کالعادة وكما عودنا الرئيس الأمريكي بإثارة الجدل وفي مسلسل طويل من الهجمات على الصحافة، لم يسمح ترامب هذه المرة لمراسل سي إن إن الأميركية حتى بطرح سؤاله. ففي المؤتمر الصحفي الذي جرى يوم أمس رفض ترامب أن يوجه مراسل سي إن إن سؤالا اليه، ما اعتبره البعض بأنها قصة طريفة من قصص ترامب التي لاتنتهي!
أقيم يوم أمس مؤتمر صحفي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي وكان الصحفيون يطرحون اسئلتهم وبمجرد أن عرّف صحفي سي إن إن الأميركية نفسه، عاجله ترامب برفضه أن يطرح عليه سؤالا، وقال "سي إن إن هي عبارة عن اخبار زائفة وأنا لاأقبل اسئلة من سي إن إن". ونقل الدور مباشرة لمراسل فوكس نيوز وطالبه بطرح سؤاله وأكد أن فوكس نيوز هي شبكة اعلامية حقيقية!
ولكن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها ترامب للصحافة، فهناك مسلسل طويل من الهجمات على الصحفيين. القاء الضوء على هذه الهجمات قد يعطي لنا صورة أوضح و أوسع.
حرب مستمرة اعلنها ترامب على الصحافة
حين ظهر مصطلح الـ"Fake news" استغله ترامب بقوة وجعله سيفا مسلطا على رقبة الصحافة وكان ترامب واضحًا منذ البداية في عدائه لوسائل الإعلام، منذ الحملة الانتخابية دأب على مهاجمة الإعلام، فمرة يصفه بأنه "عدو الشعب الأمريكي"، وأخرى بأنه "ينقل الأخبار المزيفة". وبمجرد ما تولى الحكم، فقد صرح في يناير 2017، خلال زيارته لمقر وكالة الاستخبارات المركزية (السي آي إي) قال الرئيس دونالد ترامب لجمهوره انه في حال "حرب مستمرة" على وسائل الاعلام، ووصف الاعلاميين بأنهم من أكثر الناس العديمي الصدق في العالم".
و في اول مؤتمر صحفي منفرد في البيت الأبيض في فبراير 2017 هاجم الرئيس الاميركي دونالد ترامب "عدم نزاهة" الصحافة، و برز خلاله عداء واضح بينه وبين الصحافيين وكرر الرئيس الاميركي "خلال اكثر من ساعة وربع الساعة"، هجماته ضد وسائل الاعلام، قائلا إن "عددا كبيرا من الصحافيين في البلاد لا يقولون لكم الحقيقة" و"مستوى انعدام النزاهة (لدى وسائل الاعلام) هو خارج السيطرة".
وفي ابريل 2017 قال ترامب في تجمع لأنصاره احتفالا بمرور 100 يوم على رئاسته، "إعلام واشنطن جزء من المشكلة. أولوياته تختلف عن أولوياتي وأولوياتكم. صدقوني، أجندتهم مختلفة عن أجندتكم".
جوائز للأخبار الكاذبة!
وفي خطوة جديدة أعلن الرئيس الأمريكي في يناير 2018 عن "جوائزه للأخبار الكاذبة" مثيرا جدلا كثيرا وجاء في تغريدة كتبها بأسلوبه الاستفزازي المعتاد وتضمنت رابطا إلى موقع تعذر الوصول إليه لعدة دقائق "الفائزون بجائزة ’الأخبار الكاذبة‘ هم..". وأكد ترامب في تغريدته أن "2017 كان عام انحياز مفرط وتغطية إعلامية غير نزيهة وحتى معلومات كاذبة مخجلة".
لائحة ترامب لوسائل الإعلام "الأكثر فسادا".. من في مقدمتها؟
ترامب الذي يشن هجمات شبه يومية على الصحافيين "غيرالنزيهين"، لديه لائحة بوسائل الاعلام "الأكثر فسادا وانحيازا". وتضمنت اللائحة شبكة "سي إن إن" وصحيفتي "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" وكلها يستهدفها الرئيس باستمرار.
بحسب تقارير فأن وسائل الاعلام تنقسم في عيني ترامب الى قسمين: وسائل اعلام توصف بأنها ليبرالية مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست و سي إن إن . ووسائل إعلام توصف بأنها محافظة مثل فوكس نيوز وهي التي يخصها ترامب بالثناء والمقابلات الصحفية. ينال القسم الأول، أي وسائل الإعلام الليبرالية قسطا كبيرا من تصريحات وتغريدات ترامب الغاضبة التي يتهم فيها الصحافة صراحة بأنها غيرنزيهة وتعمل على تقويض إدارته..
وماحدث بالأمس في المؤتمر الصحفي في بريطانيا يؤكد لنا هذا الأمر فلم يسمح ترامب لمراسل سي إن إن بطرح سؤاله وقال أن سي أن أن عبارة عن أخبار زائفة واعتبر فوكس نيوز بأنها شبكه اعلامية حقيقية.
لم هذه الهجمات على وسائل الاعلام؟
تتعرض الإدارة الأمريكية لسيل من التناول الإعلامي الناقد لأدائها، هذه الضربات الصحفية أفضت مثلا الى اجبار مستشار الأمن القومي مايكل فين على تقديم استقالته، بعد تقرير كشفت فيه واشنطن بوست أن فلين ناقش موضوع العقوبات الأمريكية مع السفير الروسي في الولايات المتحدة قبيل تولي ترامب مهام الرئاسة.
ويبدو أن مشكلة ترامب مع الصحافيين الذين يعتبرهم "غيرنزيهين" هي تركيز هؤلاء على التحقيق الذي يقوم به المدعي المستقل روبرت مولر حول تواطئ محتمل بين فريقه الانتخابي وبين الكرملين خلال انتخابات عام 2016.
في هذه الحرب التي لايبدو لها نهاية بين الرئيس الأمريكي والإعلام يعتقد البعض أنه قد يكون ترامب هو المنتصر فقد جعل صحفا مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست في خانة الدفاع دائما ومطاردة بمصطلح الأخبار المزيفة ولكن هناك من يرجح أن ترامب لن يخرج سالما من صراعه مع وسائل الإعلام خصوصا في ظل انخفاض شعبيته بصورة غيرمسبوقة والاتهامات الموجهة اليه في إطار التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة.