الانسحاب الأمريكي من سوريا والإحباط الصهيوني
كان الانسحاب الامريکي يعني فشل الخطة الصهيونية في محاولة تفكيك سوريا وتحويلها إلى دول دينية وعرقية صغيرة، و في نفس السياق دعمت إسرائيل الأكراد من أجل تحقيق الحكم الذاتي وكانت هذه الخطوة الأولى في المسار الصهيوني لتفكك سوريا
موقع البصیرة / محمدرضا بلوردي
منذ أن أعلن الرئيس الامريکي، دونالد ترامب انه ينوي سحب قواته هذا البلد من سوريا ، فقد قام الکيان الصهيوني بانتقادات واسعة النطاق لهذه القضية وتشدد وسائل الإعلام الإسرائيلية على أن عمل ترامب ضد مصالحها الاستراتيجية والأمنية، وانسحاب القوات الأمريكية من سوريا هو خدمة إستراتيجية مجانية لمحور لقد تشکل من سوريا الی عراق و حزب الله اللبناني و ايران و يکافح مع اسرائيل، إن ظهور مثل ردود الفعل هذه في إسرائيل يطرح هذا السؤال لماذا يعارض الإسرائيليون انسحاب القوات الأمريكية من سوريا؟
رداً على هذا السؤال هناك نقطتان يجب ملاحظتهما: أولاً كان الانسحاب الامريکي يعني فشل الخطة الصهيونية في محاولة تفكيك سوريا وتحويلها إلى دول دينية وعرقية صغيرة، و في نفس السياق دعمت إسرائيل الأكراد من أجل تحقيق الحكم الذاتي وكانت هذه الخطوة الأولى في المسار الصهيوني لتفكك سوريا، وبالتالي فإن الخطوات التالية تشمل أكراد إيران وتركيا و تکون النتيجة النهائية تحقيق الحلم الصهيوني بتفكيك كل دول منطقة الشرق الأوسط لتکون إسرائيل في النهاية هي القوة الإقليمية الوحيدة التي تحتفظ بهيمنتها من حيث وضعها الاستراتيجي والجيوسياسي، و كان وجود الولايات المتحدة في سوريا غطاءً عسكريًا وفي نفس الوقت دعمًا روحيًا للأكراد لإقامة دولتهم المستقلة في شرق سوريا، لكن الآن ومع انسحاب الأميركيين لا يمتلك الأكراد السوريون سوي الخيارين؛ هما ما إذا كان يجب عليهم إعطاء شرق سوريا عودة كاملة إلى الحكومة المركزية في سوريا أو الدخول في الحرب مع النظام السوري الذي بطبيعة الحال لا يمتلکون القدرة علي التعامل معها، و يعارض النظام الإسرائيلي الانسحاب الامريکي من سوريا مدركاً أن خطتها في سوريا قد فشلت تماماً.
النقطة الثانية حول معارضة إسرائيل لانسحاب القوات الأمريكية من سوريا هي أن وجود الأمريكيين كان يعتبر نوع من المواجهة الأمريكية مع القوة الجيوسياسية المتزايدة لمحور المقاومة. و في الواقع ، تمتعت دول الأعضاء في محور المقاومة من ايران الي لبنان بسلسلة متصلة جغرافية ، مما سهل من الناحية اللوجستية نقل القوات والأسلحة والذخائر من الأرض. و ان صحيفة هاآرتس الإسرائيلية ، في إشارة إلى هذه القضية ، تعتبر الانسحاب الأمريكي تهديدًا استراتيجيًا لإسرائيل. و هوالتهديد الذي يجب على الجيش الإسرائيلي القيام بمواجهة ذلك وإنهاء الاستمرارية الجغرافية لمحور المقاومة.
ومع ذلك تسبب انسحاب القوات الأمريكية من سوريا معاناة الإسرائيليين من هذا الحادث، أولاً لأنهم كانوا يأملون في تقدم خطة تفكيك سوريا بمساعدة الأمريكيين وثانياً القضاء على الاستمرارية الجغرافية لمحور المقاومة وفصل سوريا وإيران ولبنان والعراق عن بعضها البعض، و بالطبع يجب أن يوضع في الاعتبار أن ترامب لقد تراجع عن موقفه المبدئي و ذلک تحت تأثير هذا النوع من المعارضات فضلاً عن ردود افعال حادة من قبل المسؤولين السياسيين والعسكريين في بلاده على قراره، وزعم مؤخرًا أن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا سيتم تنفيذه بسلاسة و تنسيق تام.
