العراق بعد الانتخابات البرلمانية.. فشل الولايات المتحدة وفرص إيران

موقع البصیرة / هادي محمدي

في أعقاب الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة، فإن الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة في هذا البلد، والتي تشمل مستويات متنوعة، تعطي الأولوية لخلق الخلافات بين الشيعة ومنع تحول انتصار التیارات المؤيدين أو المشاركين في الحشد الشعبي و المقاومة لهياكل السيادة في العراق، حتی يستطيعون ، بنفس طریقة الرئیس الامریکة دونالد ترامب، أن يكونوا قادرين على استغلال الاتجاهات والشخصيات والأحزاب في العراق وأن يأخذوا النقاط ولا يتخلوا عن هياكل السلطة، إن الأميركيين ومحورهم يعرفون جيداً أن مواءمة هياكل السلطة والسيادة في العراق هي بداية لتحديات جديدة لوجودهم في العراق، وهو ما يعني زيادة قوة ونفوذ إيران وفكر وثقافة المقاومة.

لقد تحولت أدوات وتأثير ومصداقية الولايات المتحدة المتآکلة في العراق الی التدخل العلني في العمليات الانتخابية والبرلمانية، ودعم عبادي وائتلاف النصر، ومن ثم إلى تحالفات مع تحالف "سائرون" (مقتدى الصدر)، لتعزيز وجود فجوة خطيرة بين الجماعات الشيعية و وضع العراق تمشيا مع الولايات المتحدة من خلال تشكيل ائتلاف الاکبر في البرلمان، واختيار رئيس الوزراء والجمع بين الحكومة والعديد من المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية الی الجانب الامریکي، ومع ذلك، فإن التحالف المدعومة من أمريكا (الائتلاف حيدر العبادي) فاز 42 مقعدا في الانتخابات البرلمانیة الاخیرة و في المرکز الثالث بین الائتلافات الفائزین کما انضمت ممثلي التحالف، الی إئتلاف "فتح" بقیادة هادي العامري و التیارات الداعمة للحشد الشعبي، کما خرج حيدر العبادي من المشهد السیاسي الحالي في العراق و استقال رسميا من الترشیح لمنصب رئيس الوزراء، من جهة اخری و في أعقاب أحداث البصرة، تحرک تحالف سائرون، وبتحريض من القنصل الأمريكي، نحو تحالف فتح وكانت جميع الجهود الأمريكية عقيمة.

إن المشاورات الحالية بين الجماعات الشيعية وبقية الائتلاف المنتصر لتکوین "كتلة أكبر" في البرلمان، ستشكل قريباً مرحلة جديدة في ترسيخ توازن القوى ضد الولايات المتحدة بإعلان مرشحها لرئاسة الوزراء.

من جهة اخری، سيتم الانتهاء من انتخاب الرئيس العراقي الجدید من خلال التدابير التي تم اتخاذها بين الحزب الديمقراطي و حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، والتي رشحت برهم صالح كمرشح رئاسي ، وسيتم الانتهاء من الرؤساء الثلاثة في العراق.

إن أهم الفنون والقدرات الإيرانية في الدبلوماسية الإقليمية هو استغلال التهدیدات الامریکیة و برامجها لکی تتحولها الی الفرص،  ونفس السمة والفن هي التي تتم تنفیذها من قبل التيارات الموالية لإيران والمقاومة الإقليمية الماهرة، وكما هو الحال في لبنان أو سوريا وأنتجت أقوى توازن للقوى عن أكبر تهديد إرهابي في القرن (جماعة داعش)، وفي العراق هناك أيضا حركات شعبية ومقاومة تعتمد على قوة الفرصة من تهديد أمريكا وشركائها، وتعد نفسها لمرحلة جديدة من السلطة، و لا تقتصر هذه السلطة على المجتمع الشيعي ، ولكن مع نظرة شاملة ووطنية ، تعتمد على جميع الجماعات و التیارات الدينية والعرقية، وتقوي نهج التماسك الوطني، و تستفید من القيادة العليا الشيعية في العراق، لإنشاء حكومة فعالة وقادرة في البيئة الداخلية والخارجية.

كما هو الحال في مقاربة شاملة للحشد الشعبي، التي هزمت أهم تهديدات القرن في العراق والمنطقة، وسعت روح التضامن والثقة الوطنية، في الهياكل الحاكمة، ستؤسس نفس الفكرة غیرأنانیة و صانعة للامن حكومة في العراق باسم ائتلاف فتح، ان نقطة مهمة في تطور الاتجاهات الانتخابية وسلوك الجهات الأجنبية المختلفة الفاعلة في العراف هو أن الجماعات المدعومة من قبل الولایات المتحدة الأمريكية تفقد قدراتها السابقة، وتميل إلى أن تكون أكثر ميلاً إلى الخيارات العراقية غير الأمريكية أو الوطنية، بحيث لا يمكن القضاء عليهم من السلطة، وسوف يحتفظون بنصيبهم في بناء عراق جديد. 

إن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة وشركاؤها لإعاقة انتخاب رئيس الوزراء، والرئيس ، وتشكيل الحكومة وسياساتها وأساليبها الجديدة ستستمر، لكن هذا الجهد لیس له نتیجة الأ الانغماس في المستنقع وسوف تتحول كل تكاليفهم المالية والسياسية والعسكرية إلى مجال لکسب تجارب جديدة لمحور المقاومة وتمکینها. 

الترجمة: میترا فرهادي