] أسباب ارتفاع البطالة بالسعودية.. ودعوات لمراجعة استراتيجية «التوطين»
الرئیسیة >>  عمومی >> المواضیع الاخیرة
08 July 2018 - 15:35 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 5821

أسباب ارتفاع البطالة بالسعودية.. ودعوات لمراجعة استراتيجية «التوطين»

«أشجار زينة مخضرة طوال العام ولكن ليس لها ثمرة».. هكذا وصف السعودي «عثمان بن صالح»، أبناءه العاطلين عن العمل، رغم أنهم نالوا نصيباً وافراً من التعليم «إذ تخرجوا في الجامعات بتقديرات جيدة، لكنهم لم يحظوا بوظيفة في القطاع الحكومي ولا الخاص».

شكوى «بن صالح»، تزامنت مع إعلان الهيئة العامة للإحصاء السعودية، ارتفاع معدل البطالة بين السعوديين إلى مستوى قياسي عند 12.9% في الربع الأول من العام الحالي، وهو مستوى قياسي لم يحدث منذ عام 2012.

واستعاد «بن صالح»، في حديثه مع صحيفة «عكاظ»، قصته مع الوظيفة عندما كانت المؤسسات الحكومية تتسابق على ضمه لها برغم أنه وأقرانه لم يتحصلوا إلا على شهادة المرحلة الابتدائية، متسائلا: «ماذا حدث».

وتعد ارتفاع نسبة البطالة في السعودية، إلى مستوى قياسي، يأتي معاكسا لتوقعات وزارة الاقتصاد السعودية بتراجع معدل البطالة بين السعوديين إلى حوالي 12% العام المقبل.

كما يأتي ارتفاع نسبة البطالة، رغم خطوات سعودية عدة لمواجهة ذلك، خلال السنوات الأخيرة، شملت رفع وتيرة توطين العديد من القطاعات الاقتصادية، فضلا عن فرض رسوم باهظة على العمالة الأجنبية أدت إلى مغادرة الكثير منهم للمملكة.

وغادر أكثر من 234 ألف وافد سوق العمل (بمعدل 2602 عامل يومياً)، فيما لا يزال أكثر من 320 ألف وافد ممن تجاوزوا الـ60 عاماً يعملون في السوق السعودية.

وبلغ عدد من تجاوزوا عتبة الـ65 عاما في سوق العمل 115.8 ألف وافد (من بينهم 1976 وافدة)، ولم يتجاوز عدد السعوديين «المشتغلين» ممن تجاوزوا الـ65 عاماً حاجز 13.4 ألف، بنسبة 0.4%، وهي أقل نسبة للمشتغلين السعوديين.

وعن المهن التي يشغلها غير السعوديين في سوق العمل (الخاضعون لأنظمة ولوائح التأمينات الاجتماعية)، يلفت الإحصاء الرسمي إلى استحواذ «غير السعوديين» على نصيب الأسد من كعكة «المهن الهندسية الأساسية المساعدة»، إذ يتجاوزون حاجز الـ2.4 مليون وافد، مقابل 221 ألف سعودي، في وقت يشتكي فيه المهندسون السعوديون من قلة فرص العمل الوظيفية.

وبأكثر من الضعف، يبلغ عدد الوافدين العاملين في مهن «الفنيين» في المجالات العلمية والفنية والإنسانية أكثر من 488 ألفا.

في المقابل، يشغل السعوديون 206 آلاف وظيفة، والأمر يتكرر وبفارق أقل في مهنة الاختصاصيين في المجالات العلمية والفنية والإنسانية، إذ لا يتجاوز عدد السعوديين المشتغلين في المهنة 164.1 ألف، فيما يزيد عدد الأجانب العاملين في ذات المهنة على 288.1 ألف وافد.

وبلغ إجمالي تأشيرات العمل الصادرة من القطاع الحكومي في الربع الأول من العام الحالي 14352 تأشيرة، ولم تتجاوز تأشيرات العمل في القطاع الخاص المستخرجة 105.9 ألف تأشيرة.

وفيما ارتفعت أعداد السعوديين شاغلي المناصب العليا الخاضعة لأنظمة ولوائح التأمينات الاجتماعية والتي تسميها «هيئة الإحصاء» بـ«المشرعون والمديرون ومديرو الأعمال» إلى أكثر من 159 ألفا، يشغل غير السعوديين أكثر من 65 ألف وظيفة في ذات المهنة.

ويزيد عدد غير السعوديين في مهن «البيع، الخدمات، الزراعة وتربية الحيوانات والطيور والصيد، والعمليات الصناعية الكيميائية والصناعات الغذائية، والمهن الهندسية الأساسية المساعدة، الاختصاصيون والفنيون في المجالات العلمية والفنية والإنسانية، ومهن أخرى لم تحددها الهيئة».

هذه الأرقام وغيرها، تثبت أن مساعي السعودية في التوطين، وإجراءات الإصلاح الاقتصادي، لم تفلح في خفض نسب البطالة.

وبحسب مراقبين، فإنه مع خفض الحكومة لعمليات التوظيف في القطاع العام، من المستبعد أن ينمو القطاع الخاص بسرعة كافية لخلق عدد كاف من فرص العمل للشباب السعوديين الذين يدخلون إلى سوق العمل سنويًّا، والذين يقدر عددهم بنحو 300 ألف.

وهذا العدد يحتاج إلى معدلات نمو اقتصادية سنوية تبلغ 7-8%، وبشكل مستمر، وهو الأمر الذي من غير المتوقع تحقيقه خلال السنوات المقبلة، حسب المراقبين.

كما أن هذه الأرقام تتعارض مع خطط الدولة الهادفة إلى خفض معدل البطالة بين مواطنيها إلى 10.6% بحلول 2020 عبر برنامج الإصلاح الاقتصادي «التحول الوطني»، وإلى 7% في 2030، طبقا لما كشفت عنه «رؤية السعودية 2030».

من المسؤول؟

واعتادت جهات معنية بالتوظيف واستقطاب الشباب على تقاذف مسؤولية ارتفاع معدلات البطالة، وتحاول كل جهة التبرؤ من زيادة عدد العاطلين.

ولا تواكب المبادرات التعليمية في المملكة أهداف «السعودة»، فضلا عن وجود اعتبارات اجتماعية تناهض خطط إلحاق النساء في بعض القطاعات.

كما تشتكي وزارة العمل، من عدم تعاون بعض الجهات معها في «سعودة» بعض الوظائف المشغولة بغير سعوديين، مثل الجامعات والمؤسسات والهيئات العامة التي لا تملك الوزارة صلاحيات التوظيف على وظائفها.

كما أن العديد من القطاعات المستهدفة في برنامج «السعودة» الكاملة، تقدم وظائف منخفضة المهارة والتي يرفضها السعوديون تماما وينظرون لها بدونية؛ ما يعني وجود حاجة ماسة إلى تبنى برامج توعوية ضخمة لتعديل الثقافة المجتمعية تجاه العمل.

وفي ظل انكماش الإنفاق الحكومي، تتضاءل فرص التوظيف بالقطاع الحكومي، الذي يعد الوجهة الأولى والمفضلة للسعوديين الباحثين عن فرصة عمل.

مهمة ملحة

من جهته، قال الكاتب السعودي «راشد بن محمد الفوزان»، إن هذا الارتفاع في نسبة البطالة: «يضعنا أمام بحث عن حلول أكثر فاعلية بسوق العمل، وأن نقر أن فرص العمل يجب أن تأتي من القطاع الخاص أو العمل الحر، وبطالة الشباب برأيي ليست معضلة كبرى لأن فرص العمل كبيرة وكثيرة لهم وهم بعدد يقارب 172 ألفاً».

وحول «بطالة النساء»، قال «الفوزان»: «قد تكون هي الأكثر إلحاحاً لحالها، خاصة ونحن نشهد سنوياً دخول قوى عاملة جديدة من خريجي الجامعات أو غيرها، ما يستدعي أن نضع حلولاً أكثر فاعليةً وتطبيقاً».

وذكر باقتراح أن يسمح للمرأة بالعمل بقطاع التجزئة في البيع والشراء، خاصة أن الذكور فقط 172 ألفاً.

وتابع: «القطاع قد يحتاج إلى أكثر من مليون من العاملين في القطاع، سواء كتسويق أو بائعين أو إداريين أو محاسبين وغيره، وأن يكون هناك دراسة فعلية لعمل المرأة في قطاع المبيعات وهو الأكثر طلباً في قطاع التجزئة، وكذلك التركيز على إعادة تدريب وتأهيل الخريجات لأعمال قد لا تتقنها المرأة بسبب تخصصها».

وطالب بإعادة تأهيل المرأة لعمل وفق ما يحتاجه السوق مطلب مهم لكي يمكن توظيفها، ووفق ضوابط تحمي المرأة وكرامتها ووفق عادات وتقاليد مجتمعنا، وكذلك توفير صناديق دعم للمشروعات الحرة للمرأة أكثر مرونةً ودعماً لكي تبدأ حياة عملية وتسهل لها سبل ذلك.

استراتيجية التوطين

أما الكاتب السعودي «أحمد الفقيه»، فقال إن برامج التوطين لم تثبت عملياً جدارتها حتى الآن، بالرغم من الجهود المتواصلة لمحاولة فرض العامل السعودي على سوق العمل.

وأضاف: «لا مراء في أن السياسة الحالية التي تتبعها الوزارة في توطين المهن ساهمت بشكل أو بآخر في ارتفاع معدل البطالة».

ولفت إلى أنه «مع عدم تجاهل العوامل الأخرى كالاصلاحات الاقتصادية ولامبالاة بعض الشركات في تطبيق توطين الوظائف».

ورفعت المملكة منذ 3 أعوام، من وتيرة توطين العديد من القطاعات الاقتصادية، بهدف خفض نسب البطالة في صفوف المواطنين.

وحمل «الفقيه» وزارة العمل، المسؤولية عن انخفاض أو تصاعد معدل البطالة.

وأشار إلى أن العوامل الأخرى وإن ساهمت، فإن تأثيرها لا يجب أن تتخذه الوزارة شماعة تعلق عليه فشل التوطين، داعيا إلى إعادة النظر في سياسة التوطين، وأن تكشف الخلل الذي أدى لفشل برامجها.

وتابع: «عليها (وزارة العمل) أن تعترف أن هذه البرامج غير قادرة للتصدي على هيمنة الوافدين الذين يسيطرون على المناصب القيادية والعليا، وعليها أن تعيد تشكيل برامجها لتتجاوز التركيز على الوظائف الدنيا والمتوسطة التي يتضح من خلال مؤشراتها عدم الاستقرار نظراً لتدني أجورها وعدم ملائمتها لطالبي العمل في كثير من الأحيان».

ويعاني اقتصاد المملكة من أزمة كبيرة، خاصة أن السعودية خسرت أكثر من نصف احتياطيها العام في عامين ونصف العام، ما يشير إلى المخاطر المالية والاقتصادية الكبيرة التي تواجهها الدولة الخليجية الأكبر عالمياً في تصدير النفط، بسبب التراجع الحاد في أسعار الخام عالمياً منذ منتصف عام 2014.

كما تواجه المملكة، ارتفاع كلفة الحرب التي تقودها في اليمن منذ أكثر من عامين، فضلا عن التداخل في ملفات إقليمية متعددة.

المصدر | الخليج الجديد
mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@