] اتفاق فيّينا انتصار القوة مع القيم..ولا مفرّ اليوم من الحوار الجادّ مع إيران ودون شروط
الرئیسیة >>  عمومی >> مقاله
23 January 2016 - 11:48 : تأريخ النشر
 ، رمز الخبر : 87
الباحث المغربي مصطفى قطبي :

اتفاق فيّينا انتصار القوة مع القيم..ولا مفرّ اليوم من الحوار الجادّ مع إيران ودون شروط

اعتبر الخبير الستراتيجي و الباحث المغربي مصطفى قطبي ان اتفاق فيينا النووي ، يثبت أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقدم شهادة استحقاقها على المسرح السياسي العالمي بأنها من الدول التي نجحت في فرض إرادتها على الخصوم ، واكد أن على الرؤوس الحامية التي تتزعمها أسرة آل سعود ، ان تفهم بأنّه لا مفرّ لها اليوم من الحوار الجادّ و دون شروط مع إيران ، لأن ما جرى وما يجري ، أخطاء جرها وراكمها آل سعود على المنطقة بتحريض «إسرائيلي» ، تنفيذاً للأجندة «الإسرائيلية» في المنطقة .

اعتبر الخبير الستراتيجي و الباحث المغربي مصطفى قطبي ان اتفاق فيينا النووي ، يثبت أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقدم شهادة استحقاقها على المسرح السياسي العالمي بأنها من الدول التي نجحت في فرض إرادتها على الخصوم ، واكد أن على الرؤوس الحامية التي تتزعمها أسرة آل سعود ، ان تفهم بأنّه لا مفرّ لها اليوم من الحوار الجادّ و دون شروط مع إيران ، لأن ما جرى وما يجري ، أخطاء جرها وراكمها آل سعود على المنطقة بتحريض «إسرائيلي» ، تنفيذاً للأجندة «الإسرائيلية» في المنطقة .

و کتب هذا الخبیر فی مقال تحت عنوان : "اتفاق فیّینا..انتصار القوة مع القیم" ، قال فیه :
یثبت اتفاق فیینا النووی أنّ الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة تقدم شهادة استحقاقها على المسرح السیاسی العالمی بأنها من الدول التی نجحت فی فرض إرادتها على الخصوم ، وإثبات هویتها والتأکید على استقلالیتها وسیادتها ، و إفهامهم بأن هناک بوناً شاسعاً بین مؤسسات تقود دولة و شعباً إلى مراتب إلى العلا و التقدم و التطور والسیادة والاستقلال، وبین أفراد حولهم شلة من المرتزقة والمراهقین یقودون دولة وشعباً إلى مهالک الجهل والرجعیة والتخلف وسیطرة أفکار الجاهلیة .
ویمکن القول إن اتفاق فیینا النووی بین إیران ومجموعة 5 +1 بالإعلان عن بدء تنفیذ الاتفاق وبالتالی انتهاء مرحلة من محاولات حصار الثورة الإسلامیة الإیرانیة وبدء مرحلة جدیدة حققت فیها الدبلوماسیة الإیرانیة انتصاراً کبیراً عبر الحفاظ على حقوق الشعب الإیرانی فی الاستخدام السلمی للطاقة النوویة وبالتالی فتح آفاق واسعة فی العلاقات الاقتصادیة مع دول العالم ومزیداً من التقدم العلمی والتکنولوجی على کافة الصعد.
وعلمیّاً ، فإن تبرئة إیران من النوایا العسکریة فی برنامجها النووی، ستسلط الضوء بشکل مباشر على البعد العلمی لاتفاق یولیو، خصوصاً وأنّ احد أهم بنوده یتضمن منح الحق لإیران لاستخدام الیورانیوم المخصب بنسبة 20 فی المائة فی المفاعلات المخصصة للأبحاث العلمیة، على أن تشرف روسیا على تأمین الوقود النووی لتلک المفاعلات العلمیة . فی حین ضمنت وبموجب نفس الاتفاق حق تخصیب الیورانیوم بنسبة 3.67 فی المائة خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة، على أن تتعهد بتخفیض عدد أجهزة الطرد المرکزی إلى 5060 جهازاً وأن تکون الأجهزة الزائدة الأخرى تحت رقابة الوکالة الدولیة للطاقة.
وبکل أمانة ، فهذا الاتفاق التاریخی حول البرنامج النووی الإیرانی قد صب ماءً بارداً على الرؤوس الحامیة لأولئک النافخین فی کیر المؤامرات والکراهیة والأحقاد والفتن ما ظهر منها وما بطن، والمتاجرین بالحروب وحقوق الإنسان، وحوَّل بحار الأحلام والأمنیات والتحریض على الحروب والعداء، إلى طوفان أخذ معه تلک الخرسانات والجدران الإسمنتیة المسلحة التی أقامها کیان الاحتلال الصهیونی وحلفاؤه وعملاؤه القدامى والجدد لتکون حائلًا بین طهران والغرب الساعی إلى وضع نهایة لحالة المواجهة التی دامت عقوداً .
ان حاسدی إیران والمروجین لأقاویل وإشاعات کاذبة من نمط : ''امبراطوریة الفرس'' و''مدّ النفوذ الإیرانی فی الوطن العربی'' و ''التدخل الفارسی'' و ''الأحلام الإیرانیة فی التوسع'' و''الصراع بین السنة والشیعة'' و''الدعم الإیرانی للشیعة'' وإلى آخر هذه الأسطوانة الزائفة والبعیدة کل البعد عن الحقیقة .
لقد ألقى اتفاق فیینا النووی ، الرعب فی قلوب أصحاب ''العرش'' السعودی . فبدلاً من الحرب الأمریکیة التی انتظروها طویلاً ضد إیران .. عمدت واشنطن إلى توریط النظام السعودی بحرب کبرى فی الیمن ، لا یعرف أحد مداها ولا نهایتها ، وقد تمتد فی کل لحظة إلى عقر داره و داخل قصوره ، ونسی هذا النظام بغبائه ما سخر منه یوماً وزیر الدفاع الأمریکی الأسبق روبرت غیتس عندما قال : ''إن السعودیین یریدون أن یقاتلوا الإیرانیین حتى آخر أمریکی'' .
وبدلاً من التعویض عن خسائر آل سعود فی تمویل حروبهم الإرهابیة الدمویة فی العراق وسوریا ، بدأت مع حربهم ضد الیمن حروب من الاستنزاف المتعددة الأشکال إذ استمرت واشنطن بلعب ورقة تخفیض أسعار النفط التی کانت بدأتها بذریعة ''تجویع إیران'' و تقلیص مصادر أموالها لإضعاف قوتها و حرمانها من ثمار برنامجها النووی وأضافت إلى ذلک عقد صفقات تسلیح امتصت من خزائن آل سعود ما قیمته 165 ملیار دولار حسب مصادر ''لوکهید'' کبرى شرکات صناعة الأسلحة الأمریکیة .
بالمقابل... لن تجد أحداً فی العالم منزعج من الاتفاق ، مثل رئیس الحکومة الصهیونیة بنیامین نتنیاهو، وقد صرح ''بأنّ الاتفاق یحمل بذور الفناء لـ«إسرائیل»'' !
وبالمناسبة لولا رعب نتنیاهو من ردود الفعل الإیرانیة و کذلک ردود حزب الله ... لقام بضرب هذا المشروع منذ زمن طویل! إبّان فترة الرئیس محمود أحمدی نجاد . ومنذ مجئ الرئیس حسن روحانی إلى السلطة فإن نتنیاهو وضع نصب عینیه : التحریض على إیران... وإصراره الدائم على تفکیک برنامج إیران النووی، والتهدید مراراً بأنه إن لم تفعل فان «إسرائیل» وحدها ستقوم بتوجیه ضربة عسکریة لهذا المشروع ! بینما «إسرائیل» وبدلاً من الاعتراف بوجود ترسانة نوویة کبیرة إضافة إلى مخزون کبیر من أسلحة الدمار الشامل البیولوجیة والکیماویة ، تود لفت الأنظار دوما إلى البرنامج النووی الإیرانی المکرس لاستعمال الطاقة للأهداف السلمیة ، وتود تحریض دول العالم على توجیه ضربة عسکریة لهذا البرنامج ! فقد اعلن نتنیاهو ومن على منابر کثیرة : أن التحدی الأول بالنسبة لـ«إسرائیل» هو البرنامج النووی الإیرانی ، و هکذا هم أصحاب الرؤوس الحامیة فی الکیان .
وبشیء من القراءة الموضوعیة وبعیداً عن النظرة الضیقة والاصطفافات الطائفیة وحتى السیاسیة حول الاتفاق النووی و المعاییر الأساسیة التی تضمنها ، یمکن استنتاج ما یلی :
أولا : إن نجاح الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة فی انتزاع الاعتراف بحقها فی امتلاک التکنولوجیا النوویة واستخدامها السلمی یؤکد أن الغرب لا یعترف إلا بالأقویاء ، ولا یرکع إلا أمام الإرادات الصلبة وقوة الثبات على المبدأ، فالإیرانیون صحیح أنهم انکفأوا داخلیاً جراء العقوبات.. إلا أنهم تمکنوا من الافادة من الحصار الاقتصادی والسیاسی والعزلة التی فرضها علیهم الغرب مدفوعاً برغبة کیان الاحتلال و اللوبی الصهیونی المؤید والداعم له، فی الاعتماد على أنفسهم ووظفوا إمکاناتهم وقدراتهم الذاتیة، واتجهوا إلى بناء الإنسان الإیرانی فکراً وعلماً وثقافة، مستفیدین من التجربة الیابانیة، وغیرها من الشعوب التی مرت بمثل هذه السیناریوهات ، واستطاعوا الافادة من الخبرات النوویة والتکنولوجیة السوفیتیة بُعیْد انهیار الاتحاد السوفیتی واستقطاب العلماء الروس وغیرهم ضمن منظومة الاتحاد السوفیتی، کما استقطبوا بعض العلماء العراقیین الذین نجوا من المقتلة الصهیو ـ أمیرکیة أثناء الغزو الأنجلو ـ أمیرکی وبُعیْده.
ثانیًا: إن هذا الاتفاق یمثل فتحاً سیاسیاً إیرانیاً ، حیث بموجبه ستنفتح الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة على العالم اقتصادیاً وثقافیًاً وسیاحیاً، وقد دخلت النادی النووی من أوسع أبوابه ، بعد سنوات من العزلة ، ما یمکنها من استعادة وضعها کقوة إقلیمیة ودولیة وکقوة نوویة وعسکریة وعلمیة واقتصادیة، وذلک من خلال عودة رؤوس أموالها المجمدة فی البنوک الأوروبیة و الأمیرکیة والمقدرة بعشرات ملیارات الدولارات، واستثماراتها النفطیة ومعاودة دخول السوق النفطیة، فضلاً عن الدور المرکزی فی التنمیة العلمیة والاقتصادیة فی مجالات الکهرباء والطب والزراعة والطاقة وغیرها والذی ستلعبه البرامج النوویة؛ أی تحول إیران إلى قطب اقتصادی وثقل سیاسی کبیر فی المنطقة والعالم .
ثالثًا : بینما اتجهت إیران إلى بناء الإنسان الإیرانی والاعتماد على الذات وتوظیف ما لدیها من إمکانات مادیة وعلوم وفکر لمواجهة ما تراه حرباً کونیة تستهدف وجودها ، ولتصل إلى ما وصلت إلیه من غزو الفضاء وبناء ترسانة عسکریة قویة، ولتفرض إرادتها على أعدائها، کان العرب على النقیض، حیث اتجهوا ـ ویا للخیبة والأسف الشدید ـ إلى بناء الحجر والمباهاة به، وإلى دُور القمار ومزاحمة المقامرین وإلى شراء الأندیة الأوروبیة وإلى تکدیس الأسلحة لیس بهدف الدفاع عن أمنهم، وإنما من أجل تدویر تروس اقتصاد الأمیرکی والأوروبی ـ اللذین لا یزالان یتوهمان أنهما حلیفان لهم ـ خوفاً من أن ینهار أو یصاب بالتباطؤ، تجاهلا أو غباءً أن الأمیرکی والأوروبی اللذین یتحرکان بأوامر «الإسرائیلی» إنما یریدان أن یعیدا العرب إلى عصر الخیمة والناقة ورعی الأغنام، منعًا من الانتفاع بثرواتهم النفطیة وغیر النفطیة الهائلة، فیما راح الأمیرکی والأوروبی والإسرائیلی ـ ولا یزال ـ یبحث عن کل مؤامرة تطحن تروسها ثروات العرب وتهدرها لیستفید هو من ورائها.
کما اتجه العرب فی آخر صرعات حماقاتهم إلى التآمر على أنفسهم وتخریب بیوتهم بأیدیهم، ممتشقین سیف الطائفیة والمذهبیة من ''حلیفهم وصدیقهم'' الأمیرکی ـ الأوروبی ـ الصهیونی الذی صنعه لهم، لیبرروا نحر بعضهم بعضاً. وإمعاناً فی ذلک ووفاء ''للحلیف والصدیق'' صدوا الإیرانی بالنکران والتشکیک والتحریض حین عرض علیهم نقل تجاربه وخبراته النوویة لیستفیدوا منها؛ فأی مبرر بعد ذلک للنحیب الذی تثعب مآقی العیون دموع الحسرة والاتهام ''للحلیف والصدیق'' الأمیرکی والأوروبی ومن روائهما الصهیونی.

• کلمة أخیرة

ان إیران الاسلامیة فی ظل العقوبات أو بدونها ، ستظل العظم الذی یتضخم فی الحلق الأمیرکی وکذلک «الإسرائیلی»، وستظل قدراً على الجمیع لا یمکن تجاهله، بل حقیقة یجب أخذها فی الاعتبار دائماً، فمحل الخزف والقنانی الخلیجی علیه أن یحذر ویتعامل بالحکمة حتى لا یتسبب إغضابه فی تکسیر المحل وما فیه .
ولا أقول ذلک تشجیعاً للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة على التصعید ... ، لکن یجب أن تفهم الرؤوس الحامیة التی تتزعمها أسرة آل سعود ، أنّ الیوم لا مفرّ لها من الحوار الجادّ و دون شروط مع إیران ، لأن ما جرى وما یجری ، أخطاء جرها وراکمها آل سعود على المنطقة بتحریض «إسرائیلی» ، و الذی لا یزال یتلقى الأوامر من تل أبیب ومن اللوبیات الصهیونیة فی الولایات المتحدة تنفیذاً للأجندة «الإسرائیلیة» فی المنطقة .
فما معنى أن تقابل الید الإیرانیة الممدودة للحوار والتعاون بلغة التشکیک والتهدید والنفخ فی فزاعة الخطر المزعوم ، لتجد السعودیة مبرراً لاتصالها بالکیان الصهیونی من أجل تنسیق المواقف ضد إیران...؟ ‏
فرسائل التطمین الإنشائیة الأمریکیة، التی وجهها أوباما بعد التوقیع على الاتفاق، لا تحمل إلى حکام السعودیة والخلیج (الفارسی) ونتنیاهو أی قیمة على أرض الواقع، لأن على هؤلاء أن یقرؤوا ولو مرة واحدة أن الطبقة الحاکمة فی الولایات المتحدة قد اتخذت قراراً استراتیجیاً بعدم التدخل المباشر بعد أفغانستان والعراق والاحتمال الأکبر أن یستمر هذا القرار ساری المفعول حتى وإن وصلت إدارة البیت الأبیض إلى ید رئیس آخر بعد أوباما .
وبناء علیه ستبقى السعودیة تکتوی بنیران کرة النار الیمنیة إلى أن یشاء الله ، وسیبقى نتنیاهو أسیر أوهامه بشن حرب أمریکیة «إسرائیلیة» لسحق إیران النوویة وسیطول انتظاره، بینما طهران تزداد قوة ومنعة وتطوراً وتمکناً علمیاً وتکنولوجیاً وطاقة نوویة ومکانة إقلیمیة مهابة وقدرة کبیرة یحسب حسابها فی ظل تحررها من العقوبات الظالمة والغاشمة والأقسى على أی بلد من بلدان العالم.

mail logo
 برای لغو عضویت اینجا را کلیک کنید.
info@