رمز الخبر: 6927
تأريخ النشر:11 March 2019 - 10:27
القانون الدولي و الجرائم السعودية في اليمن
4 سنوات تشارف على الانتهاء من عمر العدوان الذي تشنه السعودية على اليمن، ولا يزال نظامها الذي بدأت تنخره الأزمات، متعطشاً للدماء ومشاهد القتل. لم تترك السعودية مذ بدأت بعدوانها على صنعاء سلاحاً محرماً متواجداً بين يديها إلا واستخدمته، مستعرضةً بذلك وحشية لم يسبقها إليها إلا داعموها في واشنطن و”تل ابيب”. ووفق تأكيدات تقارير عدة من بينها تقارير صادرة عن منظمة هيومن رايتس واتش، فقد تم استخدام اليورانيوم والفسفور والقذائف الفراغية والقنابل العنقودية من قبل آلة الحرب ضد المدنيين العزل الذين جلهم من النساء والأطفال. وبذلك تنتهك السعودية قواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان، وتظهر مدى إجرامها وعنفها وإفراطها باستخدام القوة، دون أي حسيب أو رقيب من قبل الأمم المتحدة التي من المفترض هي الحريص الأول على تطبيق القانون الدولي الإنساني.

خرق القوانين الدولية التي تحظر استخدام الأسلحة المحرمة

يدفع عدم الاهتمام الأممي، بما تقوم به السعودية من مخالفات جسيمة بحق الشعب اليمني، إلى الحديث مجدداً عن المعاهدات والاتفاقيات التي تخالفها الرياض، حيث يعتبر استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، خرقاً لإعلان سان بطرسبرغ لعام 1868 الذي حظر استخدام القذائف المتفجرة، وبالإضافة إلى اتفاقية ” لاهاي” لعام 1907 (التي تهدف الى وضع قيود على استخدام الأسلحة في النزاعات المسلحة)، خاصةً المادة 23 التي تحظر قصف وتدمير الممتلكات العامة والخاصة. كذلك فإنه ينتهك المادة 25 التي حظرت مهاجمة أو قصف المدن أو القرى والمساكن والمباني غير المحمية أيًا كانت الوسيلة المستعملة.

من خلال هذا الاستخدام المفرط للأسلحة، وخاصة المحرمة منها، فإن السعودية تنتهك بروتوكول جنيف بشأن حظر استعمال الغازات السامة لعام 1925، واتفاقية منع استخدام الأسلحة الكيماوية، واتفاقية أوسلو لمنع استخدام بعض الأسلحة. ولم تراع السعودية مبدأ الضرورة في اللجوء إلى إستعمال القوة والحل العسكري في استهداف المنازل السكنية باطنان من المتفجرات، كما لم تحترم مبدأ التقيّد بحدود دولية معينة لإستعمال وسائل القتال وموجب تحييد المدنيين.

بالإضافة إلى ذلك، فقد انتهكت السعودية بحجم السلاح المستخدم وخطورته، المادة 55 من بروتوكول جنيف الأول الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1977 التي حظرت إستخدام أساليب أو وسائل القتال التي يقصد بها أو يتوقع منها أن تسبب مثل هذه الأضرار بالبيئة الطبيعية ومن ثم تضر ببقاء السكان والموارد البيئية، عدا عن خرقها إتفاقية جنيف الرابعة 1949 المتعلقة بحماية المدنيين اثناء الحرب.

وانتهكت السعودية اتفاقية الامم المتحدة لعام 1980 بشأن حظر أو تقييد بعض الأسلحة التقليدية، فضلاً عن إعلان لاهاي لعام 1899 حول الغازات الخانقة، وقد حظر القانون الدولي، الاسلحة السامة، والقذائف القابلة للانفجار او الحارقة التي يقل وزنها عن 400غ، والقذائف المتفجرة القابلة للانتشار أو التمدد في الجسم أو القذائف دم دم، والاسلحة الكيماوية والجرثومية والنووية، والأسلحة التي لا يمكن الكشف عن شظاياها في الجسم بأشعة اكس، والأسلحة الحارقة والأسلحة الموجهة بواسطة طاقة معينة أو أشعة.

كما اخترق العدوان إتفاقية حظر استحداث وإنتاج الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) وتدمير هذه الأسلحة، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 كانون الأول/ديسمبر 1971، وكذلك إتفاقية حظر إستحداث أو تخزين أو إنتاج وإستعمال الأسلحة الكيمائية وتدمير تلك الأسلحة.

لم يكتف العدوان السعودي بإستخدام الأسلحة للقتل المباشر، بل إنه استخدم الأسلحة الغير مباشرة للقتل، مثل القنابل العنقودية التي تحرمها إتفاقية حظر استعمال القنابل العنقودية (اتفاقية الذخائر العنقودية) التي تم توقيعها في 3 كانون الاول من عام 2008 في اوسلو. وهذه القنابل هي من الأسلحة الغير إنسانية التي يحرمها القانون الدولي لأنها تفتك بالبشر، فهي أسلحة عشوائية لا تميز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية، ودعت إلى تحريمها الكثير من الدول في عدة مؤتمرات دولية عقدت لهذا الخصوص، كان من أهمها المؤتمر الدولي الذي عقد في العاصمة الايرلندية دبلن بتاريخ 28 مايو/ايار 2008، وكان مقدمة لإتفاقية حظر الأسلحة العنقودية، التي حظرت استخدام هذه القنابل، حيث نصت المادة الأولى منها على أنه يحظر إنتاج وتخزين وإستعمال ونقل كافة الذخائر العنقودية تحت أي ظرف بما فيها النزاعات الدولية وغير الدولية. كما يحظر مساعدة وتشجيع أو حثّ أي كان على المشاركة في أي نشاط محظور بموجب هذه الإتفاقية.

وعلى ذلك، فإن السعودية من خلال أعمالها الإجرامية في اليمن عبر إستخدام أسلحة محرمة دولية تعرض حياة المدنيين للخطر، وتخالف إتفاقية جنيف الرابعة التي تنصف في المادة 3 منها على عدم الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية، وبخاصة القتل بجميع أشكاله، والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب، وكذلك تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وهما يؤكدان على أن لكل فرد الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه، ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً.

جرائم حرب وضد الإنسانية

لقد أدى إستخدام السعودية لهذه الأسلحة المحرمة، من خلال جريمة العدوان التي ترتكبها بحق اليمنيين، إلى ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية، وحتى تصل جرائمها إلى حد جرائم الإبادة ضد هذا الشعب، والتي تعرفها المادة 6 من نظام المحكمة الجنائية الدولية، بأنها أي فعل من الأفعال التي ترتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه، إهلاكاً كلياً أو جزئياً، كالتالي: قتل أفراد الجماعة، إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة، إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً… وما تقوم به آلة القتل السعودية، ينطبق عليه على أقل تقدير الإهلاك الجزئي، إن لم نقل الكلي وبذلك تكون أمام ممارسة جريمة إبادة بحق اليمنيين.

وتقترف السعودية في هذا العدوان كما ذكرنا، جرائم ضد الإنسانية التي تعرفها المــادة (7) من نظام المحكمة، بأنها تحصل متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم: القتل العمد، الإبادة، الاسترقاق، إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي، التعذيب، اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية، أو متعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة 3، أو لأسباب أخرى من المسلم عالمياً بأن القانون الدولي لا يجيزها، وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة..هذا فضلاً عن أن إستخدام هذه الأسلحة التي أشرنا إليها وما تؤدي إليه من قتل، تأتي في سياق جرائم الحرب التي وردت في ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية.

وبعد ارتكاب كل هذه الجرائم يغض المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، الطرف عن النظام السعودي، ولا يدلي إلا ببيانات خجولة، وذلك لأن السياسة الدولية هي من تتحكم اليوم في القانون الدولي الذي يطبق وفق معايير مزدوجة، ضد شعوب ترفض الهمينة الأميركية أو السلام مع "اسرائيل”، أو الانصياع لقرارات الرياض التي تمتهن إرهاب الناس وإرعابهم.