أول مصري يصل للمرحلة النهائية في ترشيحات المقرر الأممي الخاص لمناهضة التعذيب في العالم
معايير مزدوجة لدى الدولة في دعم السفيرة مشيرة خطاب لـ”اليونسكو” وعدم دعمي لدى الأمم المتحدة
قرار منعي من السفر وراء استبعادي من الفوز بالولاية الأولى للإعدام خارج القانون
قبل 6 أعوام تجاوزت الدكتورة عايدة سيف الدولة، مدير مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف، جميع المرشحين الثلاثمائة لمنصب المقرر الخاص للأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، حتى وصلت للمرحلة الأخيرة، وجاءت في المركز الثاني من بين المرشحين الأربعة، الذين تم اختيارهم من كافة أنحاء العالم، ولكن نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك حارب ترشحها للمنصب الدولي، مثلما منع النظام اليوم المحامي الحقوقي ناصر أمين، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، من السفر قبل أربعة شهور من الآن؛ لدواعٍ أمنية من جهات مجهولة؛ لأسباب غير معلنة حتى الآن.
ترشح أمين للمنصب الدولي من المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، واحتل المركز الثالث في الترشيحات النهائية، في ظل منافسة شديدة من المرشحين من دول العالم.
أثار منعه من السفر لأسباب غير مفهومة قضايا عديدة، تناولها هذا الحوار..
كيف وصلت للمرحلة الأخيرة كمقرر خاص لـ”مناهضة التعذيب” بالأمم المتحدة؟
قبل 5 أشهر كنت مرشحًا على الولاية الأولى للمنصب في الأمم المتحدة كمقرر خاص أممي لـ”الإعدام خارج القانون”، والذي جاء بترشيح من المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، ولم يحالفني الحظ للفوز، واليوم وصلت للمرحلة الأخيرة "short list” ضمن ترشيحات مقرر أممي خاص لـ”مناهضة التعذيب”.
ما المقصد بالمقررين الخواص؟
هم من يعتبرون مساعدين للأمين العام للأمم المتحدة، ويتبعون رئيس المجلس الدولي لحقوق الإنسان، وهناك نوعان من المقررين الخواص: أحدهما مقررون حسب مواصفات موضوعية معينة، ومقررون قطريون، المقرر الموضوعي يتناول قضايا عامة على مستوى العالم، كحرية الرأي والتعبير يتعمل لها مقرر خاص مهمته أن يتابع أوضاع حرية الرأي والتعبير في العالم ومعه مجموعة عمل وموضوعات، مثل التعذيب والاختفاء القسري والإعدام وعمالة الأطفال وحقوق الأقليات ممكن يتعمل لهم مقرر أممي خاص موضوعي. والمقرر الثاني هو القطري يكون خاصًّا لدولة معينة. فعندما تسوء حالة معينة في بلد ما، يتخذ المجلس الدولي قرارًا بدراستها، فيعمل مقررًا خاصًّا مثلًا لحقوق الفلسطينيين تحت الاحتلال، أو مقررًا خاصًّا للرأي والتعبير في إيران، ومهمته الرئيسية تكون في هذه الدولة فقط.
ما قيمة هذا المنصب الدولي الرفيع؟
هذا المنصب تطوعي قائم منذ عام 1985، وتوجد بالجمعية العامة للأمم المتحدة آليات مترتبة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، والتي من خلالها تستطيع المنظمة الدولية أن تتابع مدى التزامات الدول الأعضاء بتوقيعها على معاهدات أو إعلان التزاماتها بالعهود الدولية. وهذه الآليات قد تكون تعاقدية أو غير تعاقدية، ولكن إحدى أهم هذه الآليات، والتي يتولاها في العادة أفضل الخبراء الحقوقيين على مستوى العالم من حيث الكفاءة والخبرة والاستقلالية، آليات المقررين الخواص، والترشيحات تكون مباشرة مع مجلس حقوق الإنسان.
ما طبيعة عمل المقرر الأممي الخاص؟
يقوم المقرر الخاص، بدعم فني وإداري من المفوضية السامية لحقوق الإنسان، بمهمة التدخل لدى حكومات العالم بشأن حالات التعذيب وإساءة المعاملة السابقة أو الوشيكة، والقيام ببعثات لتقصي الحقائق، وتقديم التوصيات للدول الأعضاء بشأن منع ومعاقبة التعذيب وإساءة المعاملة، وتقديم تقارير سنوية لكل من مجلس حقوق الإنسان الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.
هل تتعارض طبيعة عمل المقررين الخواص الموضوعيين والقطريين؟
هناك أمران مهمان: أن المقرر الخاص القطري يتفق بداية مع الدولة التي يذهب إليها، وتوافق عليه، بعد طلب رسمي من الأمم المتحدة، التي تفهِّمه مهامه المحددة ومهمته يتم حذفهامن لجنة المقرر الخاص الموضوعي، أي تصبح جزءًا من تقريره القطري، الذي يستفيد منه، ويضمنه في تقاريره النهائية.
كم عدد المرشحين لهذا المنصب؟
16 مرشحًا على مستوى العالم، وتم اختصار القائمة إلى 5 مرشحين من مصر وفرنسا وروسيا وأمريكا وجنوب إفريقيا، وأنا واحد منهم، يقدمون لرئيس المجلس الدولي لحقوق الإنسان، وبدوره يختار أول ثلاثة منهم، وتعتب جنوب إفريقيا صاحبة الفرصة الأكبر في الفوز؛ لأننا من قارة واحدة.
ما الذي حدث للدكتورة عايدة سيف الدولة؟
ترشحت لنفس المنصب في عام 2010، وكان المفترض أن تدعمها الدولة كما يحدث مع كافة المرشحين الآخرين، ولكن للأسف نظام مبارك لم يفعل ذلك، بل حاربها بصورة كبيرة، حتى خرجت من القائمة في أكتوبر 2010.
كيف حارب نظام مبارك ترشحها؟
لم يدعمها بأي صورة، أو يساندها الإعلام حين وصلت للمرحلة الأخيرة مثلي. والدولة التي لا تساند مرشحها يتم استبعاده. وعلى الأقل إن لم تمارس أفعال ضد المرشح، فإنها لاتتخذ أي اجراءات ضده بصورة تعسفيةكما حدث ضد الدكتورة عايدة سيف الدولة.
هل منعكم من السفر جزء من وقوف الدولة ضد ترشحك؟
طبعًا هذا جزء منه؛ لأني منعت من السفر للخارج عندما ترشحت على الولاية الأولى في 26 مارس الماضي الخاصة بـ”الإعدام خارج القانون”. وعرفت بعد ذلك أن قرار المنع من السفر صدر يوم 30 إبريل، وما زال ساريًا دون أي أسباب معروفة، وهناك حالة من التعتيم الشديد، ولا أحد يعرف الجهة التي وراء القرار، كل ما أعرفه أن النائب العام أصدر ذلك بناء على طلب من الجهة الأمنية التي لا تزال مجهولة.
في الولاية الأولى كان الطريق ممهدًا أمامك للفوز بالمنصب الدولي، فماذا حدث؟
وصلت في الولاية الأولى للمرحلة الأخيرة، وبعد ذلك تم عمل تقييم أخير من لجنة تحكيم تابعة للمجلس الدولي لحقوق الإنسان مكونة من 5 سفراء ممثلين للقارات، ولكن حدث شيء في التقييم جعل مرشحة فرنسا تفوز بالولاية، والمرشحالثاني مناصفة بين أمريكا وسويسرا؛ وتم استبعادي كمرشح ثالث لأسباب لم أفهمها وقتها من لجنة التحكيم.
هل كان ذلك الاستبعاد مقصودًا ضدك؟
الآن بعد منعي من السفر يمكن أن أقول إنه كان مقصودًا، وإن هناك تربصًا شديدًا ضدي.
تقصد أن نظام السيسي هو من وقف ضد ترشحك؟
ليس لديَّ دليل واضح على هذا، لكن أشك؛ لأني لا أفهم لماذا تم نعي من السفر، كما لا أجد مبررًا لاستبعادي من الولاية الثالثة، التي كنت أقرب المرشحين للفوز بها، لأن القرار أخذ قبل منعي من السفر، والتعديل المفاجئ الذي أجرته اللجنة الدولية للتحكيم تم دون علمي أو إبلاغي بأسبابه.
هل يقف قرار منعكم من السفر عائقًا أمام فوزكم كمقرر أممي؟
من المفترض أن الاختيار يرجع في الأساس للكفاءة والخبرة والاستقلالية، وفقًا للقواعد المعمول بها عالميًّا، ونحن نحاول تقديم تظلمات لوقف قرار المنع من السفر، وأتمنى أن يرفع اسمي من قوائم الممنوعين من السفر قبل صدور قرار التعيين في 30 سبتمبر خلال الاجتماع القادم للجمعية العامة للأمم المتحدة.
هل ستواجه عراقيل من النظام الذي يدعم السفيرة مشيرة خطاب للفوز برئاسة اليونسكو؟
لا أستبعد أي عراقيل، ولا أعرف لماذا التمييز والمعايير المزدوجة، التي تدعم السفيرة في كل شيء عبر الزيارات واللقاءات والترتيبات في الداخل والخارج، ولماذا تقف الدولة ضدي، والذي يصعب فرصة نجاحي.. ويجب على الدولة أن تقف أمام التزاماتها في هذا الأمر.
ما الالتزامات المطلوبة من الدولة المصرية؟
لا أطلب منها غير ألا تعطل الترشح، أو لا تتخذ موقفًا ضدي، في هذه الحالة تكون فرصتي أكبر للفوز بالمنصب الدولي وتمثيل مصر في الأمم المتحدة.
البدیل