نظرة علی السحب الامريکي من سوريا

قررت الحكومة الأمريكية سحب قواتها من شمال وشرق سوريا. و کتب رئيس هذا البلد،ترامب في تغريدة: «لقد هزمنا داعش في سوريا ، وهذا هو السبب الوحيد لي لبقاء (القوات الامريکية) في هذا البلد». وقال البيت الابيض ان القوات الأمريكية المتمركزة في سوريا سوف تغادر هذا البلد ما بين 60 إلى 100 يوما لاحقا. و رغم أنه لا يزال من غير الواضح متى وكيف سينسحب 2000 جندي امريکي  من سوريا. و من ناحية أخرى ، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أيضا إن بلاده قد تحققت من القرار الامريکي بالانسحاب من سوريا وستعمل على ضمان أمنها. و في غضون ذلک، نقلت وكالة الأنباء الروسية الرسمية عن وزير خارجية هذا البلد قوله إن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا خلق رؤية لحل الأزمة السياسية في هذا البلد. فبالنسبة للقرار الأمريكي ، يوجد خلف الكواليس نوعان من النظرات يجب النظر إليهما:
1. يعتقد البعض أن قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا يستند إلى حرب نفسية وقرار رسمي وقد اتخذت الولايات المتحدة مثل هذا الإجراء للتأثير على الرأي العام و أسباب ذلك هي:
أ- تسعى الولايات المتحدة إلى تنفيذ السيناريو العراقي في سوريا. و قررت واشنطن في عام 2010 الانسحاب الكامل من العراق ، ولكن في الواقع كان انسحاب القوات الأمريكية يعتمد على وجود بعضها في قواعد أمريكية عديدة.
ب- يريد الأمريكيون ان يکون لهم موطئ قدم في سوريا. والآن أصبحت الأزمة الداخلية و الفراغ الامني في سوريا هي أفضل فرصة لتحقيق الاستقرار في هذا البلد. و من ناحية أخرى ، قامت الولايات المتحدة ببناء العديد من القواعد والمطارات والمراكز العسكرية في شرق سوريا ، مما يشير إلى خطط أمريكية طويلة الأمد للبقاء في سوريا.
ج- يستند قرار الأمريكيين ، ومنهم ترامب ، إلى معادلة التكلفة-المنفعة . و ربما ، دعا ترامب لمثل هذا القرار الی مکافاة ضخمة من الجهات الفاعلة الأخرى. وفي الوقت نفسه ، تركيا هي أهم ممثل ربما دخل الالعاب الاقتصادية مع أمريكا.و تعتبر مصالح تركيا في شمال سوريا أكثر أهمية من الجهات الفاعلة الأخرى. حيث اعتبرت تركيا دائماً شمال سوريا ووجود مجموعات مختلفة في هذه المنطقة  خطا أحمر لنفسها.و من ناحية أخرى ، يعتقد البعض أن تركيا قد طالبت بعودة عبد الله غولن في مقابل تنازلات للولايات المتحدة.
2. يعتقد البعض أن القرار الأمريكي جاد وأن واشنطن ستسحب قواتها من سوريا بناء على خططها الحالية.و أسباب هذه المجموعة هي:
الف- الولايات المتحدة ، على الرغم من انها اتخذت قرار الانسحاب من سوريا ، الا ان انسحابها تدريجي و ليس فوريا و دائما. أي أن الولايات المتحدة تحتفظ ببعض قواتها في شکل مجموعات مستشارية و تعليمية في سوريا لدعم المجموعات التي تتطابق مع بعضها البعض.
ب- تواجه الولايات المتحدة الآن العديد من الجهات الفاعلة في سوريا التي لديها القدرة على خلق الخلافات السياسية والعسكرية. و لقد قرر ترامب مغادرة سوريا بهدف منع الصراع مع الجهات الفاعلة الأخرى.
ج- إن واشنطن ، بمثل هذا النهج ، تحمل رسالة مفادها أنه يجب على الدول الأخرى مغادرة سوريا أيضًا. في هذه الأثناء ، يکون التأكيد الأمريكي على روسيا وإيران.
د- ستزود الولايات المتحدة الجيش العربي والقوات المحلية بالحق في القيام بعمل عسكري في شرق سوريا وهذا يعني  دخول أطراف أخرى في الأزمة السورية في أعقاب الانسحاب الامريکي من سوريا.
النقطة الأخيرة هي أن القرار الأمريكي بمغادرة سوريا يواجه ارتباكا خطيرا ويتطلب المزيد من التفكير في فهم الأهداف وخلف الستائر لابعادها المختلفة. و بالطبع ، سوريا تمر حاليا بمرحلة انتقالية من الأزمة العسكرية ودخول الساحة السياسية وهذا عامل آخر لاهتمام الدول الأخرى بدمشق.و يجب أن يكون الشعب السوري ذكي في هذا المجال.