ان الحديث عن امنة في شرق الفرات بطول مئات الكيلومترات والعشرات عرضا ستحمل بالتاكيد كل الاجندات المعلنة والخفية ويقينا لن توفر الامان المفقود كما تشير التجارب ومعاناة الناس يوميا في مناطق توزع المجموعات المسلحة بمختلف تسمياتها.
عام على ماسمي بغصن الزيتون وبعد سيطرة مزدوجة تركية مع مجموعاتها المسلحة على المنطقة كان المشهد كالتالي فرار الالاف من هذه المنطقة السورية.. والملاذ الوحيد للاهالي بقي النزوح باتجاه مناطق سيطرة الجيش السوري والمشهد الاخر بعد نزوحهم تمثل في تقاسم ارزاقهم كغنائم من شجر وحجر تركوه خلفهم وصولا الى التفنن في الاتهامات لسلب من لم يغادر حتى القليل القليل مما بقي في يده ولن يكتمل المشهد كما جرت العادة الا بجولة من الاقتتال الداخلي بعد تصفية الخصم ففي عفرين عادة ما يوصف الوضع الأمني في المدينة بانه اصبح نسخة من مدينة إدلب وغيرها من المدن التي تتواجد فيها الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا ، والتي تتقاتل وتتناحر فيما بينها على المسروقات المختلفة او على بسط النفوذ هنا او هناك، فضلا عن احاديث بشان ما يحصل فيها من تغيير ديموغرافي .
اعدنا التذكير بجانب من التناحر واسبابه في عفرين التي كان يزعم انها ستكون بعد عملية غصن الزيتون منطقة امنة بعد القضاء على الارهاب فيها . وهنا لاباس من ان نعرج على ”ريفي إدلب وحلب لنسلط الضوء على جانب من احتفالات المجموعات المسلحة وعلى طريقتهم فمع بدايةالعام الجديد 2019، بدأت المجموعات المسلحة في كل من ريفي إدلب وحلب بالاقتتال وكان قبل هذا التاريخ جولات وجولات من التناطح بين مختلف التسميات والجماعات المسلحة هناك لكن ومع بداية العام الميلادي بدا صراع عنيف وتحديدا بين حركة "نور الدين الزنكي" التابعة لتركيا من جهة و"جبهة النصرة" الإرهابية من جهة أخرى، وامتدت المعارك إلى المنطقة المنزوعة السلاح التي تم الاتفاق عليها بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مدينة سوتشي. والنتيجة سيطرة شبه مطلقة للنصرة واعادة تركيا هيكلة مجموعاتها تحت راية جديدة وارسال من تبقى من المهزومين امام النصرة الى عفرين .
ان التذكير الاول والثاني بما جرى ويجري في الميدان وسرد ما جرى باختصار شديد كان من باب ان المنطقة الامنة المنشودة والمزعومة في شرق الفرات لن تكون الا وبالا وشرا على الناس ايا كانت مشاربهم ولن تكون احسن حالا من سابقاتها في غرب الفرات والجميع يعلم ان الامر الناهي هناك ليس سوى انقرة.
ان الحديث عن امنة في شرق الفرات بطول مئات الكيلومترات والعشرات عرضا ستحمل بالتاكيد كل الاجندات المعلنة والخفية ويقينا لن توفر الامان المفقود كما تشير التجارب ومعاناة الناس يوميا في مناطق توزع المجموعات المسلحة بمختلف تسمياتها.
من هنا فانه من الحمق التعويل على مجرب لم يحمل الا الخوف وما سلف من تناحر والضحية هم الناس ممن لاحول لهم ولا قوة وعليه فان مصلحة اهالي شرق الفرات وبغض النظر عن اهمية امور لا مساومة عليها كالسيادة ووحدة الارض السورية تقضي بل تفرض عليهم رفع الصوت عاليا ضد كل مشاريع المنطقة الامنة وبغض النظر عمن يروج لها في الخارج او الداخل السوري خاصة من بعض مما يسمى قسد او مسد الذي لازال يعول على واشنطن او باريس . والتاكيد ان الضامن للامان هي عودة سلطة الدولة التي ستحمله مع كل ما ينفع الناس بغض النظر عن انتماءاتهم الاثنية او الدينية.
المصدر: العالم