کتالونيا؛ محاولة لاربعة قرون للانفصال عن اسبانيا

يبدو ان موجة الانفصالية في اروبا قد تکثفت مرة اخری و بعد انتخاب الشعب البريطاني و تصويته علی مغادرة الاتحاد الاروبي، اصبحت الولايات و المناطق المعرضة للانفصال في اروبا نشطة مرة اخري و في الوقت الحاضر، اهم المراکز الانفصالية الاروبية هي في اسکتلندا في بريطانيا، و «کتالونيا» و«باسک» في اسبانيا و منطقة «فلامن» في بلجيکا، و تشمل هذه القائمة ست مناطق في ايطاليا، بما في ذلک جزر«سيسيل» و «سارديني» و جزيرة «کورسيکا» الفرنسية. 

ولکن في هذه الاثناء، فان ولاية کتالونيا في اسبانيا لديها مکان خاص، و لقد طالبت هذه المنطقة عدة مرات بالاستقلال عن اسبانيا باجراء استفتاء، بيد ان الحکومة المرکزية تعارض هذه القضية في کل مرة و في آخر اجراء في هذا المجال،  وفرت سلطات منطقة کتالونيا في اسبانيا الارضية لاستقلال المنطقة من خلال اجراء استفتاء مثير للجدل عارضته الحکومة المرکزية بشدة، و قال متحدث باسم الحکومة المحلية في کتالونيا ان 90 في المائة من ميليوني کاتالاني شارکوا في الاستفتاء ادلوا باصواتهم علی استقلال هذه المنطقة المستقلة و فصلها عن اسبانيا، و قد اعلن عدد الناخبين المؤهلين في استفتاء خمسة ملايين شخص.

و قد تم اجراء هذا الاستفتاء في الوقت الذي اوقفت فيه الشرطة الاسبانية الانتخابات عن طريق مهاجمة مراکز الاقتراع في اماکن کثيرة، و قال مسؤولون في کتالونيا انهم سيعلنون رسميا استقلالهم يوم الثلاثاء (18اکتوبر)، و في هذا السياق، عقد البرلمان الکاتالوني اجتماعا لاستعراض استقلال هذه المنطقة، ولکن بينما کان من المتوقع ان يعلن الزعيم الکاتالوني استقلال المنطقة في خطابه، فان هذا لم  يحدث و ارجا «بوجدمون» اعلان استقلالها في بيانات غامضة و دعا الی تفاوض و اتفاق جديد مع حکومة مدريد، و ذکرت وکالة فرانس برس انه اجل الاعلان الرسمي عن استقلال کتالونيا، و اکد انه ملزم بنتائج الاستفتاء. ولکنه سيسعي مبدئيا الی حل تفاوضي مع اسبانيا، و قد سلم زعيم منطقة الکاتالونية اجراءات اعلان الاستقلال الرسمي الی البرلمان و في الوقت نفسه حث المندوبين علی تاجيل هذا الاجراء الی وقت آخر لکي يتسني التفاوض مع مدريد.

 ان النقاش حول استقلال کتالونيا من اسبانيا له خلفية تاريخية جدا و هذا الاستفتاء يبين فقط انه مع مرور السنوات التي تلت بداية الجهود الاستقلالية في هذا المجال، الی اي مدی سکان هذه المنطقة جادون في تصميمهم. ان کتالونيا هي منطقة غنية و مستقلة في شمال شرق اسبانيا و تتمتع وفقا ل«دستور حکمه الذاتي » بوضع «بلد» و تشمل هذه المنطقة اربع مقاطعات و هی «برشلون»، و «جيرونا»، و «لييدا» و «تاراجونا». ان «برشلونة» هي العاصمة و اکبر مدينة في کتالونيا، ثاني مدينة في اسبانيا من حيث حجم و مرکز واحد من اکبر المناطق الحضرية في اروبا، و کتالونيا جغرافيا، تحاط بها علی التوالی في الغرب و الجنوب من قبل فرنسا و البلد الصغير«اندورا» في الشمال، و البحر الابيض المتوسط في الشرق، و مناطق ذاتية الحکم «اراغون» و «فالنسيا». ان العديد من المؤرخين يربطون الحرکات المستقلة الاولی في هذه المنطقة الی السنوات حوالي 1640 و يبدو ان الحکومة الاسبانية تکافح ضد افکار الاستقلاليين في  کتالونيا هذه المرة.

 و الحقيقة هي ان هناک اختلافات خطيرة في الوضع الراهن و سيکون ذلک عقبة کبيرة امام خطة استقلال کتالونيا. و من ناحية اخري، علي الرغم من ان المشارکين في الاستفتاء الاخير اختاروا فصل کتالونيا علي نحو حاسم، لکن نسبة مشارکة الشعب في الاستفتاء  کانت 43٪. و هذا يعني ان اکثر من 50٪ من الناس لم يشارکوا في الاستفتاء لاسباب مختلفة. و مع ذلک، يبدو ان الاستفتاء الکاتالوني الاخير لا ينتهي مع نتيجة جيدة کما هو الحال في الفترات السابقة.