] انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في مواجهة القبول أو الرفض؟
أوروبا >>  أوروبا >> مطالب ستون وسط
23 October 2017 - 09:55 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 4404

انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في مواجهة القبول أو الرفض؟

منذ زمن طويل كان الأتراك يحلمون بالانضمام إلى دول الاتحاد الأوروبي. وهذه الرغبة تم التعبير عنها لأول مرة في عام 1987 وفي عام 1999 أعلنت تركيا رسميا رغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وفي عام 2005 بدأت مذاكرات رسمية بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي للسماح لها بالانضمام إلى هذا الاتحاد وهكذا، تم إعطاء تركيا مهلة مدتها عشر سنوات لإصلاح الهياكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية فيها، لتتواءم مع القيم والقوانين الأوروبية. ولكن الآن، وبعد مرو ثلاثة عشر عاماً عن تلك المحادثات، لم تستطع تركيا الانضمام إلى هذا الاتحاد ولا تزال تبذل الكثير من المحاولات لكي يتم قبولها فيه.
القضية قد أثارت سخط الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، الذي طالب الدول الأوروبية السماح لبلاده بالانضمام إلى الاتحاد، معلناً الاثنين الماضي: "أن الوقت قد حان لأن نقول للدول الأوروبية علنا ما أذا كانت تريد تركيا أم لا؟ وينبغي على الاتحاد الأوروبي الكشف عن الأسباب الحقيقية لعدم قبوله لانضمام تركيا وتسائل، متعجباً: لماذا تواصل السلطات التركية، على الرغم من عدم جدوى تلك المفاوضات على مدى السنوات الماضية، الدخول في محادثات جديدة مع تلك الدول الأوروبية؟

هناك  أسباب رئيسية قد تفسّر معارضة دول الاتحاد الأوروبي انضمام تركيا إليها:

1-  يشكل المسلمون الأكثرية الغالبة في المجتمع التركي: تستطيع تركيا التي يزيد عدد سكانها على 80 مليون نسمة، أن تقضي بسهولة على تكوينات الاتحاد الأوروبي ويمكن تحليل هذه النقطة من جهتين: الجهة الأولى هي أنه في الاتحاد الأوروبي يتم التصويت على القرارات السياسية والاقتصادية، بالاعتماد على عدد الأصوات التي يدلي بها كل عضو ونظرا لزيادة عدد السكان في تركيا عما هو عليه في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، فأنها بذلك ستتحكم بأهم القرارات التي سيصوت عليها الاتحاد الأوروبي وسوف يتمكن هذا البلد من مضاعفة قوته في هذا الاتحاد، معتمدا على العدد المرتفع للسكان فيه. والجهة الثانية ترجع إلى التناقض الديني لتركيا مع أعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين. سوف يُقضى على الحضانة المسيحية عند اندماج العدد الهائل للمسلمين البالغ عددهم 80 مليون مسلم لهذا البلد في الاتحاد الأوروبي. 

2- الديمقراطية الأوروبية المطلوبة: لقد كانت الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في تركيا، إحدى القضايا الرئيسية التي صرح بها الاتحاد الأوروبي في بداية المفاوضات بينه وبين تركيا وهذه القضية تُعد فجوة عميقة لم تكتمل حتى الآن على الرغم من مرور عقد من الزمان على تلك المفاوضات. لقد بذلت تركيا جهوداً كبيرة لتحقيق الإصلاحات التي وصى بها الاتحاد الأوروبي ولكن منظمات حقوق الإنسان الأوروبية لا تزال تنظر إلى تركيا، بأنها بلد لا يحترم الحقوق الإنسانية فيه.

3- الاعتبارات الجيوسياسية الأوروبية: على الرغم من أن تركيا قد تمكنت من إصلاح الكثير من مجالاتها السياسية والاقتصادية والظهور في مستوى الدول الأوروبية، لكن موضوع انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، قد أثار قضية الحدود التركية، فهذا الأمر سيجعل لدول الاتحاد الأوروبي، في حالة انضمت تركيا لها، حدودا مباشرة مع منطقة الشرق الأوسط التي تُعتبر المنطقة الأكثر فوضوية في العالم وهذا الأمر سيكون غير سارٍ لتلك الدول. وعلى وجه الخصوص، أن تركيا لديها حدود مع سوريا والعراق اللتين تزداد فيهما الاضطرابات والمواجهات العسكرية.

4- القضية الكردية: تُعد مسألة الأقليات وفجوة الهويات في تركيا، إحدى قضايا الخلاف الجوهرية مع الاتحاد الأوروبي. حيث يُشكل الأكراد في تركيا حوالي 18 في المئة، ولقد دعا الاتحاد الأوروبي، أنقره إلى إيجاد حل دائم للصراع المستمر منذ عقود بينها وبين مقاتلي حزب العمال الكردستاني، عن طريق اللجوء إلى حلول سياسية. وتجدر الإشارة هنا بأن الحكومة التركية، تعد هذا الحزب، بأنه حزب إرهابي وذلك لان حزب العمال الكردستاني لعب دوراً هاماً في خلق الكثير من الصراعات في الأجزاء الشرقية من تركيا والتي أدت إلى انعدام ألامن في تلك المناطق ولهذا فإن الاتحاد الأوروبي يشعر بالقلق أيضا إزاء فتح صراعات مستقبلة في تلك المناطق في حالة انضمت تركيا إلى هذا الاتحاد.

5- المناطق التركية المثيرة للقلق مع جيرانها: يوجد هنالك الكثير من الخلافات العميقة والقديمة بين تركيا واليونان فيما يخص تقسيم قبرص إلى منطقة تركية - يونانية، فقد أثارت هذه القضية انتباه الاتحاد الأوروبي. ولقد زادت العمليات العسكرية التي تقوم بها تركيا في تلك المنطقة وصراعها مع اليونان، التي تُعد جزء من الاتحاد الأوروبي، التوترات بين تركيا والاتحاد. ومن ناحية أخرى، لا تزال قضية النزاع مع "أرمينيا" حول ادعاءات "يريفان" فيما يخص المذبحة الأرمنية التي حدثت في عهد الإمبراطورية العثمانية، مشكلة قائمة لم تعترف بها تركيا.

على الرغم من وجود هذه العوائق والاعتبارات الأساسية التي تُظهر بأن الدول الأوروبية غير مستعدة لتقبل انضمام تركيا خلال الفترة القادمة إليها، إلا أن تلك الدول الأوروبية لم تعلن بشكل صريح رفضها انضمام تركيا أليها، وذلك بسبب حاجتها إلى تركيا في كثيرٍ من المجالات. وهذه المجالات تشمل ما يلي:

1- تركيا تُعد قوة عسكرية في حلف شمال الأطلسي (الناتو): لقد تحالفت تركيا مع القوى الغربية بعد أنتها الحرب الباردة وأصبحت حليف استراتيجي للغرب ولهذا فلقد سُمح لها بالانضمام إلى حلف "الناتو". أن لعضوية تركيا هذه في حلف "الناتو"، أهمية كبيرة بالنسبة للدول الأوروبية وذلك لأن انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، سيكون بمثابة انضمام قوة عسكرية مؤثرة على الساحة الإقليمية والدولية إلى تلك الدول الأوروبية وبالخصوص أن هذه القوة ستكون مساوية للقوة الروسية التي تشكل تهديداً على بعض الدول الأوروبية.

2- تركيا تُعد ممر لنقل الطاقة إلى أوروبا: تتمتع تركيا بموقع جيوسياسي مهم نظراً لمجاورتها لبلدان تمتلك الكثير من الطاقة وهذا ألأمر أعطاها مكانة عالية لدى الدول الأوروبية المحتاجة إلى تلك الطاقة. ومن الممكن أن يكون لرفض انضمام تركيا التي تُعد مركز لنقل الطاقة، عواقب وخيمه قد تتحملها تلك الدول الأوروبية.  

3- ضياع مصداقية الاتحاد الأوروبي: يمكن اعتبار انسحاب بريطانيا التي تمتلك الكثير من القوة والنفوذ، من الاتحاد الأوروبي، فشل ذريع لهذا الاتحاد. وفي الوقت نفسه، يمكن اعتبار طلب بعض الدول وإصرارها على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بمثابة عامل توازن لهذا الاتحاد.

4- تركيا هي بوابة دخول التهديدات الأمنية إلى دول الاتحاد الأوروبية: إذا لم تتعاون الدول الأوروبية مع أنقرة بشأن قضايا مثل دخول المهاجرين والمخدرات والإرهاب إليها، والتي تأتي من بوابات الحدود التركية، فإن هذا ألأمر قد يكون له عواقب سياسية وأمنية واقتصادية وخيمة، تتحملها تلك الدول الأوروبية. ولذلك، فأن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى التعاون مع تركيا.

وبالنظر إلى تلك الاعتبارات المذكورة أعلاه، يمكن الاستنتاج أن الاتحاد الأوروبي يعتبر مساوئ انضمام تركيا إليها، اقل من المزايا المترتبة على ذلك الانضمام ويمكن القول بأن دول هذا الاتحاد الأوروبي لا تزال تُعلق عضوية تركيا في هذا الاتحاد وذلك بسبب حاجتها إلى الحفاظ على علاقتها بهذا البلد.

المصدر: الوقت
mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@