] الحماقات والمؤامرات السعودية من بوابة الدبلوماسية
الرئیسیة >>  عمومی >> مذکرة
31 January 2016 - 09:56 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 130

الحماقات والمؤامرات السعودية من بوابة الدبلوماسية

بددت التصريحات المسيئة لقوات الحشد الشعبي التي جاءت على لسان السفير السعودي الجديد في العراق ثامر السبهان، امال وتوقعات البعض بتصحيح مسار العلاقات العراقية –السعودية، التي ظلت حتى بعد سقوط نظام صدام حسين تتحرك في دائرة التآمر والعدوان والايذاء والنزعات الطائفية المذهبية الضيقة.
موقع البصیرة / عادل الجبوری
 بددت التصريحات المسيئة لقوات الحشد الشعبي التي جاءت على لسان السفير السعودي الجديد في العراق ثامر السبهان، امال وتوقعات البعض بتصحيح مسار العلاقات العراقية –السعودية، التي ظلت حتى بعد سقوط نظام صدام حسين تتحرك في دائرة التآمر والعدوان والايذاء والنزعات الطائفية المذهبية الضيقة.

وبدلا من ان يطلق السفير السعودي في اول اطلاله اعلامية له من العراق، رسالة ايجابية من شأنها ان تفتح افاقا لمرحلة جديدة يعاد فيها النظر بسياسات الماضي الخاطئة، اختار الطريق الخطأ ليضع قدمه عليه، وكان كمن يحمل وعاء للزيت ويصبه على نار الفتنة ليزيدها اضطراما.

بالاسلوب نفسه الذي تتعامل فيه وسائل الاعلام والاوساط والمحافل السعودية مع الحشد الشعبي، تعاطى السفير السبهان مع شأن عراقي داخلي بطريقة استفزازية بعيدة كل البعد عن السياقات والضوابط الدبلوماسية المتعارف عليها، ناهيك عن غياب الموضوعية في كلامه.

من بين ما قاله السفير السبهان عبر شاشة قناة السومرية الفضائية العراقية "ان رفض الكرد وأهل الانبار دخول الحشد الى مناطقهم يبين عدم مقبولية الحشد من المجتمع العراقي". ويتساءل السبهان "لماذا كل السلاح فقط بيد الحشد، وهل تقبل الحكومة العراقية بتشكيل حشود سنية؟".

ويدعي السفير السعودي "ان احداث المقدادية محاولة للتغيير الديموغرافي بعد خسارة الشيعة بالانتخابات الاخيرة، ومن يقف وراء احداث المقدادية ليسوا اقل من داعش". اضافة الى ذلك وصف السبهان الاعلام العراقي بأنه "طائفي".

مغالطات السبهان.. بين الجهل والتجاهل

ومن يتوقف قليلا عند ما قاله ممثل الدبلوماسية السعودية في بغداد، لا بد ان يشخص عدة ملاحظات، من بينها، ان السفير السعودي تحدث بنفَسٍ طائفيٍّ مقيت ومستهجن، قافزا على كل الاعراف والقيم الدبلوماسية، وبدا انه يتحدث بصفة "رجل الأمن" اكثر مما هو شخصية دبلوماسية تمثل حكومتها في بلد اخر.

الملاحظة الثانية، هي انه اما تعمد قلب الحقائق والقفز عليها، او انه جاهل بها تماما، فالحشد الشعبي الذي يعتبره شيعيا ويتساءل عن امكانية تشكيل حشود سنية مماثلة، هو الذي تصدى لتنظيم داعش الارهابي في مدن ومناطق ذات اغلبية سنية، وقدم عشرات - ان لم يكن - مئات الشهداء والجرحى، فأبناء البصرة وميسان وكربلاء والنجف وذي قار والمثني، لم يواجهوا عصابات داعش لانها استهدفت واستباحت مدنهم، وانما واجهوها وتصدوا لها بعدما استباحت نينوى والانبار وصلاح الدين، ومناطق في بابل وبغداد وديالى وكركوك. والحشد الشعبي قوبل بالكثير من الترحيب من ابناء المناطق والمدن ذات الاغلية السنية بعدما خلصهم من سطوة عصابات داعش، بيد ان الماكنة الاعلامية السعودية ومن يدور في فلكها شنوا حملات ممنهجة لتشويه صورة الحشد الشعبي، وهذا ما انطلى على فئات وشرائح اجتماعية واوساط سياسية داخل العراق وخارجه.

والملاحظة الثالثة، هي ان الحشد الشعبي لم يواجه تنظيم داعش بمفرده، وانما كان ومايزال يتحرك الى جانب قوات الجيش العراقي، ويخضع لتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة، وهيئة الحشد الشعبي، باعتبارها جهة رسمية، فضلا عن ذلك، فإن تشكيلات من ابناء العشائر في الانبار وغيرها، وكذلك قوات البيشمركه الكردية كانت في اغلب المعارك تقاتل مع قوات الجيش والحشد الشعبي.

ومن يتحدث هنا وهناك عن تجاوزات واساءات للحشد الشعبي في المدن والمناطق التي حررها، فإن ذلك في بعض جزئياته صحيحا، بيد انه لا يمثل السياسات والتوجهات الحقيقية للحشد، بقدر ما هو سلوكيات وتصرفات شخصية خاصة لبعض افراده ومجاميعه، وقد ادانتها واستهجنتها المرجعية الدينية، والجهات الحكومية المسؤولية، وقيادات الحشد الشعبي نفسها، ومثل تلك التجاوزات والاساءات يمكن ان نجدها تنطلق من اشخاص داخل المؤسسة العسكرية الحكومية، ومن التشكيلات المسلحة لابناء العشائر السنية، ولعله من الخطأ بمكان التعميم في اصدار الاحكام الظالمة والمجحفة.

والملاحظة الرابعة، هي انه اذا كان هناك رفضا كرديا وسنيا لدخول قوات الحشد الشعبي للمدن والمناطق ذات الاغلبية الكردية والسنية، فهو في الواقع مرتبط بأجندات سياسية خاصة لقوى خارجية في مقدمتها الولايات المتحدة الاميركية وتركيا والسعودية، محكومة بمخاوف وهواجس بعيدة في مجملها عن الواقع، والا كيف ترحب بعض الاطراف السياسية بدخول قوات تركية الى نينوى، وتهلل وتستبشر بدخول قوات اميركية الى اي مكان في العراق، بينما ترفض رفضا قاطعا مشاركة قوات الحشد الشعبي في تحرير الانبار ونينوى من عصابات داعش؟.

أما الملاحظة الاخرى على ادعاءات السفير السبهان، فهي انه فيما يتعلق بأحداث قضاء المقدادية، خرج محافظ ديالى وقائمقام المقدادية، وظهرت تقارير تلفزيونية مصورة، وشهادات موثقة لعدد من ابناء المدينة، تؤكد بما لايقبل الشك، بأن ردود الافعال التي رافقت التفجير الارهابي المزدوج في احد المقاهي قبل حوالي اسبوعين، وتسبب باستشهاد وجرح عشرات المدنيين، قد تم تهويلها الى حد كبير من قبل جهات اعلامية وسياسية تسعى الى خلق فتنة، ولعل كلام السفير السعودي يأتي في اطار تلك التوجهات.

والاكثر من ذلك كله، والملاحظة الاهم، تتمثل في ان السفير السعودي، تطرق الى امور لاينبغي له التطرق لها والخوض فيها، لانها تعد شأنا داخليا صرفا، وهذا ما يستوجب اتخاذ الاجراءات المناسبة بحقه من قبل الحكومة العراقية، متمثلة بوزارة الخارجية، كما طالبت جهات عديدة بذلك، من بينها لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، وهيئة الحشد الشعبي، وقوى وشخصيات سياسية مختلفة، بعضها تمثل بشكل او باخر المكونين السني والكردي.

وسواء انطلقت تصريحات السبهان من جهل و تسرع وانفعال ونزعة طائفية، او انها كانت مدروسة واريد من خلالها اطلاق رسائل معينة، فأنها اشارت الى حقيقة مهمة للغاية، الا وهي ان الرياض لم تتبلور لديها الارداة والرغبة الجادة، ولا النية الصادقة في طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة من العلاقات مع بغداد، وبدلا من تصحيح المسارات الخاطئة، توجهت الى الدخول من بوابة الدبلوماسية لتنفيذ ما عجزت عن تنفيذه عبر ماكنتها الاعلامية، واجهزتها الامنية، ومؤسساتها الدينية طيلة الاعوام الاثني عشر الماضية.

وقبل الاطلالة الاعلامية الاولى للسفير السبهان، كان باكورة تحركه الاول بعد وصوله بغداد، هو عقد اجتماع مع ممثلي اتحاد القوى العراقية الذي يتزعمه اسامة النجيفي، وائتلاف العربية الذي يتزعمه صالح المطلك، لبحث مايواجهه المكون السني من مشاكل وازمات وضغوطات، وكيفية تقديم الدعم والاسناد السعودي له. وهذا بحد ذاته ترجمة عملية لطبيعة الوجود السعودي الدبلوماسي الجديد في العراق، الذي لايعدو كونه يمثل الوجه الاخر للوجود الخفي التخريبي الذي مازال قائما.

يبدو ان السعودية بأوضاعها الراهنة، ونظامها السياسي المنغلق، وايديولوجيتها الدينية التكفيرية لاتستطيع ان تكون جسرا بين الفرقاء والمختلفين في اي مكان، ولا حلقة للتواصل والتفاهم والحوار، بقدر ما تكون اداة لاثارة الفتن، وزرع الخلافات، واختلاق الصراعات والحروب.

تلك الحقيقة التي لا بد ان يدركها ويتحسب لها كل من يفكر او يتمنى او يتفاءل بإعادة فتح السفارة وتعيين سفير.

المصدر: العهد

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@