مع تَزايُد التَّقارير الإخباريّة التي تُؤكِّد اكتمال استعدادات الجيش العربيّ السوريّ للزِّحف باتِّجاه الجَنوب لاستعادة القنيطرة ودَرعا، وإعادة فَتح معبر نصيب الحُدوديّ مع الأردن، يَعود الحديث مُجدَّدًا، وبِقُوّةٍ أكبر هذهِ الأيّام، عن انسحابِ القُوّات الإيرانيّة من المِنطَقة استجابَةً لشُروطٍ إسرائيليّةٍ، ومَعها قُوّات تابِعة لـ”حزب الله” اللبناني، ووجود خِلاف إيراني روسي حول وجود الأولى، أي إيران، على الأراضي السُّوريّة وضَرورة إنهائه جَذريًّا.
كان الاتفاق الروسي الاسرائيلي المتعلق بالجنوب السوري قد اكتمل وينتظر التنفيذ على الارض، والذي تلخصت خطوطه العامة بانتشار وحدات الجيش العربي السوري وعودة سلطة الدولة السورية حصراً، أمنياً وادارياً وعسكريا في كامل المناطق الجنوبية.
رأى المعلّق العسكري في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عاموس هرئيل أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبعث برسالة واضحة إلى نظيره الأميركي دونالد ترامب عبر قراره بإرسال منظومة الدفاع S300 الى الرئيس السوري بشار الأسد، مشدّدًا أنّه على "إسرائيل" التحضير لما هو آتٍ.
خلال العدوان على مطار الشعيرات إستعمل ترامب صواريخ التوماهوك فقامت روسيا بالتصدي لـ 36 صاروخا و هي الهجمة الأولى من أصل 59 صاروخا أطلقها ترامب, وتوعدت بتعزيز الدفاعات السورية, فتوعد ترامب في العدوان الثاني بصواريخ ذكية و جديدة, و خاطب بوتين لأن يستعد لها.
تابعت "إسرائيل" باهتمام وقلق القمة الثلاثية في أنقرة التي جمعت رؤساء إيران وروسيا وتركيا. وانعكست المخاوف في مواقف الخبراء والمعلقين الذين تناولوا الحدث – القمة، عرضاً وتحليلاً واستشرافاً لمفاعيلها، من زاوية أنها تأتي تجسيداً لموازين القوى الاقليمية على الساحة السورية، وكونها تعكس وجهة التطورات على الساحة السورية، وهوية الجهات الاقليمية التي ترسم المسار السياسي السوري الذي يتبلور انعكاساً لانتصارات الجيش السوري وحلفائه.
الإنجاز الأكبر الذي تحقق للأتراك، شعبا، وحكومة، وأحزاباً، من جراء تدخلهم في الأزمة السورية التي بدأت دخول عامها الثامن هذه الأيام، هو اكتشافهم "الصادم" أن عضويتهم في حلف "الناتو" الذين كانوا أحد مؤسسه قبل أكثر من ستين عاما، كانت عضوية من الدرجة "الخامسة"، عضوية بواجبات ملزمة، ودون أي حقوق في المقابل.
تستمر الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الغربية بالتصعيد الإعلامي ضد روسيا وسوريا في الأروقة الدبلوماسية المختلفة ونسج روايات عن استخدام الأسلحة الكيميائية، وخاصة بعد تقدم الجيش السوري في الغوطة الشرقية واقترابه من هزيمة الفصائل المسلحة الإرهابية التي تسيطر على هذه المنطقة المهمة والاستراتيجية من ريف دمشق، وكذلك إصرار القيادتين السورية والروسية على اجتثاث الإرهاب من خاصرة العاصمة السورية.
عبد الباري عطوان:
بعد اتّصال هاتفيّ أجراه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيريه الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل مساء الجمعة، أطلقت الإدارة الأمريكيّة حملة تصعيد في لهجتها مرفوقة بتهديدات صريحة بـ”محاسبة” النّظام السوري كردّ على الهجوم الذي تشنّه قوّاته وطائراته بغطاء جويّ وسياسيّ روسيّ في الغوطة الشرقيّة.
في خِطابِه الذي ألقاه اليَوم في قاعِة المُؤتَمرات وسَط موسكو، وفي حُضور النُّخب السياسيّة والعَسكريّة، كشف الرئيس فلاديمير بوتين عن مَجموعة من الأسلحة والصَّواريخ الباليستيّة التي يُمكِن أن تَحمِل رؤوسًا نوويّة قادرة على الوصول إلى أي مكان في العالم دون أن يتمكّن أي أحد في اعتراضِها.
عندما يُعلِن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن لدى بِلاده شُكوكًا بأنّ أمريكا تُريد إبقاء قُوّاتها في سوريا لفَترةٍ طَويلة، وحتى انْتهاء المَهام العَسكريّة، وتُطلِق عمليّة سياسيّة مُستقرة مَقبولة للجَميع، أي انتقال السُّلطة، فهذا يَعني تغيير النِّظام، فإنّ هذا ربّما يُشكّل تحذيرًا روسيًّا واضِحًا تتم تَرجمته عَمليًّا في اتّخاذ خَطوات أمنيّة، وربّما عَسكريّة لزعزعة هذا الوجود الأمريكي في المُستقبَل المَنظور.
بضربة واحدة، وبثأر مزدوج، انتقمت موسكو لواقعة إسقاط طائرتها فوق إدلب على أيدي مرتزقة واشنطن، وثأرت دمشق سريعاً لاستشهاد أكثر من 100 مقاتل من القوات الرديفة بغارات التحالف الأميركي في دير الزور يوم الثامن من الجاري، في ذروة الاستفزازات والتهديدات التي ساقتها واشنطن ضد دمشق وموسكو، والتي مهّدت لاقتراب شنّ ضربات ضد أهداف سورية بصواريخ توماهوك، حسب ما كشفت تقارير صحافية أميركية، لتبادر دمشق في توقيت ومكان مناسبين إلى الردّ على غارات وصواريخ “إسرائيلية” باغتت فجر العاشر من الجاري، بتسديدة “ذهبية” في المرمى “الإسرائيلي”
مباشرة بعد الهجوم التركي على عفرين، كان لافتاً أن يقوم الأكراد باتهام الروس بالخيانة، وذلك على لسان متحدثين من الإدارة الذاتية التي أنشئت في عفرين، والذين اعتبروا أن الروس قد خذلوهم وساوموا على الأكراد لمصلحتهم، وبرّأوا ساحة الأميركيين من تهمة الخيانة، علماً أن المراقبين لتطورات المشهد السوري يعرفون جيداً أن الأميركيين لم يكلفوا أنفسهم وضع خطط حُمُر على هجوم أردوغان على عفرين، بل أعلنوا تفهّمهم لهواجس أردوغان الأمنية.