] تصدير الوقود السام.. شركات أوروبية تستغل الفقر الإفريقي
أفریقیا >>  أفریقیا >> مذکرة
28 September 2016 - 11:14 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 1741

تصدير الوقود السام.. شركات أوروبية تستغل الفقر الإفريقي

أثارت قضية تصدير الوقود الملوث لإفريقيا جدلًا واسعًا في الفترة الأخيرة، حيث باتت قضية الساعة في أغلب مناطق غرب القارة، بعدما أصدرت منظمة عيون الجمهور السويسرية غير الحكومية تقريرها في الخامس عشر من الشهر الجاري تتهم فيه شركات النفط الأوروبية بتصدير وقود سام إلى الدول الإفريقية مستغلة الفقر المدقع بالقارة.
موقع البصیرة / محمود علي
وكشف التقرير أن شركات نفط كبري في سويسرا تشتري النفط الخام من دول إفريقية، وتعمل على تكرير ديزل رخيص وقليل الجودة يحتوي على نسب عالية من المواد السامة (الكبريت)، المخالفة للمعايير الأوروبية، وتعيد بيعه لذات الدول المصدرة، حيث تستغل شركات كبرى مثل "فيتول، وترافيجورا، وأداكس أند أوريكس” ضعف المعايير التنظيمية والقانونية لهذه البلدان؛ بتصدير النفط لهم مرة أخرى يحتوي على نسب عالية من الكبريت أكثر بكثير من الحدود المسموحة أوروبيا وعالميا، ما يعرض سكان المدن المحلية لكثرة الأمراض وفي حالات عدة للوفاة.

وبعد ثلاث سنوات من التحريات الطويلة، أكدت المنظمة السويسرية اعتماد أربع شركات تصدير وقود خاص إلى إفريقيا يحتوي على نسب مرتفعة جدا من المواد السامة تصل أحيانا إلى 378 مرة أكثر مما هو مسموح به في أوروبا، يسبب مرض السرطان؛ لأنه خليط من النفط الخام تضاف إليه مواد أخرى كي تعطى له الفاعلية المطلوبة بأقل التكاليف، وتتولى الشركات ذاتها توزيع هذه المحروقات في بلدان شرقي إفريقيا عبر مضخاتها دون أي اعتبار للصحة العامة.

وتستهلك هذه الكميات من الوقود لتشغيل المركبات التي تسير في مدن غرب إفريقيا، ويؤكد التقرير أن معظم دول غرب إفريقيا التي تصدر كميات هائلة من النفط الخام عالي الجودة لأوروبا تستقبل مثل هذه النوعية الرديئة والسامة التي تسبب تلوثا حادا في الهواء، الأمر الذي تشتهر فيه المدن الإفريقية سريعة النمو.

ورغم أن العملية غير أخلاقية، إلا أنها تبدو قانونية، خاصة أن الشركات السويسرية تستغل غياب قوانين لهذه الدول الإفريقية تحدد معايير جودة مثل هذه المواد المستوردة في بلدان تعاني من غياب التقاليد التشريعية، كما تستغل الشركات الاوروبية تواطؤ بعض الشركات المحلية والحكومات الإفريقية التي تعلم مدى خطورة الأمر على صحة مواطنيها وتستمر في استيراد كل ما هو زهيد في مجتمعات ضعيفة الدخل ويغيب فيها الوعي بالصحة العامة ومشاكل البيئة.

ويعتبر استيراد الوقود السام ليس الحالة الوحيدة أو سابقة في إفريقيا، إذ ما زالت القوى الاقتصادية العالمية، دولا وشركات، تتعامل مع القارة السمراء إما كمزبلة أو كمنجم أو كسوق للمواد الفاسدة، حيث قبلت بعض الدول الإفريقية دفن مواد خطرة على أرضها في إطار اتفاقيات خطيرة على الصحة مع الحكام.

وكشفت صحيفة الفاتو كوتيديانو الإيطالية في تقرير لها الدول الافريقية المستوردة لمثل هذه الأنواع من الوقود، مؤكدة أن الشركات السويسرية تبيع النفط مسبب السرطان لدول مثل أنجولا والسنغال وغانا وساحل العاج والكونغو.

وتابعت الصحيفة أنه من المعروف في الوقت الراهن أن الكبريت مع المركبات المشتقة من الاحتراق (بما في ذلك غاز ثاني أكسيد الكبريت) هي واحدة من ملوثات الهواء الرئيسية المسببة للأمراض الخطيرة، دون وضع قوانين رادعة للشركات الغربية والحكومات المحلية.

وأكدت الصحيفة أن إحدى الشركات السويسرية تورطت قبل ذلك في كوارث بيئية في إفريقيا راح ضحيتها عدد من  القتلي والآلاف الإصابات، ففي عام  2006، وبالتحديد في شهر ديسمبر، ظهرت أعراض مرضية غامضة على عدد من سكان مدينة أبيدجان في كوت ديفوار  نتيجة انتشار روائح كريهة غير معهودة من مكبات النفايات في المدينة، وبعد يوم واحد من انتشار الروائح توفى 10 أشخاص ظهرت عليهم أعراض غثيان وقيء ونزيف في الأنف، وخلال ثلاثة أيام فقط كان عدد الذين تم إدخالهم إلى المستشفيات يتجاوز 100 ألف شخص، حتى أن منظمة الصحة العالمية اعتبرت ابيدجان "مدينة موبؤة”، وتبين أن سبب الوباء الغريب نحو 400 طن من النفايات السامة التي تم إلقاؤها على سواحل ابيدجان.

 وكشفت التحقيقات في الكارثة البيئية المروعة عن أسرار وخفايا أكثر ترويعا من قبل شركات لا تهتم بحياة الإنسان، فالناقلة الضخمة التي جاءت بهذه الأطنان من السموم إلى ساحل العاج اسمها "بروبوكوالا” وهي تملكها شركة نقل بحري يونانية، وترفع الناقلة علم بنما، استأجرتها إحدى الشركات السويسرية التي ارتبط اسمها بالحادثة الأخيرة، الأمر الذي يؤكد أن كل ما يعني هذه الشركات الربح فقط، وليذهب الأفارقة إلى الجحيم.
البدیل
mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@