بعد سيطرة الوهابيّين وحكّام آل سعود على المدينة المنورة، استباحوا مقدساتها، وعثوا في آثارها تخريباً وهدماً، وقد تكررت هذه العملية مرتين، الأولى: سنة 1220 هـ والثانية: سنة 1344 هـ

بعد سيطرة الوهابيّين وحكّام آل سعود على المدينة المنورة، استباحوا مقدساتها، وعثوا في آثارها تخريباً وهدماً، وقد تكررت هذه العملية مرتين، الأولى: سنة 1220 هـ والثانية: سنة 1344 هـ و في عام 1220 هـ – 1805 دخل الوهابيّون المدينة المنورة بعد حصار طال سنة ونصف، وفي هذا السياق يروي صاحب لمع الشهاب، فيقول: فلما قرب الى المدينة أرسل سعود بن عبد العزيز الى أهلها بدخوله فأبوا وامتنعوا من ذلك فحمل عليهم مرارا حتى دخلها فقتل منها بعض اهلها حيث سمى أهلها بالناكثين. ويوم الحادي عشر جاء هو وبعض أولاده فطلب الخدم السودان الذين يخدمون حرم النبي، فقال أريد منكم الدلالة على خزائن النبي، فقالوا لا نوليك عليها ولا نسلطك، فأمر بضربهم وحبسهم حتىٰ أضطروا إلى الإجابة، فدلوه علىٰ بعض من ذلك فأخذ كل ما فيها، وكان فيها من النقود ما لا يحصىٰ، وفيها تاج كسرىٰ أنوشروان، الذي حصل عليه المسلمون لما فُتحت المدائن، وفيها سيف هارون، وعقد كان لزبيدة بنت مروان زوجته، وفيها تحف غريبة من جملة ما أرسله سلاطين الهند بحضرته تزينا لقبته صلى الله عليه وآله، وأخذ قناديل الذهب، وجواهر عديدة.
ثم انه رتّب في المدينة أحداً من آل سعود، وخرج إلى البقيع يريد نجداً، فأمر بتهديم كل قبة كانت في البقيع، وتلك القبب قبة الزهراء فاطمة بنت الرسول وقبة الحسن بن علي وقبة علي بن الحسين وقبة محمد الباقر، وقبة جعفر الصادق علیهم السلام الاجمعین.
بقيت الأمور في البقيع على حالها إلى أن سقطت دولة آل سعود على يد دولة العثمانيين، فقد عم الغضب الإسلامي سائر البلاد الإسلامية، وارتفعت وتيرة المطالبات الشعبية بتحرير الأماكن المقدسة من القيود السعودية، وإعادة الهيبة والاحترام إليها كما كانت فيه على الدوام. وقد شجعت هذه الأجواء الدولةَ العثمانية على التفكير في استردادها، ولذلك فقد طلبت من واليها على مصر محمد علي باشا البدء في الاستعداد لاستعادة السيطرة على الحجاز في عام 1222هـ. 1807م.
وعندما استعادت الدولة العثمانية المدينة المنورة أعادت عليها عمارتها وقامت ببناء الآثار الإسلامية التي هدمها الوهابيون وقد أعادوا بناء الكثير من القباب على صورة من الفن تتفق مع ذوق العصر، وساعدهم في ذلك العلماء بالإضافة الى التبرعات السخية والأضرحة الجاهزة التي كانت تأتي من كافة أنحاء العالم الإسلامي.
في المرة الثانية أراد الوهّابيون أن يظهروا مبرراً وعذراً لعملهم في هدم قباب أئمة المسلمين وقبورهم وإنكار فضلها وفضل أهلها، عملا باعتقادهم أن تعظيمها عبادة لها، وأنها صارت كالأصنام تعبد من دون الله تعالى وأنه تعالى نهى عن البناء على القبور؛ فأرسلوا قاضي قضاتهم المسمى "الشيخ عبد الله بن بليهد” إلى المدينة المنورة في شهر رمضان سنة 1344 وبعد دخوله المدينة وجه إلى علمائها هذا السؤال: "ما قول علماء المدينة زادهم الله فهما وعلما في البناء على القبور واتخاذها مساجد هل هو جائز أم لا؟ وإذا كان غير جائز بل ممنوع منهي عنه نهياً شديداً فهل يجب هدمها ومنع الصلاة عندها أم لا؟ وإذا كان البناء في مسبلة كالبقيع وهو مانع من الانتفاع بالمقدار المبني عليها فهل هو غصب يجب رفعه لما فيه من ظلم المستحقين ومنعهم استحقاقهم أم لا؟ وما يفعله الجهال عند هذه الضرائح من التمسح بها ودعائها مع الله والتقرب بالذبح والنذر لها، وإيقاد السرج عليها هل هو جائز أم لا؟ وما يفعل عند حجرة النبي [صلى الله عليه وآله وسلم] من التوجه إليها عند الدعاء وغيره، والطواف بها وتقبيلها، والتمسح بها، وكذلك ما يفعل في المسجد من التحريم والتذكير بين الأذان والإقامة وقبل الفجر ويوم الجمعة، هل هو مشروع أم لا؟ أفتونا مأجورين، وبينوا لنا الأدلة المستند إليها لا زلتم ملجأ للمستفيدين”.
و اما الآن و بمناسبة يوم الثامن من شوال الذكرى السنوية لهدم قبور الائمة الاطهار عليهم السلام في مقبرة البقيع على يد الوهابيين في عام 1344 من الهجرة النبوية طالب المرجع الديني آية الله الشیخ لطف الله صافي الكلبايكاني بإعادة إعمار مقبرة البقيع من قبل الاوساط الدولية، داعيا الوهابيين للتعويض عن هذه الجريمة و اکد آية الله صافي الكلبايكاني ان هدم البقيع قضية عالمية، وعلينا جميعا ان ندينها بصوت موحد، فالأضرار كانت عامة، لافتا الى ان ما له اهمية كبرى هو وجود مراقد ائمة البقيع الامام الحسن المجتبى والامام زين العابدين والامام محمد الباقر والامام جعفر الصادق عليهم السلام، ورغم العقيدة الخاصة بالشيعة إزاء عترة النبي (ص) حسب النصوص العديدة باعتبارهم عدل القرآن، فإن هؤلاء الائمة كانوا مورد احترام جميع الفرق الاسلامية ولا توجد فرقة اسلامية لا تحترم ولا تبجل اهل البيت (عليهم السلام) وخاصة الامام الحسن المجتبى (عليه السلام). وأضاف الشيخ صافي الكلبايكاني انه في الحقيقة وردت هذه الجريمة في تاريخ الاسلام بتحريض من اعداء الاسلام وعلى يد الوهابيين العملاء، لذلك يجب ان تبقى هذه الايام في اذهاننا الى ان تعاد هذه البقاع المباركة الى حالها الاول، ويعاد إعمار جميع المراقد الموجودة، فمقبرة البقيع محترمة لجميع المسلمين.
و من جانبه صرح المرجع الديني آية الله الشيخ جعفر السبحاني إن ذكرى هدم آل سعود لقبور أهل البيت الشريفة في البقيع والإساءة لمراقدهم بمثابة عاشوراء ثانية، مما يحتم على المسلمين وسيما الشيعة، أن يسمعوا العالم تبرؤهم واستنکارهم لمرتكبي هذه الجريمة وفي بيان له، اعتبر المرجع السبحاني الذكرى السنوية لهدم قبور البقيع، بأنها عاشوراء ثانية مما يحتم على المسلمين وسيما الشيعة، أن يسمعوا العالم تبرؤهم واستنکارهم لمرتكبي هذه الجريمة، ووصف المرجع السبحاني في بيانه، عرب منطقة نجد، بأنهم بعيدون عن الثقافة الإسلامية، فبدل الالتزام بما أنزله الله في كتبه الكريم «قُل لا اساَلکُم عَلَیهِ أَجراً إلا المَوَدّهَ فِی القُربی»، ناصبوا أهل البيت عليهم السلام العداء، وما انفكوا يهدمون آثارهم الشريفة، فضلا عن آثار المنتمين إلى آل البيت النبوي وكبار الدين.
من جهة اخری شهدت عدد من المدن فی باکستان و العراق و دول اخری تظاهرات احتجاجية عشية ذكرى تهديم مراقد ائمة البقيع عليهم السلام في المدينة المنورة من قبل التیار الوهابي في السعودية و هی هذا المجال نظم عدد من الاهالی و بعض منظمات المجتمع المدنی فی محافظه الکربلا المقدسة تظاهرة سلمیة مطالبة باعادة بناء المراقد المطهرة التی هدمها الوهابیون و حکام آل السعود حیث انطلقت تظاهرة فی المنطقة الفاصلة بین الحدود العراقیة السعودیة. اما فی الکویت تمنع السلطات الكويتية الرادود باسم الكربلائي من احياء هذه المناسبة، و تناقل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، خبر اعتقال الشرطة الكويتية للرادود الحاج باسم الكربلائي، والذي كان من المقرر ان يحيي ذكرى فاجعة هدم بقيع الغرقد في حسينية الرسول الاعظم في الكويت، و قال نشطاء عبر تويتر وفيسبوك، ان "السلطات الامنية قادت الملا باسم الكربلائي الى احد مخافر الشرطة الكويتية، وحققت معه ومنعته من احياء فاجعة هدم قبور البقيع في حسينية الرسول الاعظم بالكويت، قبل ان تفرج عنه". وتابعتوا، ان "السلطات الكويتية اجبرت الرادود باسم الكربلائي، على توقيعه تعهداً يلزمه بعدم الصعود على المنبر والمشاركة في اي مناسبة دينية، داخل الكويت"، فيما اكدت المصادر، ان "الكربلائي رفض ذلك وعاد الى سلطنة عُمان".