انعكست جريمة "اختفاء" الصحافي السعودي جمال خاشقجي بطريقة مباشرة على اتفاق إدلب بين الطرفين الروسي والتركي الذي انتهى الجزء الأهم منه وهو انسحاب هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)، من المنطقة المنزوعة السلاح يوم أمس الإثنين دون أي تطبيق على الأرض.
المراقب لتطورات جريمة اختفاء او قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول ، وخاصة مواقف الدول الغربية وعلى رأسها امريكا ، لا يسعه الا ان يلمس لمسا المأساة الانسانية الكبرى التي يعيشها الشعب اليمني منذ اربعة اعوام ، حيث تفتك فيه القنابل والصواريخ والمجاعة والاوبئة والجماعات التكفيرية والمرتزقة وتحالف النفاق العالمي.
إن المتابع للشأن السوري و تداعياته على الصعيدين السياسي و الميداني ، يدرك بأن انتصار الاسد حتمي ، و لنتبعد عن التحليل العاطفي انطلاقا من حرصنا على سوريا الدور و الموقع .
بعد فشل مشاورات جنيف التي عملت قوى العدوان في اليمن على عرقلتها وتأجيلها إلى أجل غير مسمى بمنعها وفد صنعاء من المغادرة بطائرة عمانية، أرادت الرياض وأبو ظبي أن تعودا مجدداً إلى معركة الحديدة لتثبت أن تأجيل حسم تلك المعركة كان بسبب إتاحة الفرصة للحل السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، فهي تحمّل حكومة صنعاء فشل المشاورات، وفي الوقت نفسه تحمّلها أيضاً تبعات التعثر في إشارة للعودة للخيار العسكري الذي لم يتوقف أصلاً بفعل المشاورات أو التحضير لها طوال الفترة السابقة.
أي صورة يريدها الأمير بن سلمان للسعودية؟
لا أحَد مِن روّاد صالونات السِّياسة بالمملكة يستطيع تماماً أن يشرح، كيف هي صورة بلاد الحرمين التي يُريدها أميرها الشاب ووليّ عهدها الأمير محمد بن سلمان، فتارةً يبلغ الانفتاح ذروته، لدرجة بث المحظور على الشاشات، والاعتذار عنه لاحقاً، ومن ثمَّ يتصدَّر نبأ إعلان القبض على شاب مصري، الصُّحف والمنصّات، فقط لأنّه “جاهر” بالإفطار مع زميلته “السعوديّة” في العمل الذي يجمعهما، ولم يَصدُر عنهما أيُّ فِعلٍ فاضِح.
في الثالث عشر من سبتمبر عام الف وتسعمئة وثلاثة وتسعين، اي قبل خمسة وعشرين عاما بالتحديد، وقع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي حينها اسحق رابين اتفاق اوسلو في واشنطن.
يجري حراك أميركي إسرائيلي مُكثّف تارة بفحوى الخطاب السياسى وأخرى بالعمل العسكري والقصف المحدود، وذلك قبل أيام من معركة كبرى مُرتقبة في إدلب، عنوانه ” المُقايضة”، لكن المؤكّد أنه عند نهاية الدرب وفي وقتٍ يستعد فيه المرء لقطف آخر الحصاد تغدو المُقايضة طرحاً ساذجاً.
ثمة وضع بالغ الدقة والتعقيد في “البيئة الاستراتيجية الإقليمية”، ولكن دون حرب عسكرية تقدمت عليھا الحرب الاقتصادية، وحيث العقوبات الأميركية على إيران تشتد وتسير في مسار تصاعدي، تصاحبھا مشاريع صفقات وتسويات وتفاھمات أكثرھا ما زال “غير مكتمل وغير نھائي وينقصه الوضوح”، كتلك التي بدأت بين واشنطن وموسكو أو بين روسيا وكل من الكيان الإسرائيلي وتركيا.
صحيفة “وول ستريت جورنال” اليمينيّة، التي تُوصَف بأنّها مُقرَّبة من الإدارةِ الأمريكيّة الحاليّة نَقَلت عن مَسؤولين كِبار قولهم أنّ الرئيس دونالد ترامب “ينظر فيما إذا كانت القُوّات الأمريكيّة ستَضرِب نظيراتها الروسيّة والإيرانيّة في سورية”، وأكَّدت نَقلاً عن هؤلاء المَسؤولين قولهم “أن الرئيس الأسد وافَق على استخدام غاز الكلور في الهُجوم على إدلب ممّا قد يَدفَع القُوّات الأمريكيّة على الرَّد”، وكشفت الصحيفة نفسها “أنّ وزارة الدِّفاع الأمريكيّة وضعت “سيناريو” التَّدخُّل العَسكريّ وفي انتظارِ أمر الرئيس بالتَّنفيذ.
ما تم إنجازه حتى الآن هو قبول الجميع بالقضاء على معاقل “الحزب التركستاتي “الايغور الصينيون” في جسر الشغور، هذا ما سيتم المصادقة عليه فورا وبسهولة، وهذا يعني أن أول المعارك ستبدا هناك، والأقرب بعد ذلك حسم الاتفاق على سحق” جبهة النصرة” هيئة تحرير الشام، وهو هدف “روسي سوري ايراني” لا يقبل التسوية مع أنقرة، وسوف تصادق أنقرة عليه رغم صعوبته بالنسبة لها، لأننا لا نستطيع إخفاء التعاطف الكبير في داخل صفوف حزب العدالة والتنمية الحاكم مع جبهة النصرة والعلاقة الجيدة التي جمعتهم مع تركيا، ومحاولات الاخيرة خلال سنوات تلميع صورة الجبهة وأبعادها عن تهمة الإرهاب الدولي.
کشف تقرير لمعهد توني بلير للتغيير الدولي، أن قيمة التبادل التجاري بين كيان الاحتلال الإسرائيلي والدول العربية في الخليج الفارسي يتجاوز المليار دولار سنويا، وذلك رغم عدم الاعتراف بوجود أي علاقات رسمية بين الجانبين.
معروف أنّ جميع الإرهابيين المنتمين إلى جبهة النصرة وتنظيمات القاعدة الأخرى، ومسلحين آخرين رفضوا خيار المصالحة، تجمّعوا في محافظة إدلب.