] إيران وجيرانها ما بعد الإتفاق النووي
الرئیسیة >>  عمومی >> مذکرة
23 January 2016 - 11:24 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 77

إيران وجيرانها ما بعد الإتفاق النووي

“شبح الحروب قد اختفى”، جملة قالها سياسي عُماني مخضرم، هو السيد يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان، تعقيبا على دخول الاتفاق النووي بين ايران والقوى الكبرى حيز التنفيذ، وهي جملة لخصت حقيقة المشهد السياسي في منطقتنا برمته.
موقع البصیرة / ماجد حاتمي
"شبح الحروب قد اختفى”، جملة قالها سياسي عُماني مخضرم، هو السيد يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان، تعقيبا على دخول الاتفاق النووي بين ايران والقوى الكبرى حيز التنفيذ، وهي جملة لخصت حقيقة المشهد السياسي في منطقتنا برمته.

ما جاء على لسان الوزير بن علوي ، لم يكن رجما بالغيب ، بل جاء من قراءة متأنية لنتائج الاتفاق النووي ، التي ستنعكس ايجابا على اجواء المنطقة التي أزمتها التهديدات الامريكية المتكررة ضد ايران ، عندما وصلت هذه التهديدات في اكثر من مرة الى حد التنفيذ ، وكانت في حال وقوعها ان تُدخل المنطقة في نفق مظلم لا يعلم الا الله متى تخرج منه.

هذه الحقيقة ، دّفعُ المنطقة الى الانفجار ، هي التي تفسر موقف رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ، الذي عارض وبشكل هستيري التوصل الى اتفاق بين ايران ومجموعة 5+1 ، لنزع فتيل الازمة ، فالهدف المعلن والخفي للكيان الاسرائيلي ، كان ومازال ضرب كل جهد يمكن ان يصب في صالح امن واستقرار المنطقة ، التي ستكشف في حالة استتبابها ان لا عدو للعرب فيها الا اسرائيل ، التي تحاول ان تخفي وجهها القبيح وراء الازمات والحروب المفتعلة في المنطقة.

كنا نتمنى ان تكون اسرائيل هي الكيان الوحيد في العالم يقف هذا الموقف من اتفاق يرفع الحظر الظالم المفروض على الشعب الايراني ، ويبعد شبح الحروب والنزاعات عن المنطقة ، ويصب في صالح امن واستقرار شعوبها ، ولكن للاسف ، عملت اسرائيل ومن ورائها اليمين المتصهين في امريكا والغرب ، على توريط بعض الدول في منطقة الخليج الفارسي ، ودفعها لاتخاذ مواقف تكاد تكون متطابقة مع موقفها من الاتفاق النووي ، عبر اساليب في غاية الخبث.

الاكثر غرابة في مواقف هذه الدول الخليجية ، هو اندفاعها غير المفهوم للسقوط في احضان الكيان الاسرائيلي المحتل لفلسطين والغاصب لاقدس مقدسات العرب والمسلمين ، واعتباره "المخلص” من "الخطر الايراني الشيعي الداهم” ، وهو خطر من انتاج العقل الصهيوني ، ولا وجود له على ارض الواقع.

ان الاصرار على مواصلة الحرب ضد الشعب اليمني ، والاصرار على اسقاط الحكومة السورية مهما كلف الامر ، والاصرار على اعدام العلامة الشيخ نمر باقر النمر ، والاصرار على سياسة اغراق الاسواق بالنفط ، والاصرار على الباس كل حدث او تطور في المنطقة بلباس طائفي بغيض ، والاصرار على رفض اي حلول سياسية او حتى حلول وسط لهذه الازمات ، صب بمجمله في خانة السياسة الاسرائيلية الرامية الى دفع المنطقة الى حد الانفجار ، حتى بات بعض الصهاينة يتحدث عن امكانية تحقيق حلمهم القديم الجديد في "اسرائيل الكبرى” من النيل الى الفرات ، وهو حلم ما كان يراود عقولهم لولا الفوضى التي تضرب كل البلدان والمناطق المحصورة بين هذين النهرين.

نتمنى ايضا ان يستغل الاشقاء الخليجيون فرصة تنفيذ الاتفاق النووي ، وكذلك اليد الايرانية الممدودة للجميع ، بعيدا عن تاثيرات الخطاب الطائفي المتصهين عن "الرافضة” و "المجوس” و”الصفويين” و "المشركين” و "المرتدين” ، وهو خطاب يستهدف اولا واخيرا العرب والمسلمين ، ويعمل على اشعال نار الفتن والحروب الطائفية العبثية بينهم ، لينسوا فلسطين والقدس ، وكذلك لينسوا حاضرهم ومستقبلهم.

من الخطأ الفادح ان يتصور بعض الاشقاء الخليجيين ، او يُصور لهم ، ان الاتفاق النووي بين ايران والقوى الكبرى سيكون على حسابهم ، وان ايران ستعمل على تغيير الخارطة السياسية في المنطقة ، فهذا الامر ليس سوى وهم زرعه اصحابه في عقولهم ، او زرعته جهات لا تريد الخير لا للعرب ولا لايران ، فالجميع يعرف ، وهذا ليس سرا ، ان ايران اكدت وفي اكثر من مناسبة ان المفاوضات التي اجرتها مع القوى الكبرى كانت محصورة بالبرنامج النووي فقط ، ورفضت رفضا قاطعا الربط بين هذا البرنامج وبين الاحداث والتطورات والازمات التي تشهدها المنطقة ، ويمكن تلمس هذه الحقيقة ، من الحظر الذي فرضته امريكا على ايران فور دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ ، تحت ذريعة تجربتها الصاروخية ، كما يمكن تلمس هذه الحقيقة من احتجاز ايران للمارينز الامريكيين الذين دخلوا المياه الاقليمية الايرانية ، فهذه القضايا بالاضافة الى مواقف ايران المعلنة والصريحة من القضايا الاقليمية ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، واصرارها على ترجيح الحل السياسي للازمات في سوريا واليمن وليبيا والعراق ،على باقي الحلول الاخرى ، كلها تؤكد ان ايران ليست في وارد التنازل عن سياستها.

ان الاتفاق النووي كان بمثابة اعتراف صريح من قبل القوى الكبرى بعقم السياسات السابقة التي اعتمدتها هذه القوى مع ايران ، والتي كانت تحاول تجاهل قوة ايران ، او القفز من فوقها ، وهي سياسات لم تؤد الا الى مزيد من التوتر وتعقيد الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط والعالم ، لذلك تنازل الغرب عن كل عنجهيته وغطرسته واختار المفاوضات كافضل وانجع وسيلة للوصول الى صيغة ترضي الجميع وخاصة ايران ، فكان الاتفاق النووي.

لما كان الغرب اختار المفاوضات بدلا عن الحرب ، مع ايران لتسوية القضية النووية ، بعد ان تأكد له عبثية الخيار الاخير ، وعدم رفض ايران بالمقابل هذا التوجه الغربي ، رغم الفاصل الجغرافي والسياسي والثقافي والديني والنفسي بينهما ، فحري بالدول الخليجية الا ترفض اليد الايرانية الممدوة ، وان تتعامل مع ايران كبلد جار شقيق يشارك الدول العربية في الخليج الفارسي ، الجغرافيا والدين والتاريخ والثقافة ، فالجميع يضمهم اقليم واحد ، لا يمكن لاي بلد فيه ان يعيش بأمان واستقرار بينما باقي الاقليم تسوده الفوضى والحروب ، فأمن الجميع واحد ، واستقرار اي بلد هو استقرار لباقي البلدان الاخرى ، فمن الخطأ الفادح ان تقع بعض هذه الدول في الفخ الذي نُصب لها ، لدفعها الى اتون الفتن والفوضى والحروب ، عبر اشعارها بانها محاصرة ومهددة وان هناك مؤامرات تحاك ضدها في غرف مظلمة ، فنراها تتخذ انطلاقا من هذا الشعور الوهمي ، مواقف تتسم بالغضب والاندفاع والفوضوية ، ترتد سلبا على امن واستقرار هذه الدول والاقليم برمته، فمثل هذا الشعور يتم تغذيته من قبل جهات لا تريد الخير للمنطقة واهلها وعلى راسها اسرائيل والصهيونية العالمية.

ان الجمهورية الاسلامية في ايران ، هي من احرص الدول على امن واستقرار منطقة الشرق الاوسط ، وخاصة منطقة الخليج الفارسي ، فإيران بصدد بناء نهضة علمية واقتصادية شاملة ، تكون نموذجا يحتذى لباقي الشعوب الاسلامية ، ومثل هذه النهضة بحاجة الى اجواء مستقرة هادئة ، لا يعكر صفوها الحروب والصراعات والفتن ، لكن رغم كل هذا الحرص الايراني على امن واستقرار المنطقة لابد ان يقابله ذات الحرص من جيران ايران ، والا فإن بامكان ايران ، اذا لم تجد ارادة في الجانب الاخر لوقف الصراع العبثي ، ان تواصل نهضتها اتكالا على عقول وسواعد ابنائها ، خاصة اذا ما عرفنا ان اللبنات الاولى لهذه النهضة قد تم وضعها وايران تعيش حصارا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا شاملا ، استهدف جميع مناحي الحياة.

المصدر: شفقنا

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@