أنها ستكون منصة باتجاهها".  

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@