] الحظر الأمريكي ضد إيران .. بين التهديد والتنفيذ
أمریکا >>  أمریکا >> مطالب ستون وسط
09 August 2018 - 21:21 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 6007

الحظر الأمريكي ضد إيران .. بين التهديد والتنفيذ

من المقرر ان تبدأ امريكا اليوم الثلاثاء 7 آب / اغسطس تنفيذ الدفعة الأولى من العقوبات الاميركية ضد ايران وتشمل وقف التعاملات المالية واستيراد المواد الاولية اضافة الى اجراءات تشمل المشتريات في قطاعي السيارات والطيران التجاري ، على ان تعقبها في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم دفعة ثانية من العقوبات تطال قطاعي النفط والغاز اضافة الى البنك المركزي الايراني.
موقع البصیرة / منيب السائح

هذه العقوبات لوح بها الرئيس الامريكي دونالد ترامب في أيار/مايو الماضي عندما تخلى من جانب واحد عن الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 بين ايران والقوى الست الكبرى روسيا والصين والمانيا وفرنسا وبريطانيا وامريكا ، والتي تعهدت برفع الحظر على ايران في مقابل ضمانات ايرانية بالابقاء على الطابع السلمي لبرنامجها النووي.

ثلاثة اشهر فقط هي الفترة التي فصلت بين خروج ترامب من الاتفاق النووي وتهديده باعادة فرض العقوبات الاقتصادية على ايران ، وبين الفرض الفعلي لهذه العقوبات وهي اليوم الثلاثاء ، الا انها كانت فترة شهدت تطورات ملفتة على صعيد العملة الايرانية ، التي فقدت بعض قيمتها ، والتي اعتبرها الاعلام الامريكي والاعلام التابع للدول الدائرة في فلك امريكا في المنطقة ، على انها نتائج طبيعية لتاثيرات العقوبات الامريكية التي ستشل الاقتصادي الايراني وتفجر ايران من الداخل.

لا نبالغ ان قلنا ان تاثيرات العقوبات الامريكية على العملة الايرانية ليست كما يصورها المعسكر الامريكي ، فهناك عوامل كان لها تاثير كبير على العملة ، وفي مقدمتها الحرب النفسية التي شنتها امريكا والصهيونية العالمية والدائرون في فلكها ضد ايران ، عبر اساليب مختلفة ، وهي حرب كانت ومازالت ابعد من نفسية ، بشهادة وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو ، لكن في المقابل علينا ان نعترف ايضا ، بدور ذاتي ، وهو وجود جوانب من الضعف في ادارة الملف الاقتصادي في ايران.

النجاح النسبي الذي حققته ادارة ترامب ، المتطرفة والمتصهينة ، في حربها على العملة الايرانية ، لن يكون دائميا ، ولن يؤدي الى اضطرابات داخل ايران ، وهو الحلم الذي طالما راود جميع الادارات الامريكية منذ اربعة عقود ، فالذي كان يُخوّف منه  ترامب الايرانيين منذ اكثر من ثلاثة شهور قد وقع اليوم ، فاليوم الثلاثاء هو يوم كباقي الايام في ايران ، بل سيكون افضل من الايام الاخرى التي سبقته ، لانه سيكشف ان كل ما ضخمه ترامب وبطانته من المتطرفين المتصهينين امثال بولتون وبومبيو ، عن تاثير العقوبات الامريكية "المدمرة” على الاقتصاد  الايراني ، لن يكون سوى اضغاث احلام ، بل يمكن القول ، وبدون ادنى مبالغة ، اليوم سيتنفس الايرانيون من الذين وقعوا تحت تاثير الحرب النفسية ، الصعداء ، لانهم سيدركون كم كان خوفهم مبالغا فيه ، وهنا يحضرني حديث للامام علي بن ابي طالب عليهم السلام يفسر لنا هذه الحالة ، ويقول الحديث :”إذا هبت أمرا فقع فيه ، فإن شدة توقيه أعظم مما تخاف منه”.

اما اذا اردنا ان نتحدث بمنطق الاشياء فنقول: ان ترامب ورط امريكا عندما انسحب من الاتفاق النووي ، فهو بذلك عزل بلاده عن العالم ،عدا عن حليفتيه في العزلة ،السعودية بسبب جرائمها  في اليمن وتدخلها في شؤون الدول الاخرى ، والثانية بسبب القتل اليومي الذي تمارسه بحق النساء والاطفال والعزل في فلسطين المحتلة.

ترامب الذي يصف الاتفاق النووي بابشع النعوت ، بسبب عقدة الحقارة التي يستشعرها ازاء سلفه باراك اوباما ، يعرف قبل غيره ان العقوبات التي يفرضها على ايران لا يمكن ان تدفع ايران للرضوخ للارادة الامريكية او الى تغيير سياسات ، او حتى الى ان تفكر بالتفاوض معه ، بعد ان بات التهور وعدم الاتزان وانتهاك الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ، عنوانا للسياسة الامريكية في عهده ، فأمريكا :

-منبوذة حتى لدى اقرب حلفائها.

-تتقاذفها سياسات غير متزنة وصبيانة.

-يهيمن على قراراتها اكثر العنصريين تطرفا.

-تأتمر بأوامر اكبر شخصية اجرامية ، مثل رئيس الوزراء "الاسرائيلي” بنبامين نتنياهو.

-في حرب تجارية كبرى مع الصين والاتحاد الاوروبي وكندا والمكسيك.

-تعيش ازمة سياسة قد تنفجر في اي لحظة على خلفية فضائح ترامب بكل انواعها.

-يعيش رئيسها حالة احباط بسبب سيف الاقالة المشهور في وجهه ، على خلفية قضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الامريكية التي جاءت به الى البيت الابيض.

اما ايران في المقابل ، فتمتلك ورقة في غاية القوة ، وهي ورقة اجماع العالم على الوقوف الى جانبها ضد تهديدات ترامب وفريقه العنصري المتطرف ، فالذي فات ترامب وادارته المتطرفة هو ان النظام الدولي يتغير ، ولن يكون هناك من يماشي امريكا في سياستها ضد ايران ، ففي نفس اليوم ، اي اليوم الثلاثاء ، سيبدا الاتحاد الاوروبي بإجراء لحماية الشركات الأوروبية من أضرار العقوبات الأمريكية على إيران ، في موقف ينم عن حجم الرفض الاوروبي لسياسات ترامب ، اما الصين وروسيا ، الى جانب الهند وتركيا ودول اخرى ، فاعلنت رسميا ان العقوبات الامريكية الاحادية الجانب على ايران لا تعنيها ، وانها ستواصل العلاقات التجارية والاقتصادية مع ايران.

ايران التي عاشت عقودا تحت الحظر وحققت كل انجازاتها في ظل ذلك الحظر ، وكان حظرا قاسيا ،لانه لم يكن امريكيا واوروبيا صرفا ، بل كان امميا ، فقد اصدر مجلس الامن عددا من القرارات فرض من خلالها عقوبات ظالمة ضد ايران ، ولكن رغم ذلك لم تؤد تلك العقوبات الى ان تفقد العملة الايرانية قيمتها ، فكل ما اسفرت عنه تلك العقوبات هو دعوة الرئيس الامريكي باراك اوباما والغرب ، ايران الى التفاوض دون شروط ومن موقع الندية ، فهل يمكن ان تتفاوض ايران ، في ظل هذه الظروف التي تميل لصالح ايران ، مع شخص غير متزن ولا يمكن الثقة لا بقوله ولا بتوقيعه مثل ترامب ؟ ، وهل يعقل ان تكون العقوبات الامريكية الاحادية الجانب والمرفوضة عالميا ، حتى قبل ان تُفرض ، سببا وراء فقدان العملة الايرانية بعض قيمتها؟!.

لم ولن تكون العقوبات ، عبر التاريخ ، سببا في ان تغير الدول سياساتها ونهجها ، بل على العكس تماما فمثل هذه العقوبات ، كثيرا ما وحدت الشعوب خلف قياداتها ، خاصة لو كانت مفروضة من قوة متوحشة متغطرسة جشعة ، مثل امريكا ، وهذه الحقيقة يعترف بها رئيس هذه القوة الغاشمة قبل غيره ، عندما يقرن بين التهديد بفرض عقوبات على ايران ، وبين التفاوض معها دون شروط ، فهذه الدعوة ، تستبطن اعترافا واضحا بحقيقة ان الحظر وسياسة العقوبات ليست سوى تصعيد سياسي ، لا يُغيّر من واقع الحقائق على الارض شيئا ، كما تُغيّر الاتفاقيات والمعاهدات التي توقعها الدول انطلاقا من المصالح المشتركة والاحترام المتبادل والندية.

المصدر:  شفقنا
mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@