بعد عودة النشاط للبورصات المحلية..
في الوقت الذي ساد النشاط البورصات اللبنانية، تضاعف مؤشرات إعلان الولادة القيصرية للحكومة اللبنانية نهايات الاسبوع الجاري او خلال الاسبوع القادم.
وخلال اجتماعه بالإعلاميين يوم امس وقبيل الاجتماع الإسبوعي بكتلة المستقبل النيابية، اكد رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري، انه اصبح قريبا جدا من تشكيل الحكومة، ما يؤكد وجود اجواء تسمح باستمرار التفاؤل والإعتماد على جهود الرئيس عون ورئيس وزرائه في تقديم الصورة التوافقية للحكومة المقبلة.
وقد أسعف الموقف تصريح رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري من جنيف حيث قال: "الأمور بشأن تشكيل الحكومة تتقدم".
وبعيدا عن كل التفاصيل المضغوطة التي شهدتها الساحة اللبنانية خلال اكثر من الشهر الماضي لأجل تقديم التشكيلة النهائية للحكومة، والتوافقات "غير النهائية" التي جرت بين قادة التيارات السياسية، فإن ما توصل اليه الساسة اللبنانيون حتى يوم أمس الثلاثاء، يعتبره المراقبون السياسيون "خير الحلول" التي تمكنت من تذليل العقبات التي عرقلت تشكيل الحكومة اللبنانية منذ اكثر من شهر على تكليف السيد سعد الحريري.
فالقضية لم تعد تقتصر على المحاصصة في تسمية الوزارات أو الحقائب الوزارية للتيارات المعنية، بل إنها كادت تأتي على اتفاق الطائف بأسره. فمن جانب كانت كتلة المستقبل اعلنت لاءاتها التي لم يتفوه بها رئيسها الحريري في مؤتمره الصحفي الأسبوع الماضي، وهي أنها لا ترضى بغير الحكومة التوافقية، ولا ترضى بحكومة الأكثرية (التي قد يفرضها الأمر الواقع الموجود على الساحة اللبنانية)، الأمر الذي بات يهدد كل العملية السياسية في لبنان خاصة وان سمير جعجع الذي يقود "القوات اللبنانية" (الميليشيات التي قاتلت الشعب اللبناني الى جانب الكيان الاسرائيلي المحتل، إبان احتلاله جنوب لبنان لأكثر من عقدين نهايات القرن الماضي) باتت على وشك زعزعة التوافقات اللبنانية وفرض إملاءاتها القاضية بتخصيص حقائب وزارية بعدد مقاعدها البرلمانية.
الامر الذي ابدى الحريري امامه تصلبا أقنع الطرف المعني بالقبول بالمقترحات التي طرحها عليه الرئيس اللبناني ميشال عون. ومن جانب آخر كشفت حوارات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مع الرئيس عون عن موافقات بين الطرفين خاصة وان جنبلاط بات يراهن على مراعات غريمه ارسلان، خاصة بعد اتهامه للأخير وأنصاره بمقتل أحد قواته، سعيا منه لحلحلة العقدة الدرزية ومحافظتها على نفس عدد الوزارات التي كانت تحظى بها في الحكومات السابقة.
كما أكد جنبلاط للرئيس عون، وكأنه يعني بكلامه باقي الزعامات السياسية للتيارات اللبنانية، "لايمكن لأحد أن يقصي الآخر والرئيس عون حريص على الاستقرار ولا نريد خلق مشاكل إضافية وقد حصل تنازل مشترك من قبل التيارات اللبنانية وعلى الآخرين القبول ما توصلنا اليه".
هذا التفاؤل الذي ساد الاوساط السياسية في لبنان بعث النشاط في البورصات ودفع الأجواء باتجاه الجدية للقبول بالتشكيلة المقبلة التي سيعلن عنها الرئيس المكلف خلال ايام.
وما يراه المراقبون من اسباب حملت زعماء التيارات السياسية وخاصة المرتبطة منها بقوى خارجية هو انشغال حماة بعض التيارات السياسية بقضايا اضحت لهم اكبر بكثير من قضية لبنان الداخلية. فعلى سبيل المثال السعودية التي تقدم الدعم لبعض التيارات السياسية الداخلية في لبنان وفي مقدمتها تيار المستقبل، هي اليوم في وضع لا تحسد عليه بفضل تورطها في أكثر من مشكلة إقليمية وعالمية.
فالسعودية قبل ان تتمكن من التخلص من الورطة التي تورطت فيها لقمع الشعب البحريني وكبت حرياته عام 2011، تورطت في ورطة اخرى جرتها الى التدخل في الشأن اليمني عام 2015، وظلت الورطتان تستفز المكانة السعودية اقليميا ودوليا أكثر من استنزافها لطاقاتها العسكرية والمالية، حتى ألمت بها أزمة الصحافي المعارض جمال خاشقجي وتصفيته في قنصليتها بمدينة إسطنبول التركية.
أضف الى كل تلك المشاكل لهاث الرئيس الأميركي وراء استحلاب المملكة وسلبها حق تصرفها بثرواتها، من خلال ركوب رؤوس ساستها القبليين، وتهديد عرشهم بالزوال ان تأخروا في تقديم ما يطلبه منهم ازاء الدفاع عنهم وعن عروشهم.
وهذا ما جعل التيارات السياسية تقبل بما هو أدنى ممكن في الوقت الراهن للذهاب الى تسمية الحكومة وإنقاذ البلاد من الفراغ السياسي المحتمل للحكومة، ناهيك عن ان الكثير من فئات الشعب اللبناني باتت تهدد زعماء تياراتها بالتخلي عنهم اذا لم يبادروا للتوافق على تسمية الحكومة.
المصدر: العالم