] الدكتور محمد دويدار : مؤسسات الدولة غير جادة في تجديد الخطاب الديني
أفریقیا >>  أفریقیا >> مقابلة
28 September 2016 - 11:24 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 1744

الدكتور محمد دويدار : مؤسسات الدولة غير جادة في تجديد الخطاب الديني

قال الدكتور محمد دويدار، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر،إن مؤسسة الأزهر بحاجة للتجديد وضخ دماء جديدة وتجديد للمناهج التي تحول طالب الأزهر لمجرد ناقل وليس فاهم للعلم الذي يدرسه. وأضاف دويدار في حواره لـ”البديل” أنه لا حاجة إلى الخطبة المكتوبة، وطالب بضرورة إعادة تأهيل خطباء المساجد وتعليمهم كيفية توجيه رسالة للمتلقين .
موقع البصیرة / زكية هداية

وإلى نص الحوار..

ــ كيف ترى الوضع الحالي لمؤسسة الأزهر؟

ليس بخير تماما، فالمؤسسة تعاني من ترهل عام ككل مؤسسات الدولة وبحاجة للتجديد وضخ دماء جديدة وتجديد للمناهج التي يتم تدريسها للطلاب، فالمناهج الحالية تحول طالب الأزهر لمجرد ناقل وليس فاهم للعلم الذي يدرسه، ولهذا نرى تدني مستويات خريجي الأزهر وعدم قدرتهم على مواكبة احتياجات سوق العمل وهذا يقلل الطلب عليهم في شغل الوظائف, بالإضافة لكون دارسي العلوم الدينية يدرسون بطرق خاطئة قائمة على الحفظ وليس الفهم ولهذا نرى خطباء ضعافا في المساجد ودعاة محدودي الأفق ولا يستطيعون توجيه خطاب ديني معتدل.

ــ وماذا عن الخطبة المكتوبة؟

أرفضها جملة وتفصيلا، فوزارة الأوقاف تريد توجيه خطب تحارب الأفكار المتطرفة ولكن ليس بهذه الطريقة، فكيف للمصلين أن يحترموا الإمام وهو يتلو من ورقة في يديه؟ وقد أغضبني مشهد الخطيب الذي وقف حاملا جهاز "اللاب توب” وقرأ منه الخطبة، فالصلاة طقس روحاني وصلة بين العبد وربه ولا يمكن أن ننزع عنها هذه الصفة وإلا بطلت، والحل في إعادة تأهيل أئمة وخطباء المساجد.

ــ وكيف يتم إعادة تأهيل الأئمة؟

بتنظيم دورات تدريبية في الفقه والحديث وفن الإلقاء وكيفية توجيه رسالة للمصلين، وأطالب بتدريس كتاب سيكولوجية الجماهير للدعاة وتعليمهم علوم الفلسفة والمنطق حتى نجد دعاة قادرين على حمل لواء الإسلام وتقريب الناس من الدين وليس تنفيرهم منه كما يحدث.

ــ ماذا عن تجديد الخطاب الديني؟

هذا المصطلح أصبح سيئ السمعة، للأسف، لكثرة تكراره دون دراية به وبما يتطلبه، فتجديد الخطاب الديني لا يعني شتم الأئمة الأربعة أو القول بأن التراث كله خاطئ وكذب، فالتاريخ هو شعلة من الماضي تضيء الحاضر والمستقبل، وبدون التاريخ نصبح بلا هوية، ولكن يجب تنقيح هذا التراث وتفسير آيات القرآن الكريم في الظرف الذي نزلت فيه، فالقرآن حمال أوجه، وهذه قاعدة علينا اتباعها.

كل مؤسسات الدولة غير جادة في وضع يدها على الجرح فيما يخص تجديد الخطاب الديني وعلاجه، فالأفكار المتطرفة موجودة في كل الأديان، ففي اليهودية هناك "الحريدم” وهم متطرفون أيضا، وكذلك الأمر في المسيحية، فالتطرف موجود داخل الشخصيات وليس الأديان كما يروجون, وتجديد الخطاب الديني يكون بالنقد البناء الذي ينقد الفكرة بأسباب ويضع الفكرة الصحيحة مكانها بالجدل الحسن وليس بتشويه أئمة الفكر كما حدث ويحدث.

ــ وكيف ترى ظاهرة "الإسلاموفوبيا”؟

للأسف هذه الظاهرة موجودة قبل ظهور التنظيمات الإرهابية ولكن هذه التنظيمات وضعت الهشيم بجانب النار وجعلت هناك عداء واضحا نحو الإسلام، وتسبب جهل الدعاة في تعميق الظاهرة، فالإسلام ليس دينا يدعو للعنف والإرهاب لقوله تعالى "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، ولقوله "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها”، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يوصي بعدم الاعتداء على رجل كهل أو إمرأة أو قطع شجرة أو هدم كنيسة في أي بلد يتم فتحها، ولكن ما صدرته التنظيمات الإرهابية وغفلة الأزهر وكل المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي تسبب في هذه الأزمة.

ــ كيف ترى مصطلح العدالة الاجتماعية في الإسلام؟

أود أن أؤكد أن الإسلام هو دين العدالة الاجتماعية، فهو من ساوى بين السادة والعبيد، ولهذا كرهه وحاربه أشراف قبيلة قريش لأنه جعل السيد والعبد في منزلة واحدة أمام الله، بل ألغى الاستعباد وحرمه وجعل العبودية لله فقط وليس لشخص مهما كان شأنه.

والإسلام هو الدين الذي علم الناس الإخاء والمساواة بدليل تقسيم المال والمنازل بين المهاجرين من مكة المكرمة إلى المدينة من قبل الأنصار، فجوهر العدالة الاجتماعية اختص الله به الإسلام ليكون دينا يرسخ لها ويؤصل لفكرة المساواة بين الناس.

ــ كيف يمكن تطوير مؤسسة الأزهر؟

يتم تطويرها بعدة طرق، أولا بعودة تدريس كل المذاهب ونقدها نقدا بناء كما قلت، والسماح للمجددين بالحديث عن أفكارهم، والتحرر أيضا من السيطرة المالية للدولة على الأزهر بأن تكون له مخصصاته المالية التي تنفق عليه ليستطيع طبع الكتب وتنظيم المؤتمرات والندوات لشرح حقيقة الدين وتقريب الناس منه.

ــ وماذا عن أحداث الفتنة الطائفية التي تتكرر في مصر؟

أولا الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، وهناك من يلعب على هذا الوتر لإشعال النيران في مصر، والإسلام أصّل لفكرة العدالة بين الناس، فالثواب والعقاب عدل، والله تعالى قال "ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى” فالدولة أثناء وجود النبي سمحت بوجود كل الأديان ولم يتم التضييق حتى على غير المؤمنين بالله فكيف نكفرهم الآن, وللأسف العقيدة الوهابية التي تجذرت في مصر تؤصل لهذا الفكر الذي يرفض الآخر المخالف له، وهذا ما يجب محاربته بالفكر أيضا.

ــ لماذا لم يكفر الأزهر داعش؟

لأنه يعتمد بمبدأ عدم التكفير، فلا أحد يملك صكوك الغفران والجنة والنار، ولكن ممارسات أعضاء هذا التنظيم لا تمت للدين بصلة، والأزهر سبق وأعلن رفضه لها ونفى أن تكون لها علاقة بالإسلام، وهذا هو الأهم من وجهة نظري.
البدیل
mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@